| اسمَعْ نفائس ما يأْتيكَ مِنْ حِكَمي | وافهمهُ فهمَ لبيبٍ ناقدٍ واعي |
| كانت على زَعمهِمْ فيما مَضى غَنَمٌ | بأَرضِ بغدادَ يَرعَى جَمْعَها راعي |
| قد نام عنها، فنامَتْ غيْرَ واحدة ٍ | لم يدعها في الدَّياجي للكرى داعي |
| أمُّ الفطيمِ ، وسعدٍ ، والفتى علفٍ | وابنِ کمِّهِ، وأَخيه مُنْية ِ الرَّاعي |
| فبينَما هي تحتَ الليْل ساهرة ٌ | تحييهِ ما بين أوجالٍ وأوجاعِ |
| بدا لها الذِّئبُ يسعى في الظلامِ على | بُعْدٍ، فصاحت: أَلا قوموا إلى الساعي! |
| فقامَ راعي الحمى المرعيِّ منذعراً | يقولُ : أين كلابي أين مقلاعي ؟ |
| وضاقَ بالذِّئْبِ وجهُ الأَرض من فَرَق | فانسابَ فيه انسيابَ الظَّبي في القاع |
| فقالتِ الأُمُّ: يا للفخرِ! كان أبي | حُرّاً، وكان وفِيّاً طائلَ الباعِ |
| إذا الرُّعاة على أَغنامها سَهِرَتْ | سَهرْتُ من حُبِّ أَطفالي على الرّاعي! |
امير الشعراء
هو لقب للشاعر الكبير أحمد شوقي وهو شاعر مصري من شعراء العصر الحديث.
فأْرٌ رأَى القِطَّ على الجِدارِ
| فأْرٌ رأَى القِطَّ على الجِدارِ | مُعَذَّباً في أَضيَقِ الحِصار |
| والكلبُ في حالتهِ المعهوده | مستجمعاً للوثبة ِ الموعوده |
| فحاولَ الفأرُ اغتنامَ الفرصه | وقال أكفي القطَّ هذي الغصَّه |
| لعلّه يكتبُ بالأمانِ | لي ولأَصحابي من الجيران |
| فسارَ للكلبِ على يديهِ | ومَكَّنَ الترابَ من عينَيه |
| فاشتغل الرّاعي عن الجدار | ونزلَ القطُّ على بدار |
| مبتهجاً يفكر في وليمه | وفي فريسة ٍ لها كريمه |
| يجعلها لِخَطْبِه علامه | يذكرُها فيذكرُ السَّلامه |
| فجاءَ ذاكَ الفأرُ في الأثناءِ | وقال: عاشَ القِطُّ في هَناءِ |
| رأَيتَ في الشِّدّة ِ من إخلاصِي | ما كان منها سببَ الخلاص |
| وقد أتيتُ أطلبُ الأمانا | فامنُنْ به لِمعشَري إحسانا |
| فقال: حقّاً هذه كرامَه | غنيمة ٌ وقبلَها سَلامه |
| يكفيكَ فخراً يا كريمَُ الشِّمه | أَنك فأرُ الخطْبِ والوليمه |
| وانقَضَّ في الحالِ على الضَّعيفِ | يأكلُه بالمِلحِ والرغيف |
| فقلت في المقام قوْلاً شاعا | «مَنْ حفِظَ الأَعداءَ يوماً ضاعا» |
وقف الهدهد في باب سليمان بذله
| وقفَ الهُدْهُدُ في با | بِ سليمانَ بذلِّهْ |
| قال: يا مولايَ، كن لي | عشتي صارت مملَّه |
| متُّ من حَبَّة ِ بُرٍّ | أحدثتْ في الصدر علَّه |
| لا مياهُ النيلِ ترويـ | ـها، ولا أَمواهُ دِجْله |
| وإذا دامت قليلا | قتلتْني شرَّ قِتْلَه |
| فأشار السيد العا | لي غلى من كان حوله: |
