صوت صفير البلبل

صوت صفير البلبلِ ~ هيج قلبي الثملِ
الماء والزهر معاً ~ مع زهرِ لحظِ المٌقَلِ
وأنت يا سيد لي ~ وسيدي ومولى لي
فكم فكم تيمني ~ غُزَيلٌ عُقيقلي
قطَّفتَه من وجنةٍ ~ من لثم ورد الخجلِ
فقال لا لا لا لا لا ~ وقد غدا مهرولِ
والخود مالت طرباً ~ من فعل هذا الرجلِ
فولولت وولولت ~ ولي ولي يا ويل لي
فقلت لا تولولي ~ وبيني اللؤلؤ لي
قالت له حين كذا ~ انهض وجد بالنقلِ
وفتية سقونني ~ قهوة كالعسل لي
شممتها بأنفيَ ~ أزكى من القرنفلِ
في وسط بستان حلي ~ بالزهر والسرور لي
والعود دندن دنا لي ~ والطبل طبطب طب لي
طب طبطب طب طبطب ~ طب طبطب طبطب لي
والسقف سق سق سق لي ~ والرقص قد طاب إلي
شوى شوى وشاهش ~ على ورق سفرجلِ
وغرد القمري يصيح ~ ملل في مللِ
ولو تراني راكباً ~ على حمار أهزلِ
يمشي على ثلاثة ~ كمشية العرنجلِ
والناس ترجم جملي ~ في السوق بالقلقللِ
والكل كعكع كعِكَع ~ خلفي ومن حويللي
لكن مشيت هارباً ~ من خشية العقنقلِ
إلى لقاء ملكٍ ~ معظمٍ مبجلِ
يأمر لي بخلعةٍ ~ حمراء كالدم دملي
أجر فيها ماشياً ~ مبغدداً للذيلِ
أنا الأديب الألمعي ~ من حي أرض الموصلِ
نظمت قطعاً زخرفت ~ يعجز عنها الأدبُ لي
أقول في مطلعها ~ صوت صفير البلبلِ
قصيدة تحدى بها الأصمعي الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور

وجدت الحب نيرانا تلظى

وَجَدتُ الحُبَّ نيراناً تَلَظّى ~ قُلوبُ العاشِقينَ لَها وَقودُ
فَلَو كانَت إِذا اِحتَرَقَت تَفانَت ~ وَلَكِن كُلَّما اِحتَرَقَت تَعودُ
كَأَهلِ النارِ إِذ نَضِجَت جُلود ~ أُعيدَت لِلشَقاءِ لَهُم جُلودُ
أبيات مجنون ليلى الشاعر قيس بن الملوح

