يا عيونا تسقي العيون الرحيقا

يَا عُيُونَاً تَسْقِي العُيُونَ الرَّحِيقَا – وَاصِلِي مُدْمِناً أَبى أَنْ يُفِيقَا
أَسْكِرِينِي عَلَى الدَّوَامِ وَأَفْنِي – مُهْجَتِي أَدْمُعاً وَعَزْمِي حَرِيقا
تِلْكَ خَمْرُ الحيَاةِ مَنْ لَمْ يَذَقْهَا – مَرَّةً لَيْس بِالحَياةِ خَلِيقَا
وَهْيَ حُسْنُ الحَيَاةِ سَعْداً وَبُؤْساً – وَاصْطِبَاحاً لِشَرْبِهَا وَغَبُوقَا
أَنْتِ يَا مَن سَقَتْ فؤَادِي مِنْهَا – حَرَّ وَجْدٍ وَلَوْعَةٍ وَخُفوقَا
إِظْلمِينِي مَا شَاءَ ظُلْمُكِ وَانْهِي – آمِر الحُسْنِ أَنْ يَكُونَ شَفِيقَا
عَذِّبِينِي فَقَدْ جَنَيْتُ عَلَى – نَفْسِي وَأَمْسَيْتُ بِالْعِقَابِ حَقِيقَا
فَلِهَذا العِقَابِ عَاوَدْتُ حُبِّي – وَلأَلْقَاهُ خُنْتُ عَهْداً وَثِيقَا
رُبَّ لَيْلٍ مُحَيَّرُ النَّجمِ غَضٍّ – فِيهِ لا يَهْتَدِي الضَّلولُ طَرِيقَا
ضَمَّني مُثْقَلاً بِهَمِّي كَبَحْرٍ – ضَمَّ فِي جَوْفِهِ الْبَعيدِ غَرِيقَا
أَحْسِبُ السُّرْجَ فِي حَشَاهُ قُرُوحاً – وَأَرى الشَّهبَ فِي سَمَاهُ حُرُوقا
فِيهِ نَامَتْ سُعَادُ نَوْماً هَنِيئاً – وَتَسَهَّدْتُ مُسْتهَاماً مَشُوقَا
حَيْثُمَا وَارَتْنِي دُجَاهُ غُرُوباً – أَبْصَرَتْنِي عَيْنُ الصَّباحِ شُرُوقَا
قَدْ تَلَقَّيتُهُ وَكَاَن كَثِيفاً – ثُمَّ وَدَعْتُهُ وَكَانَ رَقِيقَا
رَقَّ فَانْحَلَّ فَانْتَفَى غَيْرَ مُبْقٍ – لِيَ مِنْهُ إِلاّ خَيَالاً دَقِيقَا
ظَلَّ فِي جَانِبِي نَحِيلاً نُحُولِي – كَالشَّقيقِ الأَبَرَّ يَرْعَى شَقِيقا
أَيُّها النَّائِمُونَ يَهْنِيكُمُ النَّوْمَ – وَلاَ زَالَ حَظيَ التَّأرِيقَا
إِنْ يَكُ السَّاهِرُونَ مِثْلِي كَثِيراً – فَسُعَادٌ أَسَمَى وَأَسْنَى عَشِيقَا
فَاتِنِي مِنْ جَمَالَها الوجْهُ طَلْقاً – لاَ يُبَاهَى وَالْقَدُّ لَدْناً رَشِيقَا
فَاتِنِي عَقْلُهَا الَّذِي يُبْدِعُ الخَاطِرَ – رُوحاً وَهَيْكَلاً وَعُرُوقَا
فَاتِنِي نَظْمُهَا الْقَرِيضَ فَمَا – تَنْظِمُ عَقْداً فِي جِيدِهَا مَنْسُوقَا
فَاتِنِي لُطْفُهَا الَّذِي يُنْعِشُ الوَجْدَ – وَلَوْ شَاءَ أَنْعَشَ التَّوْفِيقَا
وَيُقِيمُ الآمَالَ فِي النَّفْسِ كَالنورِ – يُحِيلُ البُذُورَ زَهْراً أَنِيقَا
فِتَنٌ قَيَّدَتْ بِهِنَّ فُؤَادِي – وَأَرَانِي إِذَا شَكَوْتُ عَقُوقَا
كُلُّ مُسْتَأْسَرٍ يَوَدُّ انْطِلاَقاً – وَشَقَائِي بِأَنْ أَكُونَ طَلِيقَا
Khalil Gibran Poem

