عودة أيلول

لا زيت .. لا قشه
لا فحمةٌ في الدار
جهز وجاق النار
في حلمتي رعشه..
أيلول للضم
فمد لي زندك
هل أخبروا أمي؟
أني هنا عندك ..
***
ما أطيب الوحده
والساعد المفتوح
***
تفرق الصبيان
في ساحة البلده
وصوح الوزان
***
معطر الضحكه
لاشت الأقمار
في موطن (الدبكه)
***
من عتمة الرف
في كرمنا الصيفي..
***
يا طيب أيلولا
يلحن الأبواب
كانت مواويلا؟..
لآثر اللينا
من هذه الأخشاب
كانت كراسينا ..
***
نرطب التله
في خاطر السله
***
لا آه .. لا موال
يزركش القريه ..
يكحل الآجال
بمجد سوريه ..
إذا مضى الصيف
وأقفر البيدر
في بؤبؤٍ أخضر
كنا مع النسمات
نرطب التله
ونحشر النجمات
في خاطر السله
***
لا آه .. لا موال
يزركش القريه ..
يكحل الآجال
بمجد سوريه ..
إذا مضى الصيف
وأقفر البيدر
فموطني يغفو
في بؤبؤٍ أخضر

صباحك سكر

إذا مر يومٌ. ولم أتذكر
به أن أقول: صباحك سكر
ورحت أخط كطفلٍ صغير
كلاماً غريباً على وجه دفتر
فلا تضجري من ذهولي وصمتي
ولا تحسبي أن شيئاً تغير
فحين أنا . لا أقول: أحب
فمعناه أني أحبك أكثر
*
إذا جئتني ذات يوم بثوبٍ
كعشب البحيرات.. أخضر .. أخضر
وشعرك ملقىً على كتفيك
كبحرٍ.. كأبعاد ليلٍ مبعثر
ونهدك.. تحت ارتفاف القميص
شهي.. شهي.. كطعنة خنجر
ورحت أعب دخاني بعمقٍ
وأرشف حبر دواتي وأسكر
فلا تنعتيني بموت الشعور
ولا تحسبي أن قلبي تحجر
فبالوهم أخلق منك إلهاً
وأجعل نهدك.. قطعة جوهر
وبالوهم.. أزرع شعرك دفلى
وقمحاً.. ولوزاً.. وغابات زعتر
*
إذا ما جلست طويلاً أمامي
كمملكةٍ من عبيرٍ ومرمر
وأغمضت عن طيباتك عيني
وأهملت شكوى القميص المعطر
فلا تحسبي أنني لا أراك
فبعض المواضيع بالذهن يبصر
ففي الظل يغدو لعطرك صوتٌ
وتصبح أبعاد عينيك أكبر
أحبك فوق المحبة.. لكن
دعيني أراك كما أتصور

