| أيُّها الليلُ! يا أَبَا البؤسِ والهَوْ | لِ،! ياهيكلَ الحَياة ِ الرَّهيبِ! |
| فِيكَ تَجْثُو عرائسُ الأَمَلِ العذْ | بِ، تُصلَّي بصَوتِها المحبوبَ |
| فَيُثيرُ النَّشِيدُ ذكرى حياة ٍ | حَجَبَتها غيومُ دَهر كَئيبِ |
| وَتَرُفُّ الشُّجونُ مِنْ حول قلبي | بسُكُونٍ، وَهَيْبَة ٍ، وَقُطُوبِ |
| أنتَ ياليلُ! ذرَّة ٌ، صعدت للكونِ، | من موطئ الجحيمِ الغَضوبِ |
| أيُّها الليلُ! أنت نَغْمٌ شَجِيُّ | في شفاهِ الدُّهورِ، بين النَّحيبِ |
| إنَّ أُنشودة السُّكُونِ، التي ترتجّ | في صدرك الرّكود، الرحيب |
| تُسْمِعُ النَّفْسَ، في هدوء الأماني | رنة َ الحقَّ، والجمال الخلوبِ |
| فَتَصوغُ القلوبُ، منها أَغَارِيداً، | تَهُزُّ الحياة َ هَزَّ الخُطُوبِ |
| تتلوّى الحياة ُ، مِنْ أَلَم البؤْ | س فتبكي، بلوعة ونحيبِ |
| وَعَلى مَسْمَعيكَ، تَنْهلُّ نوحاً | وعويلاً مُراً، شجون القلوبِ |
| فأرى بُرقعاً شفيفاً، من الأو | جاع، يُلقي عليك شجوَ الكئيبِ |
| وأرى في السُّكون أجنحة الجبَّـ | ـبارِ، مخلصة ً بدمعِ القُلوبِ |
| فَلَكَ اللَّهُ! مِنْ فؤادٍ رَحيمٍ | ولكَ الله! من فؤادٍ كئيب |
| يهجع الكونُ، في مابيبة ِ العصفور | طفلاً، بصدركَ الغربيب |
| وبأحضانك الرحيمة ِ يستيقظُ، في | نضرة الضَّحُوكِ، الطَّرُوبِ |
| شَادياً، كالطُّيوبِ بالأَملِ العَذْ | بِ، جميلاً، كَبَهْجَة ِ الشُّؤْبُوبِ |
| ياظلام الحياة !يا روعة الحزنِ! | ن! وَيَا مِعْزَفَ التَّعِيس الغَرِيبِ |
| وبقيثارة السّكنة ، في كفَّيـ | |
| فَيكَ تنمُو زَنَابِقُ الحُلُمِ العذْ، | بِ، وتذوِي لدَى لهيبِ الخُطوبِ |
| أَمْ قُلُوبٌ مُحِطَّاتٌ عَلَى سَا | بُ ظِلالُ الدُّهورِ، ذَاتَ قُطوبِ |
| لبناتِ الشعر..، لكن قوَّضتهُ الحادثات | |
| وَبِفَوْديكَ، فِي ضَفَائِرِكَ | ـودِ، تدَّب الأيامُ أيَّ دَبيبِ |
| صَاحِ! إنَّ الحياة َ أنشودة ُ الحُزْ | نِ، فرتِّلْ عَلَى الحياة ِ نَحِيبي |
| إنَّ كأسَ الحياة ِ مُتْرَعَة ٌ بالذَّمْـ | مْعِ، فاسْكُبْ على الصَّبَاحِ حَبيبي |
| إنّ وادِي الظَّلامِ يَطْفَحُ بالهَوْ | لِ، فما أبعد ابتسام القلوبِ! |
| لا يُغرّنَّك ابتسامُ بني الأر | ضِ فَخَلْفَ الشُّعاعِ لَذْعُ اللَّهِيبِ |
| أنتَ تدري أنَّ الحياة َ قطو | بٌ وَخُطُوبٌ، فَما حَيَاة ُ القُطُوبِ؟ |
| إنّ في غيبة ِ الليالي، تِباعاً | لخَطيبٌ يمرُّ إثر خطوبِ |
| سَدَّدَتْ في سكينة ِ الكونِ، للأعما | قِ، نفْسي لخطأ بعيدَ الرُّسوبِ |
| نَظْرة ٌ مَزَّقَتْ شِغَافَ اللَّيالي | لي فرأتْ مهجة َ الظْلام الهيوبِ |
| ورأتْ في صميمِها، لوعة َ الحزْ | نِ، وأَصْغَتْ إلى صُراخِ القُلُوبِ |
