أبى الليل إلا أن يعود بطوله

أَبى اللَيلُ إِلّا أَن يَعودَ بِطولِهِعَلى عاشِقٍ نَزرِ المَنامِ قَليلِهِ
إِذا ما نَهاهُ العاذِلونَ تَتابَعَتلَهُ أَدمُعٌ لا تَرعَوي لِعَذولِهِ
لَعَلَّ اِقتِرابَ الدارِ يَثني دُموعَهُفَيُقلِعَ أَو يَشفي جَوىً مِن غَليلِهِ
وَمازالَ تَوحيدُ المَطايا وَطَيُّهابِنا البُعدَ مِن حَزنِ المَلا وَسُهولِهِ
إِلى أَن بَدا صَحنُ العِراقِ وَكُشِّفَتسُجوفُ الدُجى عَن مائِهِ وَنَخيلِهِ
يَظَلُّ الحَمامُ الوُرقُ في جَنَباتِهِيُذَكِّرُنا أَحبابَنا بِهَديلِهِ
فَأَحْيَت مُحِبّاً رُؤيَةٌ مِن حَبيبِهِوَسَرَّت خَليلاً أَوبَةٌ مِن خَليلِهِ
بِنُعمى أَميرِ المُؤمِنينَ وَفَضلِهِغَدا العَيشُ غَضّاً بَعدَ طولِ ذُبولِهِ
إِمامٌ رَآهُ اللَهُ أَولى عِبادِهِبِحَقٍّ وَ أَهداهُم لِقَصدِ سَبيلِهِ
خَليفَتُهُ في أَرضِهِ وَوَلِيُّهُ الرَضِيُّ لَدَيهِ وَابنُ عَمِّ رَسولِهِ
وَبَحرٌ يَمُدُّ الراغِبونَ عُيونَهُمإِلى ظاهِرِ المَعروفِ فيهِم جَزيلِهِ
تَرى الأَرضَ تُسقى غَيثَها بِمُرورِهِعَلَيها وَ تُكسى نَبتَها بِنُخولِهِ
أَتى مِن بِلادِ الغَربِ في عَدَدِ النَقانَقا الرَملِ مِن فُرسانِهِ وَخُيولِهِ
فَأَسفَرَ وَجهُ الشَرقِ حَتّى كَأَنَّماتَبَلَّجَ فيهِ البَدرُ بَعدَ أُفولِهِ
وَقَد لَبِسَت بَغدادُ أَحسَنَ زِيِّهالِإِقبالِهِ وَاِستَشرَفَت لِعُدولِهِ
وَيَثنيهِ عَنها شَوقُهُ وَنِزاعُهُإِلى عَرضِ صَحنِ الجَعفَرِيِّ وَطولِهِ
إِلى مَنزِلٍ فيهِ أَحِبّاؤُهُ الأُلىلِقاؤُهُمُ أَقصى مُناهُ وَسولِهِ
مَحَلٌّ يَطيبُ العَيشَ رِقَّةُ لَيلِهِوَبَردُ ضُحاهُ وَاِعتِدالُ أَصيلِهِ
لَعَمري لَقَد آبَ الخَليفَةُ جَعفَرٌوَفي كُلِّ نَفسٍ حاجَةٌ مِن قُفولِهِ
دَعاهُ الهَوى مِن سُرَّ مَن راءَ فَاِنكَفاإِلَيها اِنكِفاءَ اللَيثِ تِلقاءَ غيلِهِ
عَلى أَنَّها قَد كانَ بُدِّلَ طيبُهاوَ رُحِّلَ عَنها أُنسُها بِرَحيلِهِ
وَ إِفراطُها في القُبحِ عِندَ خُروجِهِكَإِفراطِها في الحُسنِ عِندَ دُخولِهِ
لِيَهنِ اِبنَهُ خَيرَ البَنينَ مُحَمَّداًقُدومُ أَبٍ عالي المَحَلِّ جَليلِهِ
غَدا وَهوَ فَردٌ في الفَضائِلِ كُلِّهافَهَل مُخبِرٌ عَن مِثلِهِ أَو عَديلِهِ
وَإِنَّ وُلاةَ العَهدِ في الحِلمِ وَالتُقىوَ في الفَضلِ مِن أَمثالِهِ وَ شُكولِهِ
البحتري

