معلقة يا دار مية

يَا دَارَ مَيَّةَ بالعَليْاءِ، فالسَّنَدِ ~ أَقْوَتْ، وطَالَ عَلَيهَا سَالِفُ الأَبَدِ
وقَفتُ فِيهَا أُصَيلا كي أُسائِلُها ~ عَيَّتْ جَوَاباً، ومَا بالرَّبعِ مِنْ أَحَدِ
إلاَّ الأَوَارِيَّ لأْياً مَا أُبَيِّنُهَا ~ والنُّؤي كَالحَوْضِ بالمَظلومةِ الجَلَدِ
رَدَّتْ عَليَهِ أقَاصِيهِ، ولبّدَهُ ~ ضَرْبُ الوَلِيدَةِ بالمِسحَاةِ فِي الثَّأَدِ
خَلَّتْ سَبِيلَ أَتِيٍّ كَانَ يَحْبِسُهُ ~ ورفَّعَتْهُ إلى السَّجْفَينِ، فالنَّضَدِ
أضحتْ خَلاءً، وأَضحى أَهلُهَا احْتَمَلُوا ~ أَخْنَى عَليهَا الَّذِي أَخْنَى عَلَى لُبَدِ
فَعَدِّ عَمَّا تَرَى، إِذْ لاَ ارتِجَاعَ لَهُ ~ وانْمِ القُتُودَ عَلَى عَيْرانَةٍ أُجُدِ
مَقذوفَةٍ بِدَخِيسِ النَّحضِ، بَازِلُهَا ~ لَهُ صَريفٌ، صَريفُ القَعْوِ بالمَسَدِ
كَأَنَّ رَحْلِي، وَقَدْ زَالَ النَّهَارُ بِنَا ~ يَومَ الجليلِ، عَلَى مُستأنِسٍ وحِدِ
مِنْ وَحشِ وَجْرَةَ، مَوْشِيٍّ أَكَارِعُهُ ~ طَاوي المَصِيرِ، كَسَيفِ الصَّيقل الفَرَدِ
سَرتْ عَلَيهِ، مِنَ الجَوزَاءِ، سَارِيَةٌ ~ تُزجِي الشَّمَالُ عَلَيهِ جَامِدَ البَرَدِ
فَارتَاعَ مِنْ صَوتِ كَلاَّبٍ، فَبَاتَ لَهُ ~ طَوعَ الشَّوَامتِ مِنْ خَوفٍ ومِنْ صَرَدِ
فبَثّهُنَّ عَلَيهِ، واستَمَرَّ بِهِ ~ صُمْعُ الكُعُوبِ بَرِيئَاتٌ مِنَ الحَرَدِ
وكَانَ ضُمْرانُ مِنهُ حَيثُ يُوزِعُهُ ~ طَعْنَ المُعارِكِ عِندَ المُحْجَرِ النَّجُدِ
شَكَّ الفَريصةَ بالمِدْرَى، فَأنفَذَهَا ~ شك المُبَيطِرِ، إِذْ يَشفِي مِنَ العَضَدِ
كَأَنَّه، خَارجَا مِنْ جَنبِ صَفْحَتِهِ ~ سَفّودُ شَرْبٍ نَسُوهُ عِندَ مُفْتَأَدِ
فَظَلّ يَعْجُمُ أَعلَى الرَّوْقِ، مُنقبضاً ~ فِي حالِكِ اللّونِ صَدْقٍ، غَيرِ ذِي أَوَدِ
لَمَّا رَأَى واشِقٌ إِقعَاصَ صَاحِبِهِ ~ وَلاَ سَبِيلَ إلى عَقْلٍ، وَلاَ قَوَدِ
قَالَتْ لَهُ النَّفسُ: إنِّي لاَ أَرَى طَمَعاً ~ وإنَّ مَولاكَ لَمْ يَسلَمْ، ولَمْ يَصِدِ
فَتِلكَ تُبْلِغُنِي النُّعمَانَ،إنَّ لهُ فَضلاً ~ عَلَى النَّاس فِي الأَدنَى، وفِي البَعَدِ
وَلاَ أَرَى فَاعِلاً، فِي النَّاسِ، يُشبِهُهُ ~ وَلاَ أُحَاشِي، مِنَ الأَقوَامِ، مِنْ أحَدِ
إلاَّ سُليمَانَ،إِذْ قَالَ الإلهُ لَهُ ~ قُمْ فِي البَرِيَّة، فَاحْدُدْهَاعَنِ الفَنَدِ
وخيّسِ الجِنّ! إنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَهمْ ~ يَبْنُونَ تَدْمُرَ بالصُّفّاحِ والعَمَد
فَمَن أَطَاعَكَ، فانْفَعْهُ بِطَاعَتِهِ ~ كَمَا أَطَاعَكَ، وادلُلْهُ عَلَى الرَّشَدِ
