اللومُ للعاشقينَ لومُ | لأنَّ خطبَ الهوى عظيمُ |
فكيفَ ترجونَ لي سلواً | وَعِنْدِيَ المُقْعِدُ المُقِيمُ |
و مقلتي ملؤها دموعٌ | وَأضْلُعي حَشْوُهَا كُلُومُ |
يَا قَوْمِ! إني امرُؤٌ كَتُومٌ | تَصْحَبُني مُقْلَة ٌ نَمُومُ |
ألليلُ للعاشقينَ سترٌ | يَا لَيْتَ أوْقَاتَهُ تَدُومُ |
نديميَ النجمُ ، طولَ ليلي | حتى إذا غارتِ النجومُ |
أسلمني الصبحُ للبلايا | فَلا حَبِيبٌ، وَلا نَدِيمُ |
بـ ” رملتيْ عالجٍ ” رسومٌ | يَطُولُ مِنْ دُونِهَا الرّسِيمُ |
أنَخْتُ فيهِنّ يُعْمَلاتٍ، | ما عهدُ إرقالها ذميمُ |
آجدها قطعُ كلِّ وادٍ | أخْصَبَهُ نَبْتُهُ العَمِيمُ |
رَدّتْ عَلى الدّهرِ، في سُرَاهَا | ما وهبَ النجمُ ، والنجومُ |
تِلْكَ سَجَايَا مِنَ اللّيَالي، | للبؤسِ ما يخلقُ النعيمُ |
بَينَ ضُلُوعي هَوى ً مُقِيمٌ | لآلِ ” ورقاءَ ” لا يريمُ |
يُغَيّرُ الدّهْرُ كُلّ شَيْءٍ، | و هوَ صحيحٌ لهمْ ، سليمُ |
أمْنَعُ مَنْ رَامَهُ سِوَاهُمْ | منهُ ، كما تمنعُ الحريمُ |
وَهَلْ يُسَاوِيهِمُ قَرِيبٌ | أمْ هَلْ يُدَانِيهِمُ حَمِيمُ؟ |
و نحنُ في عصبة ٍ وأهلٍ | تَضُمّ أغْصَانَنَا أُرُومُ |
لمْ تتفرقْ بنا خؤول | في جذمِ عزٍّ ، ولا عمومُ |
سَمَتْ بِنَا وَائِلٌ، وَفَازَتْ | بالعزِّ أخوالنا ” تميمُ ” |
ودادهم خالصٌ ، صحيحٌ | وعهدهمْ ثابتٌ ، مقيمُ |
فذاكَ منهمْ بنا حديثٌ | وَهْوَ لآبَائِنَا قَدِيمُ |
نَرْعَاهُ، مَا طُرّقَتْ بِحَمْلٍ | أنثى ، وما أطفلتْ بغومُ |
نُدْني بَني عَمّنَا إلَيْنا، | فَضْلاً، كمَا يَفْعَلُ الكَرِيمُ |
أيدٍ لهمْ ، عندَ كلِّ خطبٍ | يثني بها الفادحُ الجسيمُ |
وألسنٌ ، دونهمْ ، حدادٌ | لُدٌّ إذَا قَامَتْ الخُصُومُ |
لمْ تَنْأ، عَنّا، لَهُمْ قُلُوبٌ | وإنْ نأتْ منهمُ ، جسومُ |
فلاَ عدمنا لهمْ ثناءً | كَأنّهُ اللّؤلُؤ النّظِيمُ |
لقدْ نمتنا لهمْ أصولٌ | مَا مَسّ أعْرَاقَهُنّ لُومُ |
تبقى ويبقونَ في نعيمٍ | مَا بَقيَ الرّكْنُ، وَالحَطِيمُ |
ديوان
موقع الديوان شعر قصائد عربية مميزة Diwan الشعر العربي من العصر الجاهلي مرورا بالعصر العباسي و الأموي وصولا للعصر الحديث أشعار متنوعة.
