نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا | وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا |
وَنَهجو ذا الزَمانَ بِغَيرِ ذَنبٍ | وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا |
وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ | وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا |
يا بؤس للقلب بعد اليوم ما آبه
يَا بُؤسَ لِلقَلْبِ بَعْد اليَوْمِ ما آبَهْ |
ذِكرَى حَبيبٍ ببعضِ الأرْضِ قد رَابهْ |
قالّتْ سُلَيْمى أرَاكَ اليومَ مُكْتَئِباً |
والرَّأْسُ بَعدي رَأيتُ الشّيْبَ قد عابه |
وحَارَ بَعْدَ سَوَادِ الرَّأْسِ جُمَّتَهُ |
كمِعْقَبِ الرَّيطِ إذْ نَشَّرْتَ هُدَّابهْ |
ومَرْقَبٍ تَسْكُنُ العِقْبانُ قُلَّتَهُ |
أشْرَفْتُهُ مُسْفِراً والنَّفْسُ مُهْتَابَهْ |
عَمْداً لأرْقُبَ مَا لِلجَوِّ مِنْ نَعَمٍ |
فَناظِرٌ رائِحاً مِنْهُ وعُزَّابَهْ |
وقدْ نَزَلْتُ إلى رَكْبٍ مُعَقَّلَةٍ |
شُعْثِ الرُّووسِ كأنَّ فَوْقَهُمْ غابَهْ |
لَمَّا رَكِبْنا رَفَعناهُنَّ زَفْزَفَةً |
حَتى احْتَوَيْنَا سَوَاماً ثمَّ أرْبَابَهْ |
قصيدة فرقة
سمعت قلبي دق في لحظة قلق |
كان كل شئ ساكن كأنه اختنق |
كان الطريق مفروش بالدم والأشلاء |
والشمس حمرا والقمر اتسرق |
كان الهواء معبي صراخ ونحيب |
و المطر بيسيل بدمع كئيب |
كان كل شئ بيخض بفزع |
يسرى في قلبي الخوف وينطلق |
كان الطريق مزحوم بأكوام الجثث |
على اليمين اصحاب وعل الشمال عسس |
جريت ادور على قلبي هناك وأعس |
كان فط منى وفر … خاف ينحبس |
فضلت اجري وابص ورا الدقات |
وجسمي كان يرتعش من الصرخات |
ودمع عيني اتحبس من الاهوال |
وطوابير بتجر طوابير من الاموات |
سمعت الصرخة والتنهيد من بعيد |
لقيت قلبي منزوي بيرتجف |
عاتبته وسألته ازاي تسيبنى وحيد |
قال: مسيرنا في يوم راح نفترق |
سعوديون
سُعوديونَ ما جَدَّ جديدُ | لنا بالفخرِ راياتٌ تَميدُ |
سُعوديونَ بالتِسعينَ سُدنا | إذا الأعداءُ صَفٌّ لا يحيدُ |
وإن شاؤوا بضُرٍّ لم يُصِبنا | ففينا قبلةُ الإسلامِ جِيدُ |
أيا تاريخُ احكِ عن بلادي | وعن مجدٍ لها دوماً شهيدُ |
أيا أقلامُ قولي عن ثراها | نعيمٌ كاملُ الوصفِ فريدُ |
بلادي لها بالحكمِ رايةٌ | فمن نجدٍ لنا حكمٌ وطيدُ |
وإلى الحجازِ نواةُ دينٍ | جنوبٌ أخضرٌ مَدٌّ مديدُ |
شمالاً بالعطا أسطولُ فخرٍ | وشرقٌ بالعطا عيدٌ سعيدُ |
يقودُ الحكمَ سلمانٌ بحزمٍ | قويَ العزمِ بالبأسِ شديدُ |
وفِي يُمناهُ دوماً وليُ عهدٍ | محمدٌ كما الضلعِ عضيدُ |
الجمال الكافي
يا لـجــمـالٍ ظَــلَّ واقِــفــاً مـعي |
بِحُـسنهِ لـيلاً يَـقضُّ مَـضــجَـعي |
يالـعـيـونٍ رُسِـمـتْ تــحـتَ حـوا |
جبٍ مَـضَتْ كأسْهُمٍ فـي أضْلُعي |
ويـــالـــثـغرٍ لـــمْ أرى كـمِـثـلِــــهِ |
يبـدو كَـقوسٍ مِـن وراءِ الْبُـرقُـعِ |
ويـالـشَـعـرٍ لِــنَّســيـمِ صــاحـبــاً |
ويـالـطـولٍ شِـبهُــهُ لــمْ يُــصـنـعِ |
قد أخَـذتْ عـقلي لها فـي لحظةٍ |
بِــمَـشــيِـهـا وثَـوبِـهــا الْـمُـرَصَّــعِ |
فَـالْأنـفُ صَــيّــادٌ أصـابَ مُـقلتي |
