لقيت العفاة بآمالها

لَقِيتَ العُفَاةَ بآمالِها وَزُرْتَ العُداةَ بآجالِهَا
وَأقْبَلَتِ الرّومُ تَمشِي إلَيْـ ـكَ بَينَ اللّيُوثِ وَأشبالِهَا
إذا رَأتِ الأُسْدَ مَسْبِيّةً فأينَ تَفِرُّ بأطْفالِهَا

وصفت لنا ولم نره سلاحا

وَصَفْتَ لَنَا، وَلم نَرَهُ، سِلاحاً كأنّكَ وَاصِفٌ وَقْتَ النّزالِ
وَأنّ البَيْضَ صُفّ عَلى دُرُوعٍ فَشَوّقَ مَنْ رَآهُ إلى القِتَالِ
وَلَوْ أطْفَأتَ نَارَكَ تا لَدَيْهِ قَرَأتَ الخَطّ في سُودِ اللّيَالي
وَلَوْ لحَظَ الدُّمُسْتُقُ حَافَتَيْهِ لَقَلّبَ رَأيَهُ حَالاً لحَالِ
إنِ اسْتَحْسَنْتَ وَهْوَ على بِساطٍ فأحسَنُ ما يكُونُ عَلى الرّجالِ

ليالي بعد الظاعنين شكول

لَيَاليّ بَعْدَ الظّاعِنِينَ شُكُولُ طِوالٌ وَلَيْلُ العاشِقينَ طَويلُ
يُبِنَّ ليَ البَدْرَ الذي لا أُريدُهُ وَيُخْفِينَ بَدْراً مَا إلَيْهِ سَبيلُ
وَمَا عِشْتُ مِنْ بَعدِ الأحِبّةِ سَلوَةً وَلَكِنّني للنّائِبَاتِ حَمُولُ
وَإنّ رَحِيلاً وَاحِداً حَالَ بَيْنَنَا وَفي المَوْتِ مِنْ بَعدِ الرّحيلِ رَحيلُ
إذا كانَ شَمُّ الرَّوحِ أدْنَى إلَيْكُمُ فَلا بَرِحَتْني رَوْضَةٌ وَقَبُولُ
وَمَا شَرَقي بالمَاءِ إلاّ تَذكّراً لمَاءٍ بهِ أهْلُ الحَبيبِ نُزُولُ
يُحَرّمُهُ لَمْعُ الأسِنّةِ فَوْقَهُ فَلَيْسَ لِظَمْآنٍ إلَيْهِ وُصُولُ
أما في النّجوم السّائراتِ وغَيرِهَا لِعَيْني عَلى ضَوْءِ الصّباحِ دَليلُ
ألمْ يَرَ هذا اللّيْلُ عَيْنَيْكِ رُؤيَتي فَتَظْهَرَ فيهِ رِقّةٌ وَنُحُولُ
لَقيتُ بدَرْبِ القُلّةِ الفَجْرَ لَقْيَةً شَفَتْ كَبِدي وَاللّيْلُ فِيهِ قَتيلُ
وَيَوْماً كأنّ الحُسْنَ فيهِ عَلامَةٌ بعَثْتِ بهَا والشّمسُ منكِ رَسُولُ
وَما قَبلَ سَيفِ الدّوْلَةِ کثّارَ عاشِقٌ ولا طُلِبَتْ عندَ الظّلامِ ذُحُولُ
وَلَكِنّهُ يَأتي بكُلّ غَريبَةٍ تَرُوقُ عَلى استِغْرابِها وَتَهُولُ
رَمَى الدّرْبَ بالجُرْدِ الجيادِ إلى العِدى وَما عَلِمُوا أنّ السّهامَ خُيُولُ
شَوَائِلَ تَشْوَالَ العَقَارِبِ بالقَنَا لهَا مَرَحٌ مِنْ تَحْتِهِ وَصَهيلُ