كل عام وأنت حبيبتي

1
كل عامٍ وأنت حبيبتي..
أقولها لك،
عندما تدق الساعة منتصف الليل
وتغرق السنة الماضية في مياه أحزاني
كسفينةٍ مصنوعةٍ من الورق..
أقولها لك على طريقتي..
متجاوزاً كل الطقوس الاحتفاليه
التي يمارسها العالم منذ 1975 سنة..
وكاسراً كل تقاليد الفرح الكاذب
التي يتمسك بها الناس منذ 1975 سنة..
ورافضاً..
كل العبارات الكلاسيكية..
التي يرددها الرجال على مسامع النساء
منذ 1975 سنة..
2
كل عامٍ وأنت حبيبتي..
أقولها لك بكل بساطه..
كما يقرأ طفلٌ صلاته قبل النوم
وكما يقف عصفورٌ على سنبلة قمح..
فتزداد الأزاهير المشغولة على ثوبك الأبيض..
زهرةً..
وتزداد المراكب المنتظرة في مياه عينيك..
مركباً..
أقولها لك بحرارةٍ ونزق
كما يضرب الراقص الاسباني قدمه بالأرض
فتتشكل ألوف الدوائر
حول محيط الكرة الأرضيه..
……………………………….
……………………………….
……………………………….
3
كل عامٍ وأنت حبيبتي..
هذه هي الكلمات الأربع..
التي سألفها بشريطٍ من القصب
وأرسلها إليك ليلة رأس السنه.
كل البطاقات التي يبيعونها في المكتبات
لا تقول ما أريده..
وكل الرسوم التي عليها..
من شموعٍ.. وأجراسٍ.. وأشجارٍ.. وكرات
ثلج..
وأطفالٍ.. وملائكه..
لا تناسبني..
إنني لا أرتاح للبطاقات الجاهزه..
ولا للقصائد الجاهزه..
ولا للتمنيات التي برسم التصدير
فهي كلها مطبوعة في باريس، أو لندن،
أو أمستردام..
ومكتوبةٌ بالفرنسية، أو الانكليزية..
لتصلح لكل المناسبات
وأنت لست امرأة المناسبات..
بل أنت المرأة التي أحبها..
أنت هذا الوجع اليومي..
الذي لا يقال ببطاقات المعايده..
ولا يقال بالحروف اللاتينيه…
ولا يقال بالمراسله..
وإنما يقال عندما تدق الساعة منتصف الليل..
وتدخلين كالسمكة إلى مياهي الدافئه..
وتستحمين هناك..
ويسافر فمي في غابات شعرك الغجري
ويستوطن هناك..
4
لأنني أحبك..
تدخل السنة الجديدة علينا..
دخول الملوك..
ولأنني أحبك..
أحمل تصريحاً خاصاً من الله..
بالتجول بين ملايين النجوم..
5
لن نشتري هذا العيد شجره
ستكونين أنت الشجره
وسأعلق عليك..
أمنياتي.. وصلواتي..
وقناديل دموعي..
6
كل عامٍ وأنت حبيبتي..
أمنيةٌ أخاف أن أتمناها
حتى لا أتهم بالطمع أو بالغرور
فكرةٌ أخاف أن أفكر بها..
حتى لا يسرقها الناس مني..
ويزعموا أنهم أول من اخترع الشعر..
7
كل عامٍ وأنت حبيبتي..
كل عامٍ وأنت حبيبك..
أنا أعرف أنني أتمنى أكثر مما ينبغي..
وأحلم أكثر من الحد المسموح به..
ولكن..
من له الحق أن يحاسبني على أحلامي؟
من يحاسب الفقراء؟..
إذا حلموا أنهم جلسوا على العرش
لمدة خمس دقائق؟
من يحاسب الصحراء إذا توحمت على جدول ماء؟
هناك ثلاث حالاتٍ يصبح فيها الحلم شرعياً:
حالة الجنون..
وحالة الشعر..
وحالة التعرف على امرأة مدهشةٍ مثلك..
وأنا أعاني – لحسن الحظ-
من الحالات الثلاث..
8
اتركي عشيرتك..
واتبعيني إلى مغائري الداخليه
اتركي قبعة الورق..
وموسيقى الجيرك..
والملابس التنكريه..
واجلسي معي تحت شجر البرق..
وعباءة الشعر الزرقاء..
سأغطيك بمعطفي من مطر بيروت
وسأسقيك نبيذاً أحمر..
من أقبية الرهبان..
وسأصنع لك طبقاً إسبانياً..
من قواقع البحر..
إتبعيني – يا سيدتي- إلى شوارع الحلم الخلفيه..
فلسوف أطلعك على قصائد لم أقرأها لأحد..
وأفتح لك حقائب دموعي..
التي لم أفتحها لأحد..
ولسوف أحبك..
كما لا أحبك أحد..
9
عندما تدق الساعة الثانية عشره
وتفقد الكرة الأرضية توازنها
ويبدأ الراقصون يفكرون بأقدامهم..
سأنسحب إلى داخل نفسي..
وأسحبك معي..
فأنت امرأةٌ لا ترتبط بالفرح العام
ولا بالزمن العام..
ولا بهذا السيرك الكبير الذي يمر أمامنا..
ولا بتلك الطبول الوثنية التي تقرع حولنا..
ولا بأقنعة الورق التي لا يبقى منها في آخر الليل
سوى رجالٍ من ورق..
ونساءٍ من ورق..
10
آه.. يا سيدتي
لو كان الأمر بيدي..
إذن لصنعت سنةً لك وحدك
تفصلين أيامها كما تريدين..
وتسندين ظهرك على أسابيعها كما تريدين
وتتشمسين..
وتستحمين..
وتركضين على رمال شهورها..
كما تريدين..
آه.. يا سيدتي..
لو كان الأمر بيدي..
لأقمت عاصمةً لك في ضاحية الوقت
لا تأخذ بنظام الساعات الشمسية والرمليه
ولا يبدأ فيها الزمن الحقيقي
إلا..
عندما تأخذ يدك الصغيرة قيلولتها..
داخل يدي..
11
كل عامٍ وعيناك أيقونتان بيزنطيتان..
ونهداك طفلان أشقران..
يتدحرجان على الثلج..
كل عامٍ.. وأنا متورطٌ بك..
وملاحقٌ بتهمة حبك..
كما السماء متهمةٌ بالزرقه
والعصافير متهمةٌ بالسفر
والشفة متهمةٌ بالإستداره…
كل عامٍ وأنا مضروبٌ بزلازلك..
ومبللٌ بأمطارك..
ومحفورٌ – كالإناء الصيني – بتضاريس جسمك
كل عامٍ وأنت.. لا أدري ماذا أسميك..
إختاري أنت أسماءك..
كما تختار النقطة مكانها على السطر
وكما يختار المشط مكانه في طيات الشعر..
وإلى أن تختاري إسمك الجديد
إسمحي لي أن أناديك:
“يا حبيبتي”…

