| لَئِنْ تَكُ طَيّءٌ كَانَتْ لِئَاماً | فألأمُهَا رَبِيعَةُ أوْ بَنُوهُ |
| وَإنْ تَكُ طَيّءٌ كانَتْ كِراماً | فَوَرْدانٌ لِغَيرِهِمِ أبُوهُ |
| مَرَرْنَا مِنْهُ في حِسْمَى بعَبْدٍ | يَمُجّ اللّؤمَ مَنْخِرُهُ وَفُوهُ |
| أشَذَّ بعِرْسِهِ عَنّي عَبيدي | فأتْلَفَهُمْ وَمَالي أتْلَفُوهُ |
| فإنْ شَقِيَتْ بأيديهِمْ جِيادي | لَقد شَقِيَتْ بمُنصُليَ الوُجُوهُ |
| فُدِيتَ بمَاذا يُسَرُّ | وَأنتَ الصّحيحُ بذا لا العَليلُ |
| عَوَاقِبُ هَذا تَسُوءُ العَدُوَّ | وَتَثْبُتُ فيهِمْ وَهذا يَزُولُ |
| رَأى خَلّتي من حَيثُ يخفَى مكانُهَا | فكانَتْ قَذَى عَينَيهِ حتى تجَلّتِ |
| أتُنْكِرُ يا ابنَ إسْحَقٍ إخائي | وتَحْسَبُ ماءَ غَيرِي من إنائي؟ |
| أأنْطِقُ فيكَ هُجْراً بعدَ عِلْمي | بأنّكَ خَيرُ مَن تَحْتَ السّماءِ |
| وأكْرَهُ مِن ذُبابِ السّيفِ طَعْماً | وأمْضَى في الأمورِ منَ القَضاءِ |
| ومَا أرْبَتْ على العِشْرينَ سِنّي | فكَيفَ مَلِلْتُ منْ طولِ البَقاءِ؟ |
| وما استَغرقتُ وَصْفَكَ في مَديحي | فأنْقُصَ مِنْهُ شَيئاً بالهِجَاءِ |
| وهَبْني قُلتُ: هذا الصّبْحُ لَيْلٌ | أيَعْمَى العالمُونَ عَنِ الضّياءِ؟ |
| تُطيعُ الحاسِدينَ وأنْتَ مَرْءٌ | جُعِلْتُ فِداءَهُ وهُمُ فِدائي |
| وهاجي نَفْسِهِ مَنْ لم يُمَيّزْ | كَلامي مِنْ كَلامِهِمِ الهُراءِ |
| وإنّ مِنَ العَجائِبِ أنْ تَراني | فَتَعْدِلَ بي أقَلّ مِنَ الهَبَاءِ |
| وتُنْكِرَ مَوْتَهُمْ وأنا سُهَيْلٌ | طَلَعْتُ بمَوْتِ أوْلادِ الزّناءِ |
| أنَا عاتِبٌ لتَعَتّبِكْ | مُتَعَجّبٌ لتَعَجّبِكْ |
| إذ كُنتُ حينَ لَقيتَني | مُتَوَجّعاً لتَغَيُّبِكْ |
| فَشُغِلْتُ عَنْ رَدّ السّلا | مِ وكانَ شُغلي عنكَ بكْ |
| وَلا عَيبَ فيهم غيرَ أنّ سُيوفَهمْ | بهِنّ فُلُولٌ مِن قِرَاعِ الكتائِبِ |
| تُخُيِّرْنَ من أزمانِ يوْمِ حَليمَةٍ | إلى اليوْم قد جُرِّبْنَ كلّ التّجارِبِ |
قصائد المتنبي
مجموعة مختارة من قصائد الشاعر أبو الطيب المتنبي في هذه الصفحة.
