خُلقتَ طَليقاً كَطَيفِ النَّسيمِ ~ وحُرًّا كَنُورِ الضُّحى في سَمَاهْ |
تُغَرِّدُ كالطَّيرِ أَيْنَ اندفعتَ ~ وتشدو بما شاءَ وَحْيُ الإِلهْ |
وتَمْرَحُ بَيْنَ وُرودِ الصَّباحِ ~ وتنعَمُ بالنُّورِ أَنَّى تَرَاه |
وتَمْشي كما شِئْتَ بَيْنَ المروج ~ وتَقْطُفُ وَرْدَ الرُّبى في رُبَاهْ |
كذا صاغكَ اللهُ يا ابنَ الوُجُود ~ وأَلْقَتْكَ في الكونِ هذي الحيَاه |
فما لكَ ترضَى بذُلِّ القيود ~ وتَحْني لمنْ كبَّلوكَ الجِبَاه |
وتُسْكِتُ في النَّفسِ صوتَ الحَيَاة ~ القويَّ إِذا مَا تغنَّى صَدَاه |
وتُطْبِقُ أَجْفانَكَ النَّيِّراتِ عن الفجر ~ والفجرُ عَذْبٌ ضيَاه |
وتَقْنَعُ بالعيشِ بَيْنَ الكهوف ~ فأَينَ النَّشيدُ وأينَ الإِيَاه |
أَتخشى نشيدَ السَّماءِ الجميلَ ~ أَتَرْهَبُ نورَ الفضَا في ضُحَاه |
ألا انهضْ وسِرْ في سبيلِ الحَيَاة ~ فمنْ نامَ لم تَنْتَظِرْهُ الحَيَاه |
ولا تخشى ممَّا وراءَ التِّلاع ~ فما ثَمَّ إلاَّ الضُّحى في صِبَاه |
وإلاَّ رَبيعُ الوُجُودِ الغرير ~ يطرِّزُ بالوردِ ضافي رِدَاه |
وإلاَّ أَريجُ الزُّهُورِ الصُّبَاح ~ ورقصُ الأَشعَّةِ بَيْنَ الميَاه |
وإلاَّ حَمَامُ المروجِ الأَنيق ~ يغرِّدُ منطلِقاً في غِنَاه |
إلى النُّورِ فالنُّورُ عذْبٌ جميل ~ إلى النُّورِ فالنُّورُ ظِلُّ الإِله |
صوت صفير البلبل
صوت صفير البلبلِ ~ هيج قلبي الثملِ |
الماء والزهر معاً ~ مع زهرِ لحظِ المٌقَلِ |
وأنت يا سيد لي ~ وسيدي ومولى لي |
فكم فكم تيمني ~ غُزَيلٌ عُقيقلي |
قطَّفتَه من وجنةٍ ~ من لثم ورد الخجلِ |
فقال لا لا لا لا لا ~ وقد غدا مهرولِ |
والخود مالت طرباً ~ من فعل هذا الرجلِ |
فولولت وولولت ~ ولي ولي يا ويل لي |
فقلت لا تولولي ~ وبيني اللؤلؤ لي |
قالت له حين كذا ~ انهض وجد بالنقلِ |
وفتية سقونني ~ قهوة كالعسل لي |
شممتها بأنفيَ ~ أزكى من القرنفلِ |
في وسط بستان حلي ~ بالزهر والسرور لي |
والعود دندن دنا لي ~ والطبل طبطب طب لي |
طب طبطب طب طبطب ~ طب طبطب طبطب لي |
والسقف سق سق سق لي ~ والرقص قد طاب إلي |
شوى شوى وشاهش ~ على ورق سفرجلِ |
وغرد القمري يصيح ~ ملل في مللِ |
ولو تراني راكباً ~ على حمار أهزلِ |
يمشي على ثلاثة ~ كمشية العرنجلِ |
والناس ترجم جملي ~ في السوق بالقلقللِ |
والكل كعكع كعِكَع ~ خلفي ومن حويللي |
لكن مشيت هارباً ~ من خشية العقنقلِ |
إلى لقاء ملكٍ ~ معظمٍ مبجلِ |
يأمر لي بخلعةٍ ~ حمراء كالدم دملي |
أجر فيها ماشياً ~ مبغدداً للذيلِ |
أنا الأديب الألمعي ~ من حي أرض الموصلِ |
نظمت قطعاً زخرفت ~ يعجز عنها الأدبُ لي |
أقول في مطلعها ~ صوت صفير البلبلِ |
بم التعلل لا أهل ولا وطن
بم التعلل لا أهل ولا وطن ~ ولا نديم ولا كأس ولا سكن |
أريد من زمني ذا أن يبلغني ~ ما ليس يبلغه من نفسه الزمن |
لا تلق دهرك إلا غير مكترث ~ مادام يصحب فيه روحك البدن |
فما يدوم سرور ما سررت به ~ ولا يرد عليك الفائت الحزن |
مما أضر بأهل العشق أنهم ~ هووا وما عرفوا الدنيا وما فطنوا |
تفنى عيونهم دمعا وأنفسهم ~ في إثر كل قبيح وجهه حسن |
