| ألمحتُ في المدينةٍ ظبياً | سمراءُ و ذي تمائمْ |
| سُبحانَ الذي اثرى على | يديْ ريا المعاصمْ |
| فودها اريجُ وردٌ | و الثغرُ يجودُ بالمكارمْ |
| و الجمرُ على الخدينِ وهجاً | و الشذى على حمرِ المباسمْ |
| شعرُها على المتنينِ دانيٍ | اسودٌ كلونِ الليلِ قاتمْ |
| و على الفودينِ كثٌّ | يَسعى كما تسعى النسائمْ |
| في أصلِها فرعُ عدنانْ | و النهى و جودُ حاتمْ |
| تَنأى عن الوشاةِ عمداً | و هديلها صوتُ الحمائمْ |
| كريمةُ المحتدْ و النهى | ومن صلبِ الأكارمْ |
| هيفاء على الجيدِ ترنحْ | و الثغرُ على الدوامِ باسمْ |
| و الكلامُ منها بلسمْ | سلافُ تسقيهُ الغمائمْ |
| ما اطيبُ عهدنا و أجمَلْ | و الفؤادُ في هواكِ هائم ْ |
| فليذهبُ العذالُ شتى | ما دامتُ في هواكِ ناعمْ |
| أجوبُ في بحرِ الهوى و اسرفْ | طَرِبٌ فيه و لستُ نادمْ |
صالح مهدي عباس المنديل
قصائد الشاعر العربي الدكتور صالح مهدي عباس المنديل في مكتبة قصائد العرب.
مدينتي الدجيل
| خليليَّ منْ رهطِ السلاميَ و خزرجٍ |
| عوجا عليَّ بالدارِ و انتظرانيْ |
| و قصّا عليَّ الحوادثَ كلها و عنْ |
| صروفِ الدهرِ قولا و حدثانيْ |
| وافياني بأخبارِ الأحبةِ كلهمُ و مآثرَ |
| الجيلِ من الفتياتِ و الصبيانِ |
| تذكرتُ المرابعَ و ايامَ الصبا |
| و هاجتْ ليَ الذكرى اسى الوجدانِ |
| يقرُ بعينيْ أنَّ الدُجيلَ فخورةٌ |
| بأننيَ صغتُ الجراحةَ طوعَ بنانيْ |
| أُقَلِبُ أطرافَ الحَديثِ و صُحبَةٍ |
| كأني أُناجيَ التوبادَ و الريانِ |
| يا حبذا ارضُ الدجيلُ اذا سرتْ |
| ريحُ الصبا و إخضَّرتْ الوديانِ |
| فيها بساتينُِ النخيلُ ظليلةٌ و بها |
| لذيذُ التمرُ و الأعنابِ و الرمانِ |
| هنا تعلمتُ الحديثَ و نظمه و |
| تداولتْ اطرافَ الكتابِ بنانيْ |
| فان ليَّ في ارضِ الدجيلِ لبانةٌ لما |
| تزلْ تُشجي سويدا القلبِ بالخفقانِ |
| خذاني إلى كلِ الأزقةِ بالحمى و خبرا |
| جميعَ اهلِ الحي و الجيرانِ |
| خذاني إلى دارِ المعلمِ كي اشيدُ |
| بهم و أواسيهمُ بالشكرِ و العرفانِ |
| خذني إلى النهرينِ جفتْ منابعهمْ |
| و أقرأُ على تلِ الأببترِ شجوَ أحزاني |
| بلغني أنَّ المنونَ وافتْ بعضهمْ |
| خبرٌ يهيّجُ الوجدانَ و الأشجانِ |
| فكتبتُ ابياتاً حزينةً ومزجتُ |
| المدادَ بدمعِ العينِ سطّرتُ بيانيْ |
| تغربتُ فاصبتُ بها شهداً و صاباً |
| و نقشتُ بها على جدارِ الصمتِ احزانيْ |
| إنّي التمستُ قاضي الدهرَ ثمَ |
| اشتكيتُهُ فالويلْ كلَ الويلِ للحدثانِ |
خليلي
| خليليَّ من رهط السلامي وخزرجٍ | عوجا علي بالدار وانتظراني |
| وقصّا عليَّ الحوادث كلها | وعن صروف الدهر قولا وحدثاني |
| وافياني بأخبار الأحبة كلهم ومآثر | الجيلِ من الفتيات والصبيانِ |
| تذكرت المرابع وأيام الصبا | وهاجت لي الذكرى أسي الوجدان |
| يقر بعيني أنَّ الدُجيل فخورة بأنني | صغتُ الجراحةَ طوعَ بناني |
| يا حبذا أرض الدجيل إذا سرت | ريح الصبا واخضرت الوديانِ |
| فيها بساتين النخيل ظليلة وبها | لذيذ التمر والأعناب والرمانِ |
| فان ليَّ في ارض الدجيل لبانة لما | تزل تشجي سويدا القلب بالخفقان |
| خذاني إلى كل الأزقة بالحمى وخبرا | جميع أهل الحي والجيرانِ |
| خذاني إلى دار المعلم كي أشيد بهم | وأواسيهمُ بالشكر والعرفانِ |
| خذني إلى النهرين جفت منابعهم | وأقرأ على تل الأبتر شجو أحزاني |
| بلغني أن المنون وافت بعضهم خبرٌ | يهيّج الوجدان والأشجانِ |
| فكتبت أبياتاً حزينة ومزجتُ المداد | بدمع العين سطّرتُ بياني |
| تغربت فأصبتُ بها شهداً وصابا | ونقشت بها على جدار الصمت أحزاني |
