أجابَ دَمعي وما الدّاعي سوَى طَلَلِ | دَعَا فَلَبّاهُ قَبلَ الرَّكبِ وَالإبِلِ |
ظَلِلْتُ بَينَ أُصَيْحابي أُكَفْكِفُهُ | وَظَلّ يَسفَحُ بَينَ العُذْرِ وَالعَذَلِ |
أشكُو النّوَى ولهُمْ من عَبرَتي عجبٌ | كذاكَ كنتُ وما أشكو سوَى الكِلَلِ |
وَمَا صَبابَةُ مُشْتاقٍ على أمَلٍ | مِنَ اللّقَاءِ كمُشْتَاقٍ بلا أمَلِ |
متى تَزُرْ قَوْمَ مَنْ تَهْوَى زِيارَتَهَا | لا يُتْحِفُوكَ بغَيرِ البِيضِ وَالأسَلِ |
وَالهَجْرُ أقْتَلُ لي مِمّا أُراقِبُهُ | أنَا الغَريقُ فَما خَوْفي منَ البَلَلِ |
مَا بالُ كُلّ فُؤادٍ في عَشيرَتِهَا | بهِ الذي بي وَما بي غَيرُ مُنتَقِلِ |
مُطاعَةُ اللّحْظِ في الألحاظِ مالِكَةٌ | لمُقْلَتَيْها عَظيمُ المُلْكِ في المُقَلِ |
تَشَبَّهُ الخَفِراتُ الآنِسَاتُ بهَا | في مَشيِهَا فيَنَلنَ الحُسنَ بالحِيَلِ |
قَدْ ذُقْتُ شِدّةَ أيّامي وَلَذّتَهَا | فَمَا حَصَلتُ على صابٍ وَلا عَسَلِ |
وَقَد أراني الشبابُ الرّوحَ في بَدَني | وَقد أراني المَشيبُ الرّوحَ في بَدَلي |
وَقَدْ طَرَقْتُ فَتَاةَ الحَيّ مُرْتَدِياً | بصاحِبٍ غَيرِ عِزْهاةٍ وَلا غَزِلِ |
فَبَاتَ بَينَ تَراقِينَا نُدَفّعُهُ | ولَيسَ يَعلَمُ بالشّكوَى وَلا القُبَلِ |
ثمّ اغْتَدَى وَبِهِ مِنْ دِرْعِهَا أثَرٌ | على ذُؤابَتِهِ وَالجَفْنِ وَالخِلَلِ |
لا أكْسِبُ الذّكرَ إلاّ مِنْ مَضارِبه | أوْ مِنْ سِنانِ أصَمِّ الكَعْبِ مُعتَدِلِ |
جادَ الأميرُ بهِ لي في مَوَاهِبِهِ | فَزانَهَا وَكَسَاني الدّرْعَ في الحُلَلِ |
وَمِنْ عَليّ بنِ عَبْدِالله مَعْرِفَتي | بحَمْلِهِ، مَنْ كَعَبدِ الله أوْ كَعَلي |
مُعطي الكواعبِ وَالجُرْدِ السّلاهبِ وَالـ | ـبيضِ القَواضِبِ وَالعَسّالَةِ الذُّبُلِ |
ضاقَ الزّمانُ وَوَجهُ الأرْض عن ملِكٍ | مِلءِ الزّمانِ ومِلءِ السّهْلِ وَالجبَلِ |
فنَحنُ في جَذَلٍ والرّومُ في وَجَلٍ | وَالبَرّ في شُغُلٍ والبَحرُ في خَجَلِ |
من تَغلِبَ الغالِبينَ النّاسَ مَنصِبُهُ | وَمِن عَديٍّ أعادي الجُبنِ وَالبَخَلِ |
وَالمَدْحُ لابنِ أبي الهَيْجاءِ تُنجِدُهُ | بالجاهِلِيّةِ عَينُ العِيّ وَالخَطَلِ |
لَيْتَ المَدائحَ تَسْتَوْفي مَنَاقِبَهُ | فَما كُلَيْبٌ وَأهْلُ الأعصُرِ الأُوَلِ |
خُذْ ما تَراهُ وَدَعْ شَيْئاً سَمِعْتَ بهِ | في طَلعَةِ البَدرِ ما يُغنيكَ عن زُحَلِ |
