لبنانُ ، مجدكَ في المشارق أوَّلُ

لبنانُ ، مجدكَ في المشارق أوَّلُ والأَرضُ رابية ٌ وأَنتَ سَنامُ
وبنوك أَلطفُ مِن نسيمِكَ ظلُّهُمْ وأَشمُّ مِن هَضَبَاتِك الأَحلام
أَخرجتَهم للعالمين جَحاجِحاً عرباً ، وأبناءُ الكريم كرامُ
بين الرياض وبين أفقٍ زاهرٍ طلع المسيحُ عليه والإسلام
هذا أديبك يحتفى بوسامهِ وبيانُه للمَشْرقَيْنِ وِسامُ
ويُجَلُّ قدْرُ قِلادة ٍ في صدره وله القلائدُ سمطها الإلهام
صدرٌ حَوالَيْه الجلالُ، ومِلؤهُ كرمٌ ، وخشية ُ مومنٍ ، وذمام
حلاَّهُ لإحسانُ الخديو ، وطالما حلاَّه فضلُ اللهِ والإنعام
لِعُلاك يا مُطرانُ، أَم لنهاك، أَم لخلالك التّشرفُ والإكرام ؟ !
أَم للمواقف لم يَقِفْها ضَيْغَمٌ لولاك لا ضطربت له الأهرام ؟ !
هذا مقامُ القولِ فيك ، ولم يزلْ لك في الضمائر محفلٌ ومقام
غالي بقيمتك الأمير محمد وسعى إليك يحفه الإعظام
في مجمعٍ هزّ البيانُ لواءه بك فيه، واعتزَّتْ بك الأَقلامُ
ابنُ الملوكِ تلا الثناءَ مخلَّداً هيهات يذهبُ للملوكِ كلام
فمنِ البشِير لبعْلَبَكَّ وبينَها نسبٌ تضيءُ بنوره الأيام ؟
يبْلَى المكينُ الفخْمُ من آثارها يوماً ، وآثارُ الخليل قيام !

بني مصرَ ، ارفعوا الغار

بني مصرَ ، ارفعوا الغار وحيُّوا بطلَ الهندِ
وأدُّوا واجباً ، واقضوا حقوقَ العلمِ الفرد
أخوكم في المقاساة ِ وعركِ الموقفِ النكدِ
وفي التَّضْحِية ِ الكبرى وفي المَطلبِ، والجُهد
وفي الجرح، وفي الدمع وفي النَّفْي من المهدِ
وفي الرحلة للحقِّ وفي مرحَلة ِ الوفد
قِفوا حيُّوه من قرْبٍ على الفلْكِ، ومن بُعد
وغَطُّوا البَرَّ بالآس وغَطُّوا البحرَ بالورد
على إفريزِ راجيوتا نَ تمثالٌ من المجد
نبيٌّ مثلُ كونفشيو س ، أو من ذلك العهد
قريبُ القوْلِ والفعلِ من المنتظَرِ المهدي
شبيه الرسْل في الذَّوْدِ عن الحقِّ ، وفي الزهد
لقد عَلَّم بالحقِّ وبالصبر ، وبالقصد
ونادي المشرقَ الأقصى فلبَّاه من اللحد
وجاءَ الأَنفسَ المرْضَى فداوَاها من الحِقد
دعا الهندوسَ والإسلا م للألفة ِ والوردِّ
سحرٍ من قوى الروحِ حَوَى السَّيْفَيْنِ في غِمد
وسلطانٍ من النفسِ يُقوِّي رائِض الأُسْدِ
وتوفيقٍ منَ الله وتيسيرٍ من السَّعد
وحظٍّ ليس يُعطاهُ سِوَى المخلوقِ للخلدِ
ولا يُؤخَذ بالحَوْل ولا الصَّولِ ، ولا الجند
ولا بالنسل والمالِ ولا بالكدحِ والكدِّ
ولكن هِبة ُ المولى – تعالى الله – للعبد
سلامُ النيل يا غنْدِي وهذا الزهرُ من عندي
وإجلالٌ من الأهرا مِ، والكرْنكِ، والبَرْدِي
ومن مشيخة ِ الوادي ومن أشبالهِ المردِ
سلامٌ حالِبَ الشَّاة ِ سلامٌ غازلَ البردِ
ومن صدَّ عن الملح ولم يقبل على الشُّهد
ومَنْ يَرْكبُ ساقيْه من الهندِ إلى السِّندِ
سلامٌ كلَّما صلَّي تَ عرياناً ، وفي اللِّبد
وفي زاوية ِ السجن وفي سلسلة ِ القيدِ
من المائدة ِ الخضرا ءِ خُذْ حِذْرَكَ يا غنْدِي
ولاحظْ وَرَقَ السِّيرِ وما في ورق اللوردِ
وكنْ أَبرَعَ مَن يَلعَـ ـبُ بالشَّطْرَنْجِ والنّرْد
ولاقي العبقريِّينَ لِقاءَ النّدِّ للنِّدّ
وقل : هاتوا أفاعيكم أتى الحاوي من الهند !
وعُدْ لم تحفِل الذَّامَ ولم تغترَّ بالحمد
فهذا النجمُ لا ترقى إليه هِمَّة ُ النقدِ
وردَّ الهندَ للأم ـة ِ من حدٍّ إلى حَدِّ

