أَيْــنَ الَّــذِينَ تَــفَلْسَفُوا وَتَمَنْطَقُوا |
وَلَــهُمْ (كَفُرْسَانِ الهَوَا) صَوْلاتُ |
هُمْ يَلْدَغُونَ مَدَى الزَّمَانِ جُلُودَنَا |
لا يَــــهْــدَأُونَ كَــأَنَّــهُمْ حَــيَّــاتُ |
مَــا بَالُهُمْ صَمَتُوا وَزَالَ فَحِيحُهُمْ |
لَــمْ تَــخْتَلِجْ بِــحُلُوقِهِمْ أَصْــوَاتٌ |
كَالأَرْنَبِ الخَرْسَاءِ تَلْزَمُ جُحْرَهَا |
وَبِــهَا تَــمُرُّ الــخَيْلُ وَالــغَارَاتُ |
أَفَــلا تَسِيرُ مَعَ الجُمُوعِ خُيُولُهُمْ |
آنَ الآوَانُ وَحَــانَتِ الــفُرْصَاتُ |
كَــي تَسْتَعِيدَ سَلِيبَهَا مِنْ خَصْمِهَا |
فَــلِــمِثْلِ هَـــذَا تُــعْقَدُ الــرَّايَاتُ |
الــصَّمْتُ لَيْسَ بِطَبْعِهِمْ، فَتَرَاهُمُ |
فِــي كُــلِّ نَــازِلَةٍ لَــهُمْ بَصَمَاتُ |
الْــخَوْفُ أَخْرَسَهُمْ وَقَصَّ لِسَانَهُمْ |
وَضَجِيجَهُمْ شَهِدَتْ لَهُ السَّاحَاتُ |
فَغَدًا إِذَا زَالَ السَّحَابُ وَأَشْرَقَتْ |
شَــمْسٌ، تَــعُودُ لِعَهْدِهَا الدَّبكَاتُ |
عَــاشَ الَّذِينَ لِعُرْيِهِمْ لَمْ يَخْجَلُوا |
فَتَفَاخَرُوا، وَمَنِ اسْتَحَوْا قَدْ مَاتُوا |
رثاء الشهيد
نعي عمي رحيل لهذمٍ هذا المسا |
وما ادركت هل الناعي أم المَنعي قتيلا |
اصاب بني المحمود شر بلية فنحته |
النائحات نهار اً و ليل الشؤم كان ذهولا |
ما كنت اعرف عن فقد الأحبة خبرة |
فقدتك و امسى فقدان الكرام ثقيلا |
تأن بنا الأرواح من هول فجيعةٍ آه ثم |
آه منك يا ليل الثاكلين فإني اراكَ طويلا |
و ليس لنا من حيلة بعد الردى |
و لن يكون لنا لردع الحادثات سبيلا |
بُلِّغنا انك قصيت فقيد ثاوٍ بقفرة |
اتخذت منزلا في تربة إلأعداء بتتَ نزيلا |
و كل شبر من ارض العراق حميته |
يود لو كان لك مثوىً بالرفات كفيلا |
عزاؤنا إن الفقيد عند العرش سعيدٌ |
باذن الله كان شهيدا بصحبته رسولا |
و من له في الدنيا شهيدا كان له من |
الشفاعة حبلا في جنان الخلد موصولا |
عتبي عليك يا عهد الصِبى أما وعدتني |
أن ينضج الصبى وعهدا بالرخاء طويلا |
لقد اضعنا فتاً صبياً ذكي القلب يعول |
عليه اذا اصاب الخطب إن كان جليلا |
وا ضيعتاه فقدنا فقيداً المعي وبعدك |
يا عباس كل ما جادت به الأيام كان ضئيلا |
قد ماتت الآمال لدى الفتيان حين رحيله |
و ليس كل هالك له كمثل فقداكَ رحيلا |
تسيل دموع الروح من شدة الأسى |
و ليس لنا لدرء احداث الزمان قبيلا |
