ومَنْزِلٍ لَيسَ لَنَا بمَنْزِلِ | ولا لغَيرِ الغَادِياتِ الهُطَّلِ |
نَدِيْ الخُزامَى أذْفَرِ القَرَنْفُلِ | مُحَلَّلٍ مِلْوَحْشِ لم يُحَلَّلِ |
عَنّ لَنا فيهِ مُراعي مُغْزِلِ | مُحَيَّنُ النّفسِ بَعيدُ المَوْئِلِ |
أغناهُ حُسنُ الجيدِ عن لُبسِ الحلي | وعادَةُ العُرْيِ عَنِ التّفَضّلِ |
كأنّهُ مُضَمَّخٌ بصَنْدَلِ | مُعْتَرِضاً بمِثْلِ قَرْنِ الأيّلِ |
يَحُولُ بَينَ الكَلْبِ والتأمّلِ | فَحَلَّ كَلاّبي وِثَاقَ الأحْبُلِ |
عَن أشْدَقٍ مُسَوْجَرٍ مُسَلسَلِ | أقَبَّ ساطٍ شَرِسٍ شَمَرْدَلِ |
مِنْها إذا يُثْغَ لَهُ لا يَغْزَلِ | مُؤجَّدِ الفِقْرَةِ رِخْوِ المَفْصِلِ |
لَهُ إذا أدْبَرَ لَحْظُ المُقْبِلِ | كأنّما يَنظُرُ مِنْ سَجَنْجَلِ |
يَعْدو إذا أحْزَنَ عَدْوَ المُسْهِلِ | إذا تَلا جَاءَ المَدى وقَدْ تُلي |
يُقْعي جُلُوسَ البَدَويّ المُصْطَلي | بأرْبَعٍ مَجْدولَةٍ لَمْ تُجْدَلِ |
فُتْلِ الأيادي رَبِذاتِ الأرْجُلِ | آثارُها أمْثالُها في الجَنْدَلِ |
يَكادُ في الوَثْبِ مِنَ التّفَتّلِ | يَجْمَعُ بينَ مَتْنِهِ والكَلْكَلِ |
وبَينَ أعْلاهُ وبَينَ الأسْفَلِ | شَبيهُ وسْميّ الحِضارِ بالوَلي |
كأنّهُ مُضَبَّرٌ مِنْ جَرْوَلِ | مُوَثَّقٌ على رِماحٍ ذُبّلِ |
ذي ذَنَبٍ أجْرَدَ غَيرِ أعْزَلِ | يخطّ في الأرْضِ حسابَ الجُمّلِ |
كأنّهُ مِنْ جِسْمِهِ بمَعْزِلِ | لوْ كانَ يُبلي السّوْطَ تحريكٌ بَلي |
نَيلُ المُنى وحُكمُ نَفسِ المُرْسِلِ | وعُقْلَةُ الظّبي وحَتفُ التَّتفُلِ |
فانْبَرَيا فَذيّنِ تحتَ القَسطَلِ | قَد ضَمِنَ الآخِرُ قَتلَ الأوّلِ |
في هَبوَةٍ كِلاهُما لم يَذْهَلِ | لا يأتَلي في تَرْكِ أنْ لا يأتَلي |
مُقْتَحِماً على المَكانِ الأهْوَلِ | يخالُ طُولَ البحرِ عَرْض الجدولِ |
حتى إذا قِيلَ لهُ نِلْتَ افْعَلِ | إفْتَرّ عن مَذرُوبَةٍ كالأنْصُلِ |
لا تَعْرِفُ العَهدَ بصَقلِ الصّيقلِ | مُرَكَّباتٍ في العَذابِ المُنْزَلِ |
كأنّها من سُرْعَةٍ في الشّمْألِ | كأنّها مِنْ ثِقَلٍ في يَذْبُلِ |
كأنّها مِن سَعَةٍ في هَوْجَلِ | كأنّهُ مِنْ عِلْمِهِ بالمَقتَلِ |
عَلّمَ بُقْراطَ فِصادَ الأكْحَلِ | فَحالَ ما للقَفْزِ للتَجَدّلِ |
وصارَ ما في جِلْدِهِ في المِرْجَلِ، | فلم يَضِرْنا مَعْهُ فَقدُ الأجدَلِ |
إذا بَقيتَ سالماً أبَا عَلي | فالمُلْكُ لله العَزيزِ ثُمّ لي |
قصائد العصر العباسي
مجموعة من أروع قصائد العصر العباسي شعراء العصر العباسي وقصائدهم الرائعة هنا.
