تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا – وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَهوِ ناهِيا |
بِثَمدَينِ لاحَت نارَ لَيلى وَصَحبَتي – بِذاتِ الغَضا تَزجي المَطِيَّ النَواجِيا |
فَقالَ بَصيرُ القَومِ أَلمَحتُ كَوكَباً – بَدا في سَوادِ اللَيلِ فَرداً يَمانِيا |
فَقُلتُ لَهُ بَل نارَ لَيلى تَوَقَّدَت – بِعَليا تَسامى ضَوؤُها فَبَدا لِيا |
فَلَيتَ رِكابَ القَومِ لَم تَقطَعِ الغَضا – وَلَيتَ الغَضى ماشى الرِكابَ لَيالِيا |
فَقُلتُ وَلَم أَملِك لِعَمروِ بنِ مالِكٍ – أَحتَفٌ بِذاتِ الرَقمَتَينِ بَدا لِيا |
تَبَدَّلتِ مِن جَدواكِ يا أُمَّ مالِكٍ – وَساوِسَ هَمٍّ يَحتَضِرنَ وِسادِيا |
فَإِنَّ الَّذي أَمَّلتَ مِن أُمِّ مالِكٍ – أَشابَ قَذالي وَاِستَهامَ فُؤادِيا |
فَلَيتَكُمُ لَم تَعرِفوني وَلَيتَكُم – تَخَلَّيتُ عَنكُم لا عَلَيَّ وَلا لِيا |
خَليلَيَّ إِن بانوا بِلَيلى فَقَرِّبا – لِيَ النَعشَ وَالأَكفانَ وَاِستَغفِرا لِيا |
وَخُطّا بِأَطرافِ الأَسِنَّةِ مَضجَعي – وَرُدّوا عَلى عَينَيَّ فَضلَ رِدائِيا |
وَلا تَحسِداني بارَكَ اللَهُ فيكُما – مِنَ الأَرضِ ذاتِ العَرضِ أَن توسِعا لِيا |
فَيَومانِ يَومٌ في الأَنيسِ مُرَنَّقٌ – وَيَومَ أُباري الرائِحاتِ الجَوارِيا |
إِذا نَحنُ أَدلَجنا وَأَنتَ أَمامَنا – كَفى لِمَطايانا بِريحِكِ هادِيا |
أَعِدَّ اللَيالي لَيلَةً بَعدَ لَيلَةٍ – وَقَد عِشتُ دَهراً لا أُعِدَّ اللَيالِيا |
إِذا ما طَواكِ الدَهرُ يا أُمَّ مالِكٍ – فَشَأنُ المَنايا القاضِياتِ وَشانِيا |
رُوَيداً لِئَلّا يَركَبَ الحُبُّ وَالهَوى – عِظامَكَ حَتّى يَنطَلِقنَ عَوارِيا |
وَيَأخُذَكَ الوَسواسُ مِن لاعِجِ الهَوى – وَتَخرَسُ حَتّى لا تُجيبُ المُنادِيا |
خَليلَيَّ إِن دارَت عَلى أُمِّ مالِكٍ – صَروفُ اللَيالي فَاِبغِيا لِيَ ناعِيا |
وَلا تَترِكاني لا لِخَيرٍ مُعَجَّلٍ – وَلا لِبَقاءٍ تَطلُبانِ بَقائِيا |
خَليلَيَّ لَيلى قُرَّةُ العَينِ فَاِطلُبا – إِلى قُرَّةِ العَينَينِ تَشفى سَقامِيا |
خَليلَيَّ لا وَاللَهِ لا أَملِكُ البُكا – إِذا عَلَمٌ مِن آلِ لَيلى بَدا لِيا |
خَليلَيَّ لا وَاللَهِ لا أَملِكُ الَّذي – قَضى اللَهُ في لَيلى وَلا ما قَضى لِيا |
قَضاها لِغَيري وَاِبتَلاني بِحُبِّها – فَهَلّا بِشَيءٍ غَيرَ لَيلى اِبتَلانِيا |
خَليلَيَّ لا تَستَنكِرا دائِمَ البُكا – فَلَيسَ كَثيراً أَن أُديمَ بُكائِيا |
وَكَيفَ وَما في العَينِ مِن مُضمَرِ الحَشا – تُضَمِّنُهُ الأَحزانُ مِنها مَكاوِيا |
فَيا رَبَّ سَوِّ الحُبَّ بَيني وَبَينَها – يَكونُ كِفافا لا عَلَيَّ وَلا لِيا |
