| الله يحكمُ في المداينِ والقُرى | يا مِيتَ غَمْرَ خُذِي القضاءَ كما جرى |
| ما جَلَّ خَطْبٌ ثم قِيسَ بغيْرِه | إلا وهوَّنه القياسُ وصغَّرا |
| فسَلي عمورَة َ أَو سدُون تأَسِّياً | أَو مرْتنيقَ غداة وورِيَتِ الثرى |
| مُدنٌ لقِينَ من القضاءِ ونارِه | شَرراً بجَنب نَصيبِها مُستَصْغَرا |
| هذي طلولكِ أنفساً وحجارة ً | هل كنتِ رُكناً من جَهَنَّمَ مُسْعَرا؟! |
| قد جئتُ أبكيها وآخذُ عبرة ً | فوقفتُ معتبراً بها مستعبرا |
| أجدُ الحياة َ حياة َ دهرٍ ساعة ً | وأرى النعيمَ نعيمَ عمرٍ مقصرا |
| وأَعُدُّ من حَزْمِ الأُمورِ وعزمها | للنفس أَن ترضَى ، وأَلاَّ تَضْجَرا |
| ما زلتُ أسمعُ بالشَّقاءِ رواية ً | حتى رأيتُ بكِ الشَّقاءَ مصوَّرا |
| فعل الزمانُ بشمْلِ أَهلِك فِعْلَهُ | ببني أميَّة َ ، أو قرابة ِ جعفرا |
| بالأمسِ قد سكنوا الديارَ ، فأصبحوا | لا يُنظَرون، ولا مساكنُهم تُرَى |
| فإذا لقِيت لقيت حيّاً بائساً | وإذا رأيت رأيت مَيْتاً مُنْكرا |
| والأُمهاتُ بغير صبرٍ: هذه | تبكي الصغيرَ ، وتلك تبكي الأصغرا |
| من كلِّ مُودِعَة ِ الطُّلولِ دموعَها | من أَجْلِ طفلٍ في الطلولِ استأْخرا |
| كانت تؤمِّل أن تطولَ حياته | واليومَ تسألُ أن يعودَ فيقبرا |
| طلعتْ عليكِ النارُ شؤمها | فمحتكِ آساساً ، وغيرتِ الذرا |
| مَلَكَتْ جهاتِكَ ليلة ً ونهارَها | حمراءَ يبدو الموتُ منها أحمرا |
| لا ترهبُ الوفانَ في طغيانها | لو قابَلَتْه، ولا تهابُ الأَبْحُرا |
| لو أن نيرون الجمادَ فؤاده | يُدْعَى ليَنْظُرَها لعاف المنظرا |
| أوأنه ابتلى َ الخليلُ بمثلها | ـ أَستغفِرُ الرحمنَ ـ ولَّى مُدْبِرا |
| أو أن سيلاً عاصمٌ من شرها | عصمَ الديارَ من المامع مال جرى |
| أَمْسَى بها كلُّ البيوتِ مُبَوَّباً | ومطنَّباً ، ومسيَّجاً ، ومسوَّرا |
| أسرتهمو ، وتملَّكتْ طرقاتهم | مَنْ فرَّ لم يجدِ الطريقَ مُيَسَّرا |
| خفَّتْ عليهم يومَ ذلك مورداً | وأَضلَّهُمْ قدَرٌ، فضَلُّوا المَصْدَرا |
| حيثُ التفتَّ ترى الطريقَ كأنها | ساحاتُ حاتمِ غبَّ نيرانِ القرى |
| وترى الدعائمَ في السوادِ كهيكلٍ | خمدَتْ به نارُ المجوسِ، وأَقْفَرا |
| وتَشَمُّ رائحة َ الرُّفاتِ كريهة ً | وتشمُّ منها الثاكلاتُ العَنْبَرا |
| كثرتْ عليها الطيرُ في حوماتها | يا طيرُ، «كلُّ الصَّيْدِ في جَوْفِ الفَرا» |
| هل تأمنين طوارقَ الأحداثِ أن | تغشى عليكِ الوكرَ في سنة ِ الكرى |
| والناسُ مِنْ داني القُرى وبعيدِها | تأْتي لتمشِيَ في الطُّلولِ وتَخْبُرا |