| قد جنى الهدهدُ ذنباً | وأتى في اللؤوم فعله |
| تِلك نارُ الإثمِ في الصَّدْ | رِ، وذي الشكوى تَعِلَّه |
| ما أرى الحبة إلا | سُرِقت من بيتِ نمله |
| إن للظالم صَدْراً | يشتكي من غير عله |
سمعتُ بأَنَّ طاوُوساً
| سمعتُ بأَنَّ طاوُوساً | أَتى يوماً سليمانا |
| يُجَرِّرُ دون وفْدِ الطَّيْـ | ـرِ أذيالاً وأردانا |
| ويُظْهِرُ ريشَهُ طوْراً | ويُخفي الرِّيشَ أَحيانا |
| فقال: لدَيَّ مسأَلة ٌ | أَظنُّ أَوانَها آنا |
| وها قد جئتُ أَعرضُها | على أَعتابِ مولانا: |
| ألستُ الروضَ بالأزها | رِ والأَنوارِ مُزْدانا؟ |
| ألم أستوفِ آيَ الظرْ | ف أشكالاً وألوانا؟ |
| ألم أصبح ببابكمُ | لجمعِ الطيرِ سلطانا؟ |
| فكيف يَليقُ أَن أَبقَى | وقوْمِي الغُرُّ أَوثانا؟! |
| فحسنُ الصوتِ قد أمسى | نصيبي منه حرمانا |
| فما تيَّمتُ أفئدة ً | ولا أَسكَرْتُ آذانا |
| وهذي الطيرُ أحقرها | يزيدُ الصَّبَّ أَشجانا |
| وتهتزُّ الملوكُ له | إذا ما هزَّ عيدانا؟ |
| فقال له سليمانُ | لقد كان الذي كانا |
| تعالت حكمة ُ الباري | وجلَّ صنيعُهُ شانا |
| لقد صغرتَ يا مغرو | رُ نعمى الله كفرانا |
| وملك الطير لم تحفل | به، كبرا وطغيانا |
| فلو أَصبَحت ذا صوْت | لمَا كلَّمْتَ إنسانا! |
كان برَوْضٍ غُصُنٌ ناعمٌ
| كان برَوْضٍ غُصُنٌ ناعمٌ | يقولُ: جلَّ الواحدُ المنفردْ |
| فقامتي في ظرفها قامتي | ومثلُ حسني في الورى ما عهدْ |
| فأَقبلت خُنفُسَة ٌ تنثَني | ونجلها يمشي بجنبِ الكبدْ |
| تقول: يا زَيْنَ رياضِ البَها | إنّ الذي تطلبهُ قد وجد |
| فانظر لقدِّ ابني، ولا تفتخر | ما دام في العالم أمٌّ تلد! |
رأيتُ في بعضِ الرياضِ قُبَّرَهْ
| رأيتُ في بعضِ الرياضِ قُبَّرَهْ | تُطَيِّرُ ابنَها بأَعلى الشَّجَره |
| وهْيَ تقولُ: يا جمالَ العُشِّ | لا تعتَمِدْ على الجَناح الهَشِّ |
| وقِفْ على عودٍ بجنبِ عودِ | وافعل كما أَفعلُ في الصُّعودِ |
| فانتقلَت من فَننٍ إلى فَنَنْ | وجعلتْ لكلِّ نقلة ٍ زمنْ |
| كيْ يَسْتريحَ الفرْخُ في الأَثناءِ | فلا يَمَلُّ ثِقَلَ الهواءِ |
| لكنَّه قد خالف الإشاره | لمَّا أَراد يُظهرُ الشَّطارهْ |
| وطار في الفضاءِ حتى ارتفعا | فخانه جَناحُه فوقعا |
| فانكَسَرَتْ في الحالِ رُكبتاهُ | ولم يَنَلْ منَ العُلا مُناهُ |
| ولو تأنى نالَ ما تمنَّى | وعاشَ طولَ عُمرِهِ مُهَنَّا |
| لكلِّ شيءٍ في الحياة وقتهُ | وغاية ُ المستعجلين فوته! |