قد يَسّروا لدفينٍ، حانَ مَصْرَعُهُ – بيتاً من الخُشْبِ لم يُرْفَع ولا رحُبا |
يا هؤلاءِ اتركوهُ والثرى فلهُ – أنُسٌ به وهو أولى صاحبٍ صُحِبا |
وإنما الجسْمُ تُربٌ خيرُ حالته – سُقياً الغمائم، فاستسقوا له السُّحبا |
صارَ البهيجُ من الأقوام، خطّ سفا – وقد يُراع إذا ما وجهُه شحُبا |
سِيّانِ من لم يضِق ذَرعاً بُعيد رَدىً – وذارعٌ في مغاني فتيةٍ سُحبا |
فافرِق من الضّحك واحذر أن تحالفه – أما ترى الغيمَ لما استُضحك انتحبا |
أبو العلاء المعري
أبو العلاء المعري هو أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري, من شعراء العصر العباسي ولد وتوفي في معرة النعمان بسوريا.
دنياك تكنى بأم دفر
دنياكَ تُكْنى بأم دَفرٍ ~ لم يَكْنِها الناسُ أمَّ طِيب |
فأذَنْ إلى هاتفٍ مُجيد ~ قامَ على غصنِه الرّطيب |
يكونُ، عند اللبيبِ منا ~ أبلغ من واعظٍ خطيب |
يحلِف ما جادت اللّيالي ~ إلاّ بسمٍّ لنا قَطيبِ |
إذا قضى الله أمرا جاء مبتدرا
إذا قضى اللَّهُ أمراً جاء مُبتدراً ~ وكلُّ ما أنت لاقيهِ بتسبيب |
ظلّتْ مُلاحِيَةً في الشيءِ تفعلهُ ~ جهلاً، مُلاحِيةٌ منْ بعد غربيبِ |
لو لم يصيبوا مُداماً من غراسِهم ~ لجازَ أن يُمطرُوها في الشّآبيبِ |
ولامترتْها، وخيلُ القوم جائلة ~ أيدي الفوارسِ من صُمّ الأنابيبِ |
العلم كالقفل إن ألفيته عسرا
العلم كالقفل إن ألفيتهُ عسراً ~ فخلّه، ثمّ عاودهُ لينفتحا |
وقد يخونُ رجاء بعد خِدمَتِه ~ ، كالغرب خانتْ قواه، بعدما مُتحا |
إذا قيل لك اخش الله
إذا قيل لك: اخشَ الله ~ مولاك فقل آرا |
كأنّ الأنجمَ السبعة ~ في لُعبة بُقّارا |
خُزامى، وأقاحي ~ وصفراءُ وشُقّارا |
ومَنْ فوقَ الثرى يَصغُر ~ في أجزاءِ منْ وارا |
وأصبحتُ مع الدنيا ~ أدارِيها كمنْ دارى |
إذا بارأها قوم ~ فقلبي حبُّها بارى |
وما يُرْهِبُني جاريَ ~ إن ناضلَ أو جارى |
وما عِرسيَ حوراء ~ ولا خُبزيَ حوارا |
قضى الله أن الادمي معذب
قضى اللَّه أن الآدميّ معذب ~ إلى أن يقول العالِمون به قضا |
فهنّىء ولاة الميت يوم رحيله ~ أصابوا تُراثاً واستراح الذي مضى |