يا معدن الذهب الذي في لونه | للشمس مسحة بهجة ورواء |
يا مدني الأرب البعيد مناله | ولقد أقول منيل كل رجاء |
يا مرخصا من كل نفس ما غلا | حاشا نفوس العلية النبلاء |
إن ألهتك الناس كن عبدا هنا | واخضع لهذي الشيمة الشماء |
وزن التي دفعت ضلالك بالهدى | وسواد مكرك باليد البيضاء |
جبران خليل جبران
هو جبران خليل جبران ميخائيل بن سعد, نابغة الكتاب المعاصرين المهاجرين في الولايات المتحدة الأمريكية وأصله من دمشق, ولد في لبنان و توفي في نيويورك.
ألا يا بني غسان من ولد يعرب
ألا يا بني غسان من ولد يعرب | وأجدادكم أجدادي العظماء |
أخوكم وقد أضحى غريبا بزيه | أعاد له السمت الأصيل رداء |
قفوا وانظروني في العباءة رافلا | مهيبا وبي في مشيتي خيلاء |
تروا كيف تكسو ربة الفضل عاطلا | وكيف يكون المجد وهو كساء |
بها قصب تخشى العيون بريقه | وصوف رقيق حيك منه هباء |
جزى الله كل الخير من أنعمت | بها وهل عند مسؤول سواه جزاء |
يا لها من فتاة عز نماها
يا لها من فتاة عز نماها | عنصر يرتقي إلى الجوزاء |
في بناة العلى أبو شنب | شادوا صروحا للعزة القعساء |
حسب زاده سنى وسناء | نسب جامع السنى والسناء |
زف عذراءهم إلى كفؤ ليس | له في السراة من أكفاء |
يا أخا النبل والنهى والمعالي
يا أخا النبل والنهى والمعالي | زادك الله نعمة وعلاء |
وأدام الأعياد في بيتك العامر | بالبر والندى ما شاء |
إن يوما فيه فتاتك أمست | وهي البدر بهجة وبهاء |
تمه تمها وغر لياليه | سنوها تتابعت غراء |
عدها أربع وعشر وعمر | الحور هذا يخلدن فيه صفاء |
لهو اليوم أوجب السعد فيه | أن تعم المسرة الأصدقاء |
فالتقى الأصفياء فيه وما | مثلك ممن يستكثر الأصفياء |
يشربون الصهباء فوارة | ثوارة بوركت لهم صهباء |
يأكلون النقول قضما وكدما | وسليقا معللا وشواء |
يغنمون الحديث أشهى | من الشهد وأذكى من السلاف احتساء |
يجدون الأزهار باهرة الأبصار | نبتا وأوجها حسناء |
شهدوا للذكاء والطهر عيدا | رأوا النبل عفة وذكاء |
نظروا في فريدة مجتلى علو | إذا الروح في التراب تراءى |
صدقت ما عنى اسمها وقليل | في القوافي من صدق الأسماء |
أليوم عيد في تقاسم حظه
أليوم عيد في تقاسم حظه | للبائسين رضى وللسعداء |
ما اسطاع فيه الدهر أشكى كل ذي | شكوى وهادن كل ذي برحاء |
عم السرور وتم حتى لم يكد | أثر يرى لتفرق الأهواء |
كل به من شاهد أو غائب | أثنى عليك وقد ثنى بدعاء |
يا شاعر النيل جار النيل بالشيم
يَا شَاعِرَ النِّيلِ جَارِ النِّيلَ بِالشِّيَمِ – وَحَاكَ أَطْيَارَهُ بِالشَّدْوِ وَالنَّغَمِ فِي ضِفَّتَيْهِ وَفِي تَغْرِيدِ صَادِحِهِ – مَا فِي نَظِيمِكَ بَيْنَ الْوَحْيِ وَالكَلمِ وَفِي مَعَانِيكَ مِنْ أَرْوَاحِ جَنَّتِهِ – أَشْفَى النُّسَيْمَاتِ لِلأَرْوَاحِ وَالنَّسَمِ شِعْرٌ كَأَنَّ مَفِيضَ الخَيْرِ سَالَ بِهِ – عَلَى النُّهَى سَيلَهُ فِي القَاعِ وَالأَكَمِ كِلاهُمَا مُخْصِبٌ قَحْلاً فَمُخْرِجُهُ – حَقْلاً وَمُؤْنِسُهُ فِي وَحْشَةِ الدِّيَمِ يَطْغَى فَيَغْشَى عَبُوسَ الْوَجْهِ أَمْرَدَهُ – وَيَنْجَلِي عَنْ عِذَارٍ فِيهِ مُبْتَسِمِ بِذَلِكَ الشِّعْرِ صِفْ مِصْراً وَأُمَّتَهَا – صِفْ كُلَّ مَعْنَىً بِهَا كَالنَّافِحِ الشَّبِمِ صِفْ ذَلِكَ اللُّطْفَ لَوْ عَزَّتْ بِهِ أُمَمٌ – يَوْماً لَعَزَّتْ بِهِ مِصْرٌ عَلَى الأُمَمِ صِفْ ذَلِكَ الأُنْسَ يَجْرِي مِنْ مَنَابِعِهِ – عَذْبَ المَنَاهِلِ مَبْذُولاً لِكُلِّ ظَمِي صِفْ ذَلِكَ الرِّفْقِ يَقْضِي فِي تَرَقْرُقِهِ – مَا لَيْسَ رِقَاقُ السُّمْرِ وَالخُذُمِ صِفْ مَا يَشَاءُ جَمَالُ الطَّبْعِ مِنْ دَعَةٍ – وَمَا يَشَاءُ حَلالُ النَّفْسِ مِنْ كَرَمِ تِلْكَ الْخَلائِقُ لا يَجْلُو رَوَائِعَهَا – نَظْمٌ كَنَظْمِكَ مِنْ جَزْلٍ وَمُنْسَجِمِ إِنِّي أَوَدُّ لَهَا وَصْفاً وَيَرْجِعُنِي – عَنْهُ قُصُورِي إِذَا حَثَّ الْهَوَى قَلَمِي مَن لِي بِنَظْمِكَ أَسْتَدْنِي بِمُعْجِزِهِ – أَقْصَى مَرَامٍ لآمَالِي عَلَى هِمَمِي حَمْداً لِمِصْرَ وَإِطْرَاءً لأُمَّتِهَا – عَنْ صَادِقٍ فِيهُمَا عَالٍ عَنِ التُّهَمِ مِصْرُ الْحَضَارَةُ وَالآثَارُ شَاهِدَةٌ – مِصْرُ السَّمَاحَةُ مِصْرُ المَجْدُ مِنْ قِدَمِ مِصْرُ العَزِيزَةُ إِنْ جَارَتْ وَإِنْ عَدَلَتْ – مِصْرُ الْحَبِيبَةُ إِنْ نَرحَلْ وَإِنْ نُقِمِ نَحْنَ الضيُوفَ عَلَى رَحْبٍ وَمَكْرُمَةٍ – مِنْهَا وَإِنَّا لَحَفَّاظُونَ لِلذِّمَمِ جِئْنَا حِمَاهَا وَعِشْنَا آمِنِينَ بِهِ – مُمَتَّعِينَ كَأَنَّ العَيْشَ فِي حُلمِ فَأَيُّنَا قَابَلَ النُّعْمَى بِسَيِّئَةٍ – فَإِنَّنَا مُلْزِمُوهُ أَنْكَرَ الْحُرَمِ وَمَنْ يَنَلْهُ بإِيذَاءٍ فَإِنَّ بِنَا – ضِعْفَيْهِ مِنْ أَثَرِ الإيذَاءِ وَالأَلَمِ لَكِنَّ قَوْمِي أَبْرَارُ القُلُوبِ بِهِ – دَعِ المُرِيبَ الَّذِي يَدْعُو إِلَى وَهَمِ لا بَارَكَ اللهُ فِي سَاعٍ بِتَفْرِقَةٍ – بَيْنَ الصَّفَيْنِ وَالْجَارَيْنِ مِنْ أَممِ يَا حَافِظَ الْخَيْرِ كُنْ فِي عَقْدِ وُدِّهِمَا – فَرِيدَةَ العِقْدِ يَلْبَثُ غَيْرَ مُنْفَصِمِ أَكْشِفْ بِحَزْمِكَ أَسْتَارَ الْحَفِيظَةِ عَنْ – فَخٍّ تُصادُ بِهِ الأَعْرابُ لِلْعَجَمِ أَلشَّاعِرُ الْحَقُّ مَنْ يَجْلُو الشُّعُورُ لَهُ – شَمْساً مِنَ الْوَحْيِ فِي دَاجٍ مِنَ الظُّلَمِ بَيْنَ النَّبِيِّينَ وَالسُّوَاسِ نُصَّ لَهُ – مِنَ العُلَى مِنْبَرٌ لِلرَّأْيِ وَالحُكُمِ وَعَلَ أَيْسَرِ شَيْءٍ فِي مَحَامِدِهِ – تَجْوِيدُ قَوْلٍ مُقَفَّى اللَّفْظِ مُنْتَظِمِ فَخَارُهُ حَيْثُ يَلْقَى رَحْمَةً وَهُدًى – وَحَيْثُ يَنْهَى عَنِ الأَهْوَاءِ وَالنقمِ وَحَيْثُ يَحْمِي الحِمَى مِنْ ضَلَّةٍ وأسًى – وَحَيْثُ يَدْعُو إِلَى الأَخْطَارِ وَالعِظَمِ هَذَا الَّذِي أَنْتَ يَا ابْنَ النِّيلِ فَاعِلُهُ – وَذَاكَ مَجْدُكَ مَجْدُ النِّيلِ وَالهَرَمِ |