| لا تُحاوِلْ أنْ تنكرَ الشَّجْوَ، إنّي | قد خبرتُ الحياة َ خُبرَ لبيبِ |
| فتبرمتُ بالسّكينة والضجّـ | ـة ، بل فد كرهتُ فيها نصيبي… |
| كنْ كما شاءَت السماءُ كئيباً | أيُّ شيءٍ يَسُرُّ نفسَ الأَريبِ؟ |
| أنفوسٌ تموتُ، شاخِصَة ً بالهو | لِ، في ظلمة ِ القُنوطِ العَصيبِ؟ |
| حلِ لُجِّ الأَسَى ، | ـجِّ الأَسى ، بموْجِ الخُطوبِ؟ |
| إنما النّاسُ في الحياة طيورٌ | قد رَمَاهَا القَضَا بِوادٍ رَهِيبِ |
| يَعْصُفُ الهولُ في جَوَانبه السو | دِ فيقْضي على صَدَى العندليبِ |
| قَدْ سَألتُ الحياة َ عَنْ نغمة ِ الفَجْـ | ـرِ، وَعَنْ وَجْمة المساءِ القَطُوبِ |
| فسمعتُ الحياة َ، في هيكلِ الأحزا | نِ، تشدو بِلَحْنِها المحبوبِ: |
| مَا سُكوتُ السَّماءِ إلا وُجُومٌ | مَا نشيدُ الصَّبَاحِ غيرُ نحيبِ |
| لَيْسَ في الدَّهْرِ طَائرٌ يتغنّى | في ضِفَافِ الحياة ِ غَيْرَ كَئيبِ |
| خضَّبَ الإكتئابُ أجنحة َ الأيّا | مِ، بِالدَّمْعِ، والدَّم المَسْكُوب |
| وَعَجيبٌ أنْ يفرحَ النّاسُ في كَهْـ | ـفِ اللَّيالي، بِحُزْنِهَا المَشْبُوبِ!» |
| كنتُ أَرْنو إلى الحياة ِ بِلَحْظٍ | باسمٍ، والرّجاءُ دونَ لغوبِ |
| ذَاكَ عَهْدٌ حَسِبْتُهُ بَسْمَة َ الـ | ـفَجْر، ولكنَّه شُعاع الغُروبِ |
| ذَاكَ عَهْدٌ، كَأَنَّه رَنَّة ُ الأفرا | ح، تَنْسَابُ منْ فَمِ العَنْدَليبِ |
| خُفِّفَتْ ـ رَيْثَما أَصَخْتُ لَهَا بالقَلْـ | ـبِ، حيناً ـ وَبُدِّلَتْ بَنَحيبِ |
| إن خمر الحياة وردية ُ اللونِ | ولكنَّها سِمامُ القُلوبِ |
| جرفتْ من قرارة ِ القلبِ أحْلا | مي، إلى اللَّحْدَ، جَائِراتُ الخُطُوبِ |
| فَتَلاشَتْ عَلَى تُخُومِ الليالي | وتهاوَت إلى الجحيم الغضوبِ |
| وسوى في دُجنّة النّفس، ومضٌ | لم يزل بين جيئَة ٍ، وذُهوبِ |
| ذكرياتٌ تميسُ في ظلمة ُ النَّفـ | ـسِ، ضئالاً كرائعاتِ المشيبِ |
| يَا لِقَلْبٍ تَجَرّعَ اللَّوعة َ المُرَّ | ة َ منْ جدولِ الزَّمانِ الرَّهيبِ! |
| وَمَضَتْ في صَمِيمِهِ شُعْلَة ُ الحُزْ | ن، فَعَشَّتْهُ مِنْ شُعَاعِ اللَّهيبِ.. |
ضحكنا على الماضي البعيد وفي غد
| ضحِكْنا على الماضي البعيدِ، وفي غدٍ | ستجعلُنا الأيامُ أضحوكة َ الآتي |
| وتلكَ هِيَ الدُّنيا، رِوَايَة ُ ساحرٍ | عظيمٍ، غريب الفّن، مبدعِ آياتِ |
| يمثلها الأحياءُ في مسرح الأسى | ووسط ضبابِ الهّم، تمثيلَ أمواتِ |
| ليشهدَ مَنْ خَلْفَ الضَّبابِ فصولَها | وَيَضْحَكَ منها مَنْ يمثِّلُ ما ياتي |
| وكلٌّ يؤدِّي دَوْرَهُ..، وهو ضَاحكٌ | على الغيرِ، مُضْحُوكٌ على دوره العاتي |
لست أبكي لعسف ليل طويل
| لَسْتُ أبْكي لِعَسْفِ لَيْلٍ طَويلٍ | أَوْ لِربعٍ غَدَا العَفَاءُ مَرَاحهْ |