أبعد نأي المليحة البخل
أبْعَدُ نأيِ المَليحَةِ البَخَلُ | في البُعْدِ ما لا تُكَلَّفُ الإبلُ |
مَلُولَةٌ ما يَدومُ لَيسَ لَها | مِنْ مَلَلٍ دائِمٍ بهَا مَلَلُ |
كأنّمَا قَدُّها إذا انْفَتَلَتْ | سكرانُ من خمرِ طَرْفِها ثَمِلُ |
بي حَرُّ شَوْقٍ إلى تَرَشّفِها | يَنفَصِلُ الصّبرُ حينَ يَتّصِلُ |
ألثّغْرُ والنّحْرُ والمُخَلْخَلُ والـ | ـمِعْصَمُ دائي والفاحِمُ الرّجِلُ |
ومَهْمَهٍ جُبْتُهُ على قَدَمي | تَعجِزُ عَنهُ العَرامِسُ الذُّلُلُ |
بصارِمي مُرْتَدٍ، بمَخْبُرَتي | مُجْتَزِىءٌ، بالظلامِ مُشْتَمِلُ |
إذا صَديقٌ نَكِرْتُ جانِبَهُ | لم تُعْيِنِي في فِراقِهِ الحِيَلُ |
في سَعَةِ الخافِقَينِ مُضْطَرَبٌ | وفي بِلادٍ مِنْ أُخْتِها بَدَلُ |
وفي اعْتِمارِ الأميرِ بَدْرِ بنِ عَمّـ | ـارٍ عَنِ الشّغلِ بالوَرَى شُغُلُ |
أصْبَحَ مالٌ كَمالِهِ لِذَوي الـ | ـحاجَةِ لا يُبْتَدَا ولا يُسَلُ |
هَانَ عَلى قَلْبِهِ الزّمانُ فَما | يَبينُ فيهِ غَمٌّ ولا جَذَلُ |
يَكادُ مِنْ طاعَةِ الحِمامِ لَهُ | يَقْتُلُ من مَا دَنَا لَهُ الأجَلُ |
يَكادُ مِنْ صِحّةِ العَزيمَةِ مَا | يَفْعَلُ قَبْلَ الفِعالِ يَنْفَعِلُ |
تُعْرَفُ في عَيْنِهِ حَقائِقُهُ | كأنّهُ بالذّكاءِ مُكْتَحِلُ |
أُشْفِقُ عِندَ اتّقادِ فِكرَتِهِ | عَلَيْهِ مِنها أخافُ يَشْتَعِلُ |
أغَرُّ، أعْداؤهُ إذا سَلِمُوا | بالهَرَبِ استَكبَرُوا الذي فَعَلُوا |
يُقْبِلُهُمْ وَجْهَ كُلّ سابحَةٍ | أرْبَعُها قَبلَ طَرْفِها تَصِلُ |
جَرْداءَ مِلْءِ الحِزامِ مُجْفِرَةٍ | تكونُ مِثْلَيْ عَسيبِها الخُصَلُ |
إنْ أدْبَرَتْ قُلتَ لا تَليلَ لها | أو أقبَلَتْ قلتَ ما لها كَفَلُ |
والطّعنُ شَزْرٌ والأرْضُ واجفةٌ | كأنّما في فُؤادِها وَهَلُ |
قَدْ صَبَغَتْ خَدَّها الدّماءُ كمَا | يَصبُغُ خَدَّ الخَريدَةِ الخَجَلُ |
والخَيْلُ تَبكي جُلُودُها عَرَقاً | بأدْمُعٍ ما تَسُحّها مُقَلُ |
سارٍ ولا قَفْرَ مِنْ مَواكِبِهِ | كأنّما كلّ سَبْسَبٍ جَبَلُ |
يَمْنَعُهَا أن يُصِيبَها مَطَرٌ | شِدّةُ ما قَدْ تَضايَقَ الأسَلُ |