وَقد وَجدتَ مكانَ القَوْلِ ذا سَعَةٍ | فإنْ وَجَدْتَ لِساناً قائِلاً فَقُلِ |
إنّ الهُمَامَ الذي فَخْرُ الأنَامِ بِهِ | خيرُ السّيوفِ بكَفّيْ خيرَةِ الدّوَلِ |
تُمسِي الأمانيُّ صَرْعَى دونَ مَبْلَغه | فَمَا يَقُولُ لشيءٍ لَيتَ ذلكَ لي |
أُنْظُرْ إذا اجتَمَعَ السّيْفانِ في رَهَجٍ | إلى اختِلافِهِمَا في الخَلْقِ وَالعَمَلِ |
هذا المُعَدُّ لرَيْبِ الدّهْرِ مُنْصَلِتاً | أعَدّ هذا لرَأسِ الفارِسِ البَطَلِ |
فالعُرْبُ منهُ معَ الكُدْرِيّ طائرَةٌ | وَالرّومُ طائِرَةٌ منهُ مَعَ الحَجَلِ |
وَمَا الفِرارُ إلى الأجْبالِ مِنْ أسَدٍ | تَمشِي النّعَامُ به في معقِلِ الوَعِلِ |
جازَ الدّروبَ إلى ما خَلْفَ خَرْشَنَةٍ | وَزَالَ عَنْها وذاكَ الرّوْعُ لم يَزُلِ |
فكُلّما حَلَمَتْ عذراءُ عِندَهُمُ | فإنّمَا حَلَمَتْ بالسّبيِ وَالجَمَلِ |
إن كنتَ تَرْضَى بأنْ يعطوا الجِزَى بذلوا | منها رِضاكَ وَمَنْ للعُورِ بالحَوَلِ |
نادَيتُ مَجدَكَ في شعري وَقد صَدَرَا | يا غَيرَ مُنتَحَلٍ في غيرِ مُنتَحَلِ |
بالشّرْقِ وَالغَرْبِ أقْوامٌ نُحِبّهُمُ | فَطالِعاهُمْ وَكُونَا أبْلَغَ الرّسُلِ |
وَعَرّفَاهُمْ بأنّي في مَكارِمِهِ | أُقَلّبُ الطَّرْفَ بَينَ الخيلِ وَالخَوَلِ |
يا أيّها المُحسِنُ المَشكورُ من جهتي | وَالشكرُ من قِبَلِ الإحسانِ لا قِبَلي |
ما كانَ نَوْميَ إلاّ فَوْقَ مَعْرِفَتي | بأنّ رَأيَكَ لا يُؤتَى مِنَ الزَّلَلِ |
أقِلْ أنِلْ أقْطِعِ احملْ علِّ سلِّ أعدْ | زِدْ هشِّ بشِّ تفضّلْ أدنِ سُرَّ صِلِ |
لَعَلّ عَتْبَكَ مَحْمُودٌ عَوَاقِبُهُ | فرُبّمَا صَحّتِ الأجْسامُ بالعِلَلِ |
وَلاَ سَمِعْتُ وَلا غَيرِي بمُقْتَدِرٍ | أذَبَّ مِنكَ لزُورِ القَوْلِ عن رَجُلِ |
لأنّ حِلْمَكَ حِلْمٌ لا تَكَلَّفُهُ | ليسَ التكحّلُ في العَينَينِ كالكَحَلِ |
وَمَا ثَنَاكَ كَلامُ النّاسِ عَنْ كَرَمٍ | وَمَنْ يَسُدّ طَريقَ العارِضِ الهطِلِ |
أنتَ الجَوادُ بِلا مَنٍّ وَلا كَدَرٍ | وَلا مِطالٍ وَلا وَعْدٍ وَلا مَذَلِ |
أنتَ الشّجاعُ إذا ما لم يَطأ فَرَسٌ | غَيرَ السَّنَوّرِ وَالأشلاءِ وَالقُلَلِ |
وَرَدَّ بَعضُ القَنَا بَعضاً مُقارَعَةً | كأنّها مِنْ نُفُوسِ القَوْمِ في جَدَلِ |
لا زِلْتَ تضرِبُ من عاداكَ عن عُرُضٍ | بعاجِلِ النّصرِ في مُستأخِرِ الأجَلِ |
شعر العصر العباسي
اشعار و قصائد شعر من العصر العباسي أجمل قصائد العرب في العصر العباسي.