وَمَنْ عَصَاكَ، فَعَاقِبْهُ مُعَاقَبَة ~ تَنهَى الظَّلومَ، وَلاَ تَقعُدْ عَلَى ضَمَد
إلاَّ لِمثْلكَ،أَوْ مَنْ أَنتَ سَابِقُهُ ~ سَبْقَ الجَوَادِ،إِذَا استَولَى عَلَى الأَمَد
أَعطَى لِفَارِهَةٍ، حُلوٍ تَوابِعُهَا ~ مِنَ المَواهِبِ لاَ تُعْطَى عَلَى نَكَدِ
الوَاهِبُ المَائَةِ المَعْكَاءِ،زَيَّنَهَا ~ سَعدَانُ تُوضِحَ فِي أَوبَارِهَااللِّبَدِ
والأُدمَ قَدْ خُيِّسَتْ فُتلاً مَرافِقُهَا ~ مَشْدُودَةً بِرِحَالِ الحِيرةِ الجُدُدِ
والساحباتِ ذُيولَ الرّيْطِ، فانَقَهَا ~ بَرْدُ الهَوَاجرِ، كالغِزْلاَنِ بالجَرَدِ
والخَيلَ تَمزَعُ غَرباًفِي أعِنَّتهَا كالطَّير ~ تَنجو مِنْ الشّؤبوبِ ذِي البَرَد
والادم قد خيست فتلا مرافقها ~ مشدودة برحال الحيرة الجدد
احكُمْ كَحُكمِ فَتاةِ الحَيِّ، إِذْ نظرَت ~ إلى حَمَامِ شِرَاعٍ، وَارِدِ الثَّمَدِ
يَحُفّهُ جَانِبا نِيقٍ، وتُتْبِعُه ~ مِثلَ الزُّجَاجَةِ، لَمْ تُكحَلْ مِنَ الرَّمَد
قَالَتْ: أَلاَ لَيْتَمَا هَذا الحَمَامُ لَنَا ~ إلى حَمَامَتِنَا ونِصفُهُ، فَقَد
فَحَسَّبوهُ، فألفُوهُ، كَمَا حَسَبَت ~ تِسعاً وتِسعِينَ لَمْ تَنقُصْ ولَمْ تَزِد
فَكَمَّلَتْ مَائَةً فِيهَا حَمَامَتُهَا ~ وأَسْرَعَتْ حِسْبَةً فِي ذَلكَ العَدَدِ
فَلا لَعمرُ الَّذِي مَسَّحتُ كَعْبَتَهُ وَمَا ~ هُرِيقَ، عَلَى الأَنصَابِ، مِنْ جَسَدِ
والمؤمنِ العَائِذَاتِ الطَّيرَ، تَمسَحُهَا ~ رُكبَانُ مَكَّةَ بَينَ الغَيْلِ والسَّعَدِ
إِذاً فعَاقَبَنِي رَبِّي مُعَاقَبَة ~ قَرَّتْ بِهَا عَينُ مَنْ يَأتِيكَ بالفَنَد
هذا لأبرأمن قول قذفت به ~ طارت نوافذه حراًعلى كبدى
أُنْبِئْتُ أنَّ أبَا قَابُوسَ أوْعَدَنِي ~ وَلاَ قَرَارَ عَلَى زَأرٍ مِنَ الأسَد
مَهْلاً، فِدَاءٌ لَك الأَقوَامُ كُلّهُمُ ~ وَمَا أُثَمّرُ مِنْ مَالٍ ومِنْ وَلَد
لاَ تَقْذِفَنّي بُركْنٍ لاَ كِفَاءَ لَه ~ وإنْ تأثّفَكَ الأَعدَاءُ بالرِّفَد
فَمَا الفُراتُ إِذَا هَبَّ الرِّيَاحُ لَه ~ تَرمِي أواذيُّهُ العِبْرَينِ بالزَّبَد
يَمُدّهُ كُلُّ وَادٍ مُتْرَعٍ، لجِب ~ فِيهِ رِكَامٌ مِنَ اليِنبوتِ والخَضَد
يَظَلُّ مِنْ خَوفِهِ، المَلاَّحُ مُعتَصِماً ~ بالخَيزُرانَة، بَعْدَ الأينِ والنَّجَدِ
يَوماً، بأجوَدَ مِنهُ سَيْبَ نافِلَة ~ وَلاَ يَحُولُ عَطاءُ اليَومِ دُونَ غَد
هَذَا الثَّنَاءُ،فَإِنْ تَسمَعْ بِهِ حَسَناً ~ فَلَمْ أُعرِّضْ،أَبَيتَ اللَّعنَ، بالصَّفَدِ
هَا إنَّ ذِي عِذرَةٌ إلاَّ تَكُنْ نَفَعَت ~ فَإِنَّ صَاحِبَها مُشَارِكُ النَّكَدِ
من معلقات الشاعر النابغة الذبياني