وَما هيَ إلاّ خَطْرَةٌ عَرَضَتْ لَهُ بحَرّانَ لَبّتْهَا قَناً وَنُصُولُ
هُمَامٌ إذا ما هَمّ أمضَى هُمُومَهُ بأرْعَنَ وَطْءُ المَوْتِ فيهِ ثَقيلُ
وَخَيْلٍ بَرَاهَا الرّكضُ في كلّ بلدةٍ إذا عَرّسَتْ فيها فلَيسَ تَقِيلُ
فَلَمّا تَجَلّى مِنْ دَلُوكٍ وَصَنْجةٍ عَلَتْ كلَّ طَوْدٍ رَايَةٌ وَرَعيلُ
على طُرُقٍ فيها على الطُّرْقِ رِفْعَةٌ وَفي ذِكرِها عِندَ الأنيسِ خُمُولُ
فَمَا شَعَرُوا حَتى رَأوْهَا مُغِيرَةً قِبَاحاً وَأمّا خَلْقُها فَجَميلُ
سَحَائِبُ يَمْطُرْنَ الحَديدَ علَيهِمِ فكُلُّ مَكانٍ بالسّيوفِ غَسيلُ
وَأمْسَى السّبَايَا يَنْتَحِبنَ بعِرْقَةٍ كأنّ جُيُوبَ الثّاكِلاتِ ذُيُولُ
وَعادَتْ فَظَنّوهَا بمَوْزَارَ قُفّلاً وَلَيسَ لهَا إلاّ الدّخولَ قُفُولُ
فَخاضَتْ نَجيعَ القَوْمِ خَوْضاً كأنّهُ بكُلِّ نَجيعٍ لمْ تَخُضْهُ كَفيلُ
تُسايِرُها النّيرانُ في كلّ مَنزِلٍ بهِ القوْمُ صَرْعَى والدّيارُ طُلولُ
وَكَرّتْ فمَرّتْ في دِماءِ مَلَطْيَةٍ مَلَطْيَةُ أُمٌّ للبَنِينَ ثَكُولُ
وَأضْعَفْنَ ما كُلّفْنَهُ مِنْ قُباقِبٍ فأضْحَى كأنّ الماءَ فيهِ عَليلُ
وَرُعْنَ بِنَا قَلْبَ الفُراتِ كأنّمَا تَخِرُّ عَلَيْهِ بالرّجالِ سُيُولُ
يُطارِدُ فيهِ مَوْجَهُ كُلُّ سابحٍ سَواءٌ عَلَيْهِ غَمْرَةٌ وَمسيلُ
تَراهُ كأنّ المَاءَ مَرّ بجِسْمِهِ وَأقْبَلَ رَأسٌ وَحْدَهُ وتَليلُ
وَفي بَطْنِ هِنريطٍ وَسِمْنينَ للظُّبَى وَصُمِّ القَنَا مِمّنْ أبَدْنَ بَدِيلُ
طَلَعْنَ عَلَيْهِمْ طَلْعَةً يَعْرِفُونَها لهَا غُرَرٌ مَا تَنْقَضِي وَحُجُولُ
تَمَلُّ الحُصُونُ الشُّمُّ طُولَ نِزالِنَا فَتُلْقي إلَيْنَا أهْلَهَا وَتَزُولُ
وَبِتْنَ بحصْنِ الرّانِ رَزْحَى منَ الوَجى وَكُلُّ عَزيزٍ للأمِيرِ ذَلِيلُ
وَفي كُلِّ نَفْسٍ ما خَلاهُ مَلالَةٌ وَفي كُلِّ سَيفٍ ما خَلاهُ فُلُولُ
وَدُونَ سُمَيْساطَ المَطامِيرُ وَالمَلا وَأوْدِيَةٌ مَجْهُولَةٌ وَهُجُولُ
لَبِسْنَ الدّجَى فيها إلى أرْضِ مرْعَشٍ وَللرّومِ خَطْبٌ في البِلادِ جَليلُ