معلقة يا دار مية

يَا دَارَ مَيَّةَ بالعَليْاءِ، فالسَّنَدِ ~ أَقْوَتْ، وطَالَ عَلَيهَا سَالِفُ الأَبَدِ
وقَفتُ فِيهَا أُصَيلا كي أُسائِلُها ~ عَيَّتْ جَوَاباً، ومَا بالرَّبعِ مِنْ أَحَدِ
إلاَّ الأَوَارِيَّ لأْياً مَا أُبَيِّنُهَا ~ والنُّؤي كَالحَوْضِ بالمَظلومةِ الجَلَدِ
رَدَّتْ عَليَهِ أقَاصِيهِ، ولبّدَهُ ~ ضَرْبُ الوَلِيدَةِ بالمِسحَاةِ فِي الثَّأَدِ
خَلَّتْ سَبِيلَ أَتِيٍّ كَانَ يَحْبِسُهُ ~ ورفَّعَتْهُ إلى السَّجْفَينِ، فالنَّضَدِ
أضحتْ خَلاءً، وأَضحى أَهلُهَا احْتَمَلُوا ~ أَخْنَى عَليهَا الَّذِي أَخْنَى عَلَى لُبَدِ
فَعَدِّ عَمَّا تَرَى، إِذْ لاَ ارتِجَاعَ لَهُ ~ وانْمِ القُتُودَ عَلَى عَيْرانَةٍ أُجُدِ
مَقذوفَةٍ بِدَخِيسِ النَّحضِ، بَازِلُهَا ~ لَهُ صَريفٌ، صَريفُ القَعْوِ بالمَسَدِ
كَأَنَّ رَحْلِي، وَقَدْ زَالَ النَّهَارُ بِنَا ~ يَومَ الجليلِ، عَلَى مُستأنِسٍ وحِدِ
مِنْ وَحشِ وَجْرَةَ، مَوْشِيٍّ أَكَارِعُهُ ~ طَاوي المَصِيرِ، كَسَيفِ الصَّيقل الفَرَدِ
سَرتْ عَلَيهِ، مِنَ الجَوزَاءِ، سَارِيَةٌ ~ تُزجِي الشَّمَالُ عَلَيهِ جَامِدَ البَرَدِ
فَارتَاعَ مِنْ صَوتِ كَلاَّبٍ، فَبَاتَ لَهُ ~ طَوعَ الشَّوَامتِ مِنْ خَوفٍ ومِنْ صَرَدِ
فبَثّهُنَّ عَلَيهِ، واستَمَرَّ بِهِ ~ صُمْعُ الكُعُوبِ بَرِيئَاتٌ مِنَ الحَرَدِ
وكَانَ ضُمْرانُ مِنهُ حَيثُ يُوزِعُهُ ~ طَعْنَ المُعارِكِ عِندَ المُحْجَرِ النَّجُدِ
شَكَّ الفَريصةَ بالمِدْرَى، فَأنفَذَهَا ~ شك المُبَيطِرِ، إِذْ يَشفِي مِنَ العَضَدِ
كَأَنَّه، خَارجَا مِنْ جَنبِ صَفْحَتِهِ ~ سَفّودُ شَرْبٍ نَسُوهُ عِندَ مُفْتَأَدِ
فَظَلّ يَعْجُمُ أَعلَى الرَّوْقِ، مُنقبضاً ~ فِي حالِكِ اللّونِ صَدْقٍ، غَيرِ ذِي أَوَدِ
لَمَّا رَأَى واشِقٌ إِقعَاصَ صَاحِبِهِ ~ وَلاَ سَبِيلَ إلى عَقْلٍ، وَلاَ قَوَدِ
قَالَتْ لَهُ النَّفسُ: إنِّي لاَ أَرَى طَمَعاً ~ وإنَّ مَولاكَ لَمْ يَسلَمْ، ولَمْ يَصِدِ
فَتِلكَ تُبْلِغُنِي النُّعمَانَ،إنَّ لهُ فَضلاً ~ عَلَى النَّاس فِي الأَدنَى، وفِي البَعَدِ
وَلاَ أَرَى فَاعِلاً، فِي النَّاسِ، يُشبِهُهُ ~ وَلاَ أُحَاشِي، مِنَ الأَقوَامِ، مِنْ أحَدِ
إلاَّ سُليمَانَ،إِذْ قَالَ الإلهُ لَهُ ~ قُمْ فِي البَرِيَّة، فَاحْدُدْهَاعَنِ الفَنَدِ
وخيّسِ الجِنّ! إنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَهمْ ~ يَبْنُونَ تَدْمُرَ بالصُّفّاحِ والعَمَد
فَمَن أَطَاعَكَ، فانْفَعْهُ بِطَاعَتِهِ ~ كَمَا أَطَاعَكَ، وادلُلْهُ عَلَى الرَّشَدِ
وَمَنْ عَصَاكَ، فَعَاقِبْهُ مُعَاقَبَة ~ تَنهَى الظَّلومَ، وَلاَ تَقعُدْ عَلَى ضَمَد
إلاَّ لِمثْلكَ،أَوْ مَنْ أَنتَ سَابِقُهُ ~ سَبْقَ الجَوَادِ،إِذَا استَولَى عَلَى الأَمَد
أَعطَى لِفَارِهَةٍ، حُلوٍ تَوابِعُهَا ~ مِنَ المَواهِبِ لاَ تُعْطَى عَلَى نَكَدِ
الوَاهِبُ المَائَةِ المَعْكَاءِ،زَيَّنَهَا ~ سَعدَانُ تُوضِحَ فِي أَوبَارِهَااللِّبَدِ
والأُدمَ قَدْ خُيِّسَتْ فُتلاً مَرافِقُهَا ~ مَشْدُودَةً بِرِحَالِ الحِيرةِ الجُدُدِ
والساحباتِ ذُيولَ الرّيْطِ، فانَقَهَا ~ بَرْدُ الهَوَاجرِ، كالغِزْلاَنِ بالجَرَدِ
والخَيلَ تَمزَعُ غَرباًفِي أعِنَّتهَا كالطَّير ~ تَنجو مِنْ الشّؤبوبِ ذِي البَرَد
والادم قد خيست فتلا مرافقها ~ مشدودة برحال الحيرة الجدد
احكُمْ كَحُكمِ فَتاةِ الحَيِّ، إِذْ نظرَت ~ إلى حَمَامِ شِرَاعٍ، وَارِدِ الثَّمَدِ
يَحُفّهُ جَانِبا نِيقٍ، وتُتْبِعُه ~ مِثلَ الزُّجَاجَةِ، لَمْ تُكحَلْ مِنَ الرَّمَد
قَالَتْ: أَلاَ لَيْتَمَا هَذا الحَمَامُ لَنَا ~ إلى حَمَامَتِنَا ونِصفُهُ، فَقَد
فَحَسَّبوهُ، فألفُوهُ، كَمَا حَسَبَت ~ تِسعاً وتِسعِينَ لَمْ تَنقُصْ ولَمْ تَزِد
فَكَمَّلَتْ مَائَةً فِيهَا حَمَامَتُهَا ~ وأَسْرَعَتْ حِسْبَةً فِي ذَلكَ العَدَدِ
فَلا لَعمرُ الَّذِي مَسَّحتُ كَعْبَتَهُ وَمَا ~ هُرِيقَ، عَلَى الأَنصَابِ، مِنْ جَسَدِ
والمؤمنِ العَائِذَاتِ الطَّيرَ، تَمسَحُهَا ~ رُكبَانُ مَكَّةَ بَينَ الغَيْلِ والسَّعَدِ
إِذاً فعَاقَبَنِي رَبِّي مُعَاقَبَة ~ قَرَّتْ بِهَا عَينُ مَنْ يَأتِيكَ بالفَنَد
هذا لأبرأمن قول قذفت به ~ طارت نوافذه حراًعلى كبدى
أُنْبِئْتُ أنَّ أبَا قَابُوسَ أوْعَدَنِي ~ وَلاَ قَرَارَ عَلَى زَأرٍ مِنَ الأسَد
مَهْلاً، فِدَاءٌ لَك الأَقوَامُ كُلّهُمُ ~ وَمَا أُثَمّرُ مِنْ مَالٍ ومِنْ وَلَد
لاَ تَقْذِفَنّي بُركْنٍ لاَ كِفَاءَ لَه ~ وإنْ تأثّفَكَ الأَعدَاءُ بالرِّفَد
فَمَا الفُراتُ إِذَا هَبَّ الرِّيَاحُ لَه ~ تَرمِي أواذيُّهُ العِبْرَينِ بالزَّبَد
يَمُدّهُ كُلُّ وَادٍ مُتْرَعٍ، لجِب ~ فِيهِ رِكَامٌ مِنَ اليِنبوتِ والخَضَد
يَظَلُّ مِنْ خَوفِهِ، المَلاَّحُ مُعتَصِماً ~ بالخَيزُرانَة، بَعْدَ الأينِ والنَّجَدِ
يَوماً، بأجوَدَ مِنهُ سَيْبَ نافِلَة ~ وَلاَ يَحُولُ عَطاءُ اليَومِ دُونَ غَد
هَذَا الثَّنَاءُ،فَإِنْ تَسمَعْ بِهِ حَسَناً ~ فَلَمْ أُعرِّضْ،أَبَيتَ اللَّعنَ، بالصَّفَدِ
هَا إنَّ ذِي عِذرَةٌ إلاَّ تَكُنْ نَفَعَت ~ فَإِنَّ صَاحِبَها مُشَارِكُ النَّكَدِ
من معلقات الشاعر النابغة الذبياني