أوه بديل من قولتي واها
| أوْهِ بَدِيلٌ مِنْ قَوْلَتي وَاهَا | لمَنْ نَأتْ وَالبَديلُ ذِكْراهَا |
| أوْهِ لِمَنْ لا أرَى مَحَاسِنَها | وَأصْلُ وَاهاً وَأوْهِ مَرْآهَا |
| شَامِيّةٌ طَالَمَا خَلَوْتُ بهَا | تُبْصِرُ في ناظِري مُحَيّاهَا |
| فَقَبّلَتْ نَاظِري تُغالِطُني | وَإنّمَا قَبّلَتْ بهِ فَاهَا |
| فَلَيْتَهَا لا تَزَالُ آوِيَةً | وَلَيْتَهُ لا يَزَالُ مَأوَاهَا |
| كُلُّ جَرِيحٍ تُرْجَى سَلامَتُهُ | إلاّ فُؤاداً رَمَتْهُ عَيْنَاهَا |
| تَبُلُّ خَدّيّ كُلّمَا ابتَسَمَتْ | مِنْ مَطَرٍ بَرْقُهُ ثَنَايَاهَا |
| مَا نَفَضَتْ في يدي غَدائِرُهَا | جَعَلْتُهُ في المُدامِ أفْوَاهَا |
| في بَلَدٍ تُضْرَبُ الحِجالُ بهِ | عَلى حِسَانٍ وَلَسْنَ أشْبَاهَا |
| لَقِينَنَا وَالحُمُولُ سَائِرَةٌ | وَهُنّ دُرٌّ فَذُبنَ أمْوَاهَا |
| كُلُّ مَهَاةٍ كأنّ مُقْلَتَهَا | تَقُولُ إيّاكُمُ وَإيّاهَا |
| فيهِنّ مَنْ تَقْطُرُ السّيُوفُ دَماً | إذا لِسَانُ المُحِبّ سَمّاهَا |
| أُحِبّ حِمْصاً إلى خُناصِرَةٍ | وَكُلُّ نَفْسٍ تُحبّ مَحْيَاهَا |
| حَيثُ التَقَى خَدُّها وَتُفّاحُ لُبْـ | ـنَانَ وَثَغْري عَلى حُمَيّاهَا |
| وَصِفْتُ فِيها مَصِيفَ بَادِيَةٍ | شَتَوْتُ بالصّحصَحانِ مَشتاهَا |
| إنْ أعشَبَتْ رَوْضَةٌ رَعَيْنَاهَا | أوْ ذُكِرَتْ حِلّةٌ غَزَوْنَاهَا |
| أوْ عَرَضَتْ عَانَةٌ مُقَزَّعَةٌ | صِدْنَا بأُخْرَى الجِيادِ أُولاهَا |
| أوْ عَبَرَتْ هَجْمَةٌ بنا تُرِكَتْ | تَكُوسُ بَينَ الشُّرُوبِ عَقرَاهَا |
| وَالخَيْلُ مَطْرُودَةٌ وَطارِدَةٌ | تَجُرّ طُولى القَنَا وَقُصْرَاهَا |
| يُعْجِبُهَا قَتْلُهَا الكُماةَ وَلا | يُنظِرُهَا الدّهْرُ بعدَ قَتْلاهَا |
| وَقَدْ رَأيْتُ المُلُوكَ قاطِبَةً | وَسِرْتُ حتى رَأيْتُ مَوْلاهَا |
| وَمَنْ مَنَايَاهُمْ بِرَاحَتِهِ | يأمُرُهَا فيهِمِ وَيَنْهَاهَا |
| أبَا شُجاعٍ بِفارِسٍ عَضُدَ الدّوْ | لَةِ فَنّاخُسْرُواً شَهَنْشَاهَا |
| أسَامِياً لم تَزِدْهُ مَعْرِفَةً | وَإنّمَا لَذّةً ذَكَرْنَاهَا |
| تَقُودُ مُسْتَحْسَنَ الكَلامِ لَنَا | كما تَقُودُ السّحابَ عُظْمَاهَا |
