كان على بعضِ الدُّروبِ جَملُ | حَمَّلهُ المالكُ ما لا يُحملُ |
فقال يا للنَّحسِ والشقاءِ | إن طال هذا لم يطلْ بقائي |
لم تحمِلِ الجبالُ مثلَ حِملي | أظنُّ مولاي يريدُ قتلي |
فجاءَهُ الثعلبُ من أَمامِهْ | وكان نالَ القصدُ من كلامهْ |
فقال مهلاً يا أخا الأحمالِ | ويا طويلَ الباعِ في الجِمالِ |
فأَنتَ خيرٌ من أَخيكَ حالا | لأَنني أَتعَبُ منك بالا |
كأَن قُدّامِيَ أَلفَ ديكِ | تسألني عن دمها المسفوكِ |
كأَنّ خَلفي أَلفَ أَلفِ أَرنبِ | إذا نهضتُ جاذبتني ذنبي |
وربَّ أمٍّ جئتُ في مناخها | فجعتُها بالفتكِ في أَفراخِها |
يبعثني منْ مرقدي بكاها | وأَفتحُ العيْن على شكواها |
وقد عرفتَ خافيَ الأحمالِ | فاصبِرْ. وقلْ لأُمَّة ِ الجِمال |
ليسَ بحملٍ ما يملُّ الظهرُ | ما الحملُ إلا ما يعافي الصَّدرُ |
أحمد شوقي
أحمد شوقي علي أحمد شوقي بك هو شاعر مصري أحد أعظم شعراء العصر الحديث ولقبه أمير الشعراء ولد و توفي في القاهرة.
غزالة مرت على أتان
غزالة ٌ مرَّتْ على أتانِ | تُقبِّلُ الفَطِيمَ في الأَسنانِ |
وكان خلف الظَّبْية ِ ابنُها الرَّشا | بودِّها لو حملهُ في الحشا |
ففعلتْ بسيِّد الصِّغارِ | فِعْلَ الأَتَانِ بکبنِها الحمارِ |
فأَسرع الحمارُ نحوَ أُمِّهِ | وجاءها والضحكُ ملءُ فمهِ |
يصيحُ: يا أُمّاه ماذا قد دَها | حتى الغزالة ُ استَخفَّت ابنَها |
قد سمع الثعلب أهل القرى
قد سمعَ الثعلبُ أهلَ القرى | يدعونَ محتالا بيا ثعلبُ |
فقال حقّاً هذه غاية ٌ | في الفخرِ لا تؤتى ولا تطلب |
من في النُّهى مثلي حتى الورى | أَصبَحْتُ فيهم مَثلاً يُضْرب |
ما ضَرَّ لو وافيْتُهم زائراً | أُرِيهِمُ فوقَ الذي استغرَبوا |
لعلهم يحيون لي زينة ً | يحضرها الدِّيكُ أو الأرنب |
وقصَدَ القوْمَ وحياهُم | وقام فيما بينهم يخطب |
فأُخِذَ الزائِرُ من أُذنِه | وأعطيَ الكلبَ به يلعب |
فلا تَثِق يوماً بِذي حِيلة ٍ | إذْ رُبَّما يَنخَدِعُ الثعلب |
أَتى ثعالَة َ يوماً
أَتى ثعالَة َ يوماً | من الضَّواحي حِمارُ |
وقال إن كنتَ جاري | حقاً ونعمَ الجار |
قل لي فإني كئيبٌ | مُفكرٌ مُحتار |
في موْكِبِ الأَمسِ لمَّا | سرنا وسارَ الكبار … |
… طرَحْتُ مولاي أَرضاً | فهل بذلك عار |
وهل أتيتُ عظيماً ! | فقال: لا يا حِمار! |
بغلٌ أَتى الجوادَ ذات مَرَّهْ
بغلٌ أَتى الجوادَ ذات مَرَّهْ | وقلبُهُ مُمتلِىء ٌ مَسَرَّهْ |
فقال: فضلي قد بدا ياخِلِّي | وآنَ أَن تعْرِفَ لي مَحلِّي |
إذ كنتَ أَمْسِ ماشياً بجانبي | تعجَبُ من رقصِي تَحت صاحبي |
أختالُ ، حتى قالتِ العبادُ : | لمنْمن الملوكِ ذا الجوادُ ؟ |
فضَحِكَ الحِصانُ من مقالِهِ | وقال بالمعهودِ من دلالِهِ: |
لم أرَ أرقصَ البغلِ تحتَ الغازي | لكن سمعتُ نقرة المهمازِ! |
سَمِعْتُ أَنَّ فأْرَة ً أَتاها
سَمِعْتُ أَنَّ فأْرَة ً أَتاها | شقيقُها يَنعَى لها فَتاها |
يصيحُ : يا لي من نحوسِ بختي | مَنْ سَلَّط القِطَّ على ابنِ أُختي؟! |
فوَلوَلتْ وعضَّتِ التُّرابَا | وجمعتْ للمأتمِ الأترابا |
وقالتِ : اليومَ انقضت لذَّاتي | لا خيرَ لي بعدكَ في الحياة ِ |
من لي بهرٍ مثلِ ذاك الهرِّ | يُرِيحُني من ذا العذابِ المرِّ؟! |
وكان بالقربِ الذي تريد | يسمعُ ما تبدي وما تعيدُ |
فجاءَها يقولُ: يا بُشْراكِ | إن الذي دعوتِ قد لبَّاك ! |
ففَزِعت لما رأَته الفارَهْ | واعتصمتْ منه ببيتِ الجاره |
وأَشرفتْ تقولُ للسَّفيهِ: | إن متُّ بعَ ابني فمنْ يبكيه ؟! |