يعز على الأحبة بالشام
يعزُّ على الأحبة ِ بـ الشامِ | حَبيبٌ، بَاتَ مَمْنُوعَ المَنَامِ |
وَإني لَلصّبُورُ عَلى الرّزَايَا | وَلَكِنّ الكِلامَ عَلى الكِلامِ |
جُرُوحٌ لا يَزَلْنَ يَرِدْنَ مِنّي | على جرحٍ قريبِ العهدِ ، دامِ |
تاملني ” الدمستقُ ” إذ رآني | فَأبْصَرَ صِيغَة َ اللّيْثِ، الهُمَامِ |
أتُنكِرُني كَأنّكَ لَسْتَ تَدْري | بِأني ذَلِكَ البَطَلُ، المُحَامي |
وَأني إذْ نَزَلْتُ عَلى دُلُوكٍ | تَرَكْتُكَ غَيْرَ مُتّصِلِ النّظَامِ |
وَلَمّا أنْ عَدَدْتُ صَلِيبَ رَأيِي | تَحَلّلَ عِقْدُ رَأيِكَ في المَقَامِ |
وَكُنْتَ تَرَى الأنَاة َ، وَتَدّعِيها | فأعجلكَ الطعانُ عنِ الكلامِ |
و بتَّ مؤرقاً ، منْ غيرِ سهدٍ | حمى جفنيكَ طيبَ النومِ حامِ |
و لا أرضى الفتى ما لمْ يكملْ | برأيِ الكهلِ ، إقدامَ الغلامِ |
فَلا هُنّئْتَهَا نُعْمَى بِأسْرِي | وَلا وُصِلَتْ سُعُودُكَ بِالتّمَامِ |
أمَا مِنْ أعْجَبِ الأشْيَاءِ عِلْجٌ | يُعَرّفُني الحَلالَ مِنَ الحَرَامِ |
و تكنفهُ بطارقة ٌ تيوسُ | تباري بالعثانينِ الضخامِ |
لهمْ خلقُ الحميرِ فلستَ تلقى | فتى ً منهمْ يسيرُ بلاَ حزامِ |
يُرِيغُونَ العُيُوبَ، وَأعجَزَتْهُمْ | وأيُّ العيبِ يوجدُ في الحسامِ |
و أصعبُ خطة ٍ ، وأجلُّ أمرٍ | مُجَالَسَة ُ اللّئَامِ عَلى الكِرَامِ |
أبِيتُ مُبَرّأ من كُلّ عَيبٍ | و أصبحُ ، سالماً منْ كلِّ ذامِ |
وَمَنْ لَقيَ الّذي لاقَيْتُ هَانَتْ | عَلَيْهِ مَوَارِدُ المَوْتِ الزّؤامِ |
ثناءٌ طيبٌ ، لا خلفَ فيهِ | وَآثَارٌ كَآثَارِ الغَمَامِ |
و علمُ فوارسِ الحيينِ أني | قَلِيلٌ مَنْ يَقُومُ لَهُمْ مَقَامي |
وَفي طَلَبِ الثّنَاءِ مَضَى بُجَيْرٌ | وَجَادَ بِنَفْسِهِ كَعبُ بنُ مَامِ |
أُلامُ عَلى التّعَرّضِ للمَنَايَا، | وَلي سَمَعٌ أصَمُّ عَنِ المَلامِ |
بنو الدنيا إذا ماتوا سواءٌ | وَلَوْ عَمَرَ المُعَمّرُ ألْفَ عَامِ |
إذَا مَا لاَحَ لي لَمَعَانُ بَرْقٍ | بَعَثْتُ إلى الأحِبّة ِ بِالسّلامِ |
به وبمثله شق الصفوف
بِهِ وبِمِثْلِهِ شُقّ الصّفُوفُ | وزَلّتْ عَن مُباشِرِها الحُتُوفُ |
فَدَعْهُ لَقًى فإنّكَ مِنْ كِرامٍ | جَواشِنُها الأسِنّةُ والسّيوفُ |
لك يا منازل في القلوب منازل
لَكِ يا مَنازِلُ في القُلوبِ مَنازِلُ | أقفَرْتِ أنْتِ وهنّ منكِ أواهِلُ |
يَعْلَمْنَ ذاكَ وما عَلِمْتِ وإنّمَا | أوْلاكُما يُبْكَى عَلَيْهِ العاقِلُ |
وأنَا الذي اجتَلَبَ المَنيّةَ طَرْفُهُ | فَمَنِ المُطالَبُ والقَتيلُ القاتِلُ |
تَخْلُو الدّيارُ منَ الظّباءِ وعِنْدَهُ | من كُلّ تابِعَةٍ خَيالٌ خاذِلُ |
أللاّءِ أفْتَكُهَا الجَبانُ بمُهْجَتي | وأحَبُّهَا قُرْباً إليّ البَاخِلُ |
ألرّامِياتُ لَنَا وهُنّ نَوافِرٌ | والخاتِلاتُ لَنَا وهُنّ غَوافِلُ |
كافأنَنَا عَنْ شِبْهِهِنّ مِنَ المَهَا | فَلَهُنّ في غَيرِ التّرابِ حَبَائِلُ |
مِنْ طاعِني ثُغَرِ الرّجالِ جآذِرٌ | ومِنَ الرّماحِ دَمَالِجٌ وخَلاخِلُ |
ولِذا اسمُ أغطِيَةِ العُيُونِ جُفُونُها | مِنْ أنّها عَمَلَ السّيُوفِ عَوامِلُ |
كم وقْفَةٍ سَجَرَتكَ شوْقاً بَعدَما | غَرِيَ الرّقيبُ بنا ولَجّ العاذِلُ |
دونَ التّعانُقِ ناحِلَينِ كشَكْلَتيْ | نَصْبٍ أدَقَّهُمَا وضَمَّ الشّاكِلُ |
إنْعَمْ ولَذّ فَلِلأمورِ أواخِرٌ | أبَداً إذا كانَتْ لَهُنّ أوائِلُ |
ما دُمْتَ مِنْ أرَبِ الحِسانِ فإنّما | رَوْقُ الشّبابِ علَيكَ ظِلٌّ زائِلُ |
للّهْوِ آوِنَةٌ تَمُرّ كأنّهَا | قُبَلٌ يُزَوَّدُهَا حَبيبٌ راحِلُ |
جَمَحَ الزّمانُ فَلا لَذيذٌ خالِصٌ | ممّا يَشُوبُ ولا سُرُورٌ كامِلُ |
حتى أبو الفَضْلِ ابنُ عَبْدِالله رُؤ | يَتُهُ المُنى وهيَ المَقامُ الهَائلُ |
مَمْطُورَةٌ طُرُقي إلَيهَا دونَهَا | مِنْ جُودِهِ في كلّ فَجٍّ وابِلُ |
مَحْجُوبَةٌ بسُرادِقٍ مِنْ هَيْبَةٍ | تَثْني الأزِمّةَ والمَطيُّ ذَوامِلُ |
للشّمسِ فيهِ وللسّحابِ وللبِحَا | رِ وللأسُودِ وللرّياحِ شَمَائِلُ |
ولَدَيْهِ مِلْعِقْيَانِ والأدَبِ المُفَا | دِ ومِلْحيَاةِ ومِلْمَماتِ مَنَاهِلُ |
لَوْ لم يَهَبْ لجَبَ الوُفُودِ حَوَالَهُ | لَسَرَى إلَيْهِ قَطَا الفَلاةِ النّاهِلُ |
يَدْري بمَا بِكَ قَبْلَ تُظْهِرُهُ لَهُ | مِن ذِهْنِهِ ويُجيبُ قَبْلَ تُسائِلُ |
وتَراهُ مُعْتَرِضاً لَهَا ومُوَلّياً | أحْداقُنا وتَحارُ حينَ يُقابِلُ |
كَلِماتُهُ قُضُبٌ وهُنّ فَوَاصِلٌ | كلُّ الضّرائبِ تَحتَهُنّ مَفاصِلُ |
هَزَمَتْ مَكارِمُهُ المَكارِمَ كُلّهَا | حتى كأنّ المَكْرُماتِ قَنَابِلُ |
وقَتَلْنَ دَفْراً والدُّهَيْمَ فَما تَرَى | أُمُّ الدُّهَيْمِ وأُمُّ دَفْرٍ ثَاكِلُ |
عَلاّمَةُ العُلَمَاءِ واللُّجُّ الّذي | لا يَنْتَهي ولِكُلّ لُجٍّ ساحِلُ |
