ألا أبلغ سراة بني كلاب

ألا أبلغ سراة بني كلاب إذا ندبتْ نوادبهمْ صباحا
جزيتُ سفيههمْ سوءاً بسوءٍ فَلا حَرَجاً أتَيْتُ وَلا جُنَاحَا
قَتَلْتُ فَتى بَني عَمْرِو بنِ عَبْدٍ وَأوْسَعَهُمْ عَلى الضِّيفَانِ سَاحَا
قَتَلْتُ مُعَوَّداً عَلَلَ العَشَايَا، تخيرتِ العبيدُ لهُ اللقاحا
ولستُ أرى فساداً في فسادٍ يَجُرّ عَلى طَرِيقَتِهِ صَلاحَا

إن زرت خرشنة أسِيرا

إنْ زُرْتُ «خَرْشَنَة ً» أسِيرَا فَلَكَمْ أحَطْتُ بها مُغِيرا
وَلَقَدْ رَأيْتُ النّارَ تَنْـ ـتَهِبُ المَنَازِلَ وَالقُصُورَا
وَلَقَدْ رَأيْتُ السّبْيَ يُجْـ ـلبُ نحونا حوَّا ، وحورا
نَخْتَارُ مِنْهُ الغَادَة َ الْـ ـحسناءَ ، والظبيَ الغريرَا
إنْ طالَ ليلي في ذرا كِ فقدْ نعمتُ بهِ قصيرا
و لئنْ لقيتُ الحزن فيـ ـكَ فقدْ لقيتُ بكِ السرورا
وَلَئِنْ رُمِيتُ بِحادِثٍ، فلألفينَّ لهُ صبورا
صبرا ً لعلَّ اللهَ يفـ ـتحُ بعدهُ فتحاً يسيراً
منْ كانَ مثلي لمْ يبتْ إلاّ أسِيراً، أوْ أمِيرا
لَيْسَتْ تَحُلّ سَرَاتُنَا إلا الصدورَ أو القبورا

اذا شئت ان تلقى اسودا قساورا

إذا شِئتَ أنْ تَلقى أُسُوداً قَسَاوِرا، لنُعماهُمُ الصّفوُ الذي لن يُكَدَّرَا
يلاقيكَ ، منا ، كلُّ قرمٍ ، سميذعٍ ، يطاعنُ حتى يحسبَ الجونُ أشقراً
بدَوْلَة ِ سَيْفِ الله طُلْنَا عَلى الوَرَى وفي عزهِ صلنا على منْ تجبرا
قصدنا على الأعداءِ ، وسطَ ديارهمْ بِضَرْبٍ يُرَى من وَقْعِهِ الجوّ أغْبَرَا
فَسَائِلْ كِلاباً يَوْمَ غَزْوة ِ بَالِسٍ ألم يتركوا النسوانَ في القاعِ حسراً
وَسائِلْ نُمَيراً، يَوْمَ سَارَ إلَيْهِمُ، ألمْ يُوقِنُوا بِالمَوْتِ، لَمَا تَنَمّرَا؟
وَسائِلْ عُقَيلاً، حينَ لاذتْ بتَدْمُرٍ، ألمْ نقرها ضرباً يقدُّ السنوَّرا
وَسائِلْ قُشَيراً، حينَ جَفّتْ حُلُوقُها، ألمْ نسقها كأساً ، من الموتِ ، أحمرا
وَفي طَيىء ٍ، لمّا أثَارتْ سُيُوفُهُ كماتهمُ ، مرأى لمنْ كانَ مبصرا
وَكَلْبٌ غَداة َ استَعصَموا بجِبالهِمْ، رماهمْ بها، شعثاً، شوازب ، ضمَّرا
فأشبعَ منْ أبطالهمْ كلَّ طائرٍ ، وَذِئبٍ غَدا يَطْوي البَسِيطة َ أعْفَرَا

