وَإِنّي وَإِن لَم آتِ لَيلى وَأَهلَها | لَباكٍ بُكا طِفلٍ عَلَيهِ التَمائِمُ |
بُكاً لَيسَ بِالنَزرِ القَليلُ وَدائِمٌ | كَما الهَجرُ مِن لَيلى عَلى الدَهرِ دائِمُ |
هَجَرتُكِ أَيّاماً بِذي الغَمرِ إِنَّني | عَلى هَجرِ أَيّامٍ بِذي الغَمرِ نادِمُ |
فَلَمّا مَضَت أَيّامُ ذي الغَمرِ وَاِرتَمى | بِيَ الهَجرُ لامَتني عَلَيكِ اللَوائِمُ |
وَإِنّي وَذاكَ الهَجرَ ما تَعلَمينَهُ | كَعازِبَةٍ عَن طِفلِها وَهيَ رائِمُ |
أَلَم تَعلَمي أَنّي أَهيمُ بِذِكرِها | عَلى حينِ لا يَبقى عَلى الوَصلِ هائِمُ |
أَظَلُّ أُمَنّي النَفسَ إِيّاكِ خالِياً | كَما يَتَمَنّى بارِدَ الماءِ صائِمُ |
قيس بن الملوح
شاعر الغزل مجنون ليلى الشاعر قيس بن الملوح بن مزاحم العامري من شعراء العصر الأموي, مجموعة من قصائد الشاعر الغزلي قيس بن الملوح.
وقصيرة الأيام ود جليسها
وَقَصيرَةِ الأَيامِ وَدَّ جَليسُها | لَو باعَ مَجلِسَها بِفَقدِ حَميمِ |
مِن مُحذِياتِ أَخي الهَوى غُصَصَ الجَوى | بِدَلالِ غانِيَةٍ وَمُقلَةِ ريمِ |
صَفراءُ مِن بَقَرِ الجِواءِ كَأَنَّما | تَرَكَ الحَياءُ بِها رُداعَ سَقيمِ |
لصفراء في قلبي من الحب شعبة
لِصَفراءَ في قَلبي مِنَ الحُبِّ شُعبَةٌ | هَوىً لَم تَرُمهُ الغانِياتُ صَميمُ |
بِهِ حَلَّ بَيتَ الحَيِّ ثُمَّ اِنثَنى بِهِ | فَزالَت بُيوتُ الحَيِّ وَهوَ مُقيمُ |
وَمَن يَتَهيَّض حُبَّهُنَّ فُؤادَهُ | يَمُت وَيَعِش ما عاشَ وَهوَ سَقيمُ |
فَحَرّانَ صادٍ ذيدَ عَن بَردِ مَشرَبٍ | وَعَن بَلَلاتِ الماءِ وَهوَ يَحومُ |
بَكَت دارُهُم مِن فَقدِهِم وَتَهَلَّلَت | دُموعي فَأَيَّ الجازِعَينِ أَلومُ |
أَهَذا الَّذي يَبكي مِنَ الهونِ وَالبَلا | أَم آخَرَ يَبكي شَجوَهُ وَيَهيمُ |
إِلى اللَهِ أَشكو حُبَّ لَيلى كَما شَكا | إِلى اللَهِ فَقدَ الوالِدَينِ يَتيمُ |
يَتيمٌ جَفاهُ الأَقرَبونَ فَعَظمُهُ | كَسيرٌ وَفَقدُ الوالِدَينِ عَظيمُ |
أَفي الحَقِّ هَذا أَنَّ قَلبَكَ فارِغٌ | وَقَلبِيَ مِمّا قَد أُجَنَّ يَهيمُ |
إِذا ذُكِرَت لَيلى أَإِنُّ لِذِكرِها | كَما أَنَّ بَينَ العائِداتِ سَقيمُ |
عَلَيَّ دِماءُ البُدنِ إِن كانَ حُبُّها | عَلى النَأيِ في طولِ الزَمانِ يَريمُ |