| يتساءلون عن الحريقِ وهوله | وأرى الفرائسَ بالتساؤلِ أجدرا |
| يا رَبِّ، قد خَمَدَتْ، وليس سواكَ مَنْ | يُطفِي القلوبَ المُشْعَلاتِ تَحسُّرا |
| فتحوا اكتتاباً للإغانة فاكتتبْ | بالصبر فهوَ بمالِهم لا يُشترى |
| إن لم تكن للبائسين فمن لهم؟ | أَو لم تكن للاجئين فمَنْ ترى ؟! |
| فتولَّ جَمْعاً في اليَبَاب مُشتَّتاً | وارحم رميما في التراب مبعثرا |
| فعلتَ بمصرَ النارُ ما لم تأتهِ | آياتكَ السبعُ القديمة ُ في الورى |
| أوَ ما تراها في البلاد كقاهرٍ | في كلِّ ناحية يُسيِّر عَسْكرا؟! |
| فادفعْ قضاءَك، أَو فصيِّرْ نارَه | برداً، وخذْ باللأُّطفِ فيما قدِّرا |
| مُدُّوا الأَكفَّ سَخِيَّة ً، واستغفِري | يا أُمَّة ً قد آن أَن تَستغفرا |
| أولى بعهطفِ الموسرين وبرِّهم | مَنْ كان مِثلَهُمُ فأَصبَح مُعْسِرا |
| يا أيُّها السُّجناءُ في أموالهم | أأمنتموا الأيامَ أن تتغيَّرا؟ |
| لا يملكُ الإنسانُ من أحواله | ما تملك الأَقدارُ، مهما قَدَّرا |
| لا يُبْطِرنَّكَ من حرير مَوْطِىء ٌ | فلرُبَّ ماشٍ في الحريرِ تَعثَّرَا |
| وإذا الزمانُ تنكرتْ أحداثه | لأخيكَ، فاذكره عسى أن تذكرا |
أحمد شوقي
أحمد شوقي علي أحمد شوقي بك هو شاعر مصري أحد أعظم شعراء العصر الحديث ولقبه أمير الشعراء ولد و توفي في القاهرة.
يا رب ما حكمك ماذا ترى
| يا ربِّ، ما حكمكَ؟ ماذا ترى | في ذلك الحلمِ العريضِ الطويلْ؟ |
| قد قام غليومٌ خطيباً، فما | أعطاكَ من ملككَ إلا القليل! |
| شيَّد في جنبكَ ملكاً له | ملككَ إن قيسَ إليهِ الضَّئيل |
| قد وَرَّثَ العالَم حيّاً، فما | غادرَ من فجٍّ، ولا من سبيل |
| فالنصفُ للجرمانِ في زعمه | والنصفُ للرومان فيما يقول |
| يا رَبِّ، قلْ: سيْفُكَ أَم سَيْفُه؟ | أيُّهما – ياربِّ – ماضِ ثقيل؟! |
| إن صدقتْ – يا ربِّ – أحلامه | فإنَّ خطْبَ المسلمين الجليل |
| لا نحنُ جرمانُ لنا حصَّة ٌ | ولا برومانَ فتعطى فتيل |
| يا رَبِّ، لا تنسَ رعاياك في | يومٍ رعاياك الفريقُ الذليل |
| جناية ُ الجهلِ على أهله | قديمة ٌ، والجهلُ بئسَ الدليل |
| يا ليتَ لم نمددْ بشرٍّ يداً | وليتَ ظلَّ السلمِ باقٍ ظليل! |
| جنى علينا عصبة ٌ جازفوا | فحسبنا الله، ونعمَ الوكيل! |
خطت يداك الروضة الغناء
| خَطَّتْ يداكَ الرَّوْضَة َ الغَنَّاءَ | وفرغتَ من صرحِ الفنونِ بناءَ |
| ما زلتَ تَذهبُ في السُّمُوّ بِركنِهِ | حتى تجاوزَ ركنهُ الجوزاءَ |
| دارٌ من الفنّ الجميلِ تقسَّمَتْ | للساهرين رواية ً وراواءَ |