لَوْ طابَ مَوْلِدُ كُلّ حَيٍّ مِثْلِهِ | وَلَدَ النّساءُ وما لَهنّ قَوابِلُ |
لَوْ بانَ بالكَرَمِ الجَنينُ بَيانَهُ | لَدَرَتْ بهِ ذَكَرٌ أمْ أنثى الحامِلُ |
ليَزِدْ بَنُو الحَسَنِ الشِّرافُ تَواضُعاً | هَيهاتِ تُكْتَمُ في الظّلامِ مشاعلُ |
جَفَختْ وهم لا يجفَخونَ بها بهِمْ | شِيَمٌ على الحَسَبِ الأغَرّ دَلائِلُ |
مُتَشابِهُو وَرَعِ النّفُوسِ كَبيرُهم | وصَغيرُهمْ عَفُّ الإزارِ حُلاحِلُ |
يا کفخَرْ فإنّ النّاسَ فيكَ ثَلاثَةٌ | مُسْتَعْظِمٌ أو حاسِدٌ أو جاهِلُ |
ولَقَدْ عَلَوْتَ فَما تُبالي بَعدَمَا | عَرَفُوا أيَحْمَدُ أمْ يَذُمُّ القائِلُ |
أُثْني عَلَيْكَ ولَوْ تَشاءُ لقُلتَ لي | قَصّرْتَ فالإمْساكُ عنّي نائِلُ |
لا تَجْسُرُ الفُصَحاءُ تُنشِدُ ههُنا | بَيْتاً ولكِنّي الهِزَبْرُ البَاسِلُ |
ما نالَ أهْلُ الجاهِلِيّةِ كُلُّهُمْ | شِعْرِي ولا سمعتْ بسحري بابِلُ |
وإذا أتَتْكَ مَذَمّتي من نَاقِصٍ | فَهيَ الشّهادَةُ لي بأنّي كامِلُ |
مَنْ لي بفَهْمِ أُهَيْلِ عَصْرٍ يَدّعي | أنْ يَحْسُبَ الهِنديَّ فيهِمْ باقِلُ |
وأمَا وحَقّكَ وهْوَ غايَةُ مُقْسِمٍ | لَلْحَقُّ أنتَ وما سِواكَ الباطِلُ |
ألطِّيبُ أنْتَ إذا أصابَكَ طِيبُهُ | والماءُ أنتَ إذا اغتَسَلْتَ الغاسِلُ |
ما دارَ في الحَنَكِ اللّسانُ وقَلّبَتْ | قَلَماً بأحْسَنَ مِنْ ثَنَاكَ أنَامِلُ |
لحن الحياة
إذا الشعبُ يوما أراد الحياة | فلا بد أن يستجيب القـدر |
ولا بـد لليـل أن ينجلي | ولا بـد للقيـد أن ينكسـر |
ومن لم يعانقْـه شـوْقُ الحياة | تبخر فــي جوها واندثر |
فويل لمن لم تَشُـقهُ الحياة | من صفْعـة العــدَم المنتصر |
كـذلك قـالت ليَ الكائناتُ | وحدثني روحُها المستترْ |
ودمــدمتِ الــرِّيحُ بيــن الفِجـاج | وفوق الجبال وتحت الشجرْ |
إذا ما طمحتُ إلــى غايةٍ | ركبتُ المُنى, ونسِـيت الحذرْ |
ولــم أتجــنَّب وعــورَ الشِّـعاب | ولا كُبَّةَ اللّهَب المستعرْ |
ومن يتهيب صعود الجبال | يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحفرْ |
فعجَّــتْ بقلبــي دمــاءُ الشـباب | وضجَّــت بصـدري ريـاحٌ أخَـرْ |
وأطـرقتُ, أصغـي لقصـف الرعـودِ | وعــزفِ الريــاحِ, ووقـعِ المطـرْ |
وقـالت لـي الأرضُ لمـا سـألت | أيــا أمُّ هــل تكــرهين البشــر |
أُبــارك فـي النـاس أهـلَ الطمـوح | ومــن يســتلذُّ ركــوبَ الخــطرْ |
