لولا التقى لقلتُ: لم

لولا التقى لقلتُ: لم يَخلُقْ سِواكِ الوَلدا!
إن شئتِ كان العيرَ، أو إن شئتِ كان الأسدا
وإن تردْ غيَّا غوى أَو تَبْغِ رُشْداً رَشدا
والبيتُ أنتِ الصوتُ فيـ ـه، وهْوَ للصَّوتِ صَ
دى كالبَبَّغا في قفصٍ: قيلَ له، فقلدا
وكالقضيبِ اللَّدْنِ: قدْ طاوَع في الشَّكلِ اليَدا
يأْخُذُ ما عَوَّدْتِه والمرءُ ما تعوَّدا!

ومُمهّد في الوكرِ من

ومُمهّد في الوكرِ من ولدِ الغرابِ مُزقَّق
كرُوَيهِبٍ مُتَقلِّسٍ متأزِّرٍ ، متنطِّق
لبسَ الرَّمادَ على سوا دِ جناحه والمفرق
كالفحمِ غادرَ في الرَّما دِ بقِيَّة ً لم تُحرَق
ثُلثاهُ مِنقارٌ ورأ سٌ ، والأظافرُ ما بقي
ضخمُ الدِّماغِ على الخُلُوِّ منَ الحجى والمنطق
منْ أمِّهِ لقي الصغ ـيرُ منَ البَليّة ِ ما لقِي
جَلبَتْ عليهِ ما تَذو دُ الأمّهاتُ وتتَّقي
قتنت به ، فتوهمتْ فيه قُوى ً لم تخلق
قالت: كبِرْتَ، فثِب كما وثب الكِبارُ، وحَلِّق
ورمتْ به في الجوِّ ، لم تَحرِصْ، ولم تَسْتَوثِق
فهوى ، فمزِّق في فنا ءِ الدارِ شرَّ ممزَّق
وسمعتُ قاقاتٍ تردَّ دُ في الفضاءِ وترتقي
ورأيتُ غربانا تفرَّ قُ في السماءِ وتلتقي
وعرفتُ رنّة أمِّهِ في الصارِخاتِ النُّعَّقِ
فأشرتُ ، فالتفتتْ ، فقل تُ لها مقالة َ مشفق :
ـتِ جَناحَه لم تُطلقي تِ جناحه لم تُّطقي
وكما تَرَفَّقَ والِدَا كِ عليكِ لم تَتَرفَّقي!

النِّيلُ العَذْبُ هو الكوْثرْ

النِّيلُ العَذْبُ هو الكوْثرْ والجنة ُ شاطئه الأخضرْ
ريَّانُ الصَّفحة ِ والمنظرْ ما أبهى الخلدَ وما أنضرْ !
البحرُ الفَيَّاضُ، القُدسُ الساقي الناسَ وما غرسوا
وهو المِنْوالُ لما لبِسوا والمُنْعِمُ بالقطنِ الأَنوَر
جعلَ الإحسانَ له شرعا لم يُخلِ الواديَ من مَرْعى
فتَرَى زرعا يَتلو زرعاً وهُنا يُجنى ، وهُنا يُبْذَر
جارٍ ويُرَى ليس بجارِ لأناة ٍ فيه ووقار
ينصبُّ كتلٍّ منهارِ ويضجُّ فتحسبه يزأر
حبشيُّ اللَّونِ كجيرته من منبعه وبحيرته
صَبَغَ الشَّطَّيْنِ بسُمْرَته لوناً كالمسكِ وكالعنبرِ

بني مصرٍ مكانكموُ تهيَّا

بني مصرٍ مكانكموُ تهيَّا فَهَيَّا مَهدُوا للمُلكِ هيَّا
خذوا شمسَ له حليَّا أَلم تَكُ تاجَ أَوّلِكم مَلِيَّا؟!
على الأخلاقِ الملكَ وابنوا فليسَ وراءَها للعِزِّ رُكن
أليس لكم بوادي النِّيل عدنُ وكوثرها الذي يجري شهيّا ؟ !
لنا وطنٌ بأَنفسِنا نَقيه وبالدُّنيا العريضة ِ نَفتديه
إذا ما سيلتِ الأرواحُ فيه بذلناها كأنْ لم نعطِ شيَّا
لنا الهرَمُ الذي صحِبَ الزمانا ومن حَدَثانِه أَخذ الأَمانا
ونحنُ بنو السَّنا العلي ، نمانا أَوائلُ عَلَّموا الأُمَمَ الرُّقِيا
تطاولَ عهدهمْ عزا وفخرا فلما آل للتاريخِ ذُخْرا
نشأنا نشأة ً في الجدِ أخرى جَعَلنا الحقَّ مَظْهرَها العَلِيّا
جعلنا مِصْرَ مِلَّة َ ذي الجَلالِ وألفنا الصليبَ على الهلالِ
وأقبلنا كصفٍّ من عوالِ يشدُّ السَّمْهَرِيُّ السَّمْهَرِيّا
نرومُ لمصرَ عزًّا لا يرامُ يرفُّ على جوانبه السَّلامُ
وينعَمُ فيه جيِرانٌ كِرامُ فلن تجدَ النَّزيلَ بنا شقيَّا
نقومُ على البناية ِ محسنينا ونعهَدُ بالتَّمامِ إلى بنينا
إليْكِ نَموتُ ـ مِصْرُ ـ كما حَيينا ويبقى وجهكِ المفديُّ حيَّا