أمن ازديارك في الدجى الرقباء

أمِنَ ازْدِيارَكِ في الدُّجى الرُّقَبَاءُإذْ حَيثُ كنتِ مِنَ الظّلامِ ضِياءُ
قَلَقُ المَليحَةِ وِهْيَ مِسْكٌ هَتكُهاومَسيرُها في اللّيلِ وهيَ ذُكاءُ
أسَفي على أسَفي الذي دَلّهْتِنيعَنْ عِلْمِهِ فَبِهِ عَليّ خَفَاءُ
وَشَكِيّتي فَقْدُ السّقامِ لأنّهُقَدْ كانَ لمّا كانَ لي أعضاءُ
مَثّلْتِ عَيْنَكِ في حَشايَ جِراحَةًفتَشابَها كِلْتاهُما نَجْلاءُ
نَفَذَتْ عَلَيّ السّابِرِيَّ ورُبّماتَنْدَقّ فيهِ الصَّعدَةُ السّمْراءُ
أنا صَخْرَةُ الوادي إذا ما زُوحمَتْوإذا نَطَقْتُ فإنّني الجَوْزاءُ
وإذا خَفِيتُ على الغَبيّ فَعَاذِرٌأنْ لا تَراني مُقْلَةٌ عَمْيَاءُ
شِيَمُ اللّيالي أنْ تُشكِّكَ ناقَتيصَدْري بها أفضَى أمِ البَيداءُ
فَتَبيتُ تُسْئِدُ مُسْئِداً في نَيّهاإسْآدَها في المَهْمَهِ الإنْضاءُ
بَيْني وبَينَ أبي عليٍّ مِثْلُهُشُمُّ الجِبالِ ومِثْلُهنّ رَجاءُ
وعِقابُ لُبنانٍ وكيفَ بقَطْعِهاوهُوَ الشّتاءُ وصَيفُهُنّ شِتاءُ
لَبَسَ الثُّلُوجُ بها عَليّ مَسَالِكيفَكَأنّها بِبيَاضِها سَوْداءُ
وكَذا الكَريمُ إذا أقامَ ببَلْدَةٍسَالَ النُّضارُ بها وقامَ الماءُ
جَمَدَ القِطارُ ولَوْ رَأتْهُ كمَا تَرَىبُهِتَتْ فَلَمْ تَتَبَجّسِ الأنْواءُ
في خَطّهِ من كلّ قَلبٍ شَهْوَةٌحتى كأنّ مِدادَهُ الأهْواءُ
ولكُلّ عَيْنٍ قُرّةٌ في قُرْبِهِحتى كأنّ مَغيبَهُ الأقْذاءُ
مَنْ يَهتَدي في الفِعْلِ ما لا تَهْتَديفي القَوْلِ حتى يَفعَلَ الشّعراءُ
في كلّ يَوْمٍ للقَوافي جَوْلَةٌفي قَلْبِهِ ولأُذْنِهِ إصْغَاءُ
وإغارَةٌ في ما احْتَواهُ كأنّمَافي كُلّ بَيْتٍ فَيْلَقٌ شَهْبَاءُ
مَنْ يَظلِمُ اللّؤماءَ في تَكليفِهِمْأنْ يُصْبِحُوا وَهُمُ لَهُ أكْفاءُ
ونَذيمُهُمْ وبهِمْ عَرَفْنَا فَضْلَهُوبِضِدّها تَتَبَيّنُ الأشْياءُ
مَنْ نَفْعُهُ في أنْ يُهاجَ وضَرُّهُفي تَرْكِهِ لَوْ تَفْطَنُ الأعداءُ