يا بَدْرُ يا بحْرُ يا غَمامَةُ يا | لَيثَ الشّرَى يا حِمامُ يا رَجُلُ |
إنّ البَنَانَ الذي تُقَلّبُهُ | عِندَكَ في كلّ مَوْضِعٍ مَثَلُ |
إنّكَ مِنْ مَعشَرٍ إذا وَهَبُوا | ما دونَ أعمارِهمْ فَقد بخِلُوا |
قُلُوبُهُمْ في مَضاءِ ما امتَشَقُوا | قاماتُهُمْ في تَمامِ ما اعْتَقَلُوا |
أنتَ نَقيضُ اسمِهِ إذا اختَلَفتْ | قَواضِبُ الهِنْدِ والقَنَا الذُّبُلُ |
أنتَ لَعَمري البَدْرُ المُنيرُ ولكِـ | ـنّكَ في حَوْمَةِ الوَغى زُحَلُ |
كَتيبَةٌ لَسْتَ رَبَّها نَفَلٌ | وبَلْدَةٌ لَستَ حَلْيَها عُطُلُ |
قُصِدْتَ مِنْ شَرْقِها ومَغْرِبِها | حتى اشتَكَتْكَ الرّكابُ والسُّبُلُ |
لم تُبْقِ إلاّ قَليلَ عافِيَةٍ | قد وَفَدَتْ تَجتَديكَهَا العِلَلُ |
عُذْرُ المَلُومَينِ فيكَ أنّهُمَا | آسٍ جَبَانٌ ومبْضَعٌ بَطَلُ |
مَدَدْتَ في راحَةِ الطّبيبِ يَداً | فَما درَى كيفَ يُقطَعُ الأمَلُ |
إنْ يَكُنِ البَضْعُ ضَرّ باطِنَهَا | فَرُبّما ضَرّ ظَهْرَها القُبَلُ |
يَشُقّ في عِرْقِها الفِصادُ ولا | يَشقّ في عِرْقِ جُودِها العَذَلُ |
خامَرَهُ إذ مَدَدْتَها جَزَعٌ | كأنّهُ مِنْ حَذاقَةٍ عَجِلُ |
جازَ حُدودَ اجتِهادِهِ فأتَى | غَيرَ اجتِهادٍ، لأمّهِ الهَبَلُ |
أبْلَغُ ما يُطْلَبُ النّجاحُ به الـ | ـطّبْعُ وعندَ التّعَمّقِ الزّلَلُ |
إرْثِ لهَا إنّها بمَا مَلَكَتْ | وبالذي قَدْ أسَلْتَ تَنْهَمِلُ |
مِثْلُكَ يا بَدْرُ لا يَكونُ ولا | تَصْلُحُ إلاّ لِمثْلِكَ الدّوَلُ |
بقائي شاء ليس هم ارتحالا
بَقائي شاءَ لَيسَ هُمُ ارْتِحالا | وحُسْنَ الصّبرِ زَمّوا لا الجِمالا |
تَوَلّوْا بَغْتَةً فَكَأنّ بَيْناً | تَهَيّبَني فَفاجأني اغْتِيالا |
فكانَ مَسيرُ عيسِهِمِ ذَميلاً | وسَيْرُ الدّمْعِ إثْرَهُمُ انهِمالا |
كأنّ العِيسَ كانَتْ فَوْقَ جفني | مُناخاتٍ فَلَمّا ثُرْنَ سَالا |
وحَجّبَتِ النّوَى الظّبَيَاتِ عني | فَساعَدَتِ البراقِعَ والحِجالا |
لَبِسْنَ الوَشْيَ لا مُتَجَمّلاتٍ | ولكِنْ كَيْ يصنّ بهِ الجَمَالا |
وضَفّرْنَ الغَدائِرَ لا لحُسْنٍ | ولكنْ خِفنَ في الشّعَرِ الضّلالا |