نحنُ الكشافة ُ في الوادي

نحنُ الكشافة ُ في الوادي جَبريلُ الروحُ لنا حادِي
يا ربِّ، بعيسى ، والهادي وبموسى خُذْ بيَدِ الوطنِ
كشَّافة ُ مِصرَ، وصبيَتُها ومناة ُ الدارِ، ومنيتها
وجمالُ الأرضِ، وحليتها وطلائعُ أَفراحِ المدُنِ
نَبتدِرُ الخيرَ، ونَستبِقُ ما يَرضَى الخالقُ والخُلُقُ
بالنفسِ وخالِقِها نثِقُ ونزيد وثوقاً في المحن
في السَّهلِ نَرِفُّ رَياحِينا ونجوبُ الصخر شياطينا
نبني الأبدانَ وتبنينا والهمَّة ُ في الجسم المرنِ
ونخلِّي الخلقَ وما اعتقدوا ولوجه الخالقِ نجتهدُ
نأسو الجرْحى أَنَّى وُجِدُوا ونداوي من جرح الزمن
في الصدقِ نشأنا والكومِ والعفَّة ِ عن مسِّ الحرم
ورعاية ِ طفلٍ أو هرمِ والذودِ عن الغيدِ الحصن
ونُوافي الصَّارخَ في اللُّجَجِ والنارِ الساطعة ِ الوَهَجِ
لا نسأَلُهُ ثمنَ المُهَجِ وكفى بالواجبِ من ثمنِ
يا ربِّ، فكثِّرنا عدَدا وابذُل لأُبوَّتِنا المَدَدا
هيىء ْ لهمُ ولنا رشدا يا ربِّ، وخذ بيد الوطن

قصرَ الأعزة ِ، ما أعزَّ حماكا‍

قصرَ الأعزة ِ، ما أعزَّ حماكا‍! وأجلَّ في العلياءِ بدرَ سماكا!
تتساءلُ العربُ المقدسُ بيتها: أَأُعِيدَ بانِي رُكنِه فبَناكا؟!
وتقولُ إذ تأتيكَ تلتمسُ الهدى : سِيَّانِ هذا في الجلال وذاكا
يا مُلتَقى القمَرَيْنِ، ما أَبهاكَ! بل يا مَجْمَعَ البَحْرَين، ما أَصفاكا!
إنّ الأَمَانَة َ، والجلالة َ، والعُلا في هالة ٍ دارتْ على مغناكا
ما العِزُّ إلا في ثرَى القدَمِ التي حَسَدَتْ عليها النيِّراتُ ثراكا
يا سادسَ الأمراءِ من آبائه ما للإمارة ِ مَنْ يُعَدُّ سِواكا
التركُ تقرأُ باسمِ جدَّك في الوغى والعُرْبُ تَذكرُ في الكتاب أَباكا
نسبٌ لو انتمت النجومُ لعقدهِ لتَرَفَّعَتْ أَن تَسكنَ الأَفلاكا
شرفاً – عزيزَ العصرِ – فتَّ ملوكهُ فضلاً، وفاتَ بينهمُ نجلاكا
لك جنَّة ُ الدنيا، وكوثرها الذي يجري به في الملكِ شرطُ غناكا
ملكٌ رعيتَ اللهَ فيه، مؤيداً باسم النبي، موفقاً مسعاكا
فأَقمتَ أمراً ـ يا أَبا العباسِ ـمأْ مونَ السبيلِ على رشيد نهاكا
إن يَعرضوهُ على الجبال تَهنْ له وهيَ الجبالُ، فما أشدَّ قواكا
بسياسة تقفُ العقولُ كليلة ً لا تستطيع لكُنْهِها إدراكا
وبحكمة ٍ في الحكمِ توفيقيَّة ٍ لك يَقتَفي فيها الرجالُ خُطاكا
مَولايَ، عيدُ الفطرِ صُبحُ سُعودِه في مصرَ أسفر عن سنا بشراكا
فاستقبلِ الآمالَ فيه بشائراً وأشائراً تجالى على علياكا
وتلقَّ أَعيادَ الزمان مُنيرة ً فهناؤُه ما كان فيه هَناكا
أيامكَ الغرُّ السعيدة ُ كلها عيدٌ، فعيدُ العالمين بَقاكا
فليبقَ بيتكَ، وليدمْ ديوانه وليحيَ جندكَ، ولتعشْ شوراكا
وليهنني بك كلّ يومٍ أنني في ألفِ عيدٍ من سعودِ رضاكا
يا أيها الملك الأَريبُ، إليكها عذراءَ هامتْ في صفاتِ عُلاكا
فطوتْ إليكَ البحرَ أَبيضَ نِسبة ً لِنظيرهِ المورودِ من يُمناكا
قدِمَتْ على عيدٍ لبابك بعدما قدِمَتْ عليَّ جديدة ً نُعماكا
أو كلما جادتْ نداكَ رويتي سَبَقتْ ثَنايَ بالارتجالِ يداكا؟
أنتَ الغنيُّ عن الثناِ، فإن تردْ ما يُطربُ الملكَ الأَديبَ فهاكا