أَبولُّو، مَرحَباً بك يا أَبولُّو

أَبولُّو، مَرحَباً بك يا أَبولُّو فإنك من عكاظِ الشعرِ ظل
عكاظُ وأنتِ للبلغاءِ سوقٌ على جَنَباتِها رحَلوا وحلُّوا
وبنبوعٌ من الإنشادِ صافِ صدى المتأَدِّبين به يُقَلُّ
ومضمارٌ يسوقُ إلى القوافي سوابقها إذا الشعراءُ قلُّوا
يقول الشِّعرَ قائلُهم رصيناً ويُحسِنُ حين يُكثِرُ أَو يُقِلُّ
ولولا المحسنونَ بكلِّ أرضِ لما ساد الشُّعُوبُ ولا استقلُّوا
عسى تأتيننا بمعلَّقاتً نروحُ على القديمِ بها ندلُّ
لعلَّ مواهباً خفيتْ وضاعت تذاعُ على يديكِ وتستغلُّ
صحائِفُكِ المدبَّجَة ُ الحواشي ربى الوردِ المفتَّح أو أجلُّ
رياحينُ الرِّياضِ يملُّ منها وريحانُ القرائحِ لا يملُّ
يمهِّدُ عبقريُّ الشِّعر فيها لكلِّ ذخيرة ٍ فيها محلُّ
وليس الحقُّ بالمنقوصِ فيها ولا الأعراضُ فيها تستحلُّ
وليستْ بالمجالِ لنقدِ باغٍ وراءَ يَراعِهِ حَسَدٌ وغِلُّ

بي مثلُ ما بكِ ياقمريَّة َ الوادي

بي مثلُ ما بكِ ياقمريَّة َ الوادي ناديتُ ليلى ، فقومي في الدُّجى نادي
وأرسلي الشَّجوَ أسجاعاً مفصَّلة ً أَو رَدّدِي من وراءِ الأَيْكِ إنشادي
لاتكتمي الوجدَ ، فالجرحانِ من شجنٍ ولا الصببابة َ ، فالدمعان من وادِ
تذكري : هل تلاقينا على ظمإٍ ؟ وكيف بلَّ الصَّدى ذو الغلَّة ِ الصادي
وأَنتِ في مجلِسِ الرَّيحان لاهية ٌ ما سِرْتِ من سامرٍ إلا إلى نادي
تذكري قبلة ً في الشَّعرِ حائرة ً أضلَّها فمشتْ في فرقكِ الهادي
وقُبلة ً فوقَ خدٍّ ناعمٍ عَطِرٍ أَبهى من الوردِ في ظلِّ النّدَى الغادي
تذكري منظرَ الوادي ، ومجلسنا على الغديرِ، كعُصفورَيْنِ في الوادي
والغُصنُ يحنو علينا رِقَّة ً وجَوى ً والماءُ في قدمينا رائحٌ غادِ
تذكري نعماتٍ ههنا وهنا من لحنِ شادية ٍ في الدَّوحِ أَو شادي
تذكري موعداً جادَ الزمان به هل طِرتُ شوقاً؟ وهل سابقتُ مِيعادي؟
فنلتُ ما نلتُ من سؤلٍ ، ومن أملٍ ورحتُ لم أحصِ أفراحي وأعيادي ؟

يا شراعاً وراءَ دجلة َ يجري

يا شراعاً وراءَ دجلة َ يجري في دموعي تجنبَتكَ العَوادي
سِر على الماءِ كالمسيحِ رُويداً واجر في اليمِّ كالشعاع الهادي
وأْتِ قاعاً كرفرَفِ الخلدِ طِيباً أو كفردوسهِ بشاشة َ وادي
قفْ ، تمهَّل ، وخذ أمانا لقلبي من عيونِ المهَا وراءَ السَّوادِ
والنُّواسِيُّ والنَّدامَى ؛ أَمِنْهُمُ سامرلٌ يملأُ الدُّجى أو نادِ ؟
خطرتْ فوقه المهارة ُ تعدو في غُبارِ الآباءِ والأَجداد
أمَّة ٌ تنشىء الحياة َ ، وتبني كبِناءِ الأُبوَّة ِ الأَمجاد
تحتَ تاجٍ من القرابة والمُلـ ـكِ على فَرْقِ أَرْيحيٍّ جواد
ملك الشطِّ، والفراتيْنِ، والبطـ ـحاءِ، أَعظِمْ بِفَيْصَلٍ والبلاد

عفيغُ الجهرِ والهمسِ

عفيغُ الجهرِ والهمسِ قَضَى الواجِبَ بالأَمْسِ
ولم يَعْرِضْ لِذِي حقٍّ بِنُقصانٍ ولا بَخْس
وعندَ الناس مجهولٌ وفي أَلْسُنِهِمْ مَنْسِي
وفيه رقَّة ُ القلْبِ لآلامِ بَني الجنْسِ
فلا يغبطُ ذا نعمى ويَرْثِي لأَخي البُؤسِ
وللمحرومِ والعافي حواليْ زادهِ كرسي
وما نَمَّ، ولا هَمَّ بِبَعْضِ الكَيْدِ والدَّسِّ
ينامُ الليلَ مَسْروراً قليلَ الهمِّ والهجس
ويُصْبحُ لا غُبارَ على سَرِيرَتِهِ كما يُمْسِي
فيا أَسعدَ من يَمشي على الأرضِ من الإنس
ومَنْ طَهَّرَهُ الله من الرِّيبَة ِ والرِّجْسِ
أَنِلْ قَدْرِيَ تشْريفاً وهبْ لي قربكَ القدسي
عسى نَفسُكَ أَن تُدمـ ـج في أَحلامِها نَفسي
فالقى بعض ما تلقى من الغبطة ِ والأنسِ !