| إنَّما عَبْرَتِي لِخَطْبٍ ثَقِيلٍ | قد عَرانا، ولم نجد من أزاحهُ |
| كلّما قامَ في البلادِ خطيبٌ، | مُوقِظٌ شَعْبَهُ يُرِيدُ صَلاَحَهْ |
| ألبسوا روحَهُ قميصَ اضطهادٍ | فاتكٍ شائكٍ يردُّ جِماحَهْ |
| وتوخَّوْاطرائقَ العَسف الإِرْهَاقِ | تَوًّا، وَمَا تَوَخَّوا سَمَاحَهْ |
| هكذا المخلصون في كلِّ صوبٍ | رَشَقَاتُ الرَّدَى إليهم مُتَاحَهْ |
| غيرَ أنَّا تناوبتنا الرَّزايا | واستباحَتْ حَمانا أيَّ استباحَهْ |
| أَنَا يَا تُوْنُسَ الجَمِيلَة َ فِي لُجِّ | الهَوى قَدْ سَبَحْتُ أَيَّ سِبَاحَهْ |
| شِرْعَتي حُبُّكِ العَمِيقُ وإنِّي | قَدْ تَذَوَّقْتُ مُرَّهُ وَقَرَاحَهْ |
| لستُ أنصاعُ للوَّاحي ولو مــتُّ | وقامتْ على شبابي المناحَة ْ |
| لا أبالي.., وإنْ أُريقتْ دِمائي | فَدِمَاءُ العُشَّاق دَوْماً مُبَاحَهْ |
| وبطولِ المَدى تُريكَ الليالي | صَادِقَ الحِبِّ وَالوَلاَ وَسَجاحَهْ |
| إنَّ ذا عَصْرُ ظُلْمَة ٍ غَيْرَ أنِّي | مِنْ وَرَاءِ الظَّلاَمِ شِمْتُ صَبَاحَهْ |
| ضَيَّعَ الدَّهْرُ مَجْدَ شَعْبِي وَلكِنْ | سَتَرُدُّ الحَيَاة ُ يَوماً وِشَاحَهْ |
يا عذارى الجمال والحب والأحلام
| يا عذارى الجمال والحب والأحلامِ | بل يَا بَهَاءَ هذا الوُجُودِ |
| قد رأَيْنا الشُّعُورَ مُنْسَدِلاتٍ | كلّلَتْ حُسْنَها صباحُ الورودِ |
| ورَأينا الجفونَ تَبْسِمُ..، أو تَحْلُمُ | بالنُّورِ، بالهوى ، بِالنّشيدِ |
| وَرَأينا الخُدودَ، ضرّجَها السِّحْرُ، | فآهاً مِنْ سِحْرِ تلكَ الخُدود |
| ورأينا الشِّفاه تبسمُ عن دنيا | من الورد غضّة ٍ أملُود |
| ورأينا النُّهودَ تَهْتَزُّ، كالأزهارِ | في نشوة الشباب السعيدِ |
| فتنة ٌ، توقظ الغرام، وتذكيه | وَلكنْ مَاذا وراءَ النُّهُودِ |
| ما الذي خلف سحرها الحالي، السكران، | في ذلك القرارِ البعيدِ..؟ |
| أنفوسٌ جميلة ٌ، كطيور الغابِ | تشدوُ بساحر التغريدِ |
| طاهراتٌ، كأَنَّها أَرَجُ الأَزَهارِ | في مَوْلِدِ الرّبيعِ الجَديد؟ |
| وقلوبٌ مُضيئة ٌ، كنجوم الليل | ضَوَاعة ٌ، كغضِّ الورودِ؟ |
| أم ظلامٌ، كأنهُ قِطَعُ الليل، | وهولٌ يُشيبُ قلبَ الوليدِ |
| وخِضَمُّ، يَمُوج بالإثْمِ والنُّكْ | رِ، والشَّرِّ، والظِّلالِ المَديدِ؟ |
| لستُ أدري، فرُبّ زهرٍ شذيِّ | قاتل رغمَ حسنه المشهودِ |
| صانَكنَّ الإلهُ من ظُلمة ِ الرّوحِ | وَمِنْ ضَلّة الضّميرِ المُرِيدِ |
| إن ليلَ النّفوسِ ليلٌ مُريِعٌ | سرمديُّ الأسى ، شنيع الخلودِ |
| يرزَحُ القَلْبُ فيه بالأَلَم المرّ، | ويشقى بعِيشة المنكودِ |
| وَربيعُ الشَّبابِ يُذبِلُهُ الدُّهْرُ، | ويمضي بِحُسْنِهِ المَعْبُودِ |
| غيرَ باقٍ في الكونِ إلا جمالُ | الرُّوح غضًّا على الزَّمانِ الأَبيدِ |
