سعي الفتى في عيشه عباده

سعْيُ الفَتى في عَيْشِهِ عِبادَةوقائِدٌ يَهديهِ للسعادة
لأَنّ بالسَّعي يقومُ الكوْنُوالله للسَّاعِينَ نِعْمَ العَونُ
فإن تشأ فهذه حكايةتعدُّ في هذا المقامِ غاية
كانت بأرضِ نملة ٌ تنبالهْلم تسلُ يوماً لذة َ البطالة
واشتهرتْ في النمل بالتقشُّفواتَّصفَتْ بالزُّهْدِ والتَّصَوُّفِ
لكن يقومُ الليْلَ مَن يَقتاتُفالبطْنُ لا تَملؤُه الصلاة ُ
والنملُ لا يَسعَى إليهِ الحبُّونملتي شقَّ عليها الدأبُ
فخرجَتْ إلى التِماسِ القوتِوجعلتْ تطوفُ بالبيوتِ
تقولُ: هل من نَملة ٍ تَقِيَّهْتنعمُ بالقوتِ لذي الوليهْ
لقد عَيِيتُ بالطِّوى المُبَرِّحِومُنذ ليْلتيْن لم أُسَبِّحِ
فصاحتِ الجاراتُ يا للعارِلم تتركِ النملة ُ للصرصارِ
متى رضينا مثلَ هذي الحالِمتى مددنا الكفَّ للسؤالِ
ونحن في عين الوجودِ أمَّةذاتُ اشتِهارٍ بعُلوِّ الهمّة
نحملُ ما لا يصبرُ الجمالُعن بعضِه لو أَنها نِمالُ
أَلم يقلْ من قولُه الصوابُما عِندنا لسائلٍ جَوابُ
فامضي، فإنَّا يا عجوزَ الشُّومِنرى كمالَ الزهدِ أن تصومي
قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي

لدودة القز عندي

لدودة ِ القزِّ عنديودودة ِ الأضواءِ
حكاية ٌ تشتَهيهامسامعُ الأَذكياءِ
لمَّا رأَت تِلكَ هذِيتنيرُ في الظلماءِ
سَعَتْ إليها، وقالتتعيشُ ذاتُ الضِّياءِ
أَنا المؤمَّلُ نفعيأَنا الشهيرُ وفائي
حلا ليَ النفعُ حتىرضيتُ فيه فنائي
وقد أتيتُ لأحظىبوجهكِ الوضَّاءِ
فهل لنورِ الثرى فيمَوَدّتي وإخائي
قالت: عَرَضتِ عليناوجهاً بغيرِ حياءِ
من أنتِ حتى تدانيذاتَ السَّنا والسَّناءِ
أنا البديعُ جماليأَنا الرفيعُ عَلائي
أين الكواكبُ مني بل أين بدرُ السماءِ 
فامضي؛ فلا وُدّ عنديإذ لستِ من أكفائي 
وعند ذلك مرَّتْحسناءُ معْ حسناءِ
تقولُ: لله ثوبيفي حُسنِه والبَهاءِ
كم عندنا من أَيادٍللدودة ِ الغراءِ
ثم انثنتْ فأتتْ ذيتقولُ للحمقاءِ 
هل عندكِ الآنَ شَكٌّفي رُتبتي القَعساءِ
إن كان فيك ضياءٌإن الثناءَ ضيائي
وإنه لضياءٌمؤيَّدٌ بالبقاءِ
شعر أحمد شوقي

كان على بعض الدروب جمل

كان على بعضِ الدُّروبِ جَملُحَمَّلهُ المالكُ ما لا يُحملُ
فقال يا للنَّحسِ والشقاءِ إن طال هذا لم يطلْ بقائي
لم تحمِلِ الجبالُ مثلَ حِمليأظنُّ مولاي يريدُ قتلي 
فجاءَهُ الثعلبُ من أَمامِهْوكان نالَ القصدُ من كلامهْ
فقال مهلاً يا أخا الأحمالِويا طويلَ الباعِ في الجِمالِ
فأَنتَ خيرٌ من أَخيكَ حالالأَنني أَتعَبُ منك بالا
كأَن قُدّامِيَ أَلفَ ديكِتسألني عن دمها المسفوكِ
كأَنّ خَلفي أَلفَ أَلفِ أَرنبِإذا نهضتُ جاذبتني ذنبي
وربَّ أمٍّ جئتُ في مناخهافجعتُها بالفتكِ في أَفراخِها
يبعثني منْ مرقدي بكاهاوأَفتحُ العيْن على شكواها
وقد عرفتَ خافيَ الأحمالِفاصبِرْ. وقلْ لأُمَّة ِ الجِمال
ليسَ بحملٍ ما يملُّ الظهرُما الحملُ إلا ما يعافي الصَّدرُ
قصيدة أحمد شوقي

غزالة مرت على أتان

غزالة ٌ مرَّتْ على أتانِتُقبِّلُ الفَطِيمَ في الأَسنانِ
وكان خلف الظَّبْية ِ ابنُها الرَّشابودِّها لو حملهُ في الحشا
ففعلتْ بسيِّد الصِّغارِفِعْلَ الأَتَانِ بکبنِها الحمارِ
فأَسرع الحمارُ نحوَ أُمِّهِوجاءها والضحكُ ملءُ فمهِ
يصيحُ: يا أُمّاه ماذا قد دَهاحتى الغزالة ُ استَخفَّت ابنَها
قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي

قد سمع الثعلب أهل القرى

قد سمعَ الثعلبُ أهلَ القرىيدعونَ محتالا بيا ثعلبُ 
فقال حقّاً هذه غاية ٌفي الفخرِ لا تؤتى ولا تطلب
من في النُّهى مثلي حتى الورىأَصبَحْتُ فيهم مَثلاً يُضْرب
ما ضَرَّ لو وافيْتُهم زائراًأُرِيهِمُ فوقَ الذي استغرَبوا
لعلهم يحيون لي زينة ًيحضرها الدِّيكُ أو الأرنب
وقصَدَ القوْمَ وحياهُموقام فيما بينهم يخطب
فأُخِذَ الزائِرُ من أُذنِهوأعطيَ الكلبَ به يلعب
فلا تَثِق يوماً بِذي حِيلة ٍإذْ رُبَّما يَنخَدِعُ الثعلب
قصيدة أحمد شوقي

أَتى ثعالَة َ يوماً

أَتى ثعالَة َ يوماً من الضَّواحي حِمارُ
وقال إن كنتَ جاري حقاً ونعمَ الجار
قل لي فإني كئيبٌ مُفكرٌ مُحتار
في موْكِبِ الأَمسِ لمَّا سرنا وسارَ الكبار …
… طرَحْتُ مولاي أَرضاً فهل بذلك عار
وهل أتيتُ عظيماً ! فقال: لا يا حِمار!