وألْعــنُ مــن لا يماشــي الزمـانَ | ويقنـــع بــالعيْشِ عيشِ الحجَــرْ |
هــو الكــونُ حـيٌّ, يحـبُّ الحيـاة | ويحــتقر المَيْــتَ, مهمــا كــبُرْ |
فـلا الأفْـق يحـضن ميْـتَ الطيـورِ | ولا النحــلُ يلثــم ميْــتَ الزهـرْ |
ولــولا أمُومــةُ قلبِــي الــرّؤوم | لَمَــا ضمّــتِ الميْـتَ تلـك الحُـفَرْ |
فــويلٌ لمــن لــم تشُــقه الحيـا | ة, مِــن لعنــة العــدم المنتصِـرْ |
وفــي ليلــة مـن ليـالي الخـريف | مثقَّلـــةٍ بالأســـى, والضجــرْ |
ســكرتُ بهـا مـن ضيـاء النجـوم | وغنَّيْــتُ للحُــزْن حــتى ســكرْ |
سـألتُ الدُّجـى: هـل تُعيـد الحيـاةُ | لمـــا أذبلتــه, ربيــعَ العمــر |
فلـــم تتكلّم شــفاه الظــلام | ولــم تــترنَّمْ عــذارى السَّــحَرْ |
وقال ليَ الغــابُ في رقَّـةٍ | مُحَبَّبَـــةٍ مثــل خــفْق الوتــرْ |
يجــئ الشــتاءُ شــتاء الضبـاب | شــتاء الثلــوج, شــتاء المطــرْ |
فينطفــئُ السِّـحرُ سـحرُ الغصـونِ | وســحرُ الزهــورِ, وسـحرُ الثمـرْ |
وســحرُ السـماءِ الشـجيُّ الـوديعُ | وســحرُ المـروجِ, الشـهيُّ, العطِـرْ |
وتهـــوِي الغصــونُ وأوراقُهــا | وأزهــارُ عهــدٍ حــبيبٍ نضِــرْ |
وتلهــو بهـا الـريحُ فـي كـل وادٍ | ويدفنُهَــا الســيلُ أنَّــى عــبرْ |
ويفنــى الجــميعُ كحُــلْمٍ بــديعٍ | تـــألّق فـــي مهجــةٍ واندثــرْ |
وتبقــى البــذورُ, التــي حُـمِّلَتْ | ذخــيرةَ عُمْــرٍ جــميلٍ غَــبَرْ |
وذكــرى فصــولٍ ورؤيـا حيـاةٍ | وأشــباحَ دنيــا تلاشــتْ زُمَـرْ |
معانقــةً وهـي تحـت الضبـابِ | وتحــت الثلـوجِ وتحـت المَـدَرْ |
لِطَيْــفِ الحيــاةِ الــذي لا يُمَــلُّ | وقلــبِ الــربيعِ الشــذيِّ الخـضِرْ |
وحالمـــةً بأغـــاني الطيـــورِ | وعِطْــرِ الزهــورِ, وطَعـمِ الثمـرْ |
ويمشـي الزمـانُ, فتنمـو صـروفٌ | وتــذوِي صــروفٌ, وتحيـا أُخَـرْ |
وتُصبِـــحُ أحلامُهـــا يقظَـــةً | مُوَشَّـــحةً بغمـــوضِ السَّــحَرْ |
تُســائل: أيــن ضبـابُ الصبـاحِ | وسِــحْرُ المسـاء? وضـوء القمـر |
وأســرابُ ذاك الفَــراشِ الأنيــق | ونحــلٌ يغنِّــي, وغيــمٌ يمــر |
وأيـــن الأشـــعَّةُ والكائنــاتُ | وأيــن الحيــاةُ التــي أنتظــر |
ظمِئـتُ إلـى النـور, فـوق الغصونِ | ظمِئـتُ إلـى الظـلِ تحـت الشـجرْ |
