طريق العلا

أيا قممَ العُلا، لا تسأليني
عن العابرينَ بلا يقين
أنا يا قممُ حلمتُ بعالمٍ
يزهو بعزمِ المؤمنين
رأيتُ الليلَ يرقبُ صبحهُ
في مقلتيْ شوقٍ حزين
وسمعتُ الريحَ تهمسُ للرُّبى
أنشودةَ المجدِ الدفين
فهبي يا ريحُ نارَ عواصفٍ
تهزُّ عروشَ الظالمين
وليكنِ الكونُ أغنيةً
للحرِّ في كلِّ حين
عماد إيلاهي

عهد الأرض و الشهادة

يا مَن تَكَلَّمْتَ عَنْهُ المِحَنُ
يا مَن تَكَالَبَتْ عَلَيْهِ المَنَاجِدُ
يا قَلْبًا مُمْتَلِئًا بِالْهُمُومِ
يا بَحْرًا يَطُوفُ بِهِ الْقُرُوشُ
وَيَا أَحِبَّةَ خَلِيلِكَ
وَجَمَالَ مَدَائِنِكَ
يَافَا وَحَيْفَا وَغَزَّةُ
وَيَا لِعَظَمَةِ مَكَانَتِ قُدْسِكَ
وَيَا لِشِدَّةِ بَأْسِ مُقَاوَمَتِكَ
عَلَى كُلِّ مُعْتَدٍ غَاصِبٍ
يَسْتَبِيحُونَ أَرْضَنَا
يَجْمَعُونَ قُوَى الْعَالَمِ
بِحَمَاقَتِهِمْ وَسَذَاجَتِهِمْ
يَظُنُّونَ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ
أَحَدٌ لِرَدْعِهِمْ
وَاللَّهُ وَبِاللَّهِ وَتَاللَّهِ
سَنَسْتَعِيدُهَا رَغْمَ عَنْ
كُلِّ مُعْتَدٍ غَاصِبٍ
فِدْيًا لِمَسْرَى رَسُولِنَا
اِنتِقَامًا لِأَطْفَالِنَا وَنِسَائِنَا
اِشْتِيَاقًا لِكُلِّ وَرَقَةٍ عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ
فِي نَهْجِنَا إِمَّا النَّصْرُ وَإِمَّا الشَّهَادَةُ
وَفِي نَهْجِهِمْ لَا يَعْرِفُونَ إِلَّا الْخَسَارَةُ
نَصْرٌ لَنَا وَخَسَارَةٌ وَخِزْيٌ لَهُمْ
الخِزْيُ لِكُلِّ مُتَصَهْيِنٍ مُتَخَاذِلٍ
وَالنَّصْرُ لِكُلِّ فِدَائِيٍّ مُقَاوِمٍ
آلاء ابو همام

