أعطني الناي وغن

أَعطِني النّايَ وَغَنِّوَانسَ ما قُلتُ وَقُلتا
إِنَّما النّطقُ هَباءٌفَأَفِدني ما فَعَلتا
هَل تخذتَ الغابَ مِثليمَنزِلاً دُونَ القُصُور
فَتَتَبَّعتَ السّواقيوَتَسَلّقتَ الصُّخور
هَل تَحَمّمتَ بِعِطرٍوَتَنشّفتَ بِنُور
وَشَربتَ الفَجرَ خَمراًفي كُؤوسٍ مِن أَثِير
هَل جَلَستَ العَصرَ مِثليبَينَ جَفناتِ العِنَب
وَالعَناقيدُ تَدَلّتكَثرَيَّاتِ الذَّهَب
فَهيَ لِلصّادي عُيُونٌوَلمن جاعَ الطّعام
وَهيَ شَهدٌ وَهيَ عطرٌوَلمن شاءَ المدام
هَل فَرَشتَ العُشبَ لَيلاًوَتَلَحّفتَ الفَضا
زاهِداً في ما سَيَأتيناسياً ما قَد مَضى
وَسُكوتُ اللَّيلِ بَحرٌمَوجُهُ في مَسمَعك
وَبِصَدرِ اللَّيلِ قَلبٌخافِقٌ في مَضجعك
أَعطِني النّايَ وَغَنِّوَاِنسَ داءً وَدَواء
إِنَّما النّاسُ سُطُورٌكُتِبَت لَكِن بِماء
لَيتَ شِعري أَيّ نَفعٍفي اِجتِماعٍ وَزحام
وَجِدالٍ وَضَجيجٍوَاِحتِجاجٍ وَخِصام
كُلُّها أَنفاقُ خُلدٍوَخُيوط العَنكَبوت
فَالَّذي يَحيا بِعَجزٍفَهوَ في بُطءٍ يَموت
قصيدة جبران خليل جبران

هوذا الفجر فقومي ننصرف

هوَذا الفَجرُ فَقُومي نَنصَرِفعَن دِيارٍ ما لَنا فيها صَديق
ما عَسى يَرجو نَباتٌ يختلفزَهرُه عَن كُلِّ وردٍ وَشَقيق
وَجَديدُ القَلبِ أَنّى يَأتَلفمع قُلوب كُلُّ ما فيها عَتيق
هوَذا الصُّبحُ يُنادي فَاِسمَعيوَهَلمّي نَقتَفي خُطواته
قَد كَفانا مِن مَساء يَدّعيأَنّ نُورَ الصُّبحِ مِن آياتِهِ
قَد أَقَمنا العُمرَ في وادٍ تَسيربَينَ ضلعَيهِ خَيالات الهُموم
وَشهِدنا اليأسَ أَسراباً تَطيرفَوقَ مَتنَيهِ كَعقبانٍ وَبُوم
وَشَربنا السّقمَ مِن ماء الغَديروَأَكَلنا السُمّ مِن فَجّ الكُرُوم
وَلَبِسنا الصَبر ثَوباً فالتَهَبفَغَدَونا نَتَرَدّى بِالرّماد
وَاِفتَرَشناهُ وِساداً فَاِنقَلَبعِندَما نِمنا هَشيماً وَقتاد
يا بِلاداً حُجِبَت مُنذُ الأَزَلكَيفَ نَرجوكِ وَمِن أَيّ سَبيل
أَيّ قَفرٍ دونَها أَيّ جَبَلسُورها العالي وَمَن مِنّا الدَّليل
أَسرابٌ أَنتَ أَم أَنتَ الأَمَلفي نُفوسٍ تَتَمنّى المُستَحيل
أَمَنامٌ يَتَهادى في القُلوبفَإِذا ما اِستَيقَظَت وَلّى المَنام
أَم غُيومٌ طُفنَ في شَمس الغُروبقَبلَ أَن يَغرَقنَ في بَحر الظَّلام
يا بِلاد الفِكر يا مَهدَ الأُلىعَبدوا الحَقَّ وَصَلّوا لِلجَمال
ما طَلَبناكَ بِرَكبٍ أَو عَلىمَتنِ سُفنٍ أَو بِخَيلٍ وَرحال
لَستُ في الشَّرقِ وَلا الغَربِ وَلافي جنوبِ الأَرض أَو نَحوَ الشّمال
لَستُ في الجَوّ وَلا تَحتَ البِحارلَستُ في السَّهلِ وَلا الوَعرِ الحَرج
أَنتَ في الأَرواحِ أَنوارٌ وَنارأَنتَ في صَدري فُؤادي يَختَلج
Khalil Gibran