وَإِلّا فَبَغِّضها إِلَيَّ وَأَهلَها – تَكُن نِعمَةً ذا العَرشِ أَهدَيتَها لِيا |
أَرى الدَهرَ وَالأَيامَ تَفنى وَتَنقَضي – وَحُبُّكِ لا يَزدادُ إِلّا تَمادِيا |
فَيا رَبِّ إِن زادَت بَقيَّةُ ذَنبِها – عَلى أَجرِها فَاِنقُص لَها مِن كِتابِيا |
قَضى اللَهُ بِالمَعروفِ مِنها لِغَيرِنا – وَبِالشَوقِ وَالإِبعادِ مِنها قَضى لِيا |
فَإِن يَكُ فيكُم بَعلَ لَيلى فَإِنَّني – وَذي العَرشِ قَد قَبَّلتُ لَيلى ثَمانِيا |
إِذا اِكتَحَلَت عَيني بِعَينِكِ لَم نَزَل – بِخَيرٍ وَأَجلَت غَمرَةً عَن فُؤادِيا |
وَأَنتِ الَّتي إِن شِئتِ نَغَّصتِ عيشَتي – وَإِن شِئتِ بَعدَ اللَهِ أَنعَمتِ بالِيا |
وَإِنّي لَأَستَغشي وَما بِيَ نَعسَةٌ – لَعَلَّ خَيالاً مِنكِ يَلقى خَيالِيا |
وَإِنّي إِذا صَلَّيتُ وَجَّهتُ نَحوَها – بِوَجهي وَإِن كانَ المُصَلّى وَرائِيا |
وَما بِيَ إِشراكٌ وَلَكِنَّ حُبَّها – كَعودِ الشَجى أَعيا الطَبيبَ المُداوِيا |
أُحِبُّ مِنَ الأَسماءِ ما وافَقَ اِسمُها – وَشابَهَهُ أَو كانَ مِنهُ مُدانِيا |
فَيا لَيلُ كَم مِن حاجَةٍ لي مُهِمَّةٌ – إِذا جِئتَكُم يا لَيلُ لَم أَدرِ ما هِيا |
أَخافُ إِذا نَبَّأتُكُم أَن تَرِدِّني – فَأَترُكَها ثِقلاً عَلَيَّ كَما هِيا |
أُصَلّي فَما أَدري إِذا ما ذَكَرتُها اِث – نَتَينِ صَلَّيتُ الضُحى أَم ثَمانِيا |
وَما جِئتَها أَبغي شِفائي بِنَظرَةٍ – فَأُبصِرُها إِلّا اِنصَرَفتُ بِدائِيا |
دَعَوتُ إِلَهَ الناسِ عِشرينَ حِجَّةً – نَهاري وَلَيلي في الأَنيسِ وَخالِيا |
لِكَي تُبتَلى لَيلى بِمِثلِ بَليَّتي – فَيُنصِفَني مِنها فَتَعلَمُ حالِيا |
فَلَم يَستَجِب لي مِن هَواها بِدَعوَةٍ – وَما زادَ بُغضي اليَومَ إِلّا تَمادِيا |
وَتَذنُبُ لَيلى ثُمَّ تَزعَمُ أَنَّني – أَسَأتُ وَلا يَخفى عَلى الناسِ ما بِيا |
وَتُعرِضُ لَيلى عَن كَلامي كَأَنَّني – قَتَلتُ لِلَيلى إِخوَةً وَمَوالِيا |
يَقولُ أُناسٌ عَلَّ مَجنونَ عامِرٍ – يَرومُ سَلوّاً قُلتُ أَنّى بِهِ لِيا |
بِيَ اليَومَ داءٌ لِلهِيامِ أَصابَني – وَما مِثلُهُ داءً أَصابَ سَوائِيا |
فَإِن تَمنَعوا لَيلى وَحُسنَ حَديثِها – فَلَم تَمنَعوا عَنّي البُكا وَالقَوافِيا |
يُلَوِّمُني اللوّامُ فيها جَهالَةً – فَلَيتَ الهَوى بِاللائِمينَ مَكانِيا |
لَوَ أَنَّ الهَوى في حُبِّ لَيلى أَطاعَني – أَطَعتُ وَلَكِنَّ الهَوى قَد عَصانِيا |
وَلي مِثلُ ما في شِعرِ مَن كانَ ذا هَوىً – يَبيتُ جَريحَ القَلبِ حَرّانَ ساهِيا |
فَإِن يَكُ فيكُم بَعلَ لَيلى فَقُل لَهُ – تَصَدَّق بِلَيلى طَيِّبِ النَفسِ راضِيا |
فَأَشهَدُ عِندَ اللَهِ أَني أُحِبُّها – فَهَذا لَها عِندي فَما عِندَها لِيا |
