لا ينهضُ الشعبُ إلاَّ حينَ يدفعهُ | عَزْمُ الحياة ِ، إذا ما استيقظتْ فيهِ |
والحَبُّ يخترقُ الغَبْراءَ، مُنْدفعاً | إلى السماء، إذا هبَّتْ تُناديهِ |
والقيدُ يأَلَفُهُ الأمواتُ، ما لَبِثوا | أمَّا الحيَاة ُ فيُبْلها وتُبْليهِ |
يا إله الوجود هذي جراح
يا إلهَ الوجودِ! هذي جراحٌ | في فؤادي، تشْكو إليْك الدّواهي |
هذه زفرة ٌ يُصعِّدها الهمُّ | إلى مَسْمَعِ الفَضَاء السَّاهي |
فلقد جرّعني صوتُ الظّلام | |
هَذِهِ مُهْجَة ُ الشَّقَاءِ تُنَاجيكَ | فهلْ أنتَ سامعٌ يا إلهي؟ |
أنتَ أنزلتني إل ظلمة ِ الأرض | وقد كنتُ في صباحٍ زارهِ |
أَلَماً علّمني كرِهَ الحياة | |
كَجَدْولٍ في مَضَايِقِ السُّبُلُ | |
كالشّعاع الجميل، أَسْبَحُ في الأفق | وأُصْغي إلى خرير المياهِ |
وأُغنِّي بينَ الينابيعِ للفَجْر | وأشدو كالبلبلِ التَّيَّاهِ |
أَنَا كَئيبْ، | |
أنتَ أوصلتَني إلى سبل الدنيا | وهذي كثيرة ُ الأشتباهِ |
ثم خلَّفَتَني وحيداً، فريداً | فَهْوَ يا ربِّ مَعْبَدُ الحقِّ، |
أنتَ أوقفتَني على لُجَّة الحزْنِ | وجَرَّعتني مرارة َ آهِ! |
أنت أنشأتني غريباً بنفسي | بين قوميْ، في نشْوتي وانتباهي |
ـامي، وآياتِ فنِّهِ المتناهي | وحبَّبْتَني جُمَودَ السَّاهي |
وتلاشت في سكون الأكتئاب | |
أنتَ جَبَّلتَ بين جنبيَّ قلباً | سرمديَّ الشُّعور والانتباهِ |
عبقريَّ الأسى : تعذِّبه الدنيا | وتُشْجيه ساحراتُ الملاهي! |
أيها العصفورْ | |
أنتَ عذّبتني بِدِقَّة حِسِّي | وتعقَّبْتَني بكلّ الدَّواهي |
بالمنايا تَغْتال أشْهى أمانيَّ | وتُذوِي محاجري، وَشِفاهي |
فإذا من أحبُّ حفنة ُ تُرْبٍ | تافهٍ، مِنْ تَرائبٍ وَجِبَاهِ |
أنَّة َ الأوتار..! | |
غَرِيبَة ٌ فِي عَوَالِمِ الحَزَن | |
يتلاشى فوق الخضَمِّ: ويبقى الـ | ـيمُّ كالعهدِ مُزْبدَ الأمواه… |
مرّت ليالٍ خبَتْ مع الأمدِ | |
يا إلهَ الوجودِ! مالكَ لا تَرثي | لحزن المُعَذَّب الأوَّاهِ؟ |
قد تأوَّهتُ في سكونِ اللّيالي | ثم أطبقتُ في الصّباح شِفاهي |
رُوحِي، وَتَبْقَى بِها إلى الأَبَدِ | |
يَا رِياحَ الوجود! سيري بعنفٍ | وتغنِّيْ بصوتك الأوَّاه |
وانفحيني مِنْ رُوحِكِ الفَخْم ما يُبْـ | ـلغُ صَوْتي آذَانَ هذا الإلهِ |
وانثُري الوَرْدَ للثُّلوجِ بدَاداً | واصعقي كلّ بُلبلٍ تَيَّاه |
فالوجودُ الشقيُّ غيرُ جديرٍ | وَهْوَ نايُ الجمالِ، والحبِّ، والأحْـ |