نقي القلب سخي النفس ان عز الطلاب |
يسلي فهو خليل لمن لم يلفي خليلا |
كان بصيرته تزري بالكهول اذ نطق |
و بها يرتد طرف الشيخ اصبح كليلا |
لا رعى الله الحادثات تسارعت حتى |
جنت من ارواح اهل الحي صبية و كهولا |
قيل ان طوال الدهر يشفي كل مصيبة |
و هي فعلة الدهر بالنسيان تُرديك هزيلا |
قصيدة الشقيانين
انا صياد |
روحت اصطاد |
رميت الشبك |
نيلنا ارتبك |
لقيت براد |
من بغداد |
طلعلي جني |
عازف مغني |
بالاصفاد |
انا قلل لي |
حرفي تملي |
ناسج الطين |
يا بنى ادمين |
صنعة مليحة |
ايادي فصيحة |
عمرها ما تجلي |
انا شيال |
صاحب عيال |
حامد وراضي |
وجيبي فاضي |
من وقف الحال |
احنا المصريين |
احنا عزيق الطين |
احنا الاولاد .. احنا الاحفاد |
الشقيانين |
نظرة الموت
هَجَرْتُ اَلْحُبُّ خَوْفًا . . . مِنْ وَجَعِ اَلْقَلْبِ لَيْلاً |
هَجَرْتُ اَلْعِشْقُ دَائِمًا . . . وَأَرَحْتُ قَلْبًا مِنْ كَسْرِ |
جَمِيعَهُمْ فِي نَظَرِي سَوَاسِيَةً . . . لَا فَرْقَ إِلَّا فِي تَشْكِيلَةٍ |
وَالْعَقْلِ أَحْيَانًا مِنْ . . . أُنْثَى إِلَى وَاحِدَةٍ أُخْرَى |
وَمَاذَا أَجْنِي مِنْهُ فِي . . . أَيَّامِي وَسَنَوَاتُ عُمْرِي |
هِجْرَتَهُ وَأَقْسَمَتْ عَلَى اَلْخِصَامِ . . . فَلَا أَمَلَ مِنْهُ وَلَيْسَ لَنَا بِنَصِيبٍ |
قَفَلَتْ قَلْبِيِّ بِكِيلُونْ اَلدُّنْيَا . . . وَأُلْقِيَتْ مِفْتَاحَ اَلتَّجْرِبَةِ مُتَعَمَّدًا |
وَمَرَّتْ اَللَّيَالِي وَالسُّنُونَ سَرِيعًا . . . وَإِلَّا زَالَ اَلْعَقْلُ وَالْقَلْبُ رَافِضًا |
وَفِي يَوْمِ مِنْ اَلْأَيَّامِ . . . كُنْتَ حَاضِرًا فِي دَرْسِي |
وَقَعَ قَلْبِي فِي غَيْبُوبَةٍ . . . مِنْ نَظْرَةٍ جَعَلَتْنِي فِي حَيْرَةٍ |
لَا أَعْلَمُ مَا أَصَابَهُ هَلْ . . . هِيَ سَكْتَةٌ قَلْبِيَّةٌ أَمْ تَوَهَّمَ |
دَقَّاتِ قَلْبِي تَنْبِضُ مِثْل اَلطَّبْلِ . . . كَأَنَّهَا دَقَّاتُ فَرَحِ اَلِانْتِصَارِ |
مَاذَا يَحْصُلُ لِي لَا أَفْهَمُ . . . أَنَا فِي حَيْرَةٍ مِنْ أَمْرِي |
اِلْتَفَتَ مِنْ حَوْلِي لِكَيْ أَرَى . . . مَاذَا حَلَّ بِقَلْبِي يَا تُرَى |
فَوَقَعَ قَلْبِي ضَحِيَّةَ تِلْكُمَا اَلْعَيْنَيْنِ . . . كَأَنَّهَا دَوَّامَةٌ تَجْذِبُ اَلسُّفُنُ |
فَغَرِقَتْ فِي بَحْرِ اَلْهَوَى . . . فَلَا أَمَلَ مِنْ مِنْجْ يُنْقِذُنِي |