بعينك لوعة القلب الرهين

بِعَينِكَ لَوعَةُ القَلبِ الرَهينِوَفَرطُ تَتابُعِ الدَمعِ الهَتونِ
وَقَد أَصغَيتِ لِلواشينَ حَتّىرَكَنتِ إِلَيهِمُ بَعضَ الرُكونِ
وَلَو جازَيتِ صَبّاً عَن هَواهُلَكانَ العَدلُ أَلّا تَهجُريني
نَظَرتُ وَكَم نَظَرتُ فَأقصَدَتنيفُجاءاتُ البُدورِ عَلى الغُصونِ
وَرُبَّةَ نَظرَةٍ أَقلَعتُ عَنهابِسُكرٍ في التَصابي أَو جُنونِ
فَيا لِلَّهِ ما تَلقى القُلوبُ الهَوائِمُ مِن جِناياتِ العُيونِ
وَقَد يَإِسَ العَواذِلُ مِن فُؤادٍلَجوجٍ في غَوايَتِهِ حَرونِ
فَمَن يَذهَل أَحِبَّتَهُ فَإِنّيكَفَيتُ مِنَ الصَبابَةِ ما يَليني
وَلي بَينَ القُصورِ إِلى قُوَيقٍأَليفٌ أَصطَفيهِ وَيَصطَفيني
يُعارِضُ ذِكرُهُ في كُلّ وَقتٍوَيَطرُقُ طَيفُهُ في كُلِّ حينِ
لَقَد حَمَلَ الخِلافَةَ مُستَقِلٌّبِها وَبِحَقِّهِ فيها المُبينِ
يَسوسُ الدينَ وَالدُنيا بِرَأيٍرِضىً للهِ في دُنيا وَدينِ
تَناوَلَ جودُهُ أَقصى الأَمانيوَصَدَّقَ فِعلُهُ حُسنَ الظُنونِ
فَما بِالدَهرِ مِن بَهجٍ وَحُسنٍوَما بِالعَيشِ مِن خَفضٍ وَلينِ
وَلَم تُخلَق يَدُ المُعتَزِّ إِلّالِحَوزِ الحَمدِ بِالخَطَرِ الثَمينِ
تَروعُ المالَ ضِحكَتُهُ إِذا ماغَدا مُتَهَلِّلاً طَلقَ الجَبينِ
أَمينَ اللَهِ وَالمُعطى تُراثَ الأَمينِ وَصاحِبُ البَلَدِ الأَمينِ
تَتابَعَتِ الفُتوحُ وَهُنَّ شَتّى الأَماكِنِ في العِدى شَتّى الفُنونِ
فَما تَنفَكُّ بُشرى عَن تَرَدّيعَدُوٍّ خاضِعٍ لَكَ مُستَكينِ
فِرارُ الكَوكَبِيِّ وَخَيلُ موسىتُثيرُ عَجاجَةَ الحَربِ الزَبونِ
وَفي أَرضِ الدَيالِمِ هامُ قَتلىنِظامُ السَهلِ مِنها وَالحُزونِ
وَقَد صَدَمَت عَظيمَ الرومِ عُظمىمِنَ الأَحداثِ قاطِعَةُ الوَتينِ
بِنُعمى اللَهِ عِندَكَ غَيرَ شَكٍّوَريحِكَ أَقصَدَتهُ يَدُ المَنونِ
نُصِرتَ عَلى الأَعادي بِالأَعاديغَداةَ الرومِ تَحتَ رَحىً طَحونِ
يُقَتِّلُ بَعضُها بَعضاً بِضَربٍمُبينٍ لِلسَواعِدِ وَالشُؤونِ
إِذِ الأَبدانُ ثَمَّ بِلا رُؤوسٍتَهاوى وَالسُيوفُ بِلا جُفونِ
فَدُمتَ وَدامَ عَبدُ اللَهُ بَدرُ الدُجى في ضَوإِهِ وَحَيا الدُجونِ
تُطيفُ بِهِ المَوالي حينَ يَبدوإِطافَتَها بِمَعقِلِها الحَصينِ
تَرى الأَبصارَ تُغضي عَن مَهيبٍوَقورٍ في مَهابَتِهِ رَكينِ
جَوادٌ غَلَّسَت نُعماهُ فيناوَلَم يُظهِر بِها مَطلَ الضَنينِ
ظَنَنتُ بِهِ الَّتي سَرَّت صَديقيفَكانَ الظَنُّ قُدّامَ اليَقينِ
وَكُنتَ إِلَيهِ في وَعدٍ شَفيعيفَصِرتَ عَلَيهِ في نُجحٍ ضَميني
وَما وَلِيَ المَكارِمَ مِثلُ خِرقٍأَغَرَّ يَرى المَواعِدَ كَالدُيونِ
وَصَلتَ بِيونُسَ بنِ بُغاءَ حَبليفَرُحتُ أَمُتُّ بِالسَبَبِ المَتينِ
فَقَد بَوَّأتَني أَعلى مَحَلٍّشَريفٍ في المَكانِ بِكَ المَكينِ
وَما أَخشى تَعَذرَ ما أُعانيمِنَ الحاجاتِ إِذ أَمسى مُعيني
وَإِنَّ يَدي وَقَد أَسنَدتَ أَمريإِلَيهِ اليَومَ في يَدِكَ اليَمينِ
البحتري