فالإله العظيم لميخلق لدنيا | سوى للفناءِ تَحْتَ الدّواهي |
مَشَاعِرِي فِي جَهَنَّمَ الأَلمِ |
شعري نُفَاثة صدري
شعري نُفَاثة صدري | إنْ جَاشَ فِيه شُعوري |
لولاه ما أنجاب عنّي | غَيْمُ الحياة ِ الخطيرِ |
ولا وجدتَ أكتئابي | ولا وجدت سروري |
بِهِ تَراني حزيناً | أبكي بدمعٍ غزيرِ |
به تراني طروباً | أجرّ ذيلَ خُبوري |
لا أنظمُ الشعرَ أرجو | به رضاءَ الأمير |
بِمِدْحَة ٍ أو رثاءٍ | تُهْدَى لربّ السريرِ |
حسْبي إذا قلتُ شعراً | أن يرتضيهِ ضَميري |
مالشعرُ إلا فضاءٌ | يَرفُّ فيه مَقالي |
فيما يَسُرُّ بلادي | وما يسرُّ المعالي |
وما يُثِيرُ شُعوري | من خافقاتِ خيالي |
لا أقرضُ الشعرَ أبغي | به اقتناصَ نَوال |
الشِّعرُ إنْ لمْ يكنْ في | جمالِهِ ذَا جَلالِ |
فإنَّما هُوَ طيفٌ | يَسْعَى بوادي الظِّلال |
يقضي الحياة َ طريداً | في ذِلّة ، واعتزال |
يا شعرُ! أنت مِلاكي | وطارِفِي، وتِلادي |
أنا إليكَ مُرادٌ | وأنتَ نِعْمَ مُرادي |
قِف، لا تَدَعْني وحيداً | ولا أدعك تنادي |
فَهَلْ وجدتَ حُساماً | يُناط دون نجادِ |
كَمْ حَطَّمَ الدَّهْرُ | ذا هِمَّة ٍ كثيرَ الرّمادِ |
ألقاه تَحْتَ نعالٍ | من ذِلَّة وحِدادِ |
رِفقاً بأَهْلِ بلادي! | يا منجنون العَوادي! |
إن الحياة صراع
إنَّ الحياة َ صِراعٌ | فيها الضّعيفُ يُداسْ |
ما فَازَ في ماضِغيها | إلا شديدُ المراسْ |
للخِبِّ فيها شجونٌ | فَكُنْ فتى الإحتراسْ |
الكونُ كونُ شفاءٍ | الكونُ كونُ التباسْ |
الكونُ كونُ اختلاقٍ | وضجّة ٌ واختلاسْ |
السرور | والابتئاسْ |
بين النوائبِ بونٌ | للنّاس فيه مزايا |
البعضُ لم يدرِ إلا | البِلى ينادي البلايا |
والبعضُ مَا ذَاقَ منها | سوى حقيرِ الرزايا |
إنَّ الحياة َ سُبَاتٌ | سينقضي بالمنايا |
وما الرُّؤى فيهِ إلاَّ | آمالُنَا، والخَطايا |
فإن تيقّظَ كانتْ | بين الجفون بقايا |
كلُّ البلايا…جميعاً | تفْنى ويحْيا السلامْ |
والذلُّ سبُّهُ عارٍ | لا يرتضيهِ الكِرامْ |
الفجر يسطع بعد الدّ | ُجى ، ويأتي الضِّياءْ |
ويرقُدُ اللَّيْلُ قَسْراً | على مِهَادِ العَفَاءْ |
وللشّعوب حياة ٌ | حِينا وحِينا فَنَاءْ |
واليأْسُ موتٌ ولكنْ | موتٌ يثيرُ الشّقاءْ |
والجِدُّ للشَّعْبِ روحٌ | تُوحِي إليهِ الهَناءْ |
فإن تولَّتْ تصدَّت | حَيَاتُهُ لِلبَلاءْ |
قد سكرنا بحبنا واكتفَيْنا
قد سكرنا بحبنا واكتفَيْنا | يا مديرَ الكؤوس فاصرفْ كؤوسَكْ |