| هُوَ النّفِيسُ الذي مَوَاهِبُهُ | أنْفَسُ أمْوَالِهِ وَأسْنَاهَا |
| لَوْ فَطِنَتْ خَيْلُهُ لِنَائِلِهِ | لم يُرْضِهَا أنْ تَرَاهُ يَرْضَاهَا |
| لا تَجِدُ الخَمْرُ في مَكارِمِهِ | إذا انْتَشَى خَلّةً تَلافَاهَا |
| تُصَاحِبُ الرّاحُ أرْيَحِيّتَهُ | فَتَسْقُطُ الرّاحُ دونَ أدْنَاهَا |
| تَسُرُّ طَرْبَاتُهُ كَرَائِنَهُ | ثمّ تُزِيلُ السّرُورَ عُقْبَاهَا |
| بكُلّ مَوْهُوبَةٍ مُوَلْوِلَةٍ | قَاطِعَةٍ زِيرَهَا وَمَثْنَاهَا |
| تَعُومُ عَوْمَ القَذاةِ في زَبَدٍ | مِن جُودِ كَفّ الأميرِ يَغشَاهَا |
| تُشْرِقُ تِيجَانُهُ بِغُرّتِهِ | إشْرَاقَ ألْفاظِهِ بمَعْنَاهَا |
| دانَ لَهُ شَرْقُهَا وَمَغْرِبُهَا | وَنَفْسُهُ تَسْتَقِلّ دُنْيَاهَا |
| تَجَمّعَتْ في فُؤادِهِ هِمَمٌ | مِلْءُ فُؤادِ الزّمَانِ إحْداهَا |
| فإنْ أتَى حَظُّهَا بأزْمِنَةٍ | أوْسَعَ مِنْ ذا الزّمانِ أبْداهَا |
| وَصَارَتِ الفَيْلَقَانِ وَاحِدَةً | تَعْثُرُ أحْيَاؤهَا بمَوْتَاهَا |
| وَدارَتِ النّيّرَاتُ في فَلَكٍ | تَسْجُدُ أقْمَارُهَا لأبْهَاهَا |
| ألفَارِسُ المُتّقَى السّلاحُ بِهِ الـ | ـمُثْني عَلَيْهِ الوَغَى وَخَيْلاهَا |
| لَوْ أنْكَرَتْ منْ حَيَائِهَا يَدُهُ | في الحَرْبِ آثَارَهَا عَرَفْنَاهَا |
| وَكَيفَ تَخْفَى التي زِيادَتُهَا | وَنَاقِعُ المَوْتِ بَعضُ سِيمَاها |
| ألوَاسعُ العُذْرِ أنْ يَتِيهَ على الـ | ـدّنْيَا وَأبْنَائِهَا وَمَا تَاهَا |
| لَوْ كَفَرَ العالَمُونَ نِعْمَتَهُ | لمَا عَدَتْ نَفْسُهُ سَجَايَاهَا |
| كالشَمسِ لا تَبتَغي بما صَنَعَتْ | مَعْرِفَةً عِنْدَهُمْ وَلا جَاهَا |
| وَلِّ السّلاطِينَ مَنْ تَوَلاّهَا | وَالجَأْ إلَيْهِ تَكُنْ حُدَيّاهَا |
| وَلا تَغُرّنّكَ الإمَارَةُ في | غَيرِ أمِيرٍ وَإنْ بهَا بَاهَى |
| فإنّمَا المَلْكُ رَبّ مَمْلَكَةٍ | قَدْ أفْعَمَ الخافِقَينِ رَيّاهَا |
| مُبْتَسِمٌ وَالوُجُوهُ عَابِسَةٌ | سِلْمُ العِدى عِندَهُ كَهَيْجاهَا |
| ألنّاسُ كالعَابِدِينَ آلِهَةً | وَعَبْدُهُ كالمُوَحِّدِ اللّهَ |
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا
| كفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَ شافِيَا | وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنّ أمانِيَا |
