أفيقي

أفيقي من الليلة الشاعِلَةورُدِّي عباءَتكِ المائِلَة
افيقي فإنَّ الصباحَ المُطِلَّسيفضحُ شهوتَكِ السافلة
مُغامِرَةَ النَهْدِ رُدِّي الغطاءَعلى الصدرِ والحَلْمةِ الآكلة
وأينَ ثيابُكِ بَعْثَرتِهالدى ساعة اللذّةِ الهائلَة
كفاكِ فحيحاً بصدرِ السريرِكما تنفُخُ الحيةُ الصائلة
افيقي فقد مرَّ ليلُ الجنونِوأقبلتِ الساعةُ العاقلَة
هو الطينُ ليس لطينٍ بقاءٌولذَّاتُهُ وَمْضةٌ زائلَة
لقد غَمَرَ الفَجْرُ نهديْكِ ضوءاًفَعُودي إلى أُمِّكِ الغافلَة
ستمضي الشهورُ وينمو الجنينُويفضحكِ الطِفْلُ والقابلَة
قصيدة نزار القباني

يا من خلقت الدمع لطفاً

يا مَن خَلَقتَ الدَمعَ لُطفاً مِنكَ بِالباكي الحَزين
بارِك لِعَبدِكَ في الدُموعِ فَإِنَّها نِعمَ المُعين
أبيات قصيرة لشاعر النيل حافظ إبراهيم