فالسّلمُ يَكسِرُ من جَناحَيْ مالهِبنَوالِهِ ما تَجْبُرُ الهَيْجاءُ
يُعطي فتُعطَى من لُهَى يدِهِ اللُّهَىوتُرَى بِرُؤيَةِ رَأيِهِ الآراءُ
مُتَفَرّقُ الطّعْمَينِ مُجْتَمعُ القُوَىفكأنّهُ السّرّاءُ والضّرّاءُ
وكأنّهُ ما لا تَشاءُ عُداتُهُمُتَمَثّلاً لوُفُودِهِ ما شَاؤوا
يا أيّهَا المُجدَى علَيْهِ رُوحُهُإذْ لَيسَ يأتيهِ لها اسْتِجداءُ
إحْمَدْ عُفاتَكَ لا فُجِعْتَ بفَقدِهمفَلَتَرْكُ ما لم يأخُذوا إعْطاءُ
لا تَكْثُرُ الأمواتُ كَثرَةَ قِلّةٍإلاّ إذا شَقِيَتْ بكَ الأحْياءُ
والقَلْبُ لا يَنْشَقّ عَمّا تَحْتَهُحتى تَحِلّ بهِ لَكَ الشّحْناءُ
لمْ تُسْمَ يا هَرُونُ إلاّ بَعدَمَا اقْــتَرَعَتْ ونازَعتِ اسمَكَ الأسماءُ
فغَدَوْتَ واسمُكَ فيكَ غيرُ مُشارِكٍوالنّاسُ في ما في يَدَيْكَ سَواءُ
لَعَمَمْتَ حتى المُدْنُ منكَ مِلاءُولَفُتَّ حتى ذا الثّناءُ لَفَاءُ
ولجُدْتَ حتى كِدْتَ تَبخَلُ حائِلاًللمُنْتَهَى ومنَ السّرورِ بُكاءُ
أبْدَأتَ شَيئاً ليسَ يُعرَفُ بَدْؤهُوأعَدْتَ حتى أُنْكِرَ الإبْداءُ
فالفَخْرُ عَن تَقصِيرِهِ بكَ ناكِبٌوالمَجْدُ مِنْ أنْ يُسْتَزادَ بَراءُ
فإذا سُئِلْتَ فَلا لأنّكَ مُحوِجٌوإذا كُتِمتَ وشَتْ بكَ الآلاءُ
وإذا مُدِحتَ فلا لتَكسِبَ رِفْعَةًللشّاكِرينَ على الإلهِ ثَنَاءُ
وإذا مُطِرْتَ فَلا لأنّكَ مُجْدِبٌيُسْقَى الخَصِيبُ ويُمْطَرُ الدّأمَاءُ
لم تَحْكِ نائِلَكَ السّحابُ وإنّماحُمّتْ بهِ فَصَبيبُها الرُّحَضاءُ
لم تَلْقَ هَذا الوَجْهَ شَمسُ نَهارِنَاإلاّ بوَجْهٍ لَيسَ فيهِ حَيَاءُ
فَبِأيّما قَدَمٍ سَعَيْتَ إلى العُلَىأُدُمُ الهِلالِ لأخمَصَيكَ حِذاءُ
ولَكَ الزّمانُ مِنَ الزّمانِ وِقايَةٌولَكَ الحِمامُ مِنَ الحِمامِ فِداءُ
لوْ لم تكنْ من ذا الوَرَى اللّذْ منك هُوْعَقِمَتْ بمَوْلِدِ نَسْلِها حَوّاءُ
شعر أبو الطيب المتنبي

