| أَعطِني النّايَ وَغَنِّ | وَانسَ ما قُلتُ وَقُلتا |
| إِنَّما النّطقُ هَباءٌ | فَأَفِدني ما فَعَلتا |
| هَل تخذتَ الغابَ مِثلي | مَنزِلاً دُونَ القُصُور |
| فَتَتَبَّعتَ السّواقي | وَتَسَلّقتَ الصُّخور |
| هَل تَحَمّمتَ بِعِطرٍ | وَتَنشّفتَ بِنُور |
| وَشَربتَ الفَجرَ خَمراً | في كُؤوسٍ مِن أَثِير |
| هَل جَلَستَ العَصرَ مِثلي | بَينَ جَفناتِ العِنَب |
| وَالعَناقيدُ تَدَلّت | كَثرَيَّاتِ الذَّهَب |
| فَهيَ لِلصّادي عُيُونٌ | وَلمن جاعَ الطّعام |
| وَهيَ شَهدٌ وَهيَ عطرٌ | وَلمن شاءَ المدام |
| هَل فَرَشتَ العُشبَ لَيلاً | وَتَلَحّفتَ الفَضا |
| زاهِداً في ما سَيَأتي | ناسياً ما قَد مَضى |
| وَسُكوتُ اللَّيلِ بَحرٌ | مَوجُهُ في مَسمَعك |
| وَبِصَدرِ اللَّيلِ قَلبٌ | خافِقٌ في مَضجعك |
| أَعطِني النّايَ وَغَنِّ | وَاِنسَ داءً وَدَواء |
| إِنَّما النّاسُ سُطُورٌ | كُتِبَت لَكِن بِماء |
| لَيتَ شِعري أَيّ نَفعٍ | في اِجتِماعٍ وَزحام |
| وَجِدالٍ وَضَجيجٍ | وَاِحتِجاجٍ وَخِصام |
| كُلُّها أَنفاقُ خُلدٍ | وَخُيوط العَنكَبوت |
| فَالَّذي يَحيا بِعَجزٍ | فَهوَ في بُطءٍ يَموت |
هوذا الفجر فقومي ننصرف
| هوَذا الفَجرُ فَقُومي نَنصَرِف | عَن دِيارٍ ما لَنا فيها صَديق |
| ما عَسى يَرجو نَباتٌ يختلف | زَهرُه عَن كُلِّ وردٍ وَشَقيق |
| وَجَديدُ القَلبِ أَنّى يَأتَلف | مع قُلوب كُلُّ ما فيها عَتيق |
| هوَذا الصُّبحُ يُنادي فَاِسمَعي | وَهَلمّي نَقتَفي خُطواته |
| قَد كَفانا مِن مَساء يَدّعي | أَنّ نُورَ الصُّبحِ مِن آياتِهِ |
| قَد أَقَمنا العُمرَ في وادٍ تَسير | بَينَ ضلعَيهِ خَيالات الهُموم |
| وَشهِدنا اليأسَ أَسراباً تَطير | فَوقَ مَتنَيهِ كَعقبانٍ وَبُوم |
| وَشَربنا السّقمَ مِن ماء الغَدير | وَأَكَلنا السُمّ مِن فَجّ الكُرُوم |
| وَلَبِسنا الصَبر ثَوباً فالتَهَب | فَغَدَونا نَتَرَدّى بِالرّماد |
| وَاِفتَرَشناهُ وِساداً فَاِنقَلَب | عِندَما نِمنا هَشيماً وَقتاد |
| يا بِلاداً حُجِبَت مُنذُ الأَزَل | كَيفَ نَرجوكِ وَمِن أَيّ سَبيل |
| أَيّ قَفرٍ دونَها أَيّ جَبَل | سُورها العالي وَمَن مِنّا الدَّليل |
| أَسرابٌ أَنتَ أَم أَنتَ الأَمَل | في نُفوسٍ تَتَمنّى المُستَحيل |
| أَمَنامٌ يَتَهادى في القُلوب | فَإِذا ما اِستَيقَظَت وَلّى المَنام |
| أَم غُيومٌ طُفنَ في شَمس الغُروب | قَبلَ أَن يَغرَقنَ في بَحر الظَّلام |
| يا بِلاد الفِكر يا مَهدَ الأُلى | عَبدوا الحَقَّ وَصَلّوا لِلجَمال |
| ما طَلَبناكَ بِرَكبٍ أَو عَلى | مَتنِ سُفنٍ أَو بِخَيلٍ وَرحال |
| لَستُ في الشَّرقِ وَلا الغَربِ وَلا | في جنوبِ الأَرض أَو نَحوَ الشّمال |