شديد البعد من شرب الشمول
شَديدُ البُعدِ من شرْبِ الشَّمولِ | تُرُنْجُ الهِنْدِ أوْ طَلْعُ النّخيلِ |
وَلكِنْ كُلّ شيءٍ فيهِ طِيبٌ | لَدَيْكَ مِنَ الدّقيقِ إلى الجَليلِ |
وَمَيْدانُ الفَصاحَةِ وَالقَوافي | وَمُمْتَحَنُ الفَوَارِسِ وَالخُيولِ |
أتَيْتُ بمَنْطِقِ العَرَبِ الأصِيلِ | وَكانَ بقَدْرِ مَا عَايَنْتُ قِيلي |
فَعَارَضَهُ كَلامٌ كانَ مِنْهُ | بمَنْزِلَةِ النّسَاءِ مِنَ البُعُولِ |
وَهذا الدُّرُّ مَأمُونُ التّشَظّي | وَأنْتَ السّيْفُ مأمُونُ الفُلُولِ |
وَلَيسَ يَصِحّ في الأفهامِ شيءٌ | إذا احتَاجَ النّهارُ إلى دَليلِ |
لقيت العفاة بآمالها
لَقِيتَ العُفَاةَ بآمالِها | وَزُرْتَ العُداةَ بآجالِهَا |
وَأقْبَلَتِ الرّومُ تَمشِي إلَيْـ | ـكَ بَينَ اللّيُوثِ وَأشبالِهَا |
إذا رَأتِ الأُسْدَ مَسْبِيّةً | فأينَ تَفِرُّ بأطْفالِهَا |
وصفت لنا ولم نره سلاحا
وَصَفْتَ لَنَا، وَلم نَرَهُ، سِلاحاً | كأنّكَ وَاصِفٌ وَقْتَ النّزالِ |
وَأنّ البَيْضَ صُفّ عَلى دُرُوعٍ | فَشَوّقَ مَنْ رَآهُ إلى القِتَالِ |
وَلَوْ أطْفَأتَ نَارَكَ تا لَدَيْهِ | قَرَأتَ الخَطّ في سُودِ اللّيَالي |
وَلَوْ لحَظَ الدُّمُسْتُقُ حَافَتَيْهِ | لَقَلّبَ رَأيَهُ حَالاً لحَالِ |
إنِ اسْتَحْسَنْتَ وَهْوَ على بِساطٍ | فأحسَنُ ما يكُونُ عَلى الرّجالِ |
ليالي بعد الظاعنين شكول
لَيَاليّ بَعْدَ الظّاعِنِينَ شُكُولُ | طِوالٌ وَلَيْلُ العاشِقينَ طَويلُ |
يُبِنَّ ليَ البَدْرَ الذي لا أُريدُهُ | وَيُخْفِينَ بَدْراً مَا إلَيْهِ سَبيلُ |
وَمَا عِشْتُ مِنْ بَعدِ الأحِبّةِ سَلوَةً | وَلَكِنّني للنّائِبَاتِ حَمُولُ |
وَإنّ رَحِيلاً وَاحِداً حَالَ بَيْنَنَا | وَفي المَوْتِ مِنْ بَعدِ الرّحيلِ رَحيلُ |
إذا كانَ شَمُّ الرَّوحِ أدْنَى إلَيْكُمُ | فَلا بَرِحَتْني رَوْضَةٌ وَقَبُولُ |
وَمَا شَرَقي بالمَاءِ إلاّ تَذكّراً | لمَاءٍ بهِ أهْلُ الحَبيبِ نُزُولُ |
