| أنا المدرسة ُ اجعلني | كأمِّ ، لا تملْ عنِّي |
| ولا تفْزَعْ كمأخوذٍ | من البيتِ إلى السِّجن |
| كأني وجهُ صيَّادٍ | وأَنت الطيرُ في الغصن |
| ولا بُدَّ لك اليوْمَ | وإلا فغداً مِنِّي |
| أو استغنِ عن العقلِ | إذنْ عنِّيَ تستغني |
| أنا المصباحُ للفكرِ | أنا المفتاحُ للذَّهنِ |
| أنا البابُ إلى المجدِ | تعالَ ادخلْ على اليمن |
| غداً تَرْتَعُ في حَوْشِي | ولا تشبعُ من صحني |
| وأَلقاكَ بإخوانٍ | يُدانونَكَ في السِّنِّ |
| تناديهمْ بـ يا فكري | ويا شوقي ، ويا حسني |
| وآباءٍ أحبُّوكَ | وما أَنت لهم بابن |
امير الشعراء
هو لقب للشاعر الكبير أحمد شوقي وهو شاعر مصري من شعراء العصر الحديث.
بني مصرٍ مكانكموُ تهيَّا
| بني مصرٍ مكانكموُ تهيَّا | فَهَيَّا مَهدُوا للمُلكِ هيَّا |
| خذوا شمسَ له حليَّا | أَلم تَكُ تاجَ أَوّلِكم مَلِيَّا؟! |
| على الأخلاقِ الملكَ وابنوا | فليسَ وراءَها للعِزِّ رُكن |
| أليس لكم بوادي النِّيل عدنُ | وكوثرها الذي يجري شهيّا ؟ ! |
| لنا وطنٌ بأَنفسِنا نَقيه | وبالدُّنيا العريضة ِ نَفتديه |
| إذا ما سيلتِ الأرواحُ فيه | بذلناها كأنْ لم نعطِ شيَّا |
| لنا الهرَمُ الذي صحِبَ الزمانا | ومن حَدَثانِه أَخذ الأَمانا |
| ونحنُ بنو السَّنا العلي ، نمانا | أَوائلُ عَلَّموا الأُمَمَ الرُّقِيا |
| تطاولَ عهدهمْ عزا وفخرا | فلما آل للتاريخِ ذُخْرا |
| نشأنا نشأة ً في الجدِ أخرى | جَعَلنا الحقَّ مَظْهرَها العَلِيّا |
| جعلنا مِصْرَ مِلَّة َ ذي الجَلالِ | وألفنا الصليبَ على الهلالِ |
| وأقبلنا كصفٍّ من عوالِ | يشدُّ السَّمْهَرِيُّ السَّمْهَرِيّا |
| نرومُ لمصرَ عزًّا لا يرامُ | يرفُّ على جوانبه السَّلامُ |
| وينعَمُ فيه جيِرانٌ كِرامُ | فلن تجدَ النَّزيلَ بنا شقيَّا |
| نقومُ على البناية ِ محسنينا | ونعهَدُ بالتَّمامِ إلى بنينا |
| إليْكِ نَموتُ ـ مِصْرُ ـ كما حَيينا | ويبقى وجهكِ المفديُّ حيَّا |
نحنُ الكشافة ُ في الوادي
| نحنُ الكشافة ُ في الوادي | جَبريلُ الروحُ لنا حادِي |
| يا ربِّ، بعيسى ، والهادي | وبموسى خُذْ بيَدِ الوطنِ |
| كشَّافة ُ مِصرَ، وصبيَتُها | ومناة ُ الدارِ، ومنيتها |
| وجمالُ الأرضِ، وحليتها | وطلائعُ أَفراحِ المدُنِ |
| نَبتدِرُ الخيرَ، ونَستبِقُ | ما يَرضَى الخالقُ والخُلُقُ |
| بالنفسِ وخالِقِها نثِقُ | ونزيد وثوقاً في المحن |
| في السَّهلِ نَرِفُّ رَياحِينا | ونجوبُ الصخر شياطينا |
| نبني الأبدانَ وتبنينا | والهمَّة ُ في الجسم المرنِ |
| ونخلِّي الخلقَ وما اعتقدوا | ولوجه الخالقِ نجتهدُ |
| نأسو الجرْحى أَنَّى وُجِدُوا | ونداوي من جرح الزمن |
| في الصدقِ نشأنا والكومِ | والعفَّة ِ عن مسِّ الحرم |
| ورعاية ِ طفلٍ أو هرمِ | والذودِ عن الغيدِ الحصن |
| ونُوافي الصَّارخَ في اللُّجَجِ | والنارِ الساطعة ِ الوَهَجِ |