دَعوني فَما عَن رَأيِكُم كانَ حُبُّها | وَلَكِنَّهُ حَظٌّ لَها وَقَسيمُ |
أيا قبر ليلى لو شهدناك أعولت
أَيا قَبرَ لَيلى لَو شَهِدناكَ أَعوَلَت | عَلَيكَ نِساءٌ مِن فَصيحٍ وَمِن عَجَم |
وَيا قَبرَ لَيلى أَكرِمَنَّ مَحَلَّها | يَكُن لَكَ ما عِشنا عَلَينا بِها نِعَم |
وَيا قَبرَ لَيلى إِنَّ لَيلى غَريبَةٌ | بِأَرضِكَ لا خالٌ لَدَيها وَلا اِبنُ عَم |
وَيا قَبرَ لَيلى ما تَضَمَّنتَ قَبلَها | شَبيهاً لِلَيلى ذا عَفافٍ وَذا كَرَم |
وَيا قَبرَ لَيلى غابَتِ اليَومَ أُمُّها | وَخالَتُها وَالحافِظونَ لَها الذِمَم |
بي اليوم ما بي من هيام أصابني
بِيَ اليَومَ ما بي مِن هَيامٍ أَصابَني | فَإِيّاكَ عَنّي لا يَكُن بِكَ ما بِيا |
كَأَنَّ دُموعَ العَينِ تَسقي جُفونَها | غَداةَ رَأَت أَظعانَ لَيلى غَوادِيا |
غُروبٌ أَثَرَّتها نَواضِحُ مُغرَبٍ | مُعَلَّقَةٌ تُروي نَخيلاً صَوادِيا |
أُمِرَّت فَفاضَت مِن فُروعٍ حَثيثَةٍ | عَلى جَدوَلٍ يَعلو فِناً مُتَعادِيا |
وَقَد بَعُدوا وَاِستَطرَدوا الآلَ دونَهُم | بِدَيمومَةٍ قَفرٍ وَأَنزَلتُ جادِيا |
أيا جبل الدوم الذي في ظلاله
أَيا جَبَلَ الدومِ الَّذي في ظِلالِهِ | غَزالانِ مَكحولانِ مُؤتَلِفانِ |
غَزالانِ شَبّا في نَعيمٍ وَغِبطَةٍ | مِنَ الناسِ مَذعورانِ مُحتَبِسانِ |
خَليلَيَّ أَمّا أُمُّ عَمروٍ فَمِنهُما | وَأَمّا عَنِ الأُخرى فَلا تَسَلاني |
أَفي كُلِّ يَومٍ أَنتَ آتٍ دِيارَها | بِعَينَينِ إِنساناهُما غَرِقانِ |
إِذا اِغرَورَقَت عَينايَ قالَ صَحابَتي | لَقَد أولِعَت عَيناكَ بِالهَمَلانِ |
نَأَت دارُهُم عَنّي وَفَرَّقَ بَينَنا | جَرائِرُ جَرَّتها يَدي وَلِساني |
فَأَصبَحتُ عَنهُم أَجنَبِيّاً وَلَم أَكُن | كَذاكَ عَلى بُعدٍ وَنَحنُ دَواني |
وَكَم مِن هَوىً لا يُستَطاعُ طِلابُهُ | أَتى دونَهُ مَرٌّ مِنَ الحَدَثانِ |
وَعَزَّيتُ نَفسي وَهيَ بَينَ صَبابَةٍ | تَجودُ وَهَل لي بِالفُراقِ يَدانِ |
طَوى السِرَّ في نَفسي عَنِ الناسِ كُلِّهِم | ضُلوعٌ عَلى ما يَحتَوينَ حَواني |
إِذا أَنتَ لَم تَجعَل لِنَفسِكَ شُعبَةً | مِنَ السِرِّ ذاعَ السِرُّ كُلَّ مَكانِ |