بعينك لوعة القلب الرهين

بِعَينِكَ لَوعَةُ القَلبِ الرَهينِوَفَرطُ تَتابُعِ الدَمعِ الهَتونِ
وَقَد أَصغَيتِ لِلواشينَ حَتّىرَكَنتِ إِلَيهِمُ بَعضَ الرُكونِ
وَلَو جازَيتِ صَبّاً عَن هَواهُلَكانَ العَدلُ أَلّا تَهجُريني
نَظَرتُ وَكَم نَظَرتُ فَأقصَدَتنيفُجاءاتُ البُدورِ عَلى الغُصونِ
وَرُبَّةَ نَظرَةٍ أَقلَعتُ عَنهابِسُكرٍ في التَصابي أَو جُنونِ
فَيا لِلَّهِ ما تَلقى القُلوبُ الهَوائِمُ مِن جِناياتِ العُيونِ
وَقَد يَإِسَ العَواذِلُ مِن فُؤادٍلَجوجٍ في غَوايَتِهِ حَرونِ
فَمَن يَذهَل أَحِبَّتَهُ فَإِنّيكَفَيتُ مِنَ الصَبابَةِ ما يَليني
وَلي بَينَ القُصورِ إِلى قُوَيقٍأَليفٌ أَصطَفيهِ وَيَصطَفيني
يُعارِضُ ذِكرُهُ في كُلّ وَقتٍوَيَطرُقُ طَيفُهُ في كُلِّ حينِ
لَقَد حَمَلَ الخِلافَةَ مُستَقِلٌّبِها وَبِحَقِّهِ فيها المُبينِ
يَسوسُ الدينَ وَالدُنيا بِرَأيٍرِضىً للهِ في دُنيا وَدينِ
تَناوَلَ جودُهُ أَقصى الأَمانيوَصَدَّقَ فِعلُهُ حُسنَ الظُنونِ
فَما بِالدَهرِ مِن بَهجٍ وَحُسنٍوَما بِالعَيشِ مِن خَفضٍ وَلينِ
وَلَم تُخلَق يَدُ المُعتَزِّ إِلّالِحَوزِ الحَمدِ بِالخَطَرِ الثَمينِ
تَروعُ المالَ ضِحكَتُهُ إِذا ماغَدا مُتَهَلِّلاً طَلقَ الجَبينِ
أَمينَ اللَهِ وَالمُعطى تُراثَ الأَمينِ وَصاحِبُ البَلَدِ الأَمينِ
تَتابَعَتِ الفُتوحُ وَهُنَّ شَتّى الأَماكِنِ في العِدى شَتّى الفُنونِ
فَما تَنفَكُّ بُشرى عَن تَرَدّيعَدُوٍّ خاضِعٍ لَكَ مُستَكينِ
فِرارُ الكَوكَبِيِّ وَخَيلُ موسىتُثيرُ عَجاجَةَ الحَربِ الزَبونِ
وَفي أَرضِ الدَيالِمِ هامُ قَتلىنِظامُ السَهلِ مِنها وَالحُزونِ
وَقَد صَدَمَت عَظيمَ الرومِ عُظمىمِنَ الأَحداثِ قاطِعَةُ الوَتينِ
بِنُعمى اللَهِ عِندَكَ غَيرَ شَكٍّوَريحِكَ أَقصَدَتهُ يَدُ المَنونِ
نُصِرتَ عَلى الأَعادي بِالأَعاديغَداةَ الرومِ تَحتَ رَحىً طَحونِ
يُقَتِّلُ بَعضُها بَعضاً بِضَربٍمُبينٍ لِلسَواعِدِ وَالشُؤونِ
إِذِ الأَبدانُ ثَمَّ بِلا رُؤوسٍتَهاوى وَالسُيوفُ بِلا جُفونِ
فَدُمتَ وَدامَ عَبدُ اللَهُ بَدرُ الدُجى في ضَوإِهِ وَحَيا الدُجونِ
تُطيفُ بِهِ المَوالي حينَ يَبدوإِطافَتَها بِمَعقِلِها الحَصينِ
تَرى الأَبصارَ تُغضي عَن مَهيبٍوَقورٍ في مَهابَتِهِ رَكينِ
جَوادٌ غَلَّسَت نُعماهُ فيناوَلَم يُظهِر بِها مَطلَ الضَنينِ
ظَنَنتُ بِهِ الَّتي سَرَّت صَديقيفَكانَ الظَنُّ قُدّامَ اليَقينِ
وَكُنتَ إِلَيهِ في وَعدٍ شَفيعيفَصِرتَ عَلَيهِ في نُجحٍ ضَميني
وَما وَلِيَ المَكارِمَ مِثلُ خِرقٍأَغَرَّ يَرى المَواعِدَ كَالدُيونِ
وَصَلتَ بِيونُسَ بنِ بُغاءَ حَبليفَرُحتُ أَمُتُّ بِالسَبَبِ المَتينِ
فَقَد بَوَّأتَني أَعلى مَحَلٍّشَريفٍ في المَكانِ بِكَ المَكينِ
وَما أَخشى تَعَذرَ ما أُعانيمِنَ الحاجاتِ إِذ أَمسى مُعيني
وَإِنَّ يَدي وَقَد أَسنَدتَ أَمريإِلَيهِ اليَومَ في يَدِكَ اليَمينِ
البحتري