بِجِسْمي مَنْ بَرَتْه فلَوْ أصارَتْ | وِشاحي ثَقْبَ لُؤلُؤةٍ لجَالا |
ولَوْلا أنّني في غَيرِ نَوْمٍ | لَكُنْتُ أظُنّني مني خَيَالا |
بَدَتْ قَمَراً ومالَتْ خُوطَ بانٍ | وفاحَتْ عَنْبَراً ورَنَت غَزالا |
وجارَتْ في الحُكومَةِ ثمّ أبْدَتْ | لَنا من حُسنِ قامَتِها اعتِدالا |
كأنّ الحُزْنَ مَشْغُوفٌ بقَلبي | فَساعَةَ هَجرِها يَجِدُ الوِصالا |
كَذا الدّنْيا على مَن كانَ قَبْلي | صُروفٌ لم يُدِمْنَ عَلَيْهِ حَالا |
أشَدُّ الغَمّ عِنْدي في سُرورٍ | تَيَقّنَ عَنهُ صاحِبُهُ انْتِقالا |
ألِفْتُ تَرَحّلي وجَعَلْتُ أرضي | قُتُودي والغُرَيْرِيَّ الجُلالا |
فَما حاوَلْتُ في أرْضٍ مُقاماً | ولا أزْمَعْتُ عَن أرْضٍ زَوالا |
على قَلَقٍ كأنّ الرّيحَ تَحْتِي | أُوَجّهُها جَنُوباً أوْ شَمَالاً |
إلى البَدْرِ بنِ عَمّارَ الذي لَمْ | يكُنْ في غُرّةِ الشّهْرِ الهِلالا |
ولم يَعْظُمْ لنَقْصٍ كانَ فيهِ | ولم يَزَلِ الأميرَ ولَنْ يَزالا |
بلا مِثْلٍ وإنْ أبْصَرْتَ فيهِ | لكُلّ مُغَيَّبٍ حَسَنٍ مِثَالا |
حُسَامٌ لابنِ رائِقٍ المُرَجّى | حُسامِ المُتّقي أيّامَ صالا |
سِنانٌ في قَناةِ بَني مَعَدٍّ | بَني أسَدٍ إذا دَعَوا النّزالا |
أعَزُّ مُغالِبٍ كَفّاً وسَيْفاً | ومَقْدِرَةً ومَحْمِيَّةً وآلا |
وأشرَفُ فاخِرٍ نَفْساً وقَوْماً | وأكْرَمُ مُنْتَمٍ عَمّاً وخالا |
يكونُ أخَفُّ إثْنَاءٍ عَلَيْهِ | على الدّنْيا وأهْليها مُحَالا |
ويَبْقَى ضِعْفُ ما قَد قيلَ فيهِ | إذا لم يَتَّرِكْ أحَدٌ مَقَالا |
فيا ابنَ الطّاعِنينَ بكُلّ لَدْنٍ | مَواضعَ يَشتَكي البَطَلُ السُّعالا |
ويا ابنَ الضّارِبينَ بكُلّ عَضْبٍ | منَ العَرَبِ الأسافِلِ والقِلالا |
أرَى المُتَشاعِرينَ غَرُوا بذَمّي | ومَن ذا يَحمَدُ الدّاءَ العُضالا |
ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ | يَجدْ مُرّاً بهِ المَاءَ الزُّلالا |
وقالوا هَلْ يُبَلّغُكَ الثّرَيّا؟ | فقُلت نَعَمْ إذا شئتُ استِفالا |
هوَ المُفني المَذاكي والأعادي | وبِيضَ الهِنْدِ والسُّمْرَ الطّوالا |