تحملوا حملتكم كل ناجية ~ فكل بين علي اليوم مؤتمن |
ما في هوادجكم من مهجتي عوض ~ إن مت شوقا ولا فيها لها ثمن |
يا من نعيت على بعد بمجلسه ~ كل بما زعم الناعون مرتهن |
كم قد قتلت وكم قد مت عندكم ~ ثم انتفضت فزال القبر والكفن |
قد كان شاهد دفني قبل قولهم ~ جماعة ثم ماتوا قبل من دفنوا |
ما كل ما يتمنى المرء يدركه ~ تجري الرياح بما لا تشتهي السفن |
رأيتكم لا يصون العرض جاركم ~ ولا يدر على مرعاكم اللبن |
جزاء كل قريب منكم ملل ~ وحظ كل محب منكم ضغن |
وتغضبون على من نال رفدكم ~ حتى يعاقبه التنغيص والمنن |
فغادر الهجر ما بيني وبينكم ~ يهماء تكذب فيها العين والأذن |
تحبو الرواسم من بعد الرسيم بها ~ وتسأل الأرض عن أخفافها الثفن |
إني أصاحب حلمي وهو بي كرم ~ ولا أصاحب حلمي وهو بي جبن |
ولا أقيم على مال أذل به ~ ولا ألذ بما عرضي به درن |
سهرت بعد رحيلي وحشة لكم ~ ثم استمر مريري وارعوى الوسن |
وإن بليت بود مثل ودكم ~ فإنني بفراق مثله قمن |
أبلى الأجلة مهري عند غيركم ~ وبدل العذر بالفسطاط والرسن |
عند الهمام أبي المسك الذي غرقت ~ في جوده مضر الحمراء واليمن |
وإن تأخر عني بعض موعده ~ فما تأخر آمالي ولا تهن |
هو الوفي ولكني ذكرت له ~ مودة فهو يبلوها ويمتحن |
البارحه
البارحـه مابين هـمً ودكاك | حالي صعـيب ولاحدً سر بالي |
جتني همومي كنها سلاح فتاك | ولافيه هــم البارحه ماطرالي |
تجمعت مـنـا ومـنا ومناك | دكت على صدري وصدري شمالي |
ياقلب ياللي لريش العين ننهاك | عنيتني ياقلب واتعبت حالي |
نوبات اقول العقل والقلب يفداك | ونوبات احس اني من الشوق خالي |
حديتني ربي يحدك على اقصاك | صرت اختلي دايم ودوج لحالي |
المشكله يازين من يوم شفناك | والقلب يمك راح شد الرحالي |
ودي على شوفتك واقول حياك | حياك يالي تقلب المر حالـي |
لا يابعد من قال لابد نـنـساك | انسا جروحي لاعبرت بخيالي |
والخاتمه ودي لشوفك ولقياك | واخاف لايصبح حرام وحلالي |
بحبك موطني
لداري عظيمُ الشَّانِ في القلبِ والأممْ | منارٌ لعزٍ منذُ أن رفرف العَلمْ |
ومهبطُ وحيٍ كان فوق تُرابها | وفي مكَّةَ اقرأ أُنزِلت ثمَّ والقَلمْ |
هنا الغارُ موطنٌ لخيرِ رسالةٍ | وفي طيبةَ التَّاريخُ إرثٌ قد ارتسمْ |
بهِجرةِ خيرِ الخلقِ شَعَّت بنورهِ | ميادينُها والنَّخلُ والرَّاسيَ الأشَمْ |
هنا مولدُ الإسلامِ والحَقُّ ظاهرٌ | بطولاتُ شُجعانٍ لها أدَّوا القسَمْ |
لها فدَّوا النَّفسَ كِراماً وعَجَّلوا | لموردِ موتٍ لم تُبَطِِّ بِهم قَدَمْ |
وما من فِعال الخيرِ إلَّا لها يدُ | ولا من شريف السَّبقِ إلا لها القِممْ |
لها في صُروحِ المَجدِ أعلى مكانةٍ | دويُّ اسمها وَعاهُ حتى ذَوِي الصَّمَمْ |
لها شدَّتِ الأفذاذُ جَمعاً لتطلُبَ | عُلوماً وإنها لنَبعٌ لذي الهِمَمْ |
وحُكَّامها في الخَيرِ جدَّوْا تَسابقُوا | حَمَوْا بيتَ ربِّهم وكانوا لهُ خدمْ |
فَضجَّت ضُيوفُ اللهِ تدعو مُلبِّيهْ | بِشاراتِ توحيدٍ على أرضِها الحَرَمْ |
بحُبِّكَ موطِني فإنِّي مُفاخرُ | وعيشٌ بحُضنكَ لَمِن أكبرِ النِّعمْ |
مقبرة الصمت
ضمير الأمة سكران | والقدس مازالت خربة |
