| أعني على برق أراه وَمِيض ~ يضيء حبياً في شماريخ بيض |
| ويهدأ تاراتٍ وتارة ~ ً ينوءُ كتعتاب الكسير المهيض |
| وَتَخْرُجُ مِنْهُ لامِعَاتٌ كَأنّهَا ~ أكُفٌّ تَلَقّى الفَوْزَ عند المُفيضِ |
| قعَدت له وَصحبَتي بَينَ ضَارج ~ وبين تلاع يثلثَ فالعريض |
| أصَابَ قَطَاتَينِ فَسالَ لِوَاهُمَا ~ فوادي البديّ فانتحي للاريض |
| بِلادٌ عَرِيضَة ٌ وأرْضٌ أرِيضَة ~ ٌ مَدَافِعُ غَيْثٍ في فضاءٍ عَرِيض |
| فأضحى يسحّ الماء عن كل فيقة ~ يحوزُ الضبابَ في صفاصف بيض |
| فأُسْقي بهِ أُخْتي ضَعِيفَة َ إذْ نَأت ~ وَإذْ بَعُدَ المَزَارُ غَيرَ القَرِيض |
| وَمَرْقَبَة ٍ كالزُّجّ أشرفت فوقها ~ أقلب طرفي في فضاءٍ عريض |
| فظَلْتُ وَظَلّ الجَوْنُ عندي بلبده ~ كأني أُعَدّي عَنْ جَناحٍ مَهِيض |
| فلما أجن الشمس عني غيارها ~ نزلت إليه قائماً بالحضيض |
| أُخفضه بالنقر لمّا علوته ~ ويرفع طرفاً غير جاف غضيض |
| وقد أغتدي والطير في وكناتها ~ بمنجرد عبل اليدين قبيض |
| له قصريا غير وساقا نعامة ~ كفحل الهجان يَنتَحي للعضيض |
| يجم على الساقين بعد كلاله ~ جموم عيون الحسي بعد المخيض |
| ذعرتُ بها سرباً نقياً جلوده ~ كما ذعر السرحانُ جنب الربيض |
| ووالَى ثَلاثاً واثنتين وأربعاً ~ وغادر أخرى في قناة الرفيض |
| فآب إياباً غير نكد مواكل ~ وأخلفَ ماءً بعد ماءٍ فضيض |
| وسن كَسنيق سناء وسنماً ~ ذعرت بمدلاج الهجير نهوض |
| أرى المرءَ ذا الاذواد يُصبح محرضاً ~ كإحراض بكر في الديار مريض |
| كأن الفتى لم يغنَ في الناس ساعة ~ إذا اختلف اللحيان عند الجريض |
وددت من الشوق الذي بي أنني
| وددت من الشوقِ الذي بي أنني ~ أعار جناحي طائر فأطير |
| فما في نعيم بعد فقدك لذة ~ ولا في سرور لست فيه سرور |
| وإن امرأ في بلدة نصف نفسه ~ ونصف بأخرى إنه لَصبور |
| تعرفت جثماني أسيراً ببلدة ~ ٍ وقلبي بأخرى غير تلك أسير |
| ألا يا غراب البين ويحك نبني ~ بعلمك في لبنى وأَنت خبير |
| فإن أنت لم تخبر بشيء علمته ~ فلا طرت إلا والجناح كسير |
| ودرت بأعداء حبيبك فيهم ~ كما قد تراني بالحبيب أدور |
أرى بيت لبنى أصبح اليوم يهجر
| أرى بيت لبنى أصبح اليوم يهجر ~ وهجران لبنى يا لك الخير منكر |
| أتبكي على لبنى وأنت تركتها ~ ؟ وكنت عليها بالملاَ أنت أقدر |
| فإن تكن الدنيا بلبنى تقلبت ~ علي فللدنيا بطون وأظهر |
| لقد كان فيها للأَمانة موضع ~ وللكف مرتاد وللعينِ منظر |
| وللحائم العطشان ري بريقها ~ وللمرح المختال خمر ومسكر |
| كأَني في أرجوحة بين أحبل ~ إذا ذكرة منها على القلب تخطر |
لقد نادى الغراب ببين لبنى
| لقد نادى الغراب ببين لبنى ~ فطار القلب من حذر الغراب |
| وقال: غدا تباعد دار لبنى ~ وتنأَى بعد ود وأقتراب |
| فقلت: تعست ويحك من غراب ~ وَكان الدَهر سعيك في تباب |
| لقد أولعت لا لاقَيت خيراً ~ بتفريق المحب عن الحباب |
وما أحببت أرضكم ولكن
| وما أحببت أرضكم وَلكن ~ أقبِل إثر من وطىء الترابا |
| لقد لاقَيت من كلفي بلبنى ~ بلاء ما أسيغ به الشرابا |
| إذا نادى المنادي باسم لبنى ~ عييت فما أطيق له جوابا |
| فهذا فعلُ شيخينا جميعاً ~ أرَادا لي البلية والعذابا |
أمس تراب أرضك يا لبنى
| أمس تراب أرضك يا لبينَى ~ ولولا أنت لم أمسس ترابا |