وَلَو أَنَّني إِذ حانَ وَقتُ حِمامِها | أُحَكِّمُ في عُمري لَقاسَمتُها عُمري |
فَحَلَّ بِنا الفُقدانُ في ساعَةٍ مَعاً | فَمُتُّ وَلا تَدري وَماتَت وَلا أَدري |
من الخفرات البيض ود جليسها
مِنَ الخَفَراتِ البيضِ وَدَّ جَليسُها | إِذا ما اِنقَضَت أُحدوثَةٌ لَو تُعيدُها |
بكى فرحا بليلى إذ رآها
بَكى فَرِحاً بِلَيلى إِذ رَآها | مُحِبٌّ لا يَرى حَسَناً سِواها |
لَقَد ظَفِرَت يَداهُ وَنالَ مُلكاً | لَإِن كانَت تَراهُ كَما يَراها |
رأيت على لوح الخيال يتيمة
رَأَيتُ عَلى لَوحِ الخَيالِ يَتيمَةً | قَضى يَومَ لوسيتانيا أَبَواها |
فَيا لَكَ مِن حاكٍ أَمينٍ مُصَدَّقٍ | وَإِن هاجَ لِلنَفسِ البُكا وَشَجاها |
فَواهاً عَلَيها ذاقَتِ اليُتمَ طِفلَةً | وَقُوِّضَ رُكناها وَذَلَّ صِباها |
وَلَيتَ الَّذي قاسَت مِنَ المَوتِ ساعَةً | كَما راحَ يَطوي الوالِدَينِ طَواها |
كَفَرخٍ رَمى الرامي أَباهُ فَغالَهُ | فَقامَت إِلَيهِ أُمُّهُ فَرَماها |
فَلا أَبَ يَستَذري بِظِلِّ جَناحِهِ | وَلا أُمَّ يَبغي ظِلَّها وَذَراها |
وَدَبّابَةٍ تَحتَ العُبابِ بِمَكمَنٍ | أَمينٍ تَرى الساري وَلَيسَ يَراها |
هِيَ الحوتُ أَو في الحوتِ مِنها مَشابِهٌ | فَلَو كانَ فولاذاً لَكانَ أَخاها |
أَبَثُّ لِأَصحابِ السَفينِ غَوائِلاً | وَأَلأَمُ ناباً حينَ تَفغَرُ فاها |
خَئونٌ إِذا غاصَت غَدورٌ إِذا طَفَت | مُلَعَّنَةٌ في سَبحِها وَسُراها |
تُبَيِّتُ سُفنَ الأَبرِياءِ مِنَ الوَغى | وَتَجني عَلى مَن لا يَخوضُ رَحاها |
فَلَو أَدرَكَت تابوتُ موسى لَسَلَّطَت | عَلَيهِ زُباناها وَحَرَّ حُماها |
وَلَو لَم تُغَيَّب فُلكُ نوحٍ وَتَحتَجِب | لَما أَمِنَت مَقذوفَها وَلَظاها |
فَلا كانَ بانيها وَلا كانَ رَكبُها | وَلا كانَ بَحرٌ ضَمَّها وَحَواها |
وَأُفٍّ عَلى العِلمِ الَّذي تَدَّعونَهُ | إِذا كانَ في عِلمِ النُفوسِ رَداها |
عرضوا الأمان على الخواطر
عَرَضوا الأَمانَ عَلى الخَواطِر | وَاِستَعرَضوا السُمرَ الخَواطِر |
فَوَقَفتُ في حَذَرٍ وَيَأبى | القَلبُ إِلّا أَن يُخاطِر |
يا قَلبُ شَأنَكَ وَالهَوى | هَذي الغُصونُ وَأَنتَ طائِر |
إِنَّ الَتي صادَتكَ تَسعى | بِالقُلوبِ لَها النَواظِر |
يا ثَغرَها أَمسَيتُ كَال | غَوّاصِ أَحلُمُ بِالجَواهِر |
يا لَحظَها مَن أُمُّها | أَو مَن أَبوها في الجَآذِر |
يا شَعرَها لا تَسعَ في | هَتكي فَشَأنُ اللَيلِ ساتِر |
يا قَدَّها حَتّامَ تَغدو | عاذِلاً وَتَروحُ جائِر |
وَبِأَيِّ ذَنبٍ قَد طَعَنتَ | حَشايَ يا قَدَّ الكَبائِر |
عفيف الجهر والهمس
عَفيفُ الجَهرِ وَالهَمسِ | قَضى الواجِبَ بِالأَمسِ |
وَلَم يَعرِض لِذي حَقٍّ | بِنُقصانٍ وَلا بَخسِ |
وَعِندَ الناسِ مَجهولٌ | وَفي أَلسُنِهِم مَنسي |
وَفيهِ رِقَّةُ القَلبِ | لِآلامِ بَني الجِنسِ |
فَلا يَغبِطُ ذا نُعمى | وَيَرثي لِأَخي البُؤسِ |
وَلِلمَحرومِ وَالعافي | حَوالَي زادِهِ كُرسي |
وَما نَمَّ وَلا هَمَّ | بِبَعضِ الكَيدِ وَالدَسِّ |
يَنامُ اللَيلَ مَسروراً | قَليلَ الهَمِّ وَالهَجسِ |
وَيُصبِحُ لا غُبارَ عَلى | سَريرَتِهِ كَما يُمسي |
فَيا أَسعَدَ مَن يَمشي | عَلى الأَرضِ مِنَ الإِنسِ |
وَمَن طَهَّرَهُ اللَهُ | مِنَ الريبَةِ وَالرِجسِ |
أَنِل قَدرِيَ تَشريفاً | وَهَب لي قُربَكَ القُدسي |
عَسى نَفسُكَ أَن تُدمَجَ | في أَحلامِها نَفسي |
فَأَلقى بَعضَ ما تَلقى | مِنَ الغِبطَةِ وَالأُنسِ |