| كالروْضِ تحتَ الطيرِ أَعجبَ أَيْكُه | لَحْظَ العيونِ، وأَعجَبَ الإصغاءَ |
| ولقد نزلتَ بها ، فلم نرَ قبلها | فلكاً جلا شمسَ النهارِ عشاءَ |
| وتوهَّجَتْ حتى تقلَّب في السَّنا | وادي الملوكِ حجارة ً وفضاءَ |
| فتلفَّتُوا يتهامسون: لعلَّهُ | فجرُ الحضارة ِ في البلاد أَضاءَ |
| تلك المعازفُ في طلولِ بنائهم | أكثرنَ نحوَ بنائكَ الإيماء |
| وتمايلتْ عيدانهنَّ تحية ً | وترنَّمَتْ أَوتارُهُنَّ ثناء |
| يا بانيَ الإيوانِ، قد نسَّقتَهُ | وحذوتَ في هندامها الحمراء |
| أينَ الغريضُ يحلُّهُ أو معبدٌ | يتبّوأَ الحجراتِ والأبهاءِ ؟ |
| العبقرِيّة ُ من ضَنائنه التي | يحبو بها – سبحانه – من شاءَ |
| لما بنيتَ الأَيْكَ واستَوْهَبْتَهُ | بَعثَ الهَزارَ، وأَرسَلَ الوَرْقاءَ |
| فسمعتَ من متفرِّدِ الأنعامِ ما | فاتَ الرشيدَ، وأَخطأ النُّدَمَاءَ |
| والفنُّ ريحانُ الملوكِ ، وربّما | خَلَدُوا على جَنباتِه أَسماء |
| لولا أَياديه على أَبنائنا | لم نلفَ أمجدَ أمَّة آباءَ |
| كانت أوائلُ كلِّ قومٍ في العلا | أرضاً ، وكنَّا في الفخارِ سماء |
| لولا ابتسامُ الفنِّ فيما حَوْلَهُ | ظَلَّ الوجودُ جَهامة ً وجَفاءَ |
| جِّدْ من الفنِّ الحياة ِ وما حوتْ | تجدِ الحياة َ من الجمالِ خلاءَ |
| بالفنِّ عالجتِ الحياة َ طبيعة ٌ | قد عالجتْ بالواحة ِ الصحراء |
| تأوي إليها الروحُ من رمضائها | فتُصيب ظِلاًّ، أَو تُصادِفُ ماءَ |
| نبضُ الحضارة ِ في الممالكِ كلِّها | يجري السلامة َ أو يدقَ الداءَ |
| إن صحَّ فهيَ على الزمان صحيحة ٌ | أو زافَ كانت ظاهراً وطلاءَ |
| انظرْ ـ أَبا الفاروقِ ـ غَرْسَك، هل ترى | بالغرسِ إلا نعمة ً ونماء ؟ |
| مِنْ حَبّة ٍ ذُخِرَتْ، وأَيدٍ ثابَرَتْ | جاءَ الزمانُ بجَنَّة ٍ فَيْحاءَ |
| وأكنَّتِ الفنّ الجميلَ خميلة ٌ | رمتِ الظِّلالَ ، ومدَّتِ الأفياءَ |
| بذَلَ الجهودَ الصالحاتِ عصابة ٌ | لا يَسأَلون عن الجهود جَزاءَ |
| صحبوا رسولَ الفنِّ لا يألونه | حبَّاً ، وصدقَ مودّة ٍ ، ووفاءَ |
| دفعوا العوائقَ بالثبات ، وجاوزوا | ما سرَّ من قَدر الأُمور وساءَ |
| إن التعاوُنَ قوّة ٌ عُلْوِيَّة ٌ | تبني الرجالَ ، وتبدع الأشياءَ |
| فليهبهمْ ، حاز التفاتك سعيهم | وكسا ندِيَّهُمُ سَناً وسَناءَ |
| لم تبدُ للأبصار إلا غارساً | لخالفِ الأجيالِ أو بنَّاءَ |
| تغدو على الفتراتِ تَرتَجِلُ النَّدَى | وتروحُ تصطنعُ اليدَ البيضاءَ |
| في مَوكِبٍ كالغيْثِ سار ركابُهُ | بشراً ، وحلَّ سعادة ً ورخاءَ |