فَلَمّا رَأوْهُ وَحْدَهُ قَبْلَ جَيْشِهِ دَرَوْا أنّ كلَّ العالَمِينَ فُضُولُ
وَأنّ رِمَاحَ الخَطّ عَنْهُ قَصِيرَةٌ وَأنّ حَديدَ الهِنْدِ عَنهُ كَليلُ
فأوْرَدَهُمْ صَدْرَ الحِصانِ وَسَيْفَهُ فَتًى بأسُهُ مِثْلُ العَطاءِ جَزيلُ
جَوَادٌ عَلى العِلاّتِ بالمالِ كُلّهِ وَلَكِنّهُ بالدّارِعِينَ بَخيلُ
فَوَدّعَ قَتْلاهُمْ وَشَيّعَ فَلَّهُمْ بضَرْبٍ حُزُونُ البَيضِ فيهِ سُهولُ
على قَلْبِ قُسْطَنْطينَ مِنْهُ تَعَجّبٌ وَإنْ كانَ في ساقَيْهِ مِنْهُ كُبُولُ
لَعَلّكَ يَوْماً يا دُمُسْتُقُ عَائِدٌ فَكَمْ هارِبٍ مِمّا إلَيْهِ يَؤولُ
نَجَوْتَ بإحْدَى مُهْجَتَيْكَ جرِيحةً وَخَلّفتَ إحدى مُهجَتَيكَ تَسيلُ
أتُسْلِمُ للخَطّيّةِ ابنَكَ هَارِباً وَيَسْكُنَ في الدّنْيا إلَيكَ خَليلُ
بوَجْهِكَ ما أنْساكَهُ مِنْ مُرِشّةٍ نَصِيرُكَ منها رَنّةٌ وَعَوِيلُ
أغَرّكُمُ طولُ الجُيوشِ وَعَرْضُهَا عَليٌّ شَرُوبٌ للجُيُوشِ أكُولُ
إذا لم تَكُنْ للّيْثِ إلاّ فَريسَةً غَذاهُ وَلم يَنْفَعْكَ أنّكَ فِيلُ
إذا الطّعْنُ لم تُدْخِلْكَ فيهِ شَجاعةٌ هيَ الطّعنُ لم يُدخِلْكَ فيهِ عَذولُ
وَإنْ تَكُنِ الأيّامُ أبْصَرْنَ صَوْلَهُ فَقَدْ عَلّمَ الأيّامَ كَيفَ تَصُولُ
فَدَتْكَ مُلُوكٌ لم تُسَمَّ مَوَاضِياً فإنّكَ ماضِي الشّفْرَتَينِ صَقيلُ
إذا كانَ بَعضُ النّاسِ سَيفاً لدَوْلَةٍ فَفي النّاسِ بُوقاتٌ لهَا وطُبُولُ
أنَا السّابِقُ الهادي إلى ما أقُولُهُ إذِ القَوْلُ قَبْلَ القائِلِينَ مَقُولُ
وَما لكَلامِ النّاسِ فيمَا يُريبُني أُصُولٌ ولا للقائِليهِ أُصُولُ
أُعَادَى على ما يُوجبُ الحُبَّ للفَتى وَأهْدَأُ وَالأفكارُ فيّ تَجُولُ
سِوَى وَجَعِ الحُسّادِ داوِ فإنّهُ إذا حلّ في قَلْبٍ فَلَيسَ يحُولُ
وَلا تَطْمَعَنْ من حاسِدٍ في مَوَدّةٍ وَإنْ كُنْتَ تُبْديهَا لَهُ وَتُنيلُ
وَإنّا لَنَلْقَى الحادِثاتِ بأنْفُسٍ كَثيرُ الرّزايا عندَهنّ قَليلُ
يَهُونُ عَلَيْنَا أنْ تُصابَ جُسُومُنَا وَتَسْلَمَ أعْراضٌ لَنَا وَعُقُولُ