أتاني أبيت اللعن أنك لمتني

أتاني أبيتَ اللعنَ أنكَ لمتني ~ و تلكَ التي أهتمّ منها وأنصبُ
فبتُّ كأنّ العائداتِ فرشن لي ~ هراساً، به يُعلى فِراشي ويُقْشَبُ
حَلَفْتُ، فلم أترُكْ لنَفسِكَ ريبَة ~ ً، وليسَ وراءَ اللَّهِ للمَرْءِ مَذهَبُ
لئنْ كنتَ قد بُلغتَ عني وشايةً ~ لَمُبْلغُكَ الواشي أغَشُّ وأكذَبُ
ولكنني كنتُ امرأً ليَ جانب ~ منَ الأرضِ، فيه مسترادٌ ومطلب
مُلوكٌ وإخوانٌ، إذا ما أتَيتُهُم ~ أحكمُ في أموالهمْ، وأقربْ
كفعلكَ في قومٍ أراكَ اصطفيتهم ~ فلم ترَهُمْ، في شكر ذلك، أذْنَبُوا
فلا تتركني بالوعيدِ كأنني ~ إلى النّاسِ مَطليٌّ به القارُ أجْرَبُ
ألمْ ترَ أنّ اللهَ أعطاكَ سورة ً ~ ترى كلّ مَلك دونَها،يتذَبذَبُ
فإنكَ شمسٌ، والملوكُ كواكبٌ ~ إذا طلعتْ لم يبدُ منهنّ كوكبُ
ولستَ بمستبقٍ أخاً لا تلمهُ ~ على شَعَثٍ، أيُّ الّرجال المُهَذَّب
فإنْ أكُ مظلوماً فعبدٌ ظلمتهُ ~ وإنْ تكُ ذا عُتَبى فمثلُكَ يُعتِبُ
قصيدة للشاعر النابغة الذبياني

أجبت بليلى من دعاني تجلدا

أَجَبتُ بِلَيلى مَن دَعاني تَجَلُّداً ~ عَسى أَنَّ كَربي يَنجَلي فَأَعودُ
وَتَرجِعُ لي روحُ الحَياةِ فَإِنَّني ~ بِنَفسِيَ لَو عايَنتَني لَأَجودُ
سَقى حَيَّ لَيلى حينَ أَمسَت وَأَصبحَت ~ مِنَ الأَرضِ مُنهَل الغَمامِ رَعودُ
عَلى كُلِّ حالٍ إِن دَنَت أَو تَباعدت ~ أَنا كَلِفٌ صَب بِها وعميد
فَلا البُعدُ يُسليني وَلا القُربُ نافِعي ~ وَلَيلي طَويلٌ وَالسُهادُ شَديدُ
يَقولُ لِيَ الواشونَ إِذ يَرصُدونَني ~ وَمِنهُم عَلَينا أَعيُنٌ وَرُصودُ
سَلا كُلُّ صَبٍّ حِبَّهُ وَخَليلَه ~ وَأَنتَ لِلَيلى عاشِقٌ وَوَدود
فَدَعني وَما أَلقاهُ مِن أَلَمِ الهَوى ~ بِنارٍ لَها بَينَ الضُلوعِ وَقودُ
أُعالِجُ مِن نَفسي بَقايا حُشاشَة ~ عَلى رِمَّتي وَالروحُ فِيَّ تَجود
أبيات لمجنون ليلى الشاعر قيس بن الملوح

دنياك تكنى بأم دفر

دنياكَ تُكْنى بأم دَفرٍ ~ لم يَكْنِها الناسُ أمَّ طِيب
فأذَنْ إلى هاتفٍ مُجيد ~ قامَ على غصنِه الرّطيب
يكونُ، عند اللبيبِ منا ~ أبلغ من واعظٍ خطيب
يحلِف ما جادت اللّيالي ~ إلاّ بسمٍّ لنا قَطيبِ
قصيدة لشاعر العصر العباسي أبو العلاء المعري

إذا قضى الله أمرا جاء مبتدرا

إذا قضى اللَّهُ أمراً جاء مُبتدراً ~ وكلُّ ما أنت لاقيهِ بتسبيب
ظلّتْ مُلاحِيَةً في الشيءِ تفعلهُ ~ جهلاً، مُلاحِيةٌ منْ بعد غربيبِ
لو لم يصيبوا مُداماً من غراسِهم ~ لجازَ أن يُمطرُوها في الشّآبيبِ
ولامترتْها، وخيلُ القوم جائلة ~ أيدي الفوارسِ من صُمّ الأنابيبِ
أبيات شعر لشاعر العصر العباسي أبو العلاء المعري

العلم كالقفل إن ألفيته عسرا

العلم كالقفل إن ألفيتهُ عسراً ~ فخلّه، ثمّ عاودهُ لينفتحا
وقد يخونُ رجاء بعد خِدمَتِه ~ ، كالغرب خانتْ قواه، بعدما مُتحا
قصيدة للشاعر أبو العلاء المعري