واسكبِ الخمرَ للعَصَافيرِ والنَّحْلِ | وَخَلِّ الثَّرى يَضُمُّ عروسَكْ |
مالنا والكؤوس، نطلبُ منها | نشوة ً والغَرامُ سِحْرٌ وسُكْرُ! |
خَلِّنا منكَ، فَالرّبيعُ لنا ساقٍ | وهذا الفضاءُ كاسٌ وخمرُ! |
نحن نحيا كالطّيرِ، في الأفُق السَّاجي | وكالنَّحْلِ، فوق غضِّ الزُّهُورِ |
لا ترى غيرَ فتنة ِ العالم الحيِّ | وأحلامِ قلبها المسحورِ… |
نحن نلهو تحتَ الظلالِ، كطفلينِ | سعيدين، في غُرورِ الطُّفولة ْ |
وعلى الصخرة ِ الجميلة ِ في الوادي | وبين المخاوفِ المجْهولَهْ |
نحن نغدو بين المروج ونُمسى | ونغنِّي مع النسيم المعنِّي |
ونناجي روحَ الطبيعة ِ في الكون | ونُصغي لِقَلْبها المتغنّي |
نحنُ مثلُ الرَبيعِ: نمشي على أرضٍ | مِنَ الزَّهرِ، والرُّؤى ، والخَيالِ |
فوقَها يرقصُ الغرامُ، ويلهو | ويغنّي، في نشوة ٍ ودلالِ |
نحن نحيا في جَنَّة ٍ مِنْ جِنَانِ السِّحْرِ | في عالمٍ بعيدٍ…،بعيدِ…، |
نحنُ في عُشِّنا الموَرَّدِ، نتلو | سُوِرِ الحُبِّ للشَّبابِ السّعيدِ |
قد تركنا الوُجودَ للنَّاس، | ـضُوا عليه الحياة َ كيفَ أرادُوا |
وذهبنا بِلبِّه، وَهْوَ رُوحٌ | وَتَركنا القُشُورَ، وَهْيَ جَمادُ |
قد سِكْرنا بحبّنا، واكتَفْينا | طفَحَ الكأسُ، فاذهَبُوا يا سُقاة ُ |
نحن نحيا فلا نريدُ مزيداً | حَسْبُنا ما مَنَحْتِنَا يا حَياة ُ |
حَسْبُنا زهرُنَا الَّذي نَتَنَشَّى | حَسْبُنا كأسُنا التي نترشّفْ |
إنَّ في ثغرِنا رحيقاً سماويَّا | وفي قلبنا ربيعاً مُفَوَّفْ |
أيُّها الدَّهْرُ، أيُّها الزَّمَنُ الجاري | إلى غيرِ وُجهة ٍ وقرارِ! |
أيُّها الكونُ! أيّها القَدَرُ الأَعمى ! | قِفُوا حيثُ أنتُمُ! أو فسيرُوا |
وَدَعُونا هنا: تُغنِّي لنا الأحْلامُ | والحبُّ، والوجودُ، الكبيرُ |
وإذا ما أبَيْتُمُ، فاحْمِلُونا | ولهيبُ الغَرامِ في شَفَتْينا |
وزهورُ الحياة ، تعبقُ بالعطرِ | وبالسِّحْرِ، والصِّبا في يديْنَا |
في سكونِ الليل لما
في سكونِ الليل لما | عانقَ الكونَ الخشُوع |
وَاخْتَفَى صَوْتُ الأَمَانِي | خَلْفَ آفَاقِ الهُجُوعْ |
رَتَّلَ الرَّعْدُ نَشِيداً | رَدَّدَتْهُ الكَائِنَاتْ |
مِثْلَ صَوْتِ الحَقِّ إنْ صَا | حَ بأعماقِ الحيَاة |
يتهَادى بضَجيجٍ | في خلاَيا الأودَيهْ |
أَمْ هِيَ القُوَّة ُ تَسْعَى | بِاعْتِسَافٍ واصْطِخَابْ |
صَوْتِهَا رُوحُ العَذَابْ؟» | |
مِثْلَ جَبَّارِ بَنِي الجِنِّ بأَقْصَى الهَاوِيَة ْ |