 أناة أيها الفلك المدار

أناةً أيُّها الفَلَكُ المُدارُأنَهبٌ ما تَطَرَّفُ أم جُبارُ
سَتَفنى مِثلَ ما تُفني وَتَبلىكَما تُبلي فَيُدرَكُ مِنكَ ثارُ
تُنابُ النائِباتُ إِذا تَناهَتوَيَدمُرُ في تَصَرُّفِهِ الدَمارُ
وَما أَهلُ المَنازِلِ غَيرُ رَكبٍمَطاياهُم رَواحٌ وَاِبتِكارُ
لَنا في الدَهرِ آمالٌ طِوالٌنُرَجّيها وَأَعمارٌ قِصارُ
وَأَهوِن بِالخُطوبِ عَلى خَليعٍإِلى اللَذاتِ لَيسَ لَهُ عِذارُ
فَآخِرُ يَومِهِ سُكرٌ تَجَلّىغَوايَتُهُ وَأَوَّلُهُ خُمارُ
وَيَومٍ بِالمَطيرَةِ أَمطَرَتناسَماءٌ صَوبُ وابِلِها العُقارُ
نَزَلنا مَنزِلَ الحَسَنِ بنِ وَهبٍوَقَد دَرَسَت مَغانِهِ القِفارُ
تَلَقَّينا الشِتاءَ بِهِ وَزُرنابَناتَ اللَهوِ إِذ قَرُبَ المَزارُ
أَقَمنا أَكلُنا أَكلُ اِستِلابٍهُناكَ وَشُربُنا شُربٌ بِدارُ
تَنازَعنا المُدامَةَ وَهيَ صِرفٌوَأَعجَلنا الطَبائِخَ وَهيَ نارُ
وَلَم يَكُ ذاكَ سُخفاً غَيرَ أَنّيرَأَيتُ الشَربَ سُخفُهُمُ الوَقارُ
رَضينا مِن مُخارِقَ وَاِبنِ خَيرٍبِصَوتِ الأَثلِ إِذ مَتَعَ النَهارُ
تُزَعزِعُهُ الشَمالُ وَقَد تَوافىعَلى أَنفاسِها قَطرٌ صِغارُ
غَداةَ دُجُنَّةٍ لِلغَيثِ فيهاخِلالَ الرَوضِ حَجٌّ وَاِعتِمارُ
كَأَنَّ الريحَ وَالمَطَرَ المُناجيخَواطِرَها عِتابٌ وَاِعتِذارُ
كَأَنَّ مُدارَ دِجلَةَ إِذ تَوافَتبِأَجمَعِها هِلالٌ أَو سِوارُ
أَما وَأَبي بَني حارِ بنِ كَعبٍلَقَد طَرَدَ الزَمانُ بِهِم فَساروا
أَصابَ الدَهرُ دَولَةَ آلِ وَهبٍوَنالَ اللَيلُ مِنهُم وَالنَهارُ
أَعارَهُمُ رِداءَ العِزِّ حَتّىتَقاضاهُم فَرَدّوا ما اِستَعاروا
وَما كانوا فَأَوجُهُهُم بُدورٌلِمُختَبِطٍ وَأَيدِهِم بِحارُ
وَإِنَّ عَوائِدَ الأَيّامِ فيهالِما هاضَت بَوادِؤُها اِنجِبارُ
البحتري

متاهة الذات

يا نفسُ، كيف السبيلُ إلى عُلاه؟وأين ينبتُ ضوءُ الحقِّ في مَداه؟
أأسأل الدربَ عن سرٍّ يلفُّ خطاي؟أم أكتفي بصدى الأحلامِ في سماه؟
أبحثُ عنّي، أيا أزليّةَ الرؤيافكيف تكتملُ الأسئلةُ في صَفاه؟
أسائلُ الوقتَ عن سِرٍّ يُزيحُ ظلاميلكنّه ينثرُ الألغازَ في خُطاه
يا ظلَّ قلبي، أجبني: هل أنا يقين؟أم أنّني ضائعٌ في وهجِ اشتباه؟
كلُّ الجواباتِ نارٌ، ما لها قراروكلُّ صوتٍ يُنادي سرَّه اشتكاه
يا نفسُ، مهلاً، فقد يُولدُ الضياءُحينَ التقتْ في حنايا الصمتِ نجواه
رزيڨ مريم