السروةُ إنكسَرَتْ كمئذنةٍ، ونامت في |
الطريق على تَقَشُّف ظِلِّها، خضراءَ، داكنةً، |
كما هِيَ. لم يُصَبْ أَحدٌ بسوء. مَرّت |
العَرَباتُ مُسْرِعَةً على أغصانها. هَبَّ الغبارُ |
على الزجاج السروةُ انكسرتْ، ولكنَّ |
الحمامة لم تغيِّر عُشَّها العَلَنيَّ في دارٍ |
مُجَاورةٍ. وحلّق طائران مهاجران على |
كَفَاف مكانها، وتبادلا بعضَ الرموز. |
وقالت امرأةٌ لجارتها تُرَى، شأهَدْتِ عاصفةً؟ |
فقالت لا، ولا جرَّافةً والسروةُ |
انكسرتْ. وقال العابرون على الحُطام |
لعلَّها سَئِمَتْ من الإهمال أَو هَرِمَتْ |
من الأيّام، فَهْيَ طويلةٌ كزرافةٍ، وقليلةُ |
المعنى كمكنسةِ الغبار، ولا تُظَلِّلُ عاشِقَيْن. |
وقال طفلٌ كنتُ أَرسمها بلا خطأ، |
فإنَّ قوامَها سَهْلٌ. وقالت طفلةٌ إن |
السماءَ اليوم ناقصةٌ لأن السروةٌ انكسرت. |
وقال فتىً ولكنَّ السماءَ اليوم كاملةٌ |
لأن السروةَ انكسرتْ. وقُلْتُ أَنا |
لنفسي لا غُموضَ ولا وُضُوحَ، |
السروة انكسرتْ، وهذا كُلُّ ما في |
الأمرِ إنَّ السروة انكسرتْ. |
محمود درويش
محمود سليم حسين درويش شاعر فلسطيني مشهور يلقب بشاعر فلسطين و شاعر المقاومة الفلسطينية, اعتقله الإحتلال الصهيوني عدة مرات, ولد في فلسطين وعاش بين لبنان و مصر وفرنسا و توفي في الولايات المتحدة عام 2008.
وقوع الغريب على نفسه في الغريب
لا اسمَ لنا يا غريبةُ عند وُقُوع |
الغريب على نفسه في الغريب لَنَا من |
حديقتنا من أرض ليلك ولتُبْطِني |
وما تشائين . جئنا على عَجَلٍ من غروب |
مكانين في زمن واحد وبحثنا معاً |
عن عناويننا: فاذهبي خَلْف ظلِّك |
شَرْقَ نشيد الأَناشيد راعيةً للقطا |
تجدي نجمةً سَكَنَتْ موتها فاصعدي جَبَلاً |
مُهْمَلاً تجدي أَمسِ يُكْمِلُ دورتَهُ في غدي |
تجدي أَين نكون معاً |
واحدٌ نحن في اُثنين |
فاذهب إلى البحر غَرْبَ كتابك |
واغطُسْ خفيفاً خفيفاً كأنَّك تحمل |
نَفْسَكَ عند الولادة في موجتين |
تجدْ غابةً من حشائش مائيةٍ خفيفاً |
خفيفاً كأنك لا شيء في أَيَّ سيء |
تجدنا معاً |
واحدٌ نحن في اُثنين |
فاذهب إلى البحر غَرْبَ كتابك |
واغطُسْ خفيفاً كأنَّك تحمل |
نَفْسَكَ عند الولادة في موجتين |
تجدْ غابةً من حشائش مائيةٍ وسماءً |
من الماء كأنك لا شيء في أَيَّ شيء |
تجدنا معاً |
واحدٌ نحن في اُثنين |
ينقُصُنا أَن نرى كيف كنا هنا يا |
غريبةُ ظلِّين ينفتحانِ وينغلقانِ على ما |
تشكَّل من شكلنا يختفي ثم يظهَرُ |
في جَسَدٍ يختفي في التباس الثنائية |
الأَبدية ينقُصُنا أَن نعودَ إلى اُثنين |
كي نتعانق أكثر لا اسم لنا يا غريبة |
عند وقوع الغريب على نفسه في الغريب |
وأنتِ معي
وأنتِ معي لا أَقول هنا الآن |
نحن معاً بل أَقول أَنا أَنتِ |
والأَبديةُ نسبح في لا مكانْ |
هواءٌ وماءٌ نفكُّ الرموز نُسَمِّي |
نُسَمَّى ولا نتكلّم إلاّ لنعلم كم |
نَحْنُ نَحْنَ وننسى الزمانْ |
ولا أَتذكَّرُ في أَيَّ أرضٍ وُلدتِ |
ولا أَتذكر من أَيّ أَرض بُعثتُ |
هواءٌ وماء ونحن على نجمة طائرانْ |
وأَنتِ معي يَعْرَقُ الصمتُ يغرورقُ |
الصَّحْوْ بالغيم، والماءُ يبكي الهواء |
على نفسه كلما اُتَّحد الجسدانْ |
ولا حُبَّ في الحبِّ |
لمنه شَبَقُ الروح للطيرانْ |
هكذا قالت الشجرة المهملة
خارج الطقس |
أو داخل الغابة الواسعة |
وطني |
هل تحس العصافير أني لها |
وطن أو سفر |
إنني أنتظر |
في خريف الغصون القصير |
أو ربيع الجذور الطويل |
زمني |
هل تحس الغزالة أني لها |
جسد أو ثمر |
إنني أنتظر |
في المساء الذي يتنزه بين العيون |
أزرقا أخضرا أو ذهب بدني |
هل يحسّ المحبّون أني لهم |
شرفة أو قمر |
إنني أنتظر |
في الجفاف الذي يكسر الريح |
هل يعرف الفقراء أنني |
منبع الريح هل يشعرون بأني لهم |
خنجر أو مطر |
أنني أنتظر |
خارج الطقس |
أو داخل الغابة الواسعة |
كان يهملني من أحب ولكنني |
لن أودع أغصاني الضائعة |
في رخام الشجر |
إنني أنتظر |
وشم العبيد
روما على جلودنا |
أرقام أسرى و السياط |
تفكها إذا هوت، أو ترتخي |
كان العبيد عزّلا |
ففتتوا البلاط |
بابل حول جيدنا |
وشم سبايا عائدة |
تغيرت ملابس الطاغوت |
من عاش بعد الموت |
لو آمنت.. لا يموت |
متنا و عشنا، و الطريق واحدة |
إفريقيا في رقصنا |
طبل.. و نار حافية |
وشهوة على دخان غانية |
في ذات يوم.. أحسن العزف على |
ناي الجذوع الهاوية |
أنوّم الأفعى |
وأرمي نابها في ناحية |
فتلقي في رقصة جديدة.. جديدة |
إفريقيا..وآسيه |