| إني التمست قاضي الدهر ثم | اشتكيته فالويل كل الويل للحدثانِ |
يا أم هالة
| يا أم هالةَ جودي علينا بلقاء |
| و نظرةٍ فيها اللقاءُ بموعدِ |
| هل تحكمْ الأيامُ أنْ لا لقاءَ |
| لنا بعدَ اليومِ حكماً مؤكدِ |
| ألمُ الصبابةَ صاحبٌ يراودُني |
| في كلِ يومٍ ينامُ معي ثم يقعدِ |
| ألمُ الصبابةَ ثوبٌ البكاءِ ارتضيتهُ |
| و مَسحتُ مجرى المدامعِ باليدِ |
| و لمْ أرى مثل الصبابة ألماً |
| استزيدُ منهُ و هو يجود و يزددِ |
| جرّبتُ بناتَ العُربِ من حضرٍ |
| و ما عرفت ُالاكِ يا ابهى فصائدي |
| ما الود بعدكِ إلا صحراءَ مقفرةً |
| شحتْ عليَّ و شُلَتْ ايادي المساعدِ |
| ما زالَ شَوقي إليكمْ يؤرقني ولنْ |
| يهونَ و قد هانتْ جميع الشدائدِ |
| عودي ولو طالتْ الأزمانْ يا أمَ |
| هالةِ و لا تبخلي علينا بموعدِ |
| أنا بعدكمْ في صحراءِ مقفرةٍ |
| كأنَ دنيايَ ما بها قطُ من أحدِ |
لجين
| يَحِنُّ قلبي للُقيا لجينُ تسيرُ |
| و صحبها مثلَ الظِباءٌ الغرائرُ |
| لقد أصابتني لجينُ بسهمٍ من |
| سهامِ عيونُها الخضرُ الفواتِرُ |
| لجينٌ و صويحباتها رباتُ خدرٍ |
| محصناتٌ دونَهنَّ ستائرُ |
| يَقولنَّ نعمْ من مثلِنا يرتجى |
| للرجالِ خَلٌ أو حبيبٌ مؤازرُ |
| ما ألا ليتَ طيف ٌمن لُجين |
| يأتي في مناميَ المساءُ زائرُ |
| سأتلو لها شغفي و كيفَ |
| بعدها دارتْ علينا الدوائرٌ |
| كمْ أحنُ لأيام الصبا يا لُجينُ |
| و تصبيني إليكِ العيونُ النواظرُ |
| و يا ليتَ إيامَ الشبابِ رواجعٌ |
| و الودُ بيني و بينكِ عامرُ |
| فهلْ تسمعُ الايام عتباً لعاتبٍ |
| لأخبرُها عن الخطوب الجوائرُ؟ |
| راحتْ الأيام تسري على عجلٍ |
| و أن تصريف الحوادث غادرُ |
| أقولُ لَهُ يا دهرُ ما أنصفتَني |
| فأينَ مني خِلِّ و أين منيَ سامِرُ |
| فَما لجينُ إلا غزالٌ شادنٌ |
| نقيةٌ قلبٌ عفيفةْ سَرائرُ |
| أذا تفوهت ألحانُ سعدٍ |
| أو إنه صوتُ الحمامُ الهادرُ |
| في كُلِ وجنةِ منها الشمسْ |
| و نورُ جبينها البدرُ فيه زاهرُ |
| يأسِفُني ما بئتم بهِ بعدنا |
| إذ أحدثَ الدهر ما كُنّا نُحاذِرُ |
الدنيا
| اذا كنتَ ذو حظٍ عظيمٍ وقاكَ اللهُ |
| من نائباتِ الدَهرْ و الدهرُ غادرُ |
| لا يملُكُ ابن آدمَ من عمرهِ سوى |
| يومَهُ و ما ذاكَ إلّا طيفٌ سريعٌ عابرُ |
| تتخطَفُه الأحداث مِنْ كلِ جانبٍ |
| برقٌ في غمامِ المزنِ و المزنُ سائرُ |
| تفاوتَ الفتيانُ في الدُنيا نصيبهم |
| بين جزوعٌ على كربِ النائباتِ و صابرُ |
| و ما هي إلا دارُ بلوى تترصدنا الحادثاتُ |
| وما نَصيبُ منَ الحظِ و الحظُ جائرُ |
| فهذا غني و ذا فقير و ذاكَ ذو علمٍ |
| أو أخو جهالةَ لهُ اللذّات ليسَ البصائرُ |
| إذا أصابتهُ النائباتُ يَسلو بعد برهة |
| و إنها لِذي الألبابْ جرحٌ عميقٌ و غائرُ |
| فَما لذَّةٌ تبقى مثلُ ريعانُ الصبى و ما |
| حلمٌ كأيامِِ الكهولةِ و نُضجُ الضمائرُ |
| يزولُ بريق العين إذا ولى الشباب و |
| رصعتنا الحوادثُ و دارتْ علينا الدوائرُ |
| أرى الناسَ بَعدَ خمسينهمُ حطاماً كأنهم |
| أشلاء تمشي أو بقايا العصور الغوابرُ |
| ضرَّستهم حاثات الدهر و من آثاره |
| بهمُ ندوبُ الحوافرُ أو خدوش الأظافرُ |
| مضى زمانُ اللهوُ يأسفني لا عودٌ لهُ |
| و زمان الحب ُو الودُ ولّى فهوَ داثرُ |
| لا يفلحُ المرء في بيعٍ و شراء ما لم |
| يجيدُ معَ بعضِ الناسَ شدُ الأواصرُ |
| يغنيكَ حِسنُ الأداب عن علمِ عالمٍ |
| إن جمعتَ بينهما تُخَلدُ لذكراك المآثرُ |
| سقى اللهُ مَن جَدّ فيها و صانَ عرضهُ |
| فمن سواهُ في سباق المجدِ عُدَ خاسرُ |