لو أنني سميت طيفك صادقا

لو أنّني سميت طيفَكَ صادقاً ~ لدعوتُهُ غضبان أو عَتّابا
قال الخيال كذبتَ لست بطارق ~ ليلاً ولم أكُ زائراً منتابا
فأجبته كم من كِتاب زائر ~ فاهتاج يَحلِف ما بعثت كتابا
لا تُثبتُ الأقلامُ زلة راقد ~ إنْ كنتَ بتّ بِحلمه مُرتابا
لم يعفُ ربُّكَ عن مصر مارد ~ لكن تجاوز عن مسيءٍ تابا
قصيدة لشاعر العصر العباسي أبو العلاء المعري

الله لاريب فيه وهو محتجب

اللَّه لا ريب فيه وهو مُحتجب ~ بادٍ وكلٌّ إلى طبعٍ له جذبا
أهلُ الحياةِ كإخوان الممات فأه ~ وِن بالكماة أطالوا السمر والعذبا
لا يعلمُ الشَّريُ ما ألقى مرارتهَ ~ إليه والأريُ لم يشْعُر وقد عذبا
سألتُموني فأعيتني إجابتكمْ ~ من ادّعى أنّه دارٍ فقد كذبا
قصيدة لشاعر العصر العباسي أبو العلاء المعري

لسانك عقرب فإذا أصابت سواك

لسانك عقرب فإذا أصابت ~ سواك فأنت أول من تصيب
أثمت بما جنته فمن شكاه ~ وفى لك من شكيّته نصيب
أتى الرجلين عنها الشر مثنى ~ كلا يوميكما شئز عصيب
من أبيات شاعر العصر العباسي أبو العلاء المعري