بلوت الحب موصولا وصولا

بَلَوتُ الحُبَّ مَوصولاً وَصولاًوَمَهجوراً أُثابُ سِوى ثَوابي
فَلا عَيشٌ كَوَصلٍ بَعدَ هَجرٍوَلا شَيءٌ أَلَذُّ مِنَ العِتابِ
البحتري

أخوي مرا بالقبور

أَخَوَيَّ مُرّا بِالقُبورِ فَسلِّما قَبلَ المَسيرِ
ثُمَّ ادعوا يا مَن بِهامِن ماجِدٍ قَرمٍ فَخورِ
وَ مُسَوّدٍ رَحبِ الفِناءِ أَغَرَّ كَالقَمَرِ المُنيرِ
يا مَن تَضَمَّنُهُ المَقابِرُ مِن صَغيرٍ أَو كَبيرِ
هَل فيكُمُ أَو مِنكُمُمِن مُستَجارٍ أَو مُجيرِ
أَو ناطِقٍ أَو سامِعٍيَوماً بِعُرفٍ أَو نَكيرِ
أَهلَ القُبورِ أَحِبَّتيبَعدَ الجَزالَةِ وَالسُرورِ
بَعدَ الغَضارَةِ وَالنَضارَةِ وَالتَنَعُّمِ وَالحُبورِ
بَعدَ المَشاهِدِ وَالمَجالِسِ وَ الدَساكِرِ وَالقُصورِ
بَعدَ الحِسانِ المُسمِعاتِ وَبَعدَ رَبّاتِ الخُدورِ
وَالناجِياتِ المُنجِياتِ مِنَ المَهالِكِ وَالشُرورِ
أَصبَحتُم تَحتَ الثَرىبَينَ الصَفائِحِ وَالصُخورِ
أَهلَ القُبورِ إِلَيكُمُلا بُدَّ عاقِبَةُ المَصيرِ
أبو العتاهية

من أجاب الهوى إلى كل ما يدعوه

مَن أَجابَ الهَوى إِلى كُلِّ ما يَدعوهُ مِمّا يُضِلُّ ضَلَّ وَ تاها
مَن رَأى عِبرَةً فَفَكَّرَ فيهاآذَنَتهُ بِالشَيءِ حينَ يَراها
رُبَّما اِستَغلَقَت أُمورٌ عَلى مَنكانَ يَأتي الأُمورَ مِن مَأتاها
وَ سَيَأوي إِلى يَدٍ كُلُّ ما تَأتي وَتَأتي إِلى يَدٍ حُسناها
قَد تَكونُ النَجاةُ تَكرَهُها النَفسُ وَتَأتي ما كانَ فيهِ أَذاها
أبو العتاهية