| لا نسأَلُهُ ثمنَ المُهَجِ | وكفى بالواجبِ من ثمنِ |
| يا ربِّ، فكثِّرنا عدَدا | وابذُل لأُبوَّتِنا المَدَدا |
| هيىء ْ لهمُ ولنا رشدا | يا ربِّ، وخذ بيد الوطن |
قصرَ الأعزة ِ، ما أعزَّ حماكا
| قصرَ الأعزة ِ، ما أعزَّ حماكا! | وأجلَّ في العلياءِ بدرَ سماكا! |
| تتساءلُ العربُ المقدسُ بيتها: | أَأُعِيدَ بانِي رُكنِه فبَناكا؟! |
| وتقولُ إذ تأتيكَ تلتمسُ الهدى : | سِيَّانِ هذا في الجلال وذاكا |
| يا مُلتَقى القمَرَيْنِ، ما أَبهاكَ! بل | يا مَجْمَعَ البَحْرَين، ما أَصفاكا! |
| إنّ الأَمَانَة َ، والجلالة َ، والعُلا | في هالة ٍ دارتْ على مغناكا |
| ما العِزُّ إلا في ثرَى القدَمِ التي | حَسَدَتْ عليها النيِّراتُ ثراكا |
| يا سادسَ الأمراءِ من آبائه | ما للإمارة ِ مَنْ يُعَدُّ سِواكا |
| التركُ تقرأُ باسمِ جدَّك في الوغى | والعُرْبُ تَذكرُ في الكتاب أَباكا |
| نسبٌ لو انتمت النجومُ لعقدهِ | لتَرَفَّعَتْ أَن تَسكنَ الأَفلاكا |
| شرفاً – عزيزَ العصرِ – فتَّ ملوكهُ | فضلاً، وفاتَ بينهمُ نجلاكا |
| لك جنَّة ُ الدنيا، وكوثرها الذي | يجري به في الملكِ شرطُ غناكا |
| ملكٌ رعيتَ اللهَ فيه، مؤيداً | باسم النبي، موفقاً مسعاكا |
| فأَقمتَ أمراً ـ يا أَبا العباسِ ـمأْ | مونَ السبيلِ على رشيد نهاكا |
| إن يَعرضوهُ على الجبال تَهنْ له | وهيَ الجبالُ، فما أشدَّ قواكا |
| بسياسة تقفُ العقولُ كليلة ً | لا تستطيع لكُنْهِها إدراكا |
| وبحكمة ٍ في الحكمِ توفيقيَّة ٍ | لك يَقتَفي فيها الرجالُ خُطاكا |
| مَولايَ، عيدُ الفطرِ صُبحُ سُعودِه | في مصرَ أسفر عن سنا بشراكا |
| فاستقبلِ الآمالَ فيه بشائراً | وأشائراً تجالى على علياكا |
| وتلقَّ أَعيادَ الزمان مُنيرة ً | فهناؤُه ما كان فيه هَناكا |
| أيامكَ الغرُّ السعيدة ُ كلها | عيدٌ، فعيدُ العالمين بَقاكا |
| فليبقَ بيتكَ، وليدمْ ديوانه | وليحيَ جندكَ، ولتعشْ شوراكا |
| وليهنني بك كلّ يومٍ أنني | في ألفِ عيدٍ من سعودِ رضاكا |
| يا أيها الملك الأَريبُ، إليكها | عذراءَ هامتْ في صفاتِ عُلاكا |
| فطوتْ إليكَ البحرَ أَبيضَ نِسبة ً | لِنظيرهِ المورودِ من يُمناكا |
| قدِمَتْ على عيدٍ لبابك بعدما | قدِمَتْ عليَّ جديدة ً نُعماكا |
| أو كلما جادتْ نداكَ رويتي | سَبَقتْ ثَنايَ بالارتجالِ يداكا؟ |
| أنتَ الغنيُّ عن الثناِ، فإن تردْ | ما يُطربُ الملكَ الأَديبَ فهاكا |
مُنتَزَهُ العبَاسِ للمجتلي
| مُنتَزَهُ العبَاسِ للمجتلي | آمنتُ باللهِ وجنَّاته! |
| العيشُ فيه ليس في غيرهِ | يا طالبَ العيشِ ولذاته |
| قصورُ عزٍّ باذخاتُ الذرى | يودها كسرى مشيداته |
| من كل راسي الأصل تحت الثرى | مُحير النجمِ بِذِرواته |
| دارتْ على البحرِ سلاليمهُ | فبتن أَطواقاً لِلَبَّاتِه |
| مُنتظِماتٌ مائجاتٌ به | مُنمقاتٌ مثلَ لُجَّاتِه |
