أَتى نبيَّ الله يوماً ثعلبُ

أَتى نبيَّ الله يوماً ثعلبُ فقال: يا مولايَ، إني مذنبْ
قد سوَّدتْ صحيفتي الذنوبُ وإن وجدْتُ شافعاً أَتوب
فاسألْ إلهي عفوهُ الجليلا لتائبٍ قد جاءهُ ذليلا
وإنني وإن أسأتُ السيرا عملتُ شرَّا، وعملتُ خيرا
فقد أتاني ذاتَ يومٍ أرنبُ يرتَعُ تحتَ منزلي ويَلعَبُ
ولم يكن مراقِبٌ هُنالكا لكنَّني تَركتُهُ معْ ذلكا
إذ عفتُ في افتراسهِ الدناءهْ فلم يصلهُ من يدي مساءهْ
وكان في المجلس ذاكَ الأرنبُ يسمعُ ما يبدي هناكَ الثعلبُ
فقال لمَّا انقطعَ الحديثُ: قد كان ذاكَ الزهدُ يا خبيث
وأنت بينَ الموتِ والحياة ِ من تُخمة ٍ أَلقتْك في الفلاة ِ!

قد حَمَلَتْ إحدى نِسا الأَرانِبِ

قد حَمَلَتْ إحدى نِسا الأَرانِبِ وحلَّ يومُ وضعها في المركبِ
فقلقَ الرُّكابُ من بكائها وبينما الفتاة ُ في عَنائها
جاءت عجوزٌ من بناتِ عرسٍ تقولُ: أَفدِي جارَتي بنفسي
أنا التي أرجى لهذي الغايهْ لأَنني كنتُ قديماً دَأيَهْ
فقالتِ الأَرنبُ: لا يا جارَه فإن بعدَ الألفة ِ الزياره
ما لي وثوقٌ ببناتِ عرسِ إني أريدُ داية ً من جنسي!

سَقط الحِمارُ منَ السَّفينة ِ في الدُّجَى

سَقط الحِمارُ منَ السَّفينة ِ في الدُّجَى فبكى الرِّفاقُ لِفَقدِهِ، وتَرَحَّمُوا
حتى إذا طلعَ النهارُ أتت به نحوَ السفينة ِ موجة ٌ تتقدمُ
قالتْ: خذوهُ كما أتاني سالماً لم أبتلعهُ، لأنه لا يهضمُ!

إنفعْ بِما أُعطِيتَ من قدرَة ٍ

إنفعْ بِما أُعطِيتَ من قدرَة ٍ واشفع لذي الذنبِ لَدَى المجمعِ
إذ كيفَ تسمو للعلا يا فتى إن أنتَ لم تنفع ولم تشفعِ؟
عندي لهذا نبأ صادقٌ يُعجِبُ أَهلَ الفضل فاسمع، وعِ
قالوا: استَوى الليثُ على عرشِهِ فجِيءَ في المجلِسِ بالضِّفدَعِ
وقيل للسُّلطانِ: هذِي التي بالأمس آذتْ عاليَ المسمعِ
تنقنقُ الدهرَ بلا علة ٍ وتَدّعى في الماءِ ما تَدّعِي
فانظر ـ إليك الأَمرُ ـ في ذنبِها ومرْ نعلقها من الأربعِ
فنهضَ الفيلُ وزيرُ العلا وقال: يا ذا الشَّرَفِ الأَرفعِ
لا خيْرَ في الملكِ وفي عِزِّهِ إنْ ضاقَ جاهُ الليثِ بالضفدعِ
فكتبَ الليثُ أماناً لها وزاد أَنْ جاد بمُستنْقَعِ!

لدودة القز عندي

لدودة ِ القزِّ عنديودودة ِ الأضواءِ
حكاية ٌ تشتَهيهامسامعُ الأَذكياءِ
لمَّا رأَت تِلكَ هذِيتنيرُ في الظلماءِ
سَعَتْ إليها، وقالتتعيشُ ذاتُ الضِّياءِ
أَنا المؤمَّلُ نفعيأَنا الشهيرُ وفائي
حلا ليَ النفعُ حتىرضيتُ فيه فنائي
وقد أتيتُ لأحظىبوجهكِ الوضَّاءِ
فهل لنورِ الثرى فيمَوَدّتي وإخائي
قالت: عَرَضتِ عليناوجهاً بغيرِ حياءِ
من أنتِ حتى تدانيذاتَ السَّنا والسَّناءِ
أنا البديعُ جماليأَنا الرفيعُ عَلائي
أين الكواكبُ مني بل أين بدرُ السماءِ 
فامضي؛ فلا وُدّ عنديإذ لستِ من أكفائي 
وعند ذلك مرَّتْحسناءُ معْ حسناءِ
تقولُ: لله ثوبيفي حُسنِه والبَهاءِ
كم عندنا من أَيادٍللدودة ِ الغراءِ
ثم انثنتْ فأتتْ ذيتقولُ للحمقاءِ 
هل عندكِ الآنَ شَكٌّفي رُتبتي القَعساءِ
إن كان فيك ضياءٌإن الثناءَ ضيائي
وإنه لضياءٌمؤيَّدٌ بالبقاءِ
شعر أحمد شوقي

كان على بعض الدروب جمل

كان على بعضِ الدُّروبِ جَملُحَمَّلهُ المالكُ ما لا يُحملُ
فقال يا للنَّحسِ والشقاءِ إن طال هذا لم يطلْ بقائي
لم تحمِلِ الجبالُ مثلَ حِمليأظنُّ مولاي يريدُ قتلي 
فجاءَهُ الثعلبُ من أَمامِهْوكان نالَ القصدُ من كلامهْ
فقال مهلاً يا أخا الأحمالِويا طويلَ الباعِ في الجِمالِ
فأَنتَ خيرٌ من أَخيكَ حالالأَنني أَتعَبُ منك بالا
كأَن قُدّامِيَ أَلفَ ديكِتسألني عن دمها المسفوكِ
كأَنّ خَلفي أَلفَ أَلفِ أَرنبِإذا نهضتُ جاذبتني ذنبي
وربَّ أمٍّ جئتُ في مناخهافجعتُها بالفتكِ في أَفراخِها
يبعثني منْ مرقدي بكاهاوأَفتحُ العيْن على شكواها
وقد عرفتَ خافيَ الأحمالِفاصبِرْ. وقلْ لأُمَّة ِ الجِمال
ليسَ بحملٍ ما يملُّ الظهرُما الحملُ إلا ما يعافي الصَّدرُ
قصيدة أحمد شوقي