الا كل ماشية الخيزلى

ألا كُلُّ مَاشِيَةِ الخَيْزَلَى فِدَى كلِّ ماشِيَةِ الهَيْذَبَى
وَكُلِّ نَجَاةٍ بُجَاوِيَّةٍ خَنُوفٍ وَمَا بيَ حُسنُ المِشَى
وَلَكِنّهُنّ حِبَالُ الحَيَاةِ وَكَيدُ العُداةِ وَمَيْطُ الأذَى
ضرَبْتُ بهَا التّيهَ ضَرْبَ القِمَا رِ إمّا لهَذا وَإمّا لِذا
إذا فَزِعَتْ قَدّمَتْهَا الجِيَادُ وَبِيضُ السّيُوفِ وَسُمْرُ القَنَا
فَمَرّتْ بِنَخْلٍ وَفي رَكْبِهَا عَنِ العَالَمِينَ وَعَنْهُ غِنَى
وَأمْسَتْ تُخَيّرُنَا بِالنّقا بِ وَادي المِيَاهِ وَوَادي القُرَى
وَقُلْنَا لهَا أينَ أرْضُ العِراقِ فَقَالَتْ وَنحنُ بِتُرْبَانَ هَا
وَهَبّتْ بِحِسْمَى هُبُوبَ الدَّبُو رِ مُستَقْبِلاتٍ مَهَبَّ الصَّبَا
رَوَامي الكِفَافِ وَكِبْدِ الوِهَادِ وَجَارِ البُوَيْرَةِ وَادي الغَضَى
وَجَابَتْ بُسَيْطَةَ جَوْبَ الرِّدَا ءِ بَينَ النّعَامِ وَبَينَ المَهَا
إلى عُقْدَةِ الجَوْفِ حتى شَفَتْ بمَاءِ الجُرَاوِيّ بَعضَ الصّدَى
وَلاحَ لهَا صَوَرٌ وَالصّبَاحَ، وَلاحَ الشَّغُورُ لهَا وَالضّحَى
وَمَسّى الجُمَيْعيَّ دِئْدَاؤهَا وَغَادَى الأضَارِعَ ثمّ الدَّنَا
فَيَا لَكَ لَيْلاً على أعْكُشٍ أحَمَّ البِلادِ خَفِيَّ الصُّوَى
وَرَدْنَا الرُّهَيْمَةَ في جَوْزِهِ وَبَاقيهِ أكْثَرُ مِمّا مَضَى
فَلَمّا أنَخْنَا رَكَزْنَا الرّمَا حَ بَين مَكارِمِنَا وَالعُلَى
وَبِتْنَا نُقَبّلُ أسْيَافَنَا وَنَمْسَحُهَا من دِماءِ العِدَى
لِتَعْلَمَ مِصْرُ وَمَنْ بالعِراقِ ومَنْ بالعَوَاصِمِ أنّي الفَتى
وَأنّي وَفَيْتُ وَأنّي أبَيْتُ وَأنّي عَتَوْتُ على مَنْ عَتَا
وَمَا كُلّ مَنْ قَالَ قَوْلاً وَفَى وَلا كُلُّ مَنْ سِيمَ خَسْفاً أبَى
وَلا بُدَّ للقَلْبِ مِنْ آلَةٍ وَرَأيٍ يُصَدِّعُ صُمَّ الصّفَا
وَمَنْ يَكُ قَلْبٌ كَقَلْبي لَهُ يَشُقُّ إلى العِزِّ قَلْبَ التَّوَى
وَكُلُّ طَرِيقٍ أتَاهُ الفَتَى على قَدَرِ الرِّجْلِ فيه الخُطَى
وَنَام الخُوَيْدِمُ عَنْ لَيْلِنَا وَقَدْ نامَ قَبْلُ عَمًى لا كَرَى
وَكانَ عَلى قُرْبِنَا بَيْنَنَا مَهَامِهُ مِنْ جَهْلِهِ وَالعَمَى
لَقَد كُنتُ أَحسِبُ قَبلَ الخَصِيِّ أَنَّ الرُؤوسَ مَقَرُّ النُهى
فَلَمّا نَظَرتُ إِلى عَقلِهِ رَأَيتُ النُهى كُلَّها في الخُصى
وَماذا بمِصْرَ مِنَ المُضْحِكاتِ وَلَكِنّهُ ضَحِكٌ كالبُكَا
بهَا نَبَطيٌّ مِنَ أهْلِ السّوَادِ يُدَرِّسُ أنْسَابَ أهْلِ الفَلا
وَأسْوَدُ مِشْفَرُهُ نِصْفُهُ يُقَالُ لَهُ أنْتَ بَدْرُ الدّجَى
وَشِعْرٍ مَدَحتُ بهِ الكَرْكَدَنّ بَينَ القَرِيضِ وَبَينَ الرُّقَى
فَمَا كانَ ذَلِكَ مَدْحاً لَهُ وَلَكِنّهُ كانَ هَجْوَ الوَرَى
وَقَدْ ضَلّ قَوْمٌ بأصْنَامِهِمْ فأمّا بِزِقّ رِيَاحٍ فَلا
وَتِلكَ صُموتٌ وَذا ناطِقٌ إِذا حَرَّكوهُ فَسا أَو هَذى
وَمَنْ جَهِلَتْ نَفْسُهُ قَدْرَهُ رَأى غَيرُهُ مِنْهُ مَا لا يَرَى

فديناك أهدى الناس سهما إلى قلبي

فدَيناكَ أهدى النّاسِ سَهماً إلى قَلبي وَأقتَلَهُم للدّارِعِينَ بِلا حَربِ
تَفَرّدَ في الأحكامِ في أهْلِهِ الهَوَى فأنتَ جميلُ الخُلْفِ مستحسَنُ الكِذْبِ
وَإنّي لمَمنُوعُ المَقاتِلِ في الوَغَى وَإن كُنتُ مَبذولَ المَقاتِلِ في الحبّ
وَمَن خُلِقَت عَيناكَ بَينَ جُفُونِهِ أصابَ الحدورَ السهلَ في المرتقى الصّعبِ