يا شاعر النيل جار النيل بالشيم

يَا شَاعِرَ النِّيلِ جَارِ النِّيلَ بِالشِّيَمِ – وَحَاكَ أَطْيَارَهُ بِالشَّدْوِ وَالنَّغَمِ
فِي ضِفَّتَيْهِ وَفِي تَغْرِيدِ صَادِحِهِ – مَا فِي نَظِيمِكَ بَيْنَ الْوَحْيِ وَالكَلمِ
وَفِي مَعَانِيكَ مِنْ أَرْوَاحِ جَنَّتِهِ – أَشْفَى النُّسَيْمَاتِ لِلأَرْوَاحِ وَالنَّسَمِ
شِعْرٌ كَأَنَّ مَفِيضَ الخَيْرِ سَالَ بِهِ – عَلَى النُّهَى سَيلَهُ فِي القَاعِ وَالأَكَمِ
كِلاهُمَا مُخْصِبٌ قَحْلاً فَمُخْرِجُهُ – حَقْلاً وَمُؤْنِسُهُ فِي وَحْشَةِ الدِّيَمِ
يَطْغَى فَيَغْشَى عَبُوسَ الْوَجْهِ أَمْرَدَهُ – وَيَنْجَلِي عَنْ عِذَارٍ فِيهِ مُبْتَسِمِ
بِذَلِكَ الشِّعْرِ صِفْ مِصْراً وَأُمَّتَهَا – صِفْ كُلَّ مَعْنَىً بِهَا كَالنَّافِحِ الشَّبِمِ
صِفْ ذَلِكَ اللُّطْفَ لَوْ عَزَّتْ بِهِ أُمَمٌ – يَوْماً لَعَزَّتْ بِهِ مِصْرٌ عَلَى الأُمَمِ
صِفْ ذَلِكَ الأُنْسَ يَجْرِي مِنْ مَنَابِعِهِ – عَذْبَ المَنَاهِلِ مَبْذُولاً لِكُلِّ ظَمِي
صِفْ ذَلِكَ الرِّفْقِ يَقْضِي فِي تَرَقْرُقِهِ – مَا لَيْسَ رِقَاقُ السُّمْرِ وَالخُذُمِ
صِفْ مَا يَشَاءُ جَمَالُ الطَّبْعِ مِنْ دَعَةٍ – وَمَا يَشَاءُ حَلالُ النَّفْسِ مِنْ كَرَمِ
تِلْكَ الْخَلائِقُ لا يَجْلُو رَوَائِعَهَا – نَظْمٌ كَنَظْمِكَ مِنْ جَزْلٍ وَمُنْسَجِمِ
إِنِّي أَوَدُّ لَهَا وَصْفاً وَيَرْجِعُنِي – عَنْهُ قُصُورِي إِذَا حَثَّ الْهَوَى قَلَمِي
مَن لِي بِنَظْمِكَ أَسْتَدْنِي بِمُعْجِزِهِ – أَقْصَى مَرَامٍ لآمَالِي عَلَى هِمَمِي
حَمْداً لِمِصْرَ وَإِطْرَاءً لأُمَّتِهَا – عَنْ صَادِقٍ فِيهُمَا عَالٍ عَنِ التُّهَمِ
مِصْرُ الْحَضَارَةُ وَالآثَارُ شَاهِدَةٌ – مِصْرُ السَّمَاحَةُ مِصْرُ المَجْدُ مِنْ قِدَمِ
مِصْرُ العَزِيزَةُ إِنْ جَارَتْ وَإِنْ عَدَلَتْ – مِصْرُ الْحَبِيبَةُ إِنْ نَرحَلْ وَإِنْ نُقِمِ
نَحْنَ الضيُوفَ عَلَى رَحْبٍ وَمَكْرُمَةٍ – مِنْهَا وَإِنَّا لَحَفَّاظُونَ لِلذِّمَمِ
جِئْنَا حِمَاهَا وَعِشْنَا آمِنِينَ بِهِ – مُمَتَّعِينَ كَأَنَّ العَيْشَ فِي حُلمِ
فَأَيُّنَا قَابَلَ النُّعْمَى بِسَيِّئَةٍ – فَإِنَّنَا مُلْزِمُوهُ أَنْكَرَ الْحُرَمِ
وَمَنْ يَنَلْهُ بإِيذَاءٍ فَإِنَّ بِنَا – ضِعْفَيْهِ مِنْ أَثَرِ الإيذَاءِ وَالأَلَمِ
لَكِنَّ قَوْمِي أَبْرَارُ القُلُوبِ بِهِ – دَعِ المُرِيبَ الَّذِي يَدْعُو إِلَى وَهَمِ
لا بَارَكَ اللهُ فِي سَاعٍ بِتَفْرِقَةٍ – بَيْنَ الصَّفَيْنِ وَالْجَارَيْنِ مِنْ أَممِ
يَا حَافِظَ الْخَيْرِ كُنْ فِي عَقْدِ وُدِّهِمَا – فَرِيدَةَ العِقْدِ يَلْبَثُ غَيْرَ مُنْفَصِمِ
أَكْشِفْ بِحَزْمِكَ أَسْتَارَ الْحَفِيظَةِ عَنْ – فَخٍّ تُصادُ بِهِ الأَعْرابُ لِلْعَجَمِ
أَلشَّاعِرُ الْحَقُّ مَنْ يَجْلُو الشُّعُورُ لَهُ – شَمْساً مِنَ الْوَحْيِ فِي دَاجٍ مِنَ الظُّلَمِ
بَيْنَ النَّبِيِّينَ وَالسُّوَاسِ نُصَّ لَهُ – مِنَ العُلَى مِنْبَرٌ لِلرَّأْيِ وَالحُكُمِ
وَعَلَ أَيْسَرِ شَيْءٍ فِي مَحَامِدِهِ – تَجْوِيدُ قَوْلٍ مُقَفَّى اللَّفْظِ مُنْتَظِمِ
فَخَارُهُ حَيْثُ يَلْقَى رَحْمَةً وَهُدًى – وَحَيْثُ يَنْهَى عَنِ الأَهْوَاءِ وَالنقمِ
وَحَيْثُ يَحْمِي الحِمَى مِنْ ضَلَّةٍ وأسًى – وَحَيْثُ يَدْعُو إِلَى الأَخْطَارِ وَالعِظَمِ
هَذَا الَّذِي أَنْتَ يَا ابْنَ النِّيلِ فَاعِلُهُ – وَذَاكَ مَجْدُكَ مَجْدُ النِّيلِ وَالهَرَمِ
Khalil Gibran Poem

يا زائر الحسناء في عيدها

يا زائر الحسناء في عيدهاإن تهد فانظر ما الذي تهدي
أخطأك الحزم وأخطأتهأيحمل الورد إلى الورد
Khalil Gibran Poem

حورية لاحت لنا تنثني

حورية لاحت لنا تنثنيكالغصن حياه الصبا حين هب
مرت فما في الحي إلا فتىفؤاده في إثرها قد ذهب
شعاع عينيها إذا ما رنتيوقع في الأنفس منها الرهب
والوجه كالجنة حسنا فإنظننت عدنا قد تراءت فهب
والشعر منضود على رأسهاكالعسجد الحر زها والتهب
يشبه فوارة نور لهاأشعة مواجة بالصهب
ورب راء راعه فيضهفأكبر الواهب فيما وهب
وصاح مذهولا ألا فانظروافي هذه الأزمة هذا الذهب
اعجب به كنزا على ذروةإذا سما الطرف إليه انتهب
من قصايد جبران خليل جبران