سِوَى تِلْكَ اَلضِّحْكَةِ اَلْغَدَّارَةِ . . . تُنْقِذُنِي مِنْ بَحْرِ اَلْهَوَى |
وَتَرْمِينِي لِطَرِيقِ اَلشَّوْقِ . . . فَلَا أَجِدُ إِلَّا اَلتَّوَهَانُ |
مِنْ نَظْرَةٍ لَيْسَ ب إِلَّا . . . لَمْ تَكُنْ سِوَى ثَوَانٍ |
وَلَكِنَّهَا بَالَنْسَبَالِي . . . كَالسَّاعَاتِ وَالْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي |
لَا أَجِدُ لِي دَلِيلاً . . . يُخْرِجُنِي مِنْ سِحْرِكَ اَلْجَبَّارِ |
بِجَمَالٍ لَمْ يَأْتِ بِهِ بَشَرٌ . . . أ أَنْتَ مَلَاكُ مَنْزِلٍ |
فَلَا مُنْقِذ يُنْقِذُنِي . . . مِنْ نَظْرَةٍ جَعَلَتْنِي سِكِّيرًا |
وَبَيْنَمَا أُسَرِّح فِي اَلْجَمَالِ . . . فَإِذَا بِالْعَقْلِ يُذَكِّرُنِي |
بِوَعْدِي وَخِصَامِ اَلْحُبِّ . . . لِتَجَنُّبِ اَلْأَسَى وَالِانْكِسَارِ |
فَخَاطَبَهُ اَلْقَلْبُ بِغَضَبٍ . . . كَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ أَضْلَاعِي |
فَقَالَ اَلْعَقْلُ مُحَذِّرًا . . . اَلْحُبُّ لَيْسَ إِلَّا بِالسَّرَابِ |
وَأَنَا اَلْعَقْلِ وَلِلتَّجْرِبَةِ لَا أَنْصَحُ . . . وَدَّعَ اَلْقُفْلُ كَمَا كَانَ |
وَالْقَلْبِ لَا زَالَ شَارِدًا . . . فِي جَمَالِ بِدَعٍ فِي خُلُقِهِ |
وَمَرَّتْ اَلْيَالِي بِبُطْءٍ . . . وَالْحُبُّ لَا زَالَ فِي فُؤَادِي |
فَهَلْ مِنْ عِلَاجٍ لِلشَّوْقِ . . . يُنْقِذُنِي مِنْ طُولِ اَللَّيَالِي |
تَذَكَّرَتْ نَفْسِيٍّ سَابِقًا . . . حُرًّا لَا يَشْغَلُهُ شَيْئًا |
وَفِي يَوْمٍ لَمْ أَجِدْهَا . . . فَكُنْتُ كَالْمَخْمُورِ اَلسِّكِّير |
أَبْحَثُ عَنْهَا بِشَوْقٍ . . . وَالْقَلْبُ لَا زَالَ شَارِدًا |
كَيْفَ أُقَاوِمُ لَا أَسْتَطِيعُ . . . وَفَجْأَةُ مَرَّتْ بِجَانِبَيْ |
وَالضِّحْكَةِ اَلْغَدَّارَةِ تَجْذِبُنِي . . . وَتِلْكَ اَلْؤلْؤْتِينْ اَلسَّوْدَاوَيْنِ |
وَبَيَاض اَلْوَجْهِ نَاصِعٍ . . . أَهُوَ شَمْس فِي عِزِّ اَلظُّهْرِ |
وَتِلْكَ اَلشَّفَايفْ اَلْحَمْرَاءَ . . . كُلْتُفَاحْ اَلْأَحْمَرَ اَلنَّاضِجِ |
أَنْتَ قَبَّاءُ شَدَّتْنِي . . . لِطَرِيقِ اَلْحُبِّ وَأَلْقَتْنِي |
أَسْمِعِي أَيَّتُهَا اَلْحَوْرَاءِ . . . اِرْحَمِينِي مِنْ هَذَا اَلْعَذَابِ |
وَالْيَوْمِ أَنَا مُحَدِّثٌ . . . لَمْ أُكِنْ لِلْحُبِّ تَارِكًا |
وَلْأُكَنَّ اَلْحُبّ غَدَّارٌ . . . وَلَا يَأْمَنُ غَدْرُهُ سِوَايَ |