| من الرخامِ الندرِ، لكنها | تُنازعُ الجوهَرَ قيماته |
| من عملِ الإنسِ، سوى أنها | تُنسي سليمانَ وجِنَّاته |
| والريحُ في أَبوابِه، والجوا | ري مائلاتٌ دون ساحاته |
| وغابه منْ سارَ في ظلها | يأتي على البسفورِ غاباته |
| بالطولِ والعرضِ تباهي، فذا | وافٍ، وهذا عند غاياته |
| والرملُ حالٍ بالضحى مذهبٌ | يُصدِّىء ُ الظلُّ سَبيكاتِه |
| وتُرْعة ٌ لو لم تكن حُلوَة ً | أَنْسَتْ لَمَرْتِينَ بُحَيْراتِه |
| أَوْ لم تكنْ ثمَّ حياة َ الثرَى | لم تبقِ في الوصفِ لحيَّاته |
| وفي فمِ البحرِ لمنْ جاءهُ | لسانُ أرضٍ فاقَ فرضاته |
| تَنْحَشِدُ الطَّيْرُ بأَكنافِه | ويَجمعُ الوحشُ جماعاتِه |
| من معزٍ وحشية ٍ، إن جرتْ | أَرَتْ من الجرْي نِهاياتِه |
| أو وثبتْ فالنجمُ من تحتها | والسورُ في أسرِ أسيراته |
| وأرنبٌ كالنملِ إن أحصيتْ | تنبتُ في الرملِ وأبياته |
| يعلو بها الصيدُ ويعلو إذا | ما قيْصَرُ أَلقَى حِبالاته |
| ومن ظِباءٍ في كِناساتِها | تهيجُ للعاشقِ لوعاته |
| والخَيْلُ في الحيِّ عراقِيَّة ٌ | تَحمِي وتُحمَى في بُيوتاته |
| غيرٌّ كأيامِ عزيزِ الورى | محجَّلاتٌ مثل أوقاته |
ما باتَ يُثني على علياكَ إنسانُ
| ما باتَ يُثني على علياكَ إنسانُ | إلا وأَنت لعيْنِ الدَّهْرِ إنسانُ |
| وما تَهلَّلتَ إذْ وافاكَ ذو أَمَلٍ | إلا وأَدهَشَه حُسْنٌ وإحسان |
| لله ساحتكَ المسعودُ قاصدها | فإنما ظِلُّها أَمْنٌ وإيمان! |
| لئنْ تباهى بك الدِّينُ الحنيفُ لكمْ | تقوَّمَتْ بك للإسلامِ أَركان |
| تُراقِبُ الله في مُلكٍ تدَبِّرُه | فأَنت في العدْلِ والتَّقوى سُليمان |
| أَنجَى لك الله أَنجالاً لا يُهيِّئُهم | لرفعة ِ الملكِ إقبالٌ وعرفان |
| أعزَّة ٌ أينما حلتْ ركائبهم | لهم مكانٌ كماَ شاؤوا وإمكان |
| لم تثنِهمْ عن طِلابِ العِلمِ في صِغَرٍ | في عزِّ مُلكِك أَوطارٌ وأَوطان |
| تأتي السعادة ُ إلا أَن تُسايِرَهم | لأنهم لموكِ الأرضِ ضيفان |
| نجلانِ قد بلغا في المجدِ ما بلغا | مُعَظَّمٌ لهما بين الورى شان |
| يكفيهما في سبيلِ الفخرِ أن شهدتْ | بفضلِ سبقهما روسٌ وألمان |
| هُما هُما، تعرِفُ العَلياءُ قدرَهُما | كِلاهُما كَلِفٌ بالمجدِ يَقظان |
| ما الفَرْقَدانِ إذا يوماً هُما طلعا | في مَوكِبٍ بهما يَزهو ويزدان؟ |
| يا كافِيَ الناس بعد الله أَمْرَهُمُ | النَّصرُ إلا على أَيديكَ خِذْلان |
| ويا منيل المعالي والنَّدى كرماً | الربح من غير هذا البابِ خسران |
| مولايَ، هل لِفتى بالبابِ مَعذرَة ٌ | فعقلهُ في جلالِ الملكِ حيرانُ؟! |
| سعى على قدمِ الإخلاصِ ملتمساً | رضاك ، فهوَ على اإقبالِ عنوان |
| أَرى جَنابَكَ رَوضاً للندى نَضِراً | لأنّ غصنَ رجائي فيه ريَّان |
| لا زالَ مُلككَ بالأَنجالِ مُبتَهِجاً | ما باتَ يُثني على عَلياكَ إنسان |