هوامش على دفتر الهزيمة 1991

1
لا حربنا حربٌ، ولا سلامنا سلام
جميع ما يمر في حياتنا
ليس سوى أفلام …
زواجنا مرتجلٌ .
وحبنا مرتجلٌ .
كما يكون الحب في بداية الأفلام .
وموتنا مقررٌ .
كما يكون الموت في نهاية الأفلام .
لم ننتصر يوماً على ذبابةٍ
لكنها .. تجارة الأوهام .
فخالدٌ ، وطارقٌ ، وحمزةٌ ،
وعقبة بن نافعٍ ،
والزير ، والقعقاع ، والصمصام .
مكدسون كلهم ..
في علب الأفلام ..
3
وراءها هزيمةٌ ..
وراءها هزيمةٌ ..
كيف لنا أن نربح الحرب
إذا كان الذين مثلوا ..
وصوروا ..
وأخرجوا ..
تعلموا القتال في وزارة الإعلام ؟؟
4
في كل عشرين سنه ..
ليذبح الوحدة في سريرها
ويجهض الأحلام.
5
في كل عشرين سنه ..
يأتي إلينا حاكمٌ بأمره
ويأخذ الشمس إلى منصة الإعدام .
6
في كل عشرين سنه
يأتي إلينا نرجسيٌ عاشقٌ لذاته
ليدعي بأنه المهدي ، والمنقذ ،
والواحد ، والخالد ،
والحكيم ، والعليم ، والقديس ،
والإمام …
7
في كل عشرين سنه
يأتي إلينا رجلٌ مقامرٌ
ليرهن البلاد ، والعباد ، والتراث ،
والشروق ، والغروب ،
والذكور ، والإناث ،
والأمواج ، والبحر ،
على طاولة القمار ..
8
في كل عشرين سنه
يأتي إلينا رجلٌ معقدٌ
يحمل في جيوبه أصابع الألغام ..
9
ليس جديداً خوفنا
من يوم كنا نطفةً
في داخل الأرحام .
10
هل النظام ، في الأساس ، قاتلٌ ؟
عن صناعة النظام ؟
11
إن رضي الكاتب أن يكون مرةً
دجاجةً ..
تعاشر الديوك .. أو تبيض .. أو تنام ..
12
للأدباء عندنا نقابةٌ رسميةٌ
تشبه في تشكيلها
نقابة الأغنام …
ثم ملوكٌ أكلوا نساءهم
في سالف الأيام
لكنما الملوك في بلادنا
تعودوا أن يأكلوا الأقلام …
14
وأصبح التاريخ في أعماقنا
إشارة استفهام !!
15
هم يقطعون النخل في بلادنا
للسيد الرئيس ، غاباتٍ من الأصنام !
16
لم يطلب الخالق من عباده
أن ينحتوا يوماً له
مليون تمثالٍ من الرخام !!
تقاطعت في لحمنا خناجر العروبه
واشتبك الإسلام بالإسلام …
18
بعد أسابيع من الإبحار في مراكب الكلام
إلا الجلد والعظام ..
19
طائرة (الفانتوم) ..
تنقض على رؤوسنا
20
الحرب ..
لا تربحها وظائف الإنشاء .
ولا التشابيه .. ولا النعوت .. والأسماء
فكم دفعنا غالياً ضريبة الكلام …
21
من الذي ينقذنا من حالة الفصام ؟
ونحن كل ليلةٍ ..
نرى على الشاشات جيشاً جائعاً .. وعارياً ..
يشحذ من خنادق الأعداء (ساندويشةً)
وينحني .. كي يلثم الأقدام !!
قد دخل القائد – بعد نصره –
لغرفة الحمام ..
ونحن قد دخلنا
لملجأ الأيتام !!..
نموت مجاناً .. كما الذباب في إفريقيا
نموت كالذباب.
ويدخل الموت علينا ضاحكاً
ويقفل الأبواب.
نموت بالجملة في فراشنا
ويرفض المسؤول عن ثلاجة الموتى
نموت .. في حرب الإشاعات..
وفي حرب الإذاعات..
وفي حرب التشابيه..
وفي حرب الكنايات..
وفي خديعة السراب .
نموت.. مقهورين، منبوذين ، ملعونين..
منسيين كالكلاب ..
يفلسف الخراب…
24
مضحكةٌ مبكيةٌ.
معركة الخليج.
فلا النصال انكسرت فيها على النصال.
ولا رأينا مرةً..
آشور بانيبال
فكل ما تبقى.. لمتحف التاريخ .
أهرامٌ من النعال!!.
25
في كل عشرين سنه.
يجيئنا مهيار.
يحمل في يمينه الشمس،
وفي شماله النهار.
ويرسم الجنات في خيالنا
وينزل الأمطار.
وفجأةً..
يحتل جيش الروم كبرياءنا
وتسقط الأسوار!!.
26
في كل عشرين سنه.
يأتي امرؤ القيس على حصانه
27
أصواتنا مكتومةٌ.
شفاهنا مختومةٌ.
شعوبنا ليست سوى أصفار …
إن الجنون وحده،
يصنع في بلادنا القرار…
28
نكذب في قراءة التاريخ.
نكذب في قراءة الأخبار.
إلى انتصار!!.
29
يا وطني الغارق في دمائه
يا أيها المطعون في إبائه
مدينةً مدينةً..
نافذةً نافذةً ..
غمامةً غمامةً..
حمامةً حمامةً ..
مئذنةً مئذنةً ..
أخاف أن أقرئك السلام ..
يسافر الخنجر في عروبتي
يسافر الخنجر في رجولتي
هل هذه هزيمةٌ قطريةٌ ؟
أم هذه هزيمةٌ قوميةٌ ؟
30
يسافر الخنجر في عروبتي
يسافر الخنجر في رجولتي
هل هذه هزيمةٌ قطريةٌ ؟
أم هذه هزيمةٌ قوميةٌ ؟
أم هذه هزيمتي ؟؟