فَتيهاً وَفَخْراً تَغْلِبَ ابْنَةَ وَائِلٍ فَأنْتِ لخَيرِ الفاخِرِينَ قَبيلُ
يَغُمُّ عَلِيّاً أنْ يَمُوتَ عَدُوُّهُ إذا لم تَغُلْهُ بالأسِنّةِ غُولُ
شَريكُ المَنَايَا وَالنّفُوسُ غَنيمَةٌ فَكُلُّ مَمَاتٍ لم يُمِتْهُ غُلُولُ
فإنْ تَكُنِ الدّوْلاتُ قِسْماً فإنّهَا لِمَنْ وَرَدَ المَوْتَ الزّؤامَ تَدُولُ
لِمَنْ هَوّنَ الدّنْيا على النّفسِ ساعَةً وَللبِيضِ في هامِ الكُماةِ صَليلُ

إن كنت عن خير الأنام سائلا

إنْ كنتَ عَنْ خَيرِ الأنَامِ سَائِلا فَخَيْرُهُمْ أكثَرُهُمْ فَضائِلا
مَن أنتَ مِنهمْ يا هُمامَ وَائِلا ألطّاعِنِينَ في الوَغَى أوَائِلا
وَالعاذِلِينَ في النّدَى العَواذِلا قد فَضَلوا لفَضْلِكَ القَبَائِلا

دروع لملك الروم هذي الرسائل

دُرُوعٌ لمَلْكِ الرّومِ هذي الرّسائِلُ يَرُدّ بهَا عَنْ نَفْسِهِ وَيُشَاغِلُ
هيَ الزّرَدُ الضّافي علَيْهِ وَلَفْظُها عَلَيْكَ ثَنَاءٌ سَابِغٌ وَفَضائِلُ
وَأنّى اهْتَدَى هذا الرّسُولُ بأرْضِهِ وَما سكَنَتْ مذْ سرْتَ فيها القساطِلُ
وَمن أيّ ماءٍ كانَ يَسقي جِيادَهُ وَلم تَصْفُ مِن مَزْجِ الدّماءِ المَناهِلُ
أتَاكَ يكادُ الرّأسُ يَجْحَدُ عُنقَهُ وَتَنْقَدّ تحتَ الدّرْعِ منهُ المَفَاصِلُ
يُقَوِّمُ تَقْوِيمُ السِّماطَينِ مَشْيَهُ إلَيكَ إذا ما عَوّجَتْهُ الأفَاكِلُ
فَقَاسَمَكَ العَينَينِ منهُ وَلَحْظَهُ سَمِيُّكَ وَالخِلُّ الذي لا تُزَايِلُ
وَأبصَرَ منكَ الرّزْقَ وَالرّزْقُ مُطمِعٌ وَأبصَرَ منهُ المَوْتَ وَالمَوْتُ هَائِلُ
وَقَبّلَ كُمّاً قَبّلَ التُّرْبَ قَبْلَهُ وَكُلُّ كَميٍّ وَاقِفٌ مُتَضائِلُ
وَأسْعَدُ مُشتاقٍ وَأظْفَرُ طَالِبٍ هُمَامٌ إلى تَقبيلِ كُمّكَ وَاصِلُ
مَكانٌ تَمنّاهُ الشّفَاهُ وَدونَهُ صُدورُ المَذاكي وَالرّماحُ الذّوَابِلُ
فَما بَلّغَتْهُ ما أرَادَ كَرامَةٌ عَلَيْكَ وَلَكِنْ لم يخِبْ لكَ سائِلُ
وَأكْبَرَ مِنْهُ هِمّةً بَعَثَتْ بِهِ إلَيْكَ العِدى وَاستَنظَرَته الجَحافِلُ
فأقْبَلَ مِنْ أصْحابِهِ وَهوَ مُرْسَلٌ وَعادَ إلى أصْحابِهِ وَهْوَ عاذِلُ