والصَّوتُ لحنٌ عالِقٌ في مَسمعي |
والــخَـدُّ قـاتـــلٌ أبــاحَ مَـقــتَلي |
فـي ظـلـمـةٍ بِـنـورهِ الْمُـشـعـشـعِ |
لاتَـقــتُـلـي قــلـباً أتــاكِ مُـلـهَــفـاً |
فَـانْـصَرفي والْكـفَّ عنهُ فَارْفعي |
لاتَجـرحـي إحـسـاسَ مَـن أحبَّكِ |
والْقـلبَ مِـن أشـواقِـهِ لاتَـمــنعي |
فلتجري بنا الاقدار
فلتجري بنا الاقدار بلا خوف ولا عجل | لنبغي دروب طالة عن مراعينا |
لا يهدم المرء من فقر ومن عوز | يهدّم المرء بصروحٍ كانت تواسينا |
نمضي سنينا نذكر ما فات من أجلي | ونتجرع السم بكأس أسميناه ماضينا |
لا تلم نفسا ولا حظا ولا قدرِ | ما خُطّ بالغيبِ حتمًا مُلاقينا |
سحر كلماتي
لَا تَعْجَبِي يَا أَجْمَلَ المَلِكَاتِ |
مِنْ سِرِّ هَذَا السِّحْرِ فِي كَلِمَاتِي |
فَالسِّرُّ يَكْمُنُ أَنَّ حُبَّكِ قَاتِلِي |
وَبِهِ طَرِيقُ سَعَادَتِي وَنَجَاتِي |
عَيْنَاكِ كَالسَّيَّافِ قَدْ سَفَكَتْ دَمِي |
وَجَرَى كَمَا الأَنْهَارِ فِي الفَلَوَاتِ |
فَتَخَضَّبَتْ فِيهِ الحُقُولُ وَأَزْهَرَتْ |
وَرْدًا يُحَاكِي حُمْرَةَ الوَجْنَاتِ |
صُلِبَتْ عَلَى نَخْلِ الرُّمُوشِ حُشَاشَتِي |
وَالشَّفْرُ يَذْبَحُنِي كَذَبْحِ الشَّاةِ |
فَنَحَتُّ مِنْ بَعْضِ الضُّلُوعِ يَرَاعَةً |
وَمِنَ الدِّمَاءِ مَلَأْتُ حِبْرَ دَوَاتِي |
وَبِهِ كَتَبْتُ قَصَائِدًا عُذْرِيَّةً |
حَتَّى تَلِيقَ بِمُسْتَوَى مَوْلَاتِي |
وَرَحَلْتُ فِي دُنْيَا العُيُونِ مُسَافِرًا |
بَيْنَ الضِّيَاءِ وَحَنْدَسِ الظُّلُمَاتِ |
وَإِلَى حُدُودِ الغَيْمِ طِرْتُ مُحَلِّقًا |
حَتَّى تُطِلَّ الشَّمْسُ مِنْ شُرُفَاتِي |
وَهَمَسْتُ فِي أُذْنِ الصَّبَاحِ أُحِبُّهَا |
حُبًّا يُرَافِقُنِي لِحِين مَمَاتِي |
مَهْمَا فَعَلْتُ فَلَنْ تَزُولَ صَبَابَتِي |
سَتَظَلُّ نَارًا تَصْطَلِي فِي ذَاتِي |
متى نلتقي
مَتَى يَانْسِيمَ الصِّبَا نَلْتَقِي؟ | فَنَشْتَمُّ مِنْكِ الْهَوَاءَ النَّقِيَّ |
إلَى كَمْ تَصُدِّيْنَ عَنْ حَيِّنَا | وَكُلُّ النَّوَافِذِ لَمْ تُغْلَقِ |
إِذَا لَمْ تَسَعْكِ عَلَى كُبَرِهَا | فَمِّرِي عَلَى بَابِنَا وَاطْرُقِي |
تَرَيَّنَا عَلَى الْبَابِ فِي لَهْفَهٍ | نُصَفِقٌ بِالْكَفِّ وَالْمِرْفَقِ |
أَيَأَتِي هَوَاكِ إِلَى دَارِنَا | فَنَعْزِفُ عَنْهُ وَلَا نَلْتَقِي |
سَتسْتَنْشِقُ العَرْفَ آنَافُنَا | وَأَنْتَ إِذَا شِئْتِ فَاسْتَنْشِقِي |
كَفَاكِ صِدُوداً أََلَا تَرْفِقِي | بِقَلْبٍ لِغَيْرِكِ لَمْ يَخْفِقِ |
هَجَرْتِي فُؤَادِي بلا رَحْمَةٍ | كَأَنَّكِ بِالْأَمْسِ لَمْ تَعْشَقِي |
أَأَظمَئُ وَالْمَاءُ فِي مَقْلَتَيْكِ | أَلَا تَسْمَحِينَ لَنَا نَسْتَقِي؟ |
أأرْقُدُ فِي سَرِيرِ الْحَصَى؟ | وَبَيْنَ تَرَائِبَكِ فُنْدُقِيٌّ |
أَلَّا يَنْضَحُ الْمِسْكُ أَثْوَابَنَا | وَيَنْدَى الْبَخُورُ وَلَمْ يُحْرَقِ |
إِلى كَمْ نُمْنِّي الْفُؤَادَ اللِّقَاءَ | مَتَى يَاخَيَالَاتِنَا تَصَدُقِي |
لَقَدْ طَالَ لَيْلٌ اغْتَرَبَاتِنَا | وَخَطَّ الْمَشِيبُ عَلَى مِفْرَقِي |
وَلَكِنْ سَنَبْقَى عَلَى عَهْدِنَا | مَتَى يَانْسِيمَ الصِّبَا نَلْتَقِي |