وقائِدُها مُسَوَّمَةً خِفافاً | على حَيٍّ تُصَبّحُهُ ثِقَالا |
جَوائِلَ بالقُنيّ مُثَقَّفاتٍ | كأنّ على عَوامِلِها ذُبَالا |
إذا وَطِئَتْ بأيْديها صُخُوراً | يَفِئْنَ لوَطْءِ أرْجُلِها رِمَالا |
جَوابُ مُسائِلي ألَهُ نَظِيرٌ؟ | ولا لكَ في سُؤالكَ لا ألاَ لا |
لَقَد أمِنَتْ بكَ الإعدامَ نَفْسٌ | تَعُدّ رَجاءَها إيّاكَ مَالا |
وقد وَجِلَتْ قُلُوبٌ منكَ حتى | غَدَتْ أوجالُها فيها وِجَالا |
سُرورُكَ أنْ تَسُرَّ النّاسَ طُرّاً | تُعَلّمُهُمْ عَلَيْكَ بهِ الدّلالا |
إذا سألُوا شكَرْتَهُمُ عَلَيْهِ | وإنْ سكَتُوا سألْتَهُمُ السّؤالا |
وأسعَدُ مَنْ رأيْنا مُسْتَميحٌ | يُنيلُ المُسْتَمَاحَ بأنْ يُنَالا |
يُفارِقُ سَهمُكَ الرّجلَ المُلاقَى | فِراقَ القَوْسِ ما لاقَى الرّجالا |
فَما تَقِفُ السّهامُ على قَرارٍ | كأنّ الرّيشَ يَطّلِبُ النِّصالا |
سَبَقْتَ السّابقينَ فَما تُجارَى | وجاوَزْتَ العُلُوّ فَما تُعَالَى |
وأُقْسِمُ لوْ صَلَحْتَ يَمينَ شيءٍ | لمَا صَلَحَ العِبَادُ لَه شِمَالا |
أُقَلّبُ مِنكَ طَرْفي في سَمَاءٍ | وإنْ طَلَعَتْ كَواكِبُها خِصالا |
وأعجبُ منكَ كيفَ قدَرْتَ تنشا | وقد أُعطِيتَ في المَهدِ الكَمالا |
في الخد أن عزم الخليط رحيلا
في الخَدّ أنْ عَزَمَ الخَليطُ رَحيلا | مَطَرٌ تَزيدُ بهِ الخُدودُ مُحُولا |
يا نَظْرَةً نَفَتِ الرُّقادَ وغادَرَتْ | في حَدّ قَلبي ما حَيِيتُ فُلُولا |
كَانَتْ مِنَ الكَحْلاءِ سُؤلي إنّما | أجَلي تَمَثّلَ في فُؤادي سُولا |
أجِدُ الجَفَاءَ على سِواكِ مُرُوءَةً | والصّبرَ إلاّ في نَواكِ جَميلا |
وأرَى تَدَلُّلَكِ الكَثيرَ مُحَبَّباً | وأرَى قَليلَ تَدَلُّلٍ مَمْلُولا |
حَدَقُ الحِسانِ من الغواني هِجنَ لي | يَوْمَ الفِراقِ صَبابَةً وغَليلا |
حَدَقٌ يُذِمّ مِنَ القَواتِلِ غيرَها | بَدْرُ بنُ عَمّارِ بنِ إسْماعِيلا |
ألفَارِجُ الكُرَبَ العِظامَ بمِثْلِها | والتّارِكُ المَلِكَ العزيزَ ذَليلا |
مَحِكٌ إذا مَطَلَ الغَريمُ بدَيْنِهِ | جَعَلَ الحُسامَ بمَا أرَادَ كَفيلا |