تَحَيّرَ في سَيْفٍ رَبيعَةُ أصْلُهُ وَطابِعُهُ الرّحْم?نُ وَالمَجدُ صاقِلُ
وَمَا لَوْنُهُ مِمّا تُحَصّلُ مُقْلَةٌ وَلا حَدُّهُ مِمّا تَجُسُّ الأنامِلُ
إذا عايَنَتْكَ الرُّسْلُ هانَتْ نُفُوسُها عَلَيْها وَما جاءَتْ بهِ وَالمُرَاسِلُ
رَجَا الرّومُ مَنْ تُرْجى النّوَافلُ كلّها لَدَيهِ وَلا تُرْجى لدَيهِ الطّوَائِلُ
فإنْ كانَ خوْفُ القَتلِ وَالأسرِ ساقَهم فقَد فعَلوا ما القَتلُ وَالأسرُ فاعِلُ
فخافُوكَ حتى ما لقَتلٍ زِيادَةٌ وَجاؤوكَ حتى ما تُرَادُ السّلاسِلُ
أرَى كُلَّ ذي مُلْكٍ إلَيكَ مَصِيرُهُ كأنّكَ بَحْرٌ وَالمُلُوكُ جَداوِلُ
إذا مَطَرَتْ مِنهُمْ ومنكَ سَحائِبٌ فَوَابِلُهُمْ طَلٌّ وَطَلُّكَ وَابِلُ
كريمٌ متى اسْتُوهِبْتَ ما أنتَ رَاكبٌ وَقد لَقِحتْ حَرْبٌ فإنّكَ نازِلُ
أذا الجُودِ أعْطِ النّاسَ ما أنتَ مالكٌ وَلا تُعْطِيَنّ النّاسَ ما أنَا قائِلُ
أفي كلّ يوْمٍ تحتَ ضِبْني شُوَيْعِرٌ ضَعيفٌ يُقاويني قَصِيرٌ يُطاوِلُ
لِساني بنُطْقي صامِتٌ عنهُ عادِلٌ وَقَلبي بصَمتي ضاحِكٌ منهُ هازِلُ
وَأتْعَبُ مَنْ ناداكَ مَنْ لا تُجيبُهُ وَأغيَظُ مَنْ عاداكَ مَن لا تُشاكلُ
وَما التّيهُ طبّي فيهِمِ غَيرَ أنّني بَغيضٌ إليّ الجاهِلُ المُتَعَاقِلُ
وَأكْبَرُ تيهي أنّني بكَ وَاثِقٌ وَأكْثَرُ مالي أنّني لَكَ آمِلُ
لَعَلّ لسَيْفِ الدّوْلَةِ القَرْمِ هَبّةً يَعيشُ بها حَقٌّ وَيَهلِكُ باطِلُ
رَمَيْتُ عِداهُ بالقَوافي وَفَضْلِهِ وَهُنّ الغَوَازي السّالماتُ القَوَاتِلُ
وقَدْ زَعَمُوا أنّ النّجومَ خَوالِدٌ وَلَوْ حارَبَتْهُ نَاحَ فيها الثّواكِلُ
وَمَا كانَ أدْناها لَهُ لَوْ أرَادَهَا وَألْطَفَهَا لَوْ أنّهُ المُتَنَاوِلُ
قَريبٌ عَلَيْهِ كُلُّ ناءٍ على الوَرَى إذا لَثّمَتْهُ بالغُبَارِ القَنَابِلُ
تُدَبّرُ شرْقَ الأرْض وَالغرْبَ كَفُّهُ وَلَيسَ لها وَقْتاً عنِ الجُودِ شَاغِلُ
يُتَبِّعُ هُرّابَ الرّجالِ مُرَادَهُ فَمَنْ فَرّ حَرْباً عارَضَتْهُ الغَوَائِلُ
وَمَنْ فَرّ مِنْ إحْسَانِهِ حَسَداً لَهُ تَلَقّاهُ منْهُ حَيثُما سارَ نَائِلُ