| تَمَنّيْتَهَا لمّا تَمَنّيْتَ أنْ تَرَى | صَديقاً فأعْيَا أوْ عَدُواً مُداجِيَا |
| إذا كنتَ تَرْضَى أنْ تَعيشَ بذِلّةٍ | فَلا تَسْتَعِدّنّ الحُسامَ اليَمَانِيَا |
| وَلا تَستَطيلَنّ الرّماحَ لِغَارَةٍ | وَلا تَستَجيدَنّ العِتاقَ المَذاكِيَا |
| فما يَنفَعُ الأُسْدَ الحَياءُ من الطَّوَى | وَلا تُتّقَى حتى تكونَ ضَوَارِيَا |
| حَبَبْتُكَ قَلْبي قَبلَ حُبّكَ من نأى | وَقد كانَ غَدّاراً فكُنْ أنتَ وَافِيَا |
| وَأعْلَمُ أنّ البَينَ يُشكيكَ بَعْدَهُ | فَلَسْتَ فُؤادي إنْ رَأيْتُكَ شَاكِيَا |
| فإنّ دُمُوعَ العَينِ غُدْرٌ بِرَبّهَا | إذا كُنّ إثْرَ الغَادِرِين جَوَارِيَا |
| إذا الجُودُ لم يُرْزَقْ خَلاصاً من الأذَى | فَلا الحَمدُ مكسوباً وَلا المالُ باقِيَا |
| وَللنّفْسِ أخْلاقٌ تَدُلّ على الفَتى | أكانَ سَخاءً ما أتَى أمْ تَسَاخِيَا |
| أقِلَّ اشتِياقاً أيّهَا القَلْبُ رُبّمَا | رَأيْتُكَ تُصْفي الوُدّ من ليسَ صافيَا |
| خُلِقْتُ ألُوفاً لَوْ رَجعتُ إلى الصّبَى | لَفارَقتُ شَيبي مُوجَعَ القلبِ باكِيَا |
| وَلَكِنّ بالفُسْطاطِ بَحْراً أزَرْتُهُ | حَيَاتي وَنُصْحي وَالهَوَى وَالقَوَافِيَا |
| وَجُرْداً مَدَدْنَا بَينَ آذانِهَا القَنَا | فَبِتْنَ خِفَافاً يَتّبِعْنَ العَوَالِيَا |
| تَمَاشَى بأيْدٍ كُلّمَا وَافَتِ الصَّفَا | نَقَشْنَ بهِ صَدرَ البُزَاةِ حَوَافِيَا |
| وَتَنظُرُ من سُودٍ صَوَادِقَ في الدجى | يَرَينَ بَعيداتِ الشّخُوصِ كما هِيَا |
| وَتَنْصِبُ للجَرْسِ الخَفِيِّ سَوَامِعاً | يَخَلْنَ مُنَاجَاةَ الضّمِير تَنَادِيَا |
| تُجاذِبُ فُرْسانَ الصّباحِ أعِنّةً | كأنّ على الأعناقِ منْهَا أفَاعِيَا |
| بعَزْمٍ يَسيرُ الجِسْمُ في السرْجِ راكباً | بهِ وَيَسيرُ القَلبُ في الجسْمِ ماشِيَا |
| قَوَاصِدَ كَافُورٍ تَوَارِكَ غَيرِهِ | وَمَنْ قَصَدَ البَحرَ استَقَلّ السّوَاقِيا |
| فَجاءَتْ بِنَا إنْسانَ عَينِ زَمانِهِ | وَخَلّتْ بَيَاضاً خَلْفَهَا وَمَآقِيَا |
| تجُوزُ عَلَيهَا المُحْسِنِينَ إلى الّذي | نَرَى عِندَهُمْ إحسانَهُ وَالأيادِيَا |