ظمِئـتُ إلـى النَّبْـعِ, بيـن المـروجِ | يغنِّــي, ويــرقص فـوقَ الزّهَـرْ |
ظمِئــتُ إلــى نَغَمــاتِ الطيـورِ | وهَمْسِ النّســيمِ, ولحــنِ المطــرْ |
ظمِئـتُ إلـى الكـونِ! أيـن الوجـودُ | وأنَّـــى أرى العــالَمَ المنتظــر |
هـو الكـونُ, خـلف سُـباتِ الجـمودِ | وفـــي أُفــقِ اليقظــاتِ الكُــبَرْ |
ومـــا هــو إلا كخــفقِ الجنــا | حِ حــتى نمــا شــوقُها وانتصـرْ |
فصَـــدّعت الأرضَ مــن فوقهــا | وأبْصــرتِ الكـونَ عـذبَ الصُّـوَرْ |
وجـــاء الـــربيعُ, بأنغامِـــه | وأحلامِـــه, وصِبـــاه العطِــرْ |
وقبَّلهـــا قُبَـــلاً فــي الشــفاهِ | تعيــدُ الشــبابَ الــذي قـد غَـبَرْ |
وقــال لهــا: قـد مُنِحْـتِ الحيـاةَ | وخُــلِّدْتِ فــي نســلكِ المُدّخَــرْ |
وبـــاركَكِ النُّـــورُ, فاســتقبلي | شــبابَ الحيــاةِ وخِــصْبَ العُمـرْ |
ومَــن تعبــدُ النــورَ أحلامُــه | يُبَارِكُـــهُ النّــورُ أنّــى ظهــرْ |
إليــكِ الفضــاءَ, إليــكِ الضيـاءَ | إليــك الــثرى, الحـالمَ, المزدهـرْ |
إليــكِ الجمــالَ الــذي لا يَبيــدُ! | إليــكِ الوجـودَ, الرحـيبَ, النضِـرْ |
فميـدي كمـا شئتِ فوق الحقولِ | بحــلوِ الثمــارِ وغــضِّ الزّهَــرْ |
ونــاجي النســيمَ ونـاجي الغيـومَ | ونــاجي النجــومَ, ونـاجي القمـرْ |
ونـــاجي الحيـــاةَ وأشــواقَها | وفتنــةَ هــذا الوجــود الأغــرْ |
وشـفَّ الدجـى عـن جمـالٍ عميـقٍ | يشُــبُّ الخيــالَ, ويُــذكي الفِكَـرْ |
ومُــدّ عـلى الكـون سِـحرٌ غـريبٌ | يُصَرّفــــه ســـاحرٌ مقتـــدرْ |
وضـاءت شـموعُ النجـومِ الوِضـاءِ | وضــاع البَخُــورُ, بخـورُ الزّهَـرْ |
ورفــرف روحٌ غــريبُ الجمـال | بأجنحــةٍ مــن ضيــاء القمــرْ |
ورنَّ نشـــيدُ الحيـــاةِ المقـــدّ | سُ فــي هيكـلٍ, حـالمٍ قـد سُـحِرْ |
وأعْلِــنَ فــي الكـون أنّ الطمـوحَ | لهيـــبُ الحيــاةِ ورُوحُ الظفَــرْ |
إذا طمحـــتْ للحيـــاةِ النفــوسُ | فــلا بــدّ أنْ يســتجيبَ القــدر |
لا ينهض الشعب إلا حين يدفعه
لا ينهضُ الشعبُ إلاَّ حينَ يدفعهُ | عَزْمُ الحياة ِ، إذا ما استيقظتْ فيهِ |
والحَبُّ يخترقُ الغَبْراءَ، مُنْدفعاً | إلى السماء، إذا هبَّتْ تُناديهِ |
والقيدُ يأَلَفُهُ الأمواتُ، ما لَبِثوا | أمَّا الحيَاة ُ فيُبْلها وتُبْليهِ |