فَتًى لا يَرَى إحْسانَهُ وَهْوَ كامِلٌ لهُ كامِلاً حتى يُرَى وهوَ شَامِلُ
إذا العَرَبُ العَرْباءُ رَازَتْ نُفُوسَها فأنْتَ فَتَاهَا وَالمَليكُ الحُلاحِلُ
أطاعَتْكَ في أرْوَاحِهَا وَتَصَرّفَتْ بأمرِكَ وَالتَفّتْ عَلَيْكَ القَبَائِلُ
وَكُلُّ أنَابِيبِ القَنَا مَدَدٌ لَهُ وَما يَنكُتُ الفُرْسانَ إلاّ العَوَامِلُ
رَأيتُك لوْ لم يَقتَضِ الطّعنُ في الوَغى إلَيكَ انقِياداً لاقتَضَتْهُ الشّمائِلُ
وَمَنْ لم تُعَلّمْهُ لكَ الذّلَّ نَفْسُهُ منَ النّاسِ طُرّاً عَلّمَتْهُ المَناصِلُ

إن يكن صبر ذي الرزيئة فضلا

إنْ يكُنْ صَبرُ ذي الرّزيئَةِ فَضْلا تكُنِ الأفضَلَ الأعَزّ الأجَلاّ
أنتَ يا فوْقَ أنْ تُعَزّى عنِ الأحـ ـبابِ فوْقَ الذي يُعزّيكَ عَقْلا
وَبألفاظِكَ اهْتَدَى فإذا عَزّ اكَ قَالَ الذي لَهُ قُلتَ قَبْلا
قَدْ بَلَوْتَ الخُطوبَ مُرّاً وَحُلْواً وَسَلَكتَ الأيّامَ حَزْناً وَسَهْلا
وَقَتَلْتَ الزّمانَ عِلْماً فَمَا يُغْـ رِبُ قَوْلاً وَلا يُجَدِّدُ فِعْلا
أجِدُ الحُزْنَ فيكَ حِفْظاً وَعَقْلاً وَأرَاهُ في النّاسِ ذُعراً وجَهْلا
لَكَ إلْفٌ يَجُرّهُ وَإذا مَا كرُمَ الأصْلُ كانَ للإلْفِ أصلا
وَوَفَاءٌ نَبَتَّ فيهِ وَلَكِنْ لم يَزَلْ للوَفَاء أهْلُكَ أهْلا
إنّ خَيرَ الدّمُوعِ عَوْناً لَدَمْعٌ بَعَثَتْهُ رِعايَةٌ فاسْتَهَلاّ
أينَ ذي الرِّقّةُ التي لَكَ في الحَرْ بِ إذا استُكرِهَ الحَديدُ وَصَلاّ
أينَ خَلّفْتَهَا غَداةَ لَقِيتَ الـ ـرّومَ وَالهَامُ بالصّوارِمِ تُفْلَى
قاسَمَتْكَ المَنُونُ شَخْصَينِ جوْراً جَعَلَ القِسْمُ نَفْسَهُ فيهِ عَدْلا
فإذا قِسْتَ ما أخَذْنَ بمَا غَا دَرْنَ سرّى عَنِ الفُؤادِ وَسَلّى
وَتَيَقّنْتَ أنّ حَظّكَ أوْفَى وَتَبَيّنْتَ أنّ جَدّكَ أعْلَى
وَلَعَمْرِي لَقَدْ شَغَلْتَ المَنَايَا بالأعادي فكَيفَ يَطلُبنَ شُغلا
وَكَمِ انتَشْتَ بالسّيُوفِ منَ الدهـ ـرِ أسيراً وَبالنّوَالِ مُقِلاّ
عَدّها نُصرَةً عَلَيْهِ فَلَمّا صَالَ خَتْلاً رَآهُ أدرَكَ تَبْلا