| فَتىً ما سَرَيْنَا في ظُهُورِ جُدودِنَا | إلى عَصْرِهِ إلاّ نُرَجّي التّلاقِيَا |
| تَرَفّعَ عَنْ عُونِ المَكَارِمِ قَدْرُهُ | فَمَا يَفعَلُ الفَعْلاتِ إلاّ عَذارِيَا |
| يُبِيدُ عَدَاوَاتِ البُغَاةِ بلُطْفِهِ | فإنْ لم تَبِدْ منهُمْ أبَادَ الأعَادِيَا |
| أبا المِسكِ ذا الوَجْهُ الذي كنتُ تائِقاً | إلَيْهِ وَذا اليَوْمُ الذي كنتُ رَاجِيَا |
| لَقِيتُ المَرَوْرَى وَالشّنَاخيبَ دُونَهُ | وَجُبْتُ هَجيراً يَترُكُ المَاءَ صَادِيَا |
| أبَا كُلّ طِيبٍ لا أبَا المِسْكِ وَحدَه | وَكلَّ سَحابٍ لا أخُصّ الغَوَادِيَا |
| يُدِلّ بمَعنىً وَاحِدٍ كُلُّ فَاخِرٍ | وَقد جَمَعَ الرّحْم?نُ فيكَ المَعَانِيَا |
| إذا كَسَبَ النّاسُ المَعَاليَ بالنّدَى | فإنّكَ تُعطي في نَداكَ المَعَالِيَا |
| وَغَيرُ كَثِيرٍ أنْ يَزُورَكَ رَاجِلٌ | فَيَرْجعَ مَلْكاً للعِرَاقَينِ وَالِيَا |
| فَقَدْ تَهَبُ الجَيشَ الذي جاءَ غازِياً | لِسائِلِكَ الفَرْدِ الذي جاءَ عَافِيَا |
| وَتَحْتَقِرُ الدّنْيَا احْتِقارَ مُجَرِّبٍ | يَرَى كلّ ما فيهَا وَحاشاكَ فَانِيَا |
| وَمَا كُنتَ ممّن أدرَكَ المُلْكَ بالمُنى | وَلَكِنْ بأيّامٍ أشَبْنَ النّوَاصِيَا |
| عِداكَ تَرَاهَا في البِلادِ مَساعِياً | وَأنْتَ تَرَاهَا في السّمَاءِ مَرَاقِيَا |
| لَبِسْتَ لهَا كُدْرَ العَجاجِ كأنّمَا | تَرَى غيرَ صافٍ أن ترَى الجوّ صَافِيَا |
| وَقُدتَ إلَيْها كلّ أجرَدَ سَابِحٍ | يؤدّيكَ غَضْبَاناً وَيَثْنِيكَ رَاضِيَا |
| وَمُخْتَرَطٍ مَاضٍ يُطيعُكَ آمِراً | وَيَعصِي إذا استثنَيتَ أوْ صرْتَ ناهِيَا |
| وَأسْمَرَ ذي عِشرِينَ تَرْضَاه وَارِداً | وَيَرْضَاكَ في إيرادِهِ الخيلَ ساقِيَا |
| كَتائِبَ ما انفَكّتْ تجُوسُ عَمائِراً | من الأرْضِ قد جاسَتْ إلَيها فيافِيَا |
| غَزَوْتَ بها دُورَ المُلُوكِ فَباشَرَتْ | سَنَابِكُها هَامَاتِهِمْ وَالمَغانِيَا |
| وَأنْتَ الذي تَغْشَى الأسِنّةَ أوّلاً | وَتَأنَفُ أنْ تَغْشَى الأسِنّةَ ثَانِيَا |
| إذا الهِنْدُ سَوّتْ بَينَ سَيفيْ كَرِيهَةٍ | فسَيفُكَ في كَفٍّ تُزيلُ التّساوِيَا |
| وَمِنْ قَوْلِ سَامٍ لَوْ رَآكَ لِنَسْلِهِ | فِدَى ابنِ أخي نَسلي وَنَفسي وَمالِيَا |