تنعق فيها الغربان | آكلات الجيفة تملأها |
وصقور،،بوم،،عقبان | قد صارت معلم اومرتع |
لوحوش الطير وارضاء | لضمير العالم النائم |
ونادينا يا أمما شتى | ليصحو ضمير الإنسان |
فارتد الصوت إلينا | ورفعنا له الأحزان |
فضمير العالم قد مات | والذئب البشري قد فات |
في بحور الدم وقد بات | ينهش من جسدي و من عرضى |
وبكائ لم يرحم طفلي | فرقيب العالم قد مات |
اليوم أموت بأحزانى | وضمير العالم اكفانى |
وصراخ الطفل يشيعنى | ونشيج المرأة يودعنى |
فوداعا يا بيتى وحرمى | وداعاً يا أهلي وسكنى |
فالقدس ستبقى يا ولدي | مقبرة الصمت إلى الأبد |
هويت القانون
إنِّي هَويتُ تعلُّمَ القانونِ | حُبَّاً زرعتُ بأرضهِ آمالي |
وطَمحتُ أن أرقى العُلا بِنَواله | اخترته شَغفاً يَكونُ مَجالي |
فبدأتُ نشرَ العِلمِ تِلك أمانةٌ | لا يَعذُرنَّ بِجهلها الجُهَّالِ |
وأقمتُ وَحيَ اللهِ لي دُستوراً | هو حُجَّتي وبَيانُ صِدقِ مَقالي |
حقّ النُّفوسِ تموتُ تحيا حُرةً | اللهُ كفَّلها بِلا إذلالي |
اللهُ حرَّم قتلها إن أسرَفَتْ | إلا بحقٍ أو جَزاءِ قِتالِ |
إنفاذُ حُكمٍ للجَريمةِ لازمٌ | والدَّينُ يُوفى حقُّهُ في الحالِ |
فالعَقدُ شرعٌ لازمٌ فاعمَل به | واحذر خِلافَ العَهدِ والأقوالِ |
وارعَ الأمانة كُن بِها مُتخلقا | والصِّدقُ يبقى سيدُ الأفضالِ |
فضُّ النِّزاع مَهمةٌ وبدَورنا | فصلُ الخصومِ لتُقيةِ الإشكالِ |
إلا إذا كان الحبيبُ مُخاصِمي | فالحُكم للأحبابِ دُونَ نِزالِ |
ورِسالتي سَطَّرتُها بأناملي | دارت رِحاها في رُبى الأطفالِ |
حقٌّ لهم عيشٌ كريمٌ آمنٌ | أرضُ الحُروب مَعاقِلٌ لرِجالِ |
كيفَ الفَتى يلقَى النِّزالَ بصَدره | أينَ العدالةُ تحتَ وطءِ نبالِ |
يا صاحِ قُم وارفع بِعدلكَ رايةً | تبقى تَرُفُّ على مَدى الأجيالِ |
تلك الحروف
تِلكَ الحُروفُ وكَمْ تُدارِي صَبابتي | إن عِشتُ شَوقاً أنتخِي أوراقِي |
وأبُثُّ مَا فِي خاطِري وكَأنَّها | حُضنٌ يُداوِي حُرقةَ الأشواقِ |
باللهِ كَيفَ بِدونِ عَذبِ حُروفِها | أن أرتَوي يا مَعشرَ العُشَّاقِ |
بيتٌ لقَيسٍ عن دِيارٍ مَرَّها | كَم زادني شَوقاً لدارِ رِفاقي |
وكُثَيْرُ حَلَّتْ عَزَّةٌ بِديَارهِ | والشِّعرُ في صِدقِ المَحبَّةِ باقي |
ولقد ذَكرتُكِ عَلَّمَتْني شَجاعةً | فِي الحُبِّ لا أنْوِي خَيالَ فِراقِ |
ماذا يكونُ الشِّعرُ لَولا حرُوفُها | نَظْمٌ يُعانِي العجْزَ من إملاقِ |
لغةٌ على وَزنِ الشُّعورِ حَديثُها | لغةٌ تبثُّ الحقَّ مِن أعماقِ |
لغةٌ بِها وَحْيُ الإله تَكَلَّما | فكَأنَّها شَمسٌ عَلى الإشراقِ |
حُسنٌ على حُسنٍ عِبارةُ وَصْفِها | فاقَتْ جَمِيعَ مَحَاسِنِ الأعراقِ |
أوَ بَعدما هذا الجَمالُ تُضيَّعُ | ما عَادَ للكَلماتِ من أشداقِ |
باللهِ يا عَربِيُّ قُلْ وافخَر بِها | لُغتي، حَديثي، عِزَّتي، أَخلاقِي |
يا لاهياً باللعب
يا لاهِياً باللّعبِ هلّا تَستريحْ | فالعمرُ لا يرضى ضَياعاً لا يُبيحْ |
والوقتُ إن أهملتهُ فلن يعدْ | وقتٌ مَضى كالسّيف يُبقيكَ الجَريحْ |
فالعيبُ فينا إن يكُن وقتٌ مضى | والعمرُ يفنى والحياةُ مِثلُ رِيحْ |