حزب المطر

أنا لا أسكن في أي مكانٍ
إن عنواني هو اللا منتظر ..
مبحراً كالسمك الوحشي في هذا المدى
في دمي نارٌ .. وفي عيني شرر
ذاهباً أبحث عن حرية الريح ،
التي يتقنها كل الغجر ..
راكضاً خلف غمامٍ أخضرٍ
شارباً بالعين آلاف الصور
ذاهباً .. حتى نهايات السفر ..
*
مبحراً .. نحو فضاءٍ آخرٍ
نافضاً عني غباري
ناسياً إسمي ..
وأسماء النباتات ..
وتاريخ الشجر ..
هارباً من هذه الشمس التي تجلدني
بكرابيج الضجر ..
هارباً من مدنٍ نامت قروناً
تحت أقدام القمر ..
تاركاً خلفي عيوناً من زجاجٍ
وسماءٍ من حجر ..
ومضافات تميمٍ ومضر ..
*
لا تقولي : عد إلى الشمس .. فإني
أنتمي الآن إلى حزب المطر ..

حزب الحزن

إذا كان الوطن منفياً مثلي..
ويفكر بشراشف أمه البيضاء مثلي..
وبقطة البيت السوداء، مثلي..
إذا كان الوطن ممنوعاً من ارتكاب الكتابة مثلي..
وارتكاب الثقافة مثلي..
فلماذا لا يدخل إلى المصحة التي نحن فيها؟
لماذا لا يكون عضواً في حزب الحزن
الذي يضم مئة مليون عربي؟؟؟
………………..مثلي