| أَنت اللِّواءُ التفَّ قومُك حَوْله | والتاجُ يجعله الشعوبُ لِواءَ |
| مِنْ كلِّ مِئْذَنة ٍ سَمِعْتَ مَحَبَّة ً | وبكلِّ ناقوسٍ لقيتَ دُعاءَ |
| يتألفان على الهتافِ ، كما انبرى | وترٌ يساير في البنان غناءَ |
حبذا الساحة والظل الظليل
| حبَّذا الساحة ُ والظلُ الظليلْ | وثناءٌ في فَمِ الدارِ جميلْ |
| لم تزلْ تجري به تحت الثَّرى | لُجَّة المعروفِ والنَّيْلِ الجزيل |
| صنعُ إسماعيلَ جلَّتْ يدهُ | كلُّ بُنيانٍ على الباني دليل |
| أَتُراها سُدَّة ً من بابه | فتحتْ للخير جيلاً بعدَ جيل |
| ملعبُ الأيلمِ ، إلاَّ أنَّه | ليس حظُّ الجدِّ منه بالقليل |
| شهدُ الناسُ بها عائدة ً | وشجى الأجيالَ من فردي الهديل |
| وائتنفنا في ذراها دولة ً | ركنها السؤددُ والمجدُ الأثيل |
| أَينعتْ عصراً طويلاً، وأَتَى | دونَ أن تستأنفَ العصرُ الطويل |
| كم ضفرنا الغارَ في محرابها | وعقدناه لسبّاقٍ أَصيل |
| كم بدورٍ ودِّعتْ يومَ النَّوى | وشموسٍ شيِّعتْ يومَ الرحيل |
| رُبَّ عُرسٍ مَرَّ للبِرِّ بها | ماج بالخيرِ والسمحِ المنيل |
| ضحكَ الأيتامُ في ليلته | ومشى يستروحُ البرءَ العليل |
| والتقى البائسُ والنُّعمى به | وسعى المأوى لأبناءِ السبيل |
| ومن الأَرض جَدِيبٌ ونَدٍ | ومن الدُّور جوادٌ وبخيل |
| يا شباباً حنفاءً ضمهمْ | منزلٌ ليس بمذمومِ النزيلْ |
| يصرِفُ الشبان عن وِرْدِ القَذَى | ويُنحِّيهِمْ عن المَرْعَى الوَبيل |
| اذهبوا فيه وجِيئوا إخوة ً | بعضكم خدنٌ لبعضٍ وخليل |
| لا يضرنَّكمو قلَّته | كلُّ مولودٍ وإن جلَّ ضئيل |
| أَرجفتْ في أَمركم طائفة ٌ | تبَّعُ الظنِّ عن الإنصاف ميل |
| اجعلوا الصبرَ لهم حِيلَتكم | قلَّتِ الحيلة ُ في قالَ وقيل |
| أيريدون بكم أن تجمعوا | رقَّة َ الدين إلى الخلقِ الهزيلِ |
| خَلَتِ الأَرضُ من الهَدْي، ومن | مرشدٍ للنَّشءِ بالهديِ كفيل |
| فترى الأسرة َ فوضى ، وترى | نشأً عن سنَّة ِ البرِّ يميل |
| لا تكونوا السَّيْلَ جَهْماً خَشِناً | كلَّما عبَّ ، وكونوا السلسبيل |
| ربَّ عينٍ سمحة ٍ خاشعة ٍ | رَوَّت العُشْبَ، ولم تنسَ النخيل |
| لا تماروا الناسَ فيما اعتقدوا | كلُّ نفسٍ بكتابٍ وسبيل |
| وإذا جئتم إلى ناديكمُ | فاطرحوا خلفكمو العِبْءَ الثقيل |
| هذه ليْلَتُكم في الأُوبِرا | ليلة ُ القدرِ من الشهر النبيل |
| مهرجانٌ طوَّف الهادي به | ومشى بين يديه جبرئيل |
| وتجلتْ أوجهٌ زيَّنها | غررٌ من لمحة ِ الخير تسيل |
| فكأن الليلَ بالفجرِ انجلى | وكأن الدارَ في ظلِّ الأصيل |