الخير في الناس مصنوع إذا جبروا

الخَيرُ في الناسِ مَصنوعٌ إِذا جُبرُواوَالشرُّ في الناسِ لا يَفنى وَإِن قُبرُوا
وَأَكثَرُ الناسِ آلاتٌ تُحرّكُهاأَصابِعُ الدَّهرِ يَوماً ثُمَّ تَنكَسِرُ
فَلا تَقولَنّ هَذا عالمٌ عَلمٌوَلا تَقولَنّ ذاكَ السَّيدُ الوَقرُ
فَأَفضَلُ الناسِ قطعانٌ يَسيرُ بِهاصَوتُ الرُّعاةِ وَمَن لَم يَمشِ يَندَثِرُ
جبران خليل جبران

لا فضل إلا فضل أم على ابنها

لا فَضْلَ إلاّ فَضْل أُمٍّ عَلى ابْنِهاكَفَضْلِ أبي الأشْبالِ عندَ الفَرَزْدقِ
تَدارَكَني مِنْ هُوّةٍ كانَ قَعْرُهَاثَمَانِينَ بَاعاً للطّويلِ العَشَنَّقِ
إذا ما تَرَامَتْ بامرِىءٍ مُشْرِفَاتهاإلى قَعْرِهَا لمْ يدْرِ مِنْ أينَ يَرْتَقي
طَليقُ أبي الأشبالِ أصْبَحتُ شاكِراًلَهُ شَعْرُ نُعْمَى فَضْلُها لمْ يُرَنَّقِ
أبَعْدَ الّذي حَطّمْتَ عَني وَبَعْدَمارَأيْتُ المَنَايَا فَوْقَ عَيْنيّ تَلْتَقي
حَطَمتَ قُيودي حَطْمَةً لم تَدعْ لهابِساقيّ، إذْ حَطّمْتَها من مُعَلَّقِ
لَعمْرِي لَئِنْ حَطّمْتَ قَيْدي لطالمامَشَيْتُ بقَيْدي رَاسِفاً غَيرَ مُطْلَقِ
سَتَسْمَعُ ما أُثْني عَلَيكَ إذا التَقَتْغَرَائِبُ تَأتي كُلَّ غَرْبٍ وَمَشْرِقِ
فَأنْتَ سَواءٌ والسَّماكُ إذا التَقىعلى مُمْحِلٍ بالوَائِلِ المُتعَسِّقِ
وَلَسْتُ بِنَاسٍ فَضْلَ رَبّي وَنِعْمَةًخَرَجْتُ بهَا مِنْ كُلّ مَوْتٍ محَدِّقِ
وَما مِنْ بَلاءٍ مِثْلُ نَفْسٍ رَدَدْتَهاإلى حَيْثُ كانَتْ وهي عند المُخَنَّقِ
وإنّ أبا الأشْبَالِ ألْبَسَني لَهُعَليّ رِدَاءَ الأمْنِ لَمْ يَتَخَرَقِ
وَفَضْلُ أبي الأشْبَالِ عِندي كَوَابِلعلى أثَرِ الوَسْمِيّ للأرْضِ مُغْدِقِ
وَإنّ أبَا أُمّي وَجَدّي أبَا أبيوَلَيلى عَلَوْا بي ساعدَيْ كلّ مُرْتَقي
أشعار الفرزدق

أصبحت قد نزلت بحمزة حاجتي

أصْبَحَتُ قَدْ نَزَلَتْ بحَمزَةَ حَاجَتيإنّ المُنَوَّهَ بِاسْمِهِ المَوْثُوقُ
بِأبي عُمارَةَ خَيرِ مَنْ وَطىءَ الحَصَىزَخَرَتْ لَهُ في الصّالِحينَ عُرُوقُ
بَينَ الحَوارِيّ الأغَرّ وَهاشِمٍثُمّ الخَلِيفَةُ بَعْدُ وَالصّدِّيقُ
قصيدة الفرزدق

أرى الدهر لا يبقي كريما لأهله

أرَى الدّهْرَ لا يُبْقي كَرِيماً لأهْلِهِوَلا تُحرِزُ اللّؤمانَ مِنْهُ المَهارِبُ
أرَى كُلَّ حَيٍّ مَيّتاً، فَمُوَدِّعاًوَإنْ عَاشَ دَهْراً لمْ تَنُبْهُ النّوَائبُ
قصيدة قصيرة للفرزدق