| مَدًى بَلّغَ الأستاذَ أقصَاهُ رَبُّهُ | وَنَفْسٌ لَهُ لم تَرْضَ إلاّ التّنَاهِيَا |
| دَعَتْهُ فَلَبّاهَا إلى المَجْدِ وَالعُلَى | وَقد خالَفَ النّاسُ النّفوسَ الدّوَاعيَا |
| فأصْبَحَ فَوْقَ العالَمِينَ يَرَوْنَهُ | وَإنْ كانَ يُدْنِيهِ التّكَرُّمُ نَائِيَا |
أريك الرضى لو أخفت النفس خافيا
| أُرِيكَ الرّضَى لوْ أخفَتِ النفسُ خافِيا | وَمَا أنَا عنْ نَفسي وَلا عنكَ رَاضِيَا |
| أمَيْناً وَإخْلافاً وَغَدْراً وَخِسّةً | وَجُبْناً، أشَخصاً لُحتَ لي أمْ مخازِيا |
| تَظُنّ ابتِسَاماتي رَجاءً وَغِبْطَةً | وَمَا أنَا إلاّ ضاحِكٌ مِنْ رَجَائِيَا |
| وَتُعجِبُني رِجْلاكَ في النّعلِ، إنّني | رَأيتُكَ ذا نَعْلٍ إذا كنتَ حَافِيَا |
| وَإنّكَ لا تَدْري ألَوْنُكَ أسْوَدٌ | من الجهلِ أمْ قد صارَ أبيضَ صافِيَا |
| وَيُذْكِرُني تَخييطُ كَعبِكَ شَقَّهُ | وَمَشيَكَ في ثَوْبٍ منَ الزّيتِ عارِيَا |
| وَلَوْلا فُضُولُ النّاسِ جِئْتُكَ مادحاً | بما كنتُ في سرّي بهِ لكَ هاجِيَا |
| فأصْبَحْتَ مَسرُوراً بمَا أنَا مُنشِدٌ | وَإنْ كانَ بالإنْشادِ هَجوُكَ غَالِيَا |
| فإنْ كُنتَ لا خَيراً أفَدْتَ فإنّني | أفَدْتُ بلَحظي مِشفَرَيكَ المَلاهِيَا |
| وَمِثْلُكَ يُؤتَى مِنْ بِلادٍ بَعيدَةٍ | ليُضْحِكَ رَبّاتِ الحِدادِ البَوَاكِيَا |
أمعفر الليث الهزبر بسوطه
| أَمُعَفِّرَ اللَيثِ الهِزَبرِ بِسَوطِهِ | لِمَنِ اِدَّخَرتَ الصارِمَ المَصقولا |
| وَقَعَت عَلى الأُردُنِّ مِنهُ بَلِيَّةٌ | نُضِدَت بِها هامُ الرِفاقِ تُلولا |
| وَردٌ إِذا وَرَدَ البُحَيرَةَ شارِباً | وَرَدَ الفُراتَ زَئيرُهُ وَالنيلا |
| مُتَخَضِّبٌ بِدَمِ الفَوارِسِ لابِسٌ | في غيلِهِ مِن لِبدَتَيهِ غيلا |
| ما قوبِلَت عَيناهُ إِلّا ظُنَّتا | تَحتَ الدُجى نارَ الفَريقِ حُلولا |
| في وَحدَةِ الرُهبانِ إِلّا أَنَّهُ | لا يَعرِفُ التَحريمَ وَالتَحليلا |
| يَطَءُ الثَرى مُتَرَفِّقاً مِن تيهِهِ | فَكَأَنَّهُ آسٍ يَجُسُّ عَليلا |
| وَيَرُدُّ عُفرَتَهُ إِلى يافوخِهِ | حَتّى تَصيرَ لِرَأسِهِ إِكليلا |
| وَتَظُنُّهُ مِمّا يُزَمجِرُ نَفسُهُ | عَنها لِشِدَّةِ غَيظِهِ مَشغولا |