| أَيها الأَجوادُ لا نجزيكمُ | لذَّة ُ الخيرِ منَ الخيرِ بديل |
| رجلُ الأُمّة ِ يُرجَى عندَه | لجليل العملِ العونُ الجليل |
| إم داراً حُطتمُوها بالنَّدى | أخذتْ عهدَ النَّدى ألاَّ تميل |
بني القبط إخوان الدهور رويدكم
| بني القبطِ إخوانُ الدُّهورِ ، رويدكم | هبوه يسوعاً في البريّة ِ ثانيا |
| حملتمِ لحكمِ اللهِ صلبَ ابنِ مريمٍ | وهذا قضاءُ الله قد غالَ غاليا |
| سديدُ المرامِي قد رماه مُسَدِّدٌ | وداهية ُ السُوَّاسِ لاقى الدَّوَاهيا |
| وواللهِ ، لو لم يطلقِ النارَ مطلقٌ | عليه، لأَوْدَى فجأَة ً، أَو تَداوِيا |
| قضاءٌ، ومِقدارٌ، وآجالُ أَنفُسٍ | إذا هي حانت لم تُؤخَّرْ ثوانيا |
| نبيدُ كما بادت قبائلُ قبلنا | ويبقى الأنامُ اثنينِ : ميتاً ، وناعياً |
| تعالوا عسى نطوي الجفاءَ وعهده | وننبذُ أسبابَ الشِّقاقِ نواحيا |
| أَلم تكُ مصرٌ مهدَنا ثم لَحْدَنا | وبينهما كانت لكلِّ مغانيا |
| ألم نكُ من قبل المسيحِ ابن مريمٍ | و موسى وطه نعبُدُ النيلَ جاريا |
| فَهلاَّ تساقيْنا على حبِّه الهَوَى | وهلاَّ فديْناه ضِفافاً ووادِيا |
| وما زال منكم أَهلُ وُدٍّ ورحمة ٍ | وفي المسلمين الخيرُ ما زالَ باقيا |
| فلا يثنِكم عن ذمَّة قتلُ بُطرُسٍ | فقِدْماً عرفنا القتلَ في الناس فاشيا |
عظيم الناس من يبكي العظاما
| عظيمُ الناسِ من يبكي العظاما | ويَندُبُهُم ولو كانوا عِظاما |
| وأَكرَمُ من غمامٍ عندَ مَحْلٍ | فتى ً يُحيي بمدحتِهِ الكراما |
| وما عُذرُ المقصِّر عن جزاءٍ | وما يَجزِيهُمُ إلا كلاما |
| فهل من مُبلِغٍ غليومَ عنِّي | مقالاً مُرْضِياً ذاك المقاما |
| رعاكَ الله من ملكٍ هُمامٍ | تعهَّدَ في الثَّرَى مَلِكاً هُماما |
| أَرى النِّسيانَ أَظمأَه، فلمَّا | وقفتَ بقبرهِ كنتَ الغماما |
| تقرِّبُ عهدهُ للناسِ حتى | تركتَ الجليلَ في التاريخِ عاما |
| أتدري أيَّ سلطانٍ تحيِّي | وأَيَّ مُملَّكٍ تُهدي السَّلاما |
| دَعَوْتَ أَجَلَّ أَهلِ الأَرضِ حَرْباً | وأَشرفَهم إذا سَكنوا سَلاما |
| وقفتَ به تذكّرهُ ملوكاً | تعوَّدَ أن يلاقوهُ قياما |
| وكم جَمَعَتْهُمُ حربٌ، فكانوا | حدائدها ، وكان هو الحسما |
| كلامٌ للبريّة دامياتٌ | وأَنتَ اليومَ مَنْ ضَمَدَ الكِلاما |
| فلما قلتَ ما قد قلتَ عنه | وأَسمعتَ الممالكَ والأناما |
| تساءلتِ البريّة ُ وهيَ كلمى | أَحُبّاً كان ذاكَ أَمِ انتقاما |
| وأَنتَ أَجلُّ أَن تُزرِي بِميْتٍ | وأَنْتَ أَبرُّ أَن تُؤذِي عظاما |
| فلو كان الدوامُ نصيبَ ملكٍ | لنالَ بحدِّ صارمهِ الدواما |