كَذَبَتْهُ ظُنُونُهُ، أنْتَ تُبْليـ ـهِ وَتَبْقى في نِعْمَةٍ لَيسَ تَبْلَى
وَلَقَدْ رَامَكَ العُداةُ كَمَا رَا مَ فلَمْ يجرَحوا لشَخصِكَ ظِلاّ
وَلَقَدْ رُمْتَ بالسّعادَةِ بَعْضاً من نُفُوسِ العِدى فأدركتَ كُلاّ
قارَعَتْ رُمحَكَ الرّماحُ وَلَكِنْ تَرَكَ الرّامحِينَ رُمحُكَ عُزْلا
لوْ يكونُ الذي وَرَدْتَ من الفَجْـ ـعَةِ طَعناً أوْرَدْتَهُ الخَيلَ قُبْلا
وَلَكَشّفْتَ ذا الحَنينَ بضَرْبٍ طالمَا كَشّفَ الكُرُوبَ وجَلّى
خِطْبَةٌ للحِمامِ لَيسَ لهَا رَدٌّ وَإنْ كانَتِ المُسمّاةَ ثُكْلا
وَإذا لم تَجِدْ مِنَ النّاسِ كُفأً ذاتُ خِدْرٍ أرَادَتِ المَوْتَ بَعلا
وَلَذيذُ الحَيَاةِ أنْفَسُ في النّفْـ ـسِ وَأشهَى من أنْ يُمَلّ وَأحْلَى
وَإذا الشّيخُ قَالَ أُفٍّ فَمَا مَـ ـلّ حَيَاةً وَإنّمَا الضّعْفَ مَلاّ
آلَةُ العَيشِ صِحّةٌ وَشَبَابٌ فإذا وَلّيَا عَنِ المَرْءِ وَلّى
أبَداً تَسْتَرِدّ مَا تَهَبُ الدّنْـ ـيَا فَيا لَيتَ جُودَها كانَ بُخْلا
فكفَتْ كوْنَ فُرْحةٍ تورِثُ الغمّ وَخِلٍّ يُغادِرُ الوَجْدَ خِلاّ
وَهيَ مَعشُوقةٌ على الغَدْرِ لا تَحْـ ـفَظُ عَهْداً وَلا تُتَمّمُ وَصْلا
كُلُّ دَمْعٍ يَسيلُ مِنهَا عَلَيْها وَبِفَكّ اليَدَينِ عَنْها تُخَلّى
شِيَمُ الغَانِيَاتِ فِيها فَمَا أدْ ري لذا أنّثَ اسْمَها النّاسُ أم لا
يا مَليكَ الوَرَى المُفَرِّقَ مَحْياً وَمَمَاتاً فيهِمْ وَعِزّاً وَذُلاّ
قَلّدَ الله دَوْلَةً سَيْفُهَا أنْـ ـتَ حُساماً بالمَكْرُماتِ مُحَلّى
فَبِهِ أغْنَتِ المَوَاليَ بَذْلاً وَبِهِ أفْنَتِ الأعاديَ قَتْلا
وَإذا اهْتَزّ للنّدَى كانَ بَحراً وَإذا اهْتَزّ للرّدَى كان نَصْلا
وَإذا الأرْضُ أظلمتْ كانَ شَمساً وَإذا الأرْضُ أمحَلَتْ كانَ وَبْلا
وَهوَ الضّارِبُ الكَتيبَةَ وَالطّعْـ ـنَةُ تَغْلُو وَالضّرْبُ أغلى وَأغلَى
أيّهَا البَاهِرُ العُقُولَ فَمَا تُدْ رَكُ وَصْفاً أتعَبْتَ فكري فمَهْلا
مَنْ تَعَاطَى تَشَبّهاً بِكَ أعْيَا هُ وَمَنْ دَلّ في طَرِيقِكَ ضَلا
وَإذا ما اشتَهَى خُلُودَكَ داعٍ قالَ لا زُلتَ أوْ ترَى لكَ مِثْلا