خَليلَيَّ إِن أَغلَوا بِلَيلى فَأَغلِيا – عَلَيَّ وَإِن أَبقَوا فَلا تُبقِيا لِيا |
وَإِن سَأَلوا إِحدى يَدَيَّ فَأَعطِيا – يَميني وَإِن زادوا فَزيدوا شِمالِيا |
أَمَضروبَةٌ لَيلى عَلى أَن أَزورُها – وَمُتَخِذٌ جُرماً عَلى أَن تَرانِيا |
ذَكَت نارُ شَوقي في فُؤادي فَأَصبَحَت – لَها وَهَجٌ مُستَضرَمٌ في فُؤادِيا |
وَخَبَّرتُماني أَنَّ تَيماءَ مَنزِلٌ – لِلَيلى إِذا ما الصَيفُ أَلقى المَراسِيا |
فَهَذي شُهورُ الصَيفِ عَنّا قَدِ اِنقَضَت – فَما لِلنَوى تَرمي بِلَيلى المَرامِيا |
إِذا الحُبُّ أَضناني دَعوا لي طَبيبَهُم – فَيا عَجَباً هَذا الطَبيبَ المُداوِيا |
وَقالوا بِهِ داءٌ قَدَ اَعيا دَواؤُهُ – وَقَد عَلِمَت نَفسي مَكانَ شِفائِيا |
وَقَد كُنتُ أَعلو الحُبَّ حيناً فَلَم يَزَل – بي النَقضُ وَالإِبرامُ حَتّى عَلانِيا |
لَإِن ظَعَنَ الأَحبابُ يا أُمَّ مالِكٍ – لَما ظَعَنَ الحُبُّ الَّذي في فُؤادِيا |
أَلا لَيتَنا كُنّا جَميعاً وَلَيتَ بي – مِنَ الداءِ ما لا يَعلَمونَ دَوائِيا |
فَما هَبَّتِ الريحُ الجَنوبُ مِنَ اَرضِها – مِنَ اللَيلِ إِلّا بِتُّ لِلريحِ حانِيا |
وَلا سُمِّيَت عِندي لَها مِن سَميَّةٍ – مِنَ الناسِ إِلّا بَلَّ دَمعي رِدائِيا |
خَليلَيَّ أَمّا حُبَّ لَيلى فَقاتِلٌ – فَمَن لي بِلَيلى قَبلَ مَوتِ عَلانِيا |
فَلَو كانَ واشٍ بِاليَمامَةِ دارُهُ – وَداري بِأَعلى حَضرَمَوتَ اِهتَدى لِيا |
وَماذا لَهُم لا أَحسَنَ اللَهُ حِفظَهُم – مِنَ الحَظِّ في تَصريمِ لَيلى حِبالِيا |
وَمِن أَجلِها سُمّيتُ مَجنونَ عامِرٍ – فِداها مِنَ المَكروهِ نَفسي وَمالِيا |
فَلَو كُنتُ أَعمى أَخبِطُ الأَرضَ بِالعَصا – أَصَمَّ فَنادَتني أَجَبتُ المُنادِيا |
وَأَخرُجُ مِن بَينِ البُيوتِ لَعَلَّني – أُحَدِّثُ عَنكِ النَفسَ يا لَيلَ خالِيا |
وَلا سِرتُ ميلاً مِن دِمَشقَ وَلا بَدا – سُهَيلٌ لِأَهلِ الشامِ إِلّا بَدا لِيا |
وَلا طَلَعَ النَجمُ الَّذي يُهتَدى بِهِ – وَلا البَرقُ إِلّا هَيَّجا ذِكرَها لِيا |
بِنَفسي وَأَهلي مَن لَوَ أَنّي أَتَيتُهُ – عَلى البَحرِ وَاِستَسقَيتُهُ ما سَقانِيا |
وَمَن قَد عَصَيتُ الناسَ فيهِ جَماعَةً – وَصَرَّمتُ خِلّاني بِهِ وَجَفانِيا |
وَمَن لَو رَأى الأَعداءَ يَكتَنِفونَني – لَهُم غَرَضاً يَرمونَني لَرَمانِيا |
وَلَم يُنسِني لَيلى اِفتِقارٌ وَلا غِنى – وَلا تَوبَةٌ حَتّى اِحتَضَنتُ السَوارِيا |
وَلا نِسوَةٌ صَبَّغنَ كَبداءَ جَلعَداً – لِتُشبِهَ لَيلى ثُمَّ عَرَّضنَها لِيا |
حَلَفتُ لَإِن لاقَيتُ لَيلى بِخَلوَةٍ – أَطوفُ بِبَيتِ اللَهِ رَجلانَ حافِيا |
شَكَرتُ لِرَبّي إِذ رَأَيتُكِ نَظرَةً – نَظَرتُ بِها لا شَكَّ تَشفي هُيامِيا |