| قُلْ للرَّئيسِ أدامَ اللهُ دَولَتَهُ | بأنّ شاعِرَه بالبابِ مُنتَظِرُ |
| إنْ شاءَ حَدَّثَهُ أو شاءَ أطرَبَهُ | بكلِّ نادِرَة ٍ تُجْلَى بها الفِكرُ |
قصائد حافظ ابراهيم
قصائد الشاعر الكبير شاعر النيل و شاعر الشعب الشاعر المصري حافظ ابراهيم.
يرغي ويزبد بالقافات تحسبها
| يُرْغِي ويُزْبِدُ بالقَافَاتِ تَحْسبُها | قصفَ المدافعِ في أفقِ البساتينِ |
| منْ كلِّ قافٍ كأن اللهَ صوَّرها | من مارجِ النارِ تصويرَ الشياطينِ |
| قد خصَّه اللهُ بالقافاتِ يعلُكها | واختَصَّ سُبحانَه بالكافِ والنُّونِ |
| يَغيبُ عَنّا الحجا حِيناً ويحْضُرُه | حيناً فيخلطُ مختلاًّ بموزونِ |
| لا يأمَنُ السامعُ المسكينُ وثْبَتَه | مِن كردفان إلى أعلى فِلَسطِينِ |
| بَيْنَا تراه ينادي الناسَ في حَلَبٍ | إذا به يَتَحَدَّى القَومَ في الصِّينِ |
| ولم يكن ذاكَ عن طَيشٍ ولا خَبَلٍ | لكنّها عَبقَرِيّاتُ الأساطينِ |
| يَبيتُ يَنسُجُ أحلاماً مُذَهَّبَة ً | تُغني تفاسيرُها عن ابنِ سِيرِينِ |
| طَوراً وَزيراً مُشاعاً في وِزارَتِه | يُصَرِّفُ الأمرَ في كلِّ الدَّواوينِ |
| وتارَة ً زَوجَ عُطبُولٍ خَدَلَّجَة ٍ | حسناءَ تملِكُ آلافَ الفدادينِ |
| يُعفَى من المَهرِ إكراماً للحيَتِه | وما أظَلَّته من دُنيا ومِن دِينِ |
مرت كعمر الورد بينا أجتلي
| مَرَّتْ كعُمْرِ الوَرْدِ بَيْنَا أَجْتَلِي | إصباحَها إِذْ آذَنَتْ برَواحِ |
| لم أقضِ من حَقِّ المُدامِ ولم أقُمْ | في الشّارِبِين بواجِبِ الأقداحِ |
| والزَّهْرُ يَحْتَـثُّ الكُئُوسَ بلَحْظِه | ويَشُوبُها بأريجِه الفَيَّاحِ |
| أخشى عَواقِبَها وأغبِطُ شَربَها | وأُجيدُ مِدحَتَها مع المُدَّاحِ |
| وأَمِيلُ مِنْ طَرَبٍ اذا ماَلتْ بهِمْ | فاعَجبْ لنَشْوَانِ الجَوانِحِ صاحِي |
| أستَغفِرُ اللهَ العَظيمَ فإنّني | أَفْسَدْتُ في ذاكَ النَّهارِ صَلاحِي |
خمرة في بابل قد صهرجت
| خَمرَة ٌ في بابلٍ قد صُهِرجَتْ | هكذا أَخْبَرَ حاخَامُ اليَهُودْ |
| أوْدَعُوها جَوفَ دَنٍّ مُظلِمٍ | ولَدَيْه بَشًّرُوها بالخُلُودْ |
| سألوا الكُهّانَ عن شارِبِها | وعَنِ السَّاقي وفي أيِّ العُهُودْ |
| فأجابُوهُم: فَتى ً ذو مِرَّة ٍ | من نَبي مِصرٍ له فَضلٌ وجُودْ |
| مُغْرَمٌ بالعُودِ والنايِ مَعاً | مُولَعٌ بالشُّربِ والناسُ هُجُودْ |
| هَمُّه فَصدُ دِنانٍ ونَدى ً | وأبوهُ هَمُّه جَمْعُ النُّقُودْ |
أخشى مربيتي إذا
| أَخشَى مُرَبِّيَتي إذا | طَلَعَ النَّهارُ وأفزَعُ |
| وأظلُ بين صواحبِي | لعِقابِها أَتَوَقَّعُ |