نَطِقٌ إذا حَطّ الكَلامُ لِثامَهُ | أعْطَى بمَنْطِقِهِ القُلُوبَ عُقُولا |
أعْدَى الزّمانَ سَخاؤهُ فَسَخا بهِ | ولَقَدْ يكونُ بهِ الزّمانُ بَخيلا |
وكأنّ بَرْقاً في مُتُونِ غَمامةٍ | هِنْدِيُّهُ في كَفّهِ مَسْلُولا |
ومَحَلُّ قائِمِهِ يَسيلُ مَواهِباً | لَوْ كُنّ سَيْلاً ما وَجَدْنَ مَسيلا |
رَقّتْ مَضارِبُهُ فَهُنّ كأنّمَا | يُبْدينَ مِنْ عِشقِ الرّقابِ نُحُولا |
أمُعَفِّرَ اللّيْثِ الهِزَبْرِ بسَوْطِهِ | لمَنِ ادّخَرْتَ الصّارِمَ المَصْقُولا |
وَقَعَتْ على الأُرْدُنّ مِنْهُ بَلِيّةٌ | نُضِدَتْ بها هامُ الرّفاقِ تُلُولا |
وَرْدٌ إذا وَرَدَ البُحَيرَةَ شارِباً | وَرَدَ الفُراتَ زَئِيرُهُ والنّيلا |
مُتَخَضّبٌ بدَمِ الفَوارِسِ لابِسٌ | في غِيلِهِ مِنْ لِبْدَتَيْهِ غِيلا |
ما قُوبِلَتْ عَيْناهُ إلاّ ظُنّتَا | تَحْتَ الدُّجَى نارَ الفَريقِ حُلُولا |
في وَحْدَةِ الرُّهْبَانِ إلاّ أنّهُ | لا يَعْرِفُ التّحْرِيمَ والتّحْليلا |
يَطَأُ الثّرَى مُتَرَفّقاً مِنْ تِيهِهِ | فكأنّهُ آسٍ يَجُسّ عَلِيلا |
ويَردّ عُفْرَتَه إلى يَأفُوخِهِ | حتى تَصِيرَ لرَأسِهِ إكْليلا |
وتَظُنّهُ مِمّا يُزَمْجِرُ نَفْسُهُ | عَنْها لِشِدّةِ غَيظِهِ مَشْغُولا |
قَصَرَتْ مَخَافَتُهُ الخُطى فكأنّما | رَكِبَ الكَميُّ جَوادَهُ مَشْكُولا |
ألْقَى فَريسَتَهُ وبَرْبَرَ دونَهَا | وقَرُبْتَ قُرْباً خالَهُ تَطْفِيلا |
فتَشابَهَ الخُلُقانِ في إقْدامِهِ | وتَخالَفَا في بَذْلِكَ المأْكُولا |
أسَدٌ يَرَى عُضْوَيهِ فيكَ كِلَيْهِما | مَتْناً أزَلَّ وساعداً مَفْتُولا |
في سرْجِ ظامِئَةِ الفُصوصِ طِمِرّةٍ | يأبَى تَفَرُّدُها لهَا التّمْثيلا |
نَيَّالةِ الطَّلِبَاتِ لَوْلا أنَّهَا | تُعْطي مَكانَ لِجامِها مَا نِيلا |
تَنْدَى سَوالفُها إذا استَحضَرْتَها | ويُظَنّ عَقْدُ عِنانِها مَحْلُولا |
ما زالَ يَجْمَعُ نَفْسَهُ في زَوْرِهِ | حتى حَسِبْتَ العَرْضَ منه الطّولا |
ويَدُقّ بالصّدْرِ الحِجارَ كأنّه | يَبْغي إلى ما في الحَضِيضِ سَبيلا |
وكأنّهُ غَرّتْهُ عَيْنٌ فادّنَى | لا يُبْصِرُ الخَطْبَ الجَليلَ جَليلا |