يا عذارى الجمالِ، والحبِ، والأحلام،
| يا عذارى الجمالِ، والحبِ، والأحلام، | بَلْ يا بَهَاءَ هذا الوجودِ! |
| خلق البلبل الجميل ليشدوا | وَخُلِقْتُنَّ للغرامِ السَّعيدِ |
| والوُجودُ الرحيبُ كالقَبْرِ، لولا | ما تُجَلِّينَ مِنْ قُطوبِ الوُجودِ |
| والحياة ُ التي تخرُّ لها الأحلامُ | موتٌ مثقَّلٌ بالقيودِ… |
| والشبابُ الحبيبُ شيخوخة ٌ تسعى | إلى الموت في طريق كؤودِ… |
| والربيعُ الجميلُ في هاتِه الدُنيا | خريفٌ يُذْوِي رفيفَ الوُرودِ.. |
| والورودُ العِذابُ في ضيفَّة الجدولِ | شوكٌ، مُصفَّحٌ بالحديدِ… |
| والطُّيورُ التي تُغَنِّي، وتقضي | عَيشَها في ترنّمُ وغريدِ؟ |
| إنَّها في الوجودِ تشكو إلى الأيّام | عِبءَ الحَياة ِ بالتَّغْريدِ.. |
| والأَنَاشِيدُ؟ إنَّها شَهَقَاتٌ | تتشظَّى من كل قلبِ عميدِ… |
| صورة ٌ للوجودِ شوهاءُ، لولا | شفَقُ الحسن فوق تلك الخدودِ |
| يا زهورَ الحياة ِ للحبّ أنتنَّ | ولكنَّهُ مخيفُ الورودِ |
| فَسَبِيلُ الغرامِ جَمُّ المهاوي | |
| رغمَ ما فيه من جمالٍ، وفنٍّ | عبقريُّ، ما أن له من مزيدِ |
| وَأناشيدَ، تُسْكِرُ الملأَ الأعلى ، | وتُشْجِي جوانِحَ الجلمودِ |
| وأريجٍ، يَكَادُ يَذْهَبُ بالألباب | ما بين غَامضٍ وَشَديدِ |
| وسبيل الحياة رحبٌ، ولأننتنَّ | اللواتي تَفْرُشْنَهُ بالوُرودِ |
| إنْ أردتُنَّ أن يكونَ بهيجاً | رَائعَ السِّحْر، ذَا جمالٍ فريدِ |
| أو بشوكٍ يدميّ الفضيلة َ والحبَّ | ويقضي على بهاءِ الوُجودِ |
| إنْ أردتُنّ أنْ يكونَ شنيعاً، | مُظْلِمَ الأُفْقِ ميِّتَ التَّغريدِ |
كل ما هب وما دب
| كلُّ ما هبَّ، وما دبَّ، وما | نامَ، أو حامَ على هذا الوجود |
| مِنْ طيورٍ، وَزُهورٍ، وشذًى | وينابيعَ. وأغصانٍ تَميدْ |
| وبحارٍ، وكهوفٍ، وذُرًى | وبراكينَ، ووديانٍ، وبيدْ |
| وضياءٍ، وظِلالٍ ودجى | وفصولٍ، وغيولٍ، ورعودْ |
| وثلوجٍ، وضباب عابرٍ | وأعاصيرَ وأمطارٍ تجودْ |
| وتعاليمَ، وَدِينٍ، ورؤى | وأحاسيسَ، وَصَمْتٍ، ونشيدْ |
| كلُّها تحيْا، بقلبي حرَّة ً | غَضة َ السّحر، كأطفال الخلودْ |
| ههُنا، في قلبيَ الرحْبِ، العميقْ | يرقُصُ الموتُ وأطيافُ الوجودْ |
| ههُنا، تَعْصِفُ أهوالُ الدُّجى | ههنا، تخفُقُ أحلامُ الورودْ |
| ههنا، تهتُفُ أصداءُ الفَنا | ههنا، تُعزَفُ ألحانُ الخلودْ |
| ههنا، تَمْشي الأَماني والهوى | والأسى ، في موكبٍ فخمِ النشيد |
| ههنا الفجْرُ الذي لا ينتهي | ههنا اللَّيلُ الذي ليسَ يَبيدْ |
| ههنا، ألفُ خِضَمٍّ، ثَائرٍ | خالدِ الثَّورة ِ، مجهولِ الحُدودْ |
| ههنا، في كلِّ آنٍ تَمَّحي | صُوَرُ الدُّنيا، وتبدو من جَديدْ |