| قَصَرَت مَخافَتُهُ الخُطى فَكَأَنَّما | رَكِبَ الكَمِيُّ جَوادَهُ مَشكولا |
| أَلقى فَريسَتَهُ وَبَربَرَ دونَها | وَقَرُبتَ قُرباً خالَهُ تَطفيلا |
| فَتَشابَهُ الخُلُقانِ في إِقدامِهِ | وَتَخالَفا في بَذلِكَ المَأكولا |
| أَسَدٌ يَرى عُضوَيهِ فيكَ كِلَيهِما | مَتناً أَزَلَّ وَساعِداً مَفتولا |
| في سَرجِ ظامِئَةِ الفُصوصِ طِمِرَّةٍ | يَأبى تَفَرُّدُها لَها التَمثيلا |
| نَيّالَةِ الطَلَباتِ لَولا أَنَّها | تُعطي مَكانَ لِجامِها ما نيلا |
| تَندى سَوالِفُها إِذا اِستَحضَرتَها | وَيُظَنَّ عَقدُ عِنانِها مَحلولا |
| ما زالَ يَجمَعُ نَفسَهُ في زَورِهِ | حَتّى حَسِبتَ العَرضَ مِنهُ الطولا |
| وَيَدُقُّ بِالصَدرِ الحِجارَ كَأَنَّهُ | يَبغي إِلى ما في الحَضيضِ سَبيلا |
| وَكَأَنَّهُ غَرَّتهُ عَينٌ فَاِدَّنى | لا يُبصِرُ الخَطبَ الجَليلَ جَليلا |
| أَنَفُ الكَريمِ مِنَ الدَنِيَّةِ تارِكٌ | في عَينِهِ العَدَدَ الكَثيرَ قَليلا |
| وَالعارُ مَضّاضٌ وَلَيسَ بِخائِفٍ | مِن حَتفِهِ مَن خافَ مِمّا قيلا |
| سَبَقَ اِلتِقاءَكَهُ بِوَثبَةِ هاجِمٍ | لَو لَم تُصادِمُهُ لَجازَكَ ميلا |
| خَذَلَتهُ قُوَّتُهُ وَقَد كافَحتَهُ | فَاِستَنصَرَ التَسليمَ وَالتَجديلا |
| قَبَضَت مَنِيَّتُهُ يَدَيهِ وَعُنقَهُ | فَكَأَنَّما صادَفتَهُ مَغلولا |
| سَمِعَ اِبنُ عَمَّتِهي بِهِ وَبِحالِهِ | فَنَجا يُهَروِلُ مِنكَ أَمسِ مَهولا |
| وَأَمَرُّ مِمّا فَرَّ مِنهُ فِرارُهُ | وَكَقَتلِهِ أَن لا يَموتَ قَتيلا |
| تَلَفُ الَّذي اِتَّخَذَ الجَراءَةَ خُلَّةً | وَعَظَ الَّذي اِتَّخَذَ الفِرارَ خَليلا |
| لَو كانَ عِلمُكَ بِالإِلَهِ مُقَسَّماً | في الناسِ ما بَعَثَ الإِلَهُ رَسولا |
| لَو كانَ لَفظُكَ فيهِمِ ما أَنزَلَ ال | قُرآنَ وَالتَوراةَ وَالإِنجيلا |
| لَو كانَ ما تُعطِيهِمِ مِن قَبلِ أَن | تُعطِيهِمِ لَم يَعرِفوا التَأميلا |
| فَلَقَد عُرِفتَ وَما عُرِفتَ حَقيقَةً | وَلَقَد جُهِلتَ وَما جُهِلتَ خُمولا |
| نَطَقَت بِسُؤدُدِكَ الحَمامُ تَغَنِّياً | وَبِما تُجَشِّمُها الجِيادُ صَهيلا |
| ما كُلُّ مَن طَلَبَ المَعالِيَ نافِذاً | فيها وَلا كُلُّ الرِجالِ فُحولا |