| لا الدَّمعُ يَشفَعُ لي ولا | طُولُ التَّضَرُّعِ يَنْفَعُ |
| وأَخافُ والِدَتي إذا | جَنَّ الظَّلامُ وأجزعُ |
| وأبيتُ أرتقِبُ الجزَا | ءَ وأعْيُنِي لاَ تَهْجَعُ |
| ما ضَرَّني لو كنتُ أسْـ | تمعُ الكَلامَ وأخضعُ |
| ما ضَرَّنِي لو صُنْتُ أثْـ | وابِي فلاَ تتقطَّعُ |
| وحَفِظْتُ أوراقي بمَحْـ | فَظَتِي فلاَ تَتَوَزَّعُ |
| فأعيشُ آمِنَة ً وأَمـْ | رَعُ في الهناءِ وأرتعُ |
سعيت إلى أن كدت أنتعل الدما
| سَعَيْتُ إلى أنْ كِدْتُ أَنْتَعِلُ الدَّما | وعُدْتُ وما أعقبتُ إلاَّ التَّنَدُّمَا |
| لَحَى اللهُ عَهْدَ القاسِطِين الذي به | تَهَدَّمَ منْ بُنياننَا ما تهدَّمَا |
| إذا شِئْتَ أنْ تَلْقَى السَّعَادَة َ بينهمْ | فلا تَكُ مِصْريّاً ولا تَكُ مُسْلِما |
| سَلامٌ على الدُّنيا سَلامَ مُوَدِّعٍ | رَأَى في ظَلامِ القَبْرِ أُنْساً ومَغنَما |
| أَضَرَّتْ به الأولَى فهامَ بأختها | فإنْ ساءَت الأخرَى فوَيْلاهُ مِنْهُما |
| فهُبِّي رياحَ الموتِ نُكباً وأطفِئي | سِراجَ حياتي قبلَ أنْ يتحطَّمَا |
| فما عَصَمتنِي منْ زمانِي فضائلِي | ولكنْ رأيتُ الموتَ للحُرِّ أعْصَما |
| فيا قلبُ لاَ تجزعْ إذَا عَضَّكَ الأسَى | فإنكَ بعدَ اليومِ لنْ تتألَّمَا |
| ويا عَينُ قد آنَ الجمُودُ لمَدْمَعي | فلاَ سَيْلَ دمع تسكبيِن ولاَ دَمَا |
| ويا يَدُ ما كَلَّفْتُكِ البَسْطَ مَرَّة ً | لذّي مِنَّة ٍ أولَى الجَميلَ وأنعمَا |
| فللهِ ما أحلاكِ في أنملِ البلَى | وإنْ كُنتِ أحلَى في الطُّرُوسِ وأكْرَما |
| ويا قدمِي ما سِرْتِ بي لمَذلَّة ٍ | ولمْ ترتقِي إلاَّ إلَى العِزِّ سُلَّمَا |
| فلاَ تُبطئِي سيراً إلَى الموتِ واعلمِي | بأنَّ كريمَ القومِ من ماتَ مُكْرمَا |
| ويا نفسُ كمْ جَشَّمُتكِ الصبرَ والرضا | وجشَّمتنِي أنْ أَلبَسَ المجدَ مُعلمَا |
| فما اسطعتِ أنْ تستمرئِي مُرَّ طعمَه | وما اسطعتُ بين القومِ أنْ أتقدَّمَا |
| فهذَا فِراقٌ بيننَا فَتَجمَّلِي | فإنَّ الرَّدَى أحلَى مذاقَا ومطعمَا |
| ويا صدركمْ حَلَّت بذاتكَ ضِيقة ٌ | وكم جالَ في أَنْحائِكَ الهَمُّ وارتَمَى |
| فهَلا تَرَى في ضِيقَة ِ القَبْرِ فُسْحَة ً | تُنَفِّسُ عنكَ الكَرْبَ إنْ بِتَّ مُبْرَما |
| ويا قَبْرُ لا تَبْخَلْ بِرَدِّ تَحِيّة ٍ | على صاحبٍ أَوْفَى علينا وسَلَّما |
| وهيهاتَ يأتِي الحيُّ للميتِ زائراً | فإنِّي رأيتُ الوُدَّ في الحيِّ أسْقِما |
| ويأيُّهَا النَّجمُ الذي طالَ سُهدُه | وقد أَخَذَتْ منه السُّرَى أين يَمَّما |
| لَعَلَّكَ لا تَنْسَى عُهودَ مُنادِمٍ | تَعَلَّمَ منكَ السُّهدَ والأَينَ كُلَّمَا |