اَلْقَلْبُ اَلْمُؤَمَّنُ اَلْقَوَامُ . . . وَالْعَقْلُ اَلشَّدِيدُ اَلرَّشِيدْ |
ف يَا دُنْيَا اَلشَّهَوَاتِ . . . لَقَدْ مِنَى رَبِّي بِالْوُعُودِ |
جِنَانْ اَلْخُلْدِ خَالِدَةً . . . وَالْحُورُ اَلْعَيْنُ زَوْجَاتِ |
وَلِطَرِيقِ اَلْحُبِّ نَاس . . . وَأُرِيحُ اَلْقَلْبَ اَلْمَخْدُوعَ |
وَلِطَرِيقِ اَلْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ . . . بَاحِثًا |
وَسَلَامِي لِكُلِّ عَاشِقٍ مَخْدُوعٍ . . . سَتَأْتِيكَ اَلدُّنْيَا بِالْعِلَاجِ |
فَتَحَمَّلَ آلَامَ اَلْحُبِّ . . . لَا زَالَ وَجَعُ اَلْفِرَاقِ أَشَدَّ |
فَسَتُعِينُ بِالْمَلِكِ وَالصَّلَاوَات . . . وَأَنْطَلِقُ لِكَسْبِ اَلْحَسَنَاتِ |
حنين إلى الماضي
كيف المسير وقد مضى روادي | ومشيت فردا لا انيس انادي |
حارت قوافلنا عشية ضعننا | وسرونا ليلا في شعاب الوادي |
كل يقول طريقنا من ههنا | ولست اترك بغيتي ومرادي |
لابدر يرسل نوره فيدلنا | هجرالقريب وافتقاد الهادي |
حيران يعصر مهجتي ليلُ الاسى | وتفطرت عيني من الاسهادي |
سفر وخوف والطريق طويلة | والجسم انحله هموم بلادي |
اخذوا علي النوم في غسق الدجى | فكتمت دمعي بين الحشا ووسادي |
واذا البلابل كممت افواهها | ولم تعد تقوى على الانشادي |
وبدا الحزين مقلدا اصوتها | ما اجمل الصوت الشجي الصادي |
ماكان اجملها بلابل عصرنا | لكنها شغفت بحب سعادي |
اسفي على قوم ارادوا هجرنا | قد ابرموا قهري وترك ودادي |
ماساءهم منا طوال حياتنا | لم نختلف يوما على ميعادي |
هل يملؤ الدنيا الدنية فرقة | ويصير بين الهجر راح غادي |
حتى جفا الخل الخليل وصده | وسقاه كأس الهجر والابعادي |
تبا لدنيانا و حب ذواتنا | جعلتنا بين مطارق الاضدادي |
لولا المودة والعشيرة بيننا | لهدمت مكنون الإخا بفؤادي |
ما وراء البريق
إذا رأيت نيوب الليث بارزةً |
فلا تظن أن اللَّيْثَ يَبْتَسِمُ |
إذا رأيتَ جِبالَ الثَّلجِ شامخةً |
فلا تظنَّ بأنها تلينُ |
وإنْ بَدا البحرُ في يومٍ هادئًا |
ففي أعماقهِ أمواجٌ تئنُّ |
إذا رأيتَ نجومَ الليلِ ساطعةً |
فاعلم بأنَّ وراءَ الضوءِ غيومُ |
وإنْ بدتْ لكَ غاباتٌ مورقةً |
فهناكَ بينَ الظلالِ ذئابٌ تعلنُ |
تبدو الحياةُ لنا أحيانَ باسمةً |
لكنَّ تحتَ البَسماتِ حُزْنٌ دفينُ |
فلا تَخدْعْكَ مظاهرٌ لامعةٌ |
ففي عمقِ كلِّ شيءٍ سِرٌ دفينُ |