| لَستُ في الجَوّ وَلا تَحتَ البِحار | لَستُ في السَّهلِ وَلا الوَعرِ الحَرج |
| أَنتَ في الأَرواحِ أَنوارٌ وَنار | أَنتَ في صَدري فُؤادي يَختَلج |
الخير في الناس مصنوع إذا جبروا
| الخَيرُ في الناسِ مَصنوعٌ إِذا جُبرُوا | وَالشرُّ في الناسِ لا يَفنى وَإِن قُبرُوا |
| وَأَكثَرُ الناسِ آلاتٌ تُحرّكُها | أَصابِعُ الدَّهرِ يَوماً ثُمَّ تَنكَسِرُ |
| فَلا تَقولَنّ هَذا عالمٌ عَلمٌ | وَلا تَقولَنّ ذاكَ السَّيدُ الوَقرُ |
| فَأَفضَلُ الناسِ قطعانٌ يَسيرُ بِها | صَوتُ الرُّعاةِ وَمَن لَم يَمشِ يَندَثِرُ |
لا فضل إلا فضل أم على ابنها
| لا فَضْلَ إلاّ فَضْل أُمٍّ عَلى ابْنِها | كَفَضْلِ أبي الأشْبالِ عندَ الفَرَزْدقِ |
| تَدارَكَني مِنْ هُوّةٍ كانَ قَعْرُهَا | ثَمَانِينَ بَاعاً للطّويلِ العَشَنَّقِ |
| إذا ما تَرَامَتْ بامرِىءٍ مُشْرِفَاتها | إلى قَعْرِهَا لمْ يدْرِ مِنْ أينَ يَرْتَقي |
| طَليقُ أبي الأشبالِ أصْبَحتُ شاكِراً | لَهُ شَعْرُ نُعْمَى فَضْلُها لمْ يُرَنَّقِ |
| أبَعْدَ الّذي حَطّمْتَ عَني وَبَعْدَما | رَأيْتُ المَنَايَا فَوْقَ عَيْنيّ تَلْتَقي |
| حَطَمتَ قُيودي حَطْمَةً لم تَدعْ لها | بِساقيّ، إذْ حَطّمْتَها من مُعَلَّقِ |
| لَعمْرِي لَئِنْ حَطّمْتَ قَيْدي لطالما | مَشَيْتُ بقَيْدي رَاسِفاً غَيرَ مُطْلَقِ |
| سَتَسْمَعُ ما أُثْني عَلَيكَ إذا التَقَتْ | غَرَائِبُ تَأتي كُلَّ غَرْبٍ وَمَشْرِقِ |
| فَأنْتَ سَواءٌ والسَّماكُ إذا التَقى | على مُمْحِلٍ بالوَائِلِ المُتعَسِّقِ |
| وَلَسْتُ بِنَاسٍ فَضْلَ رَبّي وَنِعْمَةً | خَرَجْتُ بهَا مِنْ كُلّ مَوْتٍ محَدِّقِ |
| وَما مِنْ بَلاءٍ مِثْلُ نَفْسٍ رَدَدْتَها | إلى حَيْثُ كانَتْ وهي عند المُخَنَّقِ |
| وإنّ أبا الأشْبَالِ ألْبَسَني لَهُ | عَليّ رِدَاءَ الأمْنِ لَمْ يَتَخَرَقِ |
| وَفَضْلُ أبي الأشْبَالِ عِندي كَوَابِل | على أثَرِ الوَسْمِيّ للأرْضِ مُغْدِقِ |
| وَإنّ أبَا أُمّي وَجَدّي أبَا أبي | وَلَيلى عَلَوْا بي ساعدَيْ كلّ مُرْتَقي |
أصبحت قد نزلت بحمزة حاجتي
| أصْبَحَتُ قَدْ نَزَلَتْ بحَمزَةَ حَاجَتي | إنّ المُنَوَّهَ بِاسْمِهِ المَوْثُوقُ |
| بِأبي عُمارَةَ خَيرِ مَنْ وَطىءَ الحَصَى | زَخَرَتْ لَهُ في الصّالِحينَ عُرُوقُ |
| بَينَ الحَوارِيّ الأغَرّ وَهاشِمٍ | ثُمّ الخَلِيفَةُ بَعْدُ وَالصّدِّيقُ |
أرى الدهر لا يبقي كريما لأهله
| أرَى الدّهْرَ لا يُبْقي كَرِيماً لأهْلِهِ | وَلا تُحرِزُ اللّؤمانَ مِنْهُ المَهارِبُ |
| أرَى كُلَّ حَيٍّ مَيّتاً، فَمُوَدِّعاً | وَإنْ عَاشَ دَهْراً لمْ تَنُبْهُ النّوَائبُ |