أنَفُ الكَريمِ مِنَ الدّنيئَةِ تارِكٌ | في عَينِهِ العَدَدَ الكَثيرَ قَليلا |
والعارُ مَضّاضٌ ولَيسَ بخائِفٍ | مِنْ حَتْفِهِ مَنْ خافَ ممّا قِيلا |
سَبَقَ التِقاءَكَهُ بوَثْبَةِ هاجِمٍ | لَوْ لم تُصادِمْهُ لجازَكَ مِيلا |
خَذَلَتْهُ قُوّتُهُ وقَدْ كافَحْتَهُ | فاستَنْصَرَ التّسْليمَ والتّجْديلا |
قَبَضَتْ مَنِيّتُهُ يَدَيْهِ وعُنْقَهُ | فَكَأنّما صادَفْتَهُ مَغْلُولا |
سَمِعَ ابنُ عَمّتِهِ بهِ وبحالِهِ | فنَجا يُهَرْوِلُ أمسِ منكَ مَهُولا |
وأمَرُّ مِمّا فَرّ مِنْهُ فِرارُهُ | وكَقَتْلِهِ أنْ لا يَمُوتَ قَتيلا |
تَلَفُ الذي اتّخَذَ الجراءَةَ خُلّةً | وعَظَ الذي اتّخَذَ الفِرارَ خَليلا |
لَوْ كانَ عِلْمُكَ بالإل?هِ مُقَسَّماً | في النّاسِ ما بَعَثَ الإل?هُ رَسُولا |
لَوْ كانَ لَفْظُكَ فيهِمُ ما أنزَلَ الـ | ـفُرْقانَ والتّوْراةَ والإنْجيلا |
لَوْ كانَ ما تُعطيهِمُ من قبلِ أنْ | تُعْطيهِمُ لَمْ يَعرِفُوا التّأمِيلا |
فلَقَدْ عُرِفْتَ وما عُرِفتَ حَقيقَةً | ولقد جُهِلْتَ وما جُهِلْتَ خُمُولا |
نَطَقَتْ بسُؤدُدِكَ الحَمامُ تَغَنّياً | وبما تُجَشّمُها الجِيادُ صَهيلا |
ما كلّ مَنْ طَلَبَ المَعالي نافِذاً | فيها ولا كُلّ الرّجالِ فُحُولاَ |
أرى حللا مطواة حسانا
أرَى حُلَلاً مُطَوَّاةً حِسَاناً | عَداني أنْ أراكَ بها اعْتِلالي |
وهَبْكَ طَوَيتَها وخرَجتَ عنها | أتَطوي ما عَلَيكَ من الجَمالِ |
وإنّ بها وإنّ بهِ لَنَقْصاً | وأنتَ لها النّهايةُ في الكَمالِ |
لَقَدْ ظَلّتْ أواخِرُها الأعالي | مَعَ الأُولى بجِسْمِكَ في قِتالِ |
تُلاحِظُكَ العُيُونُ وأنتَ فيها | كأنّ علَيكَ أفْئِدَةَ الرّجالِ |
متى أحصَيْتُ فَضلَكَ في كَلامٍ | فقَدْ أحصَيتُ حَبّاتِ الرّمالِ |
عذلت منادمة الأمير عواذلي
عَذَلَتْ مُنادَمَةُ الأميرِ عَواذِلي | في شُرْبِها وكَفَتْ جَوابَ السّائِلِ |
مَطَرَتْ سَحابُ يَديكَ رِيَّ جَوانحي | وحملتُ شكرَكَ واصطناعُك حاملي |
فمَتى أقُومُ بشُكرِ ما أوْلَيْتَني | والقَوْلُ فيكَ عُلُوّ قَدْرِ القائِل |