يا عيونا تسقي العيون الرحيقا

يَا عُيُونَاً تَسْقِي العُيُونَ الرَّحِيقَا – وَاصِلِي مُدْمِناً أَبى أَنْ يُفِيقَا
أَسْكِرِينِي عَلَى الدَّوَامِ وَأَفْنِي – مُهْجَتِي أَدْمُعاً وَعَزْمِي حَرِيقا
تِلْكَ خَمْرُ الحيَاةِ مَنْ لَمْ يَذَقْهَا – مَرَّةً لَيْس بِالحَياةِ خَلِيقَا
وَهْيَ حُسْنُ الحَيَاةِ سَعْداً وَبُؤْساً – وَاصْطِبَاحاً لِشَرْبِهَا وَغَبُوقَا
أَنْتِ يَا مَن سَقَتْ فؤَادِي مِنْهَا – حَرَّ وَجْدٍ وَلَوْعَةٍ وَخُفوقَا
إِظْلمِينِي مَا شَاءَ ظُلْمُكِ وَانْهِي – آمِر الحُسْنِ أَنْ يَكُونَ شَفِيقَا
عَذِّبِينِي فَقَدْ جَنَيْتُ عَلَى – نَفْسِي وَأَمْسَيْتُ بِالْعِقَابِ حَقِيقَا
فَلِهَذا العِقَابِ عَاوَدْتُ حُبِّي – وَلأَلْقَاهُ خُنْتُ عَهْداً وَثِيقَا
رُبَّ لَيْلٍ مُحَيَّرُ النَّجمِ غَضٍّ – فِيهِ لا يَهْتَدِي الضَّلولُ طَرِيقَا
ضَمَّني مُثْقَلاً بِهَمِّي كَبَحْرٍ – ضَمَّ فِي جَوْفِهِ الْبَعيدِ غَرِيقَا
أَحْسِبُ السُّرْجَ فِي حَشَاهُ قُرُوحاً – وَأَرى الشَّهبَ فِي سَمَاهُ حُرُوقا
فِيهِ نَامَتْ سُعَادُ نَوْماً هَنِيئاً – وَتَسَهَّدْتُ مُسْتهَاماً مَشُوقَا
حَيْثُمَا وَارَتْنِي دُجَاهُ غُرُوباً – أَبْصَرَتْنِي عَيْنُ الصَّباحِ شُرُوقَا
قَدْ تَلَقَّيتُهُ وَكَاَن كَثِيفاً – ثُمَّ وَدَعْتُهُ وَكَانَ رَقِيقَا
رَقَّ فَانْحَلَّ فَانْتَفَى غَيْرَ مُبْقٍ – لِيَ مِنْهُ إِلاّ خَيَالاً دَقِيقَا
ظَلَّ فِي جَانِبِي نَحِيلاً نُحُولِي – كَالشَّقيقِ الأَبَرَّ يَرْعَى شَقِيقا
أَيُّها النَّائِمُونَ يَهْنِيكُمُ النَّوْمَ – وَلاَ زَالَ حَظيَ التَّأرِيقَا
إِنْ يَكُ السَّاهِرُونَ مِثْلِي كَثِيراً – فَسُعَادٌ أَسَمَى وَأَسْنَى عَشِيقَا
فَاتِنِي مِنْ جَمَالَها الوجْهُ طَلْقاً – لاَ يُبَاهَى وَالْقَدُّ لَدْناً رَشِيقَا
فَاتِنِي عَقْلُهَا الَّذِي يُبْدِعُ الخَاطِرَ – رُوحاً وَهَيْكَلاً وَعُرُوقَا
فَاتِنِي نَظْمُهَا الْقَرِيضَ فَمَا – تَنْظِمُ عَقْداً فِي جِيدِهَا مَنْسُوقَا
فَاتِنِي لُطْفُهَا الَّذِي يُنْعِشُ الوَجْدَ – وَلَوْ شَاءَ أَنْعَشَ التَّوْفِيقَا
وَيُقِيمُ الآمَالَ فِي النَّفْسِ كَالنورِ – يُحِيلُ البُذُورَ زَهْراً أَنِيقَا
فِتَنٌ قَيَّدَتْ بِهِنَّ فُؤَادِي – وَأَرَانِي إِذَا شَكَوْتُ عَقُوقَا
كُلُّ مُسْتَأْسَرٍ يَوَدُّ انْطِلاَقاً – وَشَقَائِي بِأَنْ أَكُونَ طَلِيقَا
Khalil Gibran Poem