إذا غزلتم حول يومي الظنون

إِذا غَزَلتُم حَولَ يَومي الظُّنونوَإِن حَبّكتم حَول لَيلي الملام
فَلَن تَدكُّوا بُرجَ صَبري الحَصينوَلَن تُزيلوا مِن كُؤوسي المدام
فَفي حَياتي مَنزِلٌ لِلسُّكونوَفي فُؤادي مَعبَدٌ لِلسَّلام
وَمَن تَغَذّى مِن طَعامِ المَنونلا يَختَشي مِن أَن يَذوق المَنام
قصيدة جبران خليل جبران

يا منى القلب ونور العين

يا منى القلب ونورالعين مذ كنت وكنت
لم أشأ أن يعلم الناسبما صنت وصنت
ولما حاذرت منفطنتهم فينا فطنت
إن ليلاي وهنديوسعادي من ظننت
تكثر الأسماءلكن المسمى هو أنت
Khalil Gibran Poem

أيها الفارس الشجاع ترجل

أيها الفارس الشجاع ترجلقَدْ كَبَا مُهْرُكَ الأَغَرُّ المُحَجَّلْ
شد ما خب موجفا كل يومفِي طِلاَبٍ مِنَ الفَخَارِ مُعَجَّلْ
دميت بالركاب شاكلتاهفَهَوَى رَازِحاً بِهِ مَا تَحَمَّل
هزلت سوقه غلى أن تثنتوَدنَا عُنْقُهُ إِلَى أَنْ تَسَفَّلْ
وخبا من جبينه نجم سعدطَالَمَا كَانَ ضَاحِكاً يَتَهلَّلْ
هكذا رحت ترهق العمر حثافَتَلاَشَى وَمَجْدُهُ بِكَ أَمْثَلْ
نادبي أدهم وناعي علاهكَانَ مِنْ خِيرَةِ الْعُلَى أَنْ تَرَحل
لم يبت في الثرى فتى اخيل لكنآثَرَ الأفْقَ صَهْوَةً فَتَحَوَّلْ
أشعار جبران خليل جبران

لبنان في أسمى المعاني لم يزل

لُبْنَانُ فِي أَسْمَى المَعَانِي لَمْ يَزَلْلأُولي القَرَائِحِ مَصْدَرَ الإِيحاءِ
جَبَلٌ أَنَافَ عَلَى الْجِبالِ بِمَجْدِهِوَأَنَافَ شَاعِرَهُ عَلَى الشُّعرَاءِ
يَا أَكْرَمَ الإِخْوَانِ قَدْ أَعْجَزْتَنِيعَنْ أَنْ أُجِيبَ بِمَا يَشَاءُ وَفَائِي
مهما أجد قولي فليس مكافئاقَوْلاً سَمَوْتُ بِهِ عَلَى النّظَرَاءِ
Khalil Gibran Poem

ظللت والشوق محرق كبدي

ظللت والشوق محرق كبديحَتَى قَضَى السَعْدُ في الهَوَى وطَري
فكان يوم لا شمس فيه سوىشَمْسِ وَلا نَيِر سوى قمري
أنجز وعدا فيه الصفاء فلميَشِبْه غَيْر الوعيد من عُمَرِ
حسني إلى جانبي وسطوتهحصْنِي فمَا خشْيَتي ومَا حَذَري
Khalil Gibran Poem