| كان لبعض الناسِ ببغاءُ | ما ملَّ يوماً نطقها الإصغاءُ |
| رفيعة القدْرِ لَدَى مولاها | وكلُّ مَنْ في بيتِه يهواها |
| وكان في المنزل كلبٌ عالي | أرخصتهُ وجودُ هذا الغالي |
| كذا القليلُ بالكثيرِ ينقصُ | والفضلُ بعضُه لبعضٍ مُرْخِصُ |
| فجاءَها يوماً على غِرارِ | وقلبُهُ من بُغضِها في نارِ |
| وقال: يا مليكة َ الطُّيورِ | ويا حياة َ الأنسِ والسرورِ |
| بحسنِ نطقكِ الذي قد أصبى | إلا أَرَيْتنِي اللِّسانَ العذْبا |
| لأَنني قد حِرْتُ في التفكُّر | لمَّا سمعتُ أنه من سكُّر |
| فأَخْرَجتْ من طيشِها لسانها | فعضَّهُ بنابه، فشانها |
| ثم مضى من فوره يصيحُ | قطعتُه لأنه فصِيحُ |
| وما لها عنديَ من ثأْرٍ يُعدّ | غيرَ الذي سمَّوْهُ قِدْماً بالحسدْ |
كان لبعضهم حمار وجمل
| كان لبعضهمْ حمارٌ وجملْ | نالهما يوماً من الرقّ مللْ |
| فانتظرَا بَشائِرَ الظَّلماءِ | وانطَلقا معاً إلى البَيْداءِ |
| يجتليان طلعة َ الحريَّهْ | وينشقانِ ريحها الزكيَّهْ |
| فاتفقا أن يقضيا العمرَ بها | وارتضَيا بمائِها وعُشبِها |
| وبعدَ ليلة ٍ من المسيرِ | التفت الحِمارُ لِلبعيرِ |
| وقال: كربٌ يا أَخي عظيمُ | فقفْ، فمشي كلَّهُ عقيمُ |
| فقال: سَلْ فِداكَ أُمِّي وأَبي | عسى تَنالُ بي جليلَ المطلبِ |
| قال: انطلقْ معي لإدراكِ المُنى | أَو انتظِر صاحبَكَ الحرَّ هنا |
| لابدّ لي من عودة للبلد | لأَنني تركتُ فيه مِقوَدِي |
| فقال سر والزَمْ أَخاك الوتِدا | فإنما خُلِقْتَ كي تُقيَّدا |
لدودة القز عندي
| لدودة ِ القزِّ عندي | ودودة ِ الأضواءِ |
| حكاية ٌ تشتَهيها | مسامعُ الأَذكياءِ |
| لمَّا رأَت تِلكَ هذِي | تنيرُ في الظلماءِ |
| سَعَتْ إليها، وقالت | تعيشُ ذاتُ الضِّياءِ |
| أَنا المؤمَّلُ نفعي | أَنا الشهيرُ وفائي |
| حلا ليَ النفعُ حتى | رضيتُ فيه فنائي |
| وقد أتيتُ لأحظى | بوجهكِ الوضَّاءِ |
| فهل لنورِ الثرى في | مَوَدّتي وإخائي |
| قالت: عَرَضتِ علينا | وجهاً بغيرِ حياءِ |
| من أنتِ حتى تداني | ذاتَ السَّنا والسَّناءِ |
| أنا البديعُ جمالي | أَنا الرفيعُ عَلائي |
| أين الكواكبُ مني | بل أين بدرُ السماءِ |
| فامضي؛ فلا وُدّ عندي | إذ لستِ من أكفائي |
| وعند ذلك مرَّتْ | حسناءُ معْ حسناءِ |
| تقولُ: لله ثوبي | في حُسنِه والبَهاءِ |
| كم عندنا من أَيادٍ | للدودة ِ الغراءِ |
| ثم انثنتْ فأتتْ ذي | تقولُ للحمقاءِ |
| هل عندكِ الآنَ شَكٌّ | في رُتبتي القَعساءِ |
| إن كان فيك ضياءٌ | إن الثناءَ ضيائي |
| وإنه لضياءٌ | مؤيَّدٌ بالبقاءِ |
كان على بعض الدروب جمل
| كان على بعضِ الدُّروبِ جَملُ | حَمَّلهُ المالكُ ما لا يُحملُ |
| فقال يا للنَّحسِ والشقاءِ | إن طال هذا لم يطلْ بقائي |
| لم تحمِلِ الجبالُ مثلَ حِملي | أظنُّ مولاي يريدُ قتلي |
| فجاءَهُ الثعلبُ من أَمامِهْ | وكان نالَ القصدُ من كلامهْ |
| فقال مهلاً يا أخا الأحمالِ | ويا طويلَ الباعِ في الجِمالِ |
| فأَنتَ خيرٌ من أَخيكَ حالا | لأَنني أَتعَبُ منك بالا |
| كأَن قُدّامِيَ أَلفَ ديكِ | تسألني عن دمها المسفوكِ |
| كأَنّ خَلفي أَلفَ أَلفِ أَرنبِ | إذا نهضتُ جاذبتني ذنبي |
| وربَّ أمٍّ جئتُ في مناخها | فجعتُها بالفتكِ في أَفراخِها |
| يبعثني منْ مرقدي بكاها | وأَفتحُ العيْن على شكواها |
| وقد عرفتَ خافيَ الأحمالِ | فاصبِرْ. وقلْ لأُمَّة ِ الجِمال |
| ليسَ بحملٍ ما يملُّ الظهرُ | ما الحملُ إلا ما يعافي الصَّدرُ |
غزالة مرت على أتان
| غزالة ٌ مرَّتْ على أتانِ | تُقبِّلُ الفَطِيمَ في الأَسنانِ |
| وكان خلف الظَّبْية ِ ابنُها الرَّشا | بودِّها لو حملهُ في الحشا |
| ففعلتْ بسيِّد الصِّغارِ | فِعْلَ الأَتَانِ بکبنِها الحمارِ |
| فأَسرع الحمارُ نحوَ أُمِّهِ | وجاءها والضحكُ ملءُ فمهِ |
| يصيحُ: يا أُمّاه ماذا قد دَها | حتى الغزالة ُ استَخفَّت ابنَها |
قد سمع الثعلب أهل القرى
| قد سمعَ الثعلبُ أهلَ القرى | يدعونَ محتالا بيا ثعلبُ |
| فقال حقّاً هذه غاية ٌ | في الفخرِ لا تؤتى ولا تطلب |
| من في النُّهى مثلي حتى الورى | أَصبَحْتُ فيهم مَثلاً يُضْرب |
| ما ضَرَّ لو وافيْتُهم زائراً | أُرِيهِمُ فوقَ الذي استغرَبوا |
| لعلهم يحيون لي زينة ً | يحضرها الدِّيكُ أو الأرنب |
| وقصَدَ القوْمَ وحياهُم | وقام فيما بينهم يخطب |
| فأُخِذَ الزائِرُ من أُذنِه | وأعطيَ الكلبَ به يلعب |
| فلا تَثِق يوماً بِذي حِيلة ٍ | إذْ رُبَّما يَنخَدِعُ الثعلب |