يُحَرّمُهُ لَمْعُ الأسِنّةِ فَوْقَهُ | فَلَيْسَ لِظَمْآنٍ إلَيْهِ وُصُولُ |
أما في النّجوم السّائراتِ وغَيرِهَا | لِعَيْني عَلى ضَوْءِ الصّباحِ دَليلُ |
ألمْ يَرَ هذا اللّيْلُ عَيْنَيْكِ رُؤيَتي | فَتَظْهَرَ فيهِ رِقّةٌ وَنُحُولُ |
لَقيتُ بدَرْبِ القُلّةِ الفَجْرَ لَقْيَةً | شَفَتْ كَبِدي وَاللّيْلُ فِيهِ قَتيلُ |
وَيَوْماً كأنّ الحُسْنَ فيهِ عَلامَةٌ | بعَثْتِ بهَا والشّمسُ منكِ رَسُولُ |
وَما قَبلَ سَيفِ الدّوْلَةِ کثّارَ عاشِقٌ | ولا طُلِبَتْ عندَ الظّلامِ ذُحُولُ |
وَلَكِنّهُ يَأتي بكُلّ غَريبَةٍ | تَرُوقُ عَلى استِغْرابِها وَتَهُولُ |
رَمَى الدّرْبَ بالجُرْدِ الجيادِ إلى العِدى | وَما عَلِمُوا أنّ السّهامَ خُيُولُ |
شَوَائِلَ تَشْوَالَ العَقَارِبِ بالقَنَا | لهَا مَرَحٌ مِنْ تَحْتِهِ وَصَهيلُ |
وَما هيَ إلاّ خَطْرَةٌ عَرَضَتْ لَهُ | بحَرّانَ لَبّتْهَا قَناً وَنُصُولُ |
هُمَامٌ إذا ما هَمّ أمضَى هُمُومَهُ | بأرْعَنَ وَطْءُ المَوْتِ فيهِ ثَقيلُ |
وَخَيْلٍ بَرَاهَا الرّكضُ في كلّ بلدةٍ | إذا عَرّسَتْ فيها فلَيسَ تَقِيلُ |
فَلَمّا تَجَلّى مِنْ دَلُوكٍ وَصَنْجةٍ | عَلَتْ كلَّ طَوْدٍ رَايَةٌ وَرَعيلُ |
على طُرُقٍ فيها على الطُّرْقِ رِفْعَةٌ | وَفي ذِكرِها عِندَ الأنيسِ خُمُولُ |
فَمَا شَعَرُوا حَتى رَأوْهَا مُغِيرَةً | قِبَاحاً وَأمّا خَلْقُها فَجَميلُ |
سَحَائِبُ يَمْطُرْنَ الحَديدَ علَيهِمِ | فكُلُّ مَكانٍ بالسّيوفِ غَسيلُ |
وَأمْسَى السّبَايَا يَنْتَحِبنَ بعِرْقَةٍ | كأنّ جُيُوبَ الثّاكِلاتِ ذُيُولُ |
وَعادَتْ فَظَنّوهَا بمَوْزَارَ قُفّلاً | وَلَيسَ لهَا إلاّ الدّخولَ قُفُولُ |
فَخاضَتْ نَجيعَ القَوْمِ خَوْضاً كأنّهُ | بكُلِّ نَجيعٍ لمْ تَخُضْهُ كَفيلُ |
تُسايِرُها النّيرانُ في كلّ مَنزِلٍ | بهِ القوْمُ صَرْعَى والدّيارُ طُلولُ |
وَكَرّتْ فمَرّتْ في دِماءِ مَلَطْيَةٍ | مَلَطْيَةُ أُمٌّ للبَنِينَ ثَكُولُ |
وَأضْعَفْنَ ما كُلّفْنَهُ مِنْ قُباقِبٍ | فأضْحَى كأنّ الماءَ فيهِ عَليلُ |
وَرُعْنَ بِنَا قَلْبَ الفُراتِ كأنّمَا | تَخِرُّ عَلَيْهِ بالرّجالِ سُيُولُ |
يُطارِدُ فيهِ مَوْجَهُ كُلُّ سابحٍ | سَواءٌ عَلَيْهِ غَمْرَةٌ وَمسيلُ |
تَراهُ كأنّ المَاءَ مَرّ بجِسْمِهِ | وَأقْبَلَ رَأسٌ وَحْدَهُ وتَليلُ |
وَفي بَطْنِ هِنريطٍ وَسِمْنينَ للظُّبَى | وَصُمِّ القَنَا مِمّنْ أبَدْنَ بَدِيلُ |
طَلَعْنَ عَلَيْهِمْ طَلْعَةً يَعْرِفُونَها | لهَا غُرَرٌ مَا تَنْقَضِي وَحُجُولُ |
تَمَلُّ الحُصُونُ الشُّمُّ طُولَ نِزالِنَا | فَتُلْقي إلَيْنَا أهْلَهَا وَتَزُولُ |
وَبِتْنَ بحصْنِ الرّانِ رَزْحَى منَ الوَجى | وَكُلُّ عَزيزٍ للأمِيرِ ذَلِيلُ |
وَفي كُلِّ نَفْسٍ ما خَلاهُ مَلالَةٌ | وَفي كُلِّ سَيفٍ ما خَلاهُ فُلُولُ |
وَدُونَ سُمَيْساطَ المَطامِيرُ وَالمَلا | وَأوْدِيَةٌ مَجْهُولَةٌ وَهُجُولُ |
لَبِسْنَ الدّجَى فيها إلى أرْضِ مرْعَشٍ | وَللرّومِ خَطْبٌ في البِلادِ جَليلُ |
فَلَمّا رَأوْهُ وَحْدَهُ قَبْلَ جَيْشِهِ | دَرَوْا أنّ كلَّ العالَمِينَ فُضُولُ |
وَأنّ رِمَاحَ الخَطّ عَنْهُ قَصِيرَةٌ | وَأنّ حَديدَ الهِنْدِ عَنهُ كَليلُ |
فأوْرَدَهُمْ صَدْرَ الحِصانِ وَسَيْفَهُ | فَتًى بأسُهُ مِثْلُ العَطاءِ جَزيلُ |
جَوَادٌ عَلى العِلاّتِ بالمالِ كُلّهِ | وَلَكِنّهُ بالدّارِعِينَ بَخيلُ |
فَوَدّعَ قَتْلاهُمْ وَشَيّعَ فَلَّهُمْ | بضَرْبٍ حُزُونُ البَيضِ فيهِ سُهولُ |
على قَلْبِ قُسْطَنْطينَ مِنْهُ تَعَجّبٌ | وَإنْ كانَ في ساقَيْهِ مِنْهُ كُبُولُ |
لَعَلّكَ يَوْماً يا دُمُسْتُقُ عَائِدٌ | فَكَمْ هارِبٍ مِمّا إلَيْهِ يَؤولُ |
نَجَوْتَ بإحْدَى مُهْجَتَيْكَ جرِيحةً | وَخَلّفتَ إحدى مُهجَتَيكَ تَسيلُ |
أتُسْلِمُ للخَطّيّةِ ابنَكَ هَارِباً | وَيَسْكُنَ في الدّنْيا إلَيكَ خَليلُ |
بوَجْهِكَ ما أنْساكَهُ مِنْ مُرِشّةٍ | نَصِيرُكَ منها رَنّةٌ وَعَوِيلُ |
أغَرّكُمُ طولُ الجُيوشِ وَعَرْضُهَا | عَليٌّ شَرُوبٌ للجُيُوشِ أكُولُ |
إذا لم تَكُنْ للّيْثِ إلاّ فَريسَةً | غَذاهُ وَلم يَنْفَعْكَ أنّكَ فِيلُ |
إذا الطّعْنُ لم تُدْخِلْكَ فيهِ شَجاعةٌ | هيَ الطّعنُ لم يُدخِلْكَ فيهِ عَذولُ |
وَإنْ تَكُنِ الأيّامُ أبْصَرْنَ صَوْلَهُ | فَقَدْ عَلّمَ الأيّامَ كَيفَ تَصُولُ |
فَدَتْكَ مُلُوكٌ لم تُسَمَّ مَوَاضِياً | فإنّكَ ماضِي الشّفْرَتَينِ صَقيلُ |
إذا كانَ بَعضُ النّاسِ سَيفاً لدَوْلَةٍ | فَفي النّاسِ بُوقاتٌ لهَا وطُبُولُ |
أنَا السّابِقُ الهادي إلى ما أقُولُهُ | إذِ القَوْلُ قَبْلَ القائِلِينَ مَقُولُ |
وَما لكَلامِ النّاسِ فيمَا يُريبُني | أُصُولٌ ولا للقائِليهِ أُصُولُ |
أُعَادَى على ما يُوجبُ الحُبَّ للفَتى | وَأهْدَأُ وَالأفكارُ فيّ تَجُولُ |
سِوَى وَجَعِ الحُسّادِ داوِ فإنّهُ | إذا حلّ في قَلْبٍ فَلَيسَ يحُولُ |
وَلا تَطْمَعَنْ من حاسِدٍ في مَوَدّةٍ | وَإنْ كُنْتَ تُبْديهَا لَهُ وَتُنيلُ |
وَإنّا لَنَلْقَى الحادِثاتِ بأنْفُسٍ | كَثيرُ الرّزايا عندَهنّ قَليلُ |
يَهُونُ عَلَيْنَا أنْ تُصابَ جُسُومُنَا | وَتَسْلَمَ أعْراضٌ لَنَا وَعُقُولُ |
فَتيهاً وَفَخْراً تَغْلِبَ ابْنَةَ وَائِلٍ | فَأنْتِ لخَيرِ الفاخِرِينَ قَبيلُ |
يَغُمُّ عَلِيّاً أنْ يَمُوتَ عَدُوُّهُ | إذا لم تَغُلْهُ بالأسِنّةِ غُولُ |
شَريكُ المَنَايَا وَالنّفُوسُ غَنيمَةٌ | فَكُلُّ مَمَاتٍ لم يُمِتْهُ غُلُولُ |
فإنْ تَكُنِ الدّوْلاتُ قِسْماً فإنّهَا | لِمَنْ وَرَدَ المَوْتَ الزّؤامَ تَدُولُ |
لِمَنْ هَوّنَ الدّنْيا على النّفسِ ساعَةً | وَللبِيضِ في هامِ الكُماةِ صَليلُ |
إن كنت عن خير الأنام سائلا
إنْ كنتَ عَنْ خَيرِ الأنَامِ سَائِلا | فَخَيْرُهُمْ أكثَرُهُمْ فَضائِلا |
مَن أنتَ مِنهمْ يا هُمامَ وَائِلا | ألطّاعِنِينَ في الوَغَى أوَائِلا |
وَالعاذِلِينَ في النّدَى العَواذِلا | قد فَضَلوا لفَضْلِكَ القَبَائِلا |