ألا مَا لِمَنْ أمْسَى يَرَاكَ وَللبَدْرِ، | وَمَا لمَكَانٍ أنْتَ فِيهِ وَللقَطْرِ |
تجللتَ بالتقوى ، وأفردتَ بالعلاَ ، | وَأُهّلْتَ للجُلَّى ، وَحُلّيتَ بالفَخْرِ |
وَقَلّدْتَني، لمّا ابتَدَأتَ بمَدْحَتي، | يدأ لا أوفي شكرها ، أبد الدهرِ |
فإنْ أنا لمْ أمنحكَ صدقَ مودتي | فَمَا لي إلى المَجدِ المُؤثَّلِ من عُذْرِ |
أيا بنَ الكرامِ الصيدِ ، جاءتْ كريمة ً : | ” أيا بنَ الكرامِ الصيدِ والسادة ِ الغرِّ “ |
فضلتَ بها أهلَ القريضِ ، فأصبحتْ | تَحيّة َ أهلِ البَدْوِ، مُؤنِسة َ الحَضرِ |
وَمِثْلُكَ مَعدومُ النّظِيرِ من الوَرَى | و شعركَ معدومُ الشبيهِ من الشعرِ |
كأنَّ على ألفاظهِ ، ونظامهِ | بَدَائِعَ مَا حَاكَ الرّبيعُ منَ الزّهْرِ |
تَنَفّسَ فيه الرّوْضُ فاخضَلّ بالنّدى | و هبَّ نسيمُ الروضِ يُخبرُ بالفجرِ |
إلى الله أشكُو مِنْ فِرَاقِكَ لَوْعَة َ، | طويتُ لها ، مني الضلوعَ ، على جمرِِ |
و حسرة َ مرتاحٍ إذا اشتاقَ قلبهُ ، | تَعَلّلَ بالشّكْوَى وَعَادَ إلى الصّبرِ |
فعدْ يا زمانَ القربِ ، في خيرِ عيشة ٍ ، | و أنعمَ بالٍ ، ما بدا كوكبٌ دري، |
وعشْ “يابنَ نصرٍ” ما استهلتْ غمامة ٌ ، | تَروحُ إلى عِزٍّ وَتَغدُو عَلى نَصْرِ |
قصيدة قديمة
مستجيرُ الهوى بغيرِ مجيرِ
مستجيرُ الهوى بغيرِ مجيرِ ، | وَمُضَامُ الهَوَى بِغَيْرِ نَصِيرِ |
مَا لِمَنْ وَكّلَ الهَوَى مُقْلَتَيْهِ | بِانْسِكَابٍ وَقَلْبَهُ بِزَفِيرِ؟! |
فَهْوَ مَا بَينَ عُمْرِ لَيْلٍ طَوِيلٍ، | يَتَلَظّى ، وَعُمُرِ نَوْمٍ قَصِيرِ |
لا أقولُ : المسيرُ أرَّقَ عيني ! | قدْ تناهى البلاءُ ، قبلَ المسيرِ! |
يا كثيباً ، منْ تحتِ غصنٍ رطيبٍ ، | يتثنى ، منْ تحتِ بدرٍمنيرِ ! |
شَدّ مَا غَيّرَتْكَ بَعْدي، اللّيالي | يا قليلَ الوفا ، قليلَ النظيرِ |
لكَ وصفي ، وفيكَ شعري ؛ ولا أعـ | ـرفُ وصفَ المؤارة ِ العيسجورِ |
وَلِقَلْبِي مِنْ حُسنِ وَجْهِكَ شغلٌ | عَنْ هَوَى قاصِراتِ تِلكَ القُصُورِ |
قد منحتُ الرقادَ عينَ خليٍّ | بَات خِلْواً مِمّا يُجِنّ ضَمِيري |
لا بَلا اللَّهُ مَنْ أُحِبّ بِحُبٍّ، | وَشَفَى كُلّ عَاشِقٍ مَهْجُورِ |
يا أخي ” يا أبا زهيرٍ ” ألي عنــ | ـدَكَ عَوْنٌ عَلى الغَزَالِ الغَرِيرِ؟ |
إنَّ لي ، مذء نأيتَ ، جسمَ مريض | و بكا ثاكلٍ ، وذلَّ أسيرِ |
لمْ تزل مشتكايَ ، في كلِّ أمرٍ ، | وَمُعِيني، وَعُدّتي، وَنَصِيري |
وَرَدَتْ مِنْكَ، يا بنَ عَمّي، هَدَايا | تتهادى في سندسٍ ، وحريرِ |
بفوافٍ ، ألذَّ منْ باردِ الما | ءِ، وَلَفْظٍ كَاللّؤلُؤِ المَنْثُورِ |
محكمٍ ، قصَّرَ ” الفرزدقُ ” و” الأخـ | ـطَلُ عَنْهُ، وَفَاقَ شِعْرَ جَرِيرِ |
أنتَ لَيثُ الوَغَى ، وَحَتْفُ الأعَادي | وَغِيَاثُ المَلْهُوفِ وَالمُستَجِيرِ |
طُلْتَ، في الضّرْبِ للطُّلى عن شَبيهٍ | وَتَعَالَيْتَ، في العُلا، عَنْ نَظِيرِ |
كُنْتَ جَرّبْتَني، وَأنْتَ كَثِيرُ الـ | ـكَيْسِ، طَبٌّ بِكُلّ أمْرٍ كَبِيرِ |
و إذا كنتَ ، ” يابنَ عمي ” ، قنوعاً | بِجَوَابي، قَنِعْتَ بِالمَيْسُورِ |
هَاجَ شَوْقي إلَيكَ، حينَ أتَتْني: | «هَاجَ شَوْقُ المُتَيَّمِ المَهْجُورِ» |
عَذيرِيَ مِن طَوَالعَ في عِذَارِي
عَذيرِيَ مِن طَوَالعَ في عِذَارِي، | وَمِنْ رَدّ الشّبَابِ المُسْتَعَارِ! |
و ثوبٍ ، كنتُ ألبسهُ ، أنيقٍ | أجررُ ذيله، بينَ الجواري |
و ما زادتْ على العشرينَ سني | فما عذرُ المشيبِ إلى عذاري ؟ |
و ما استمتعتُ منْ داعي التصابي | إلى أنْ جَاءني داعي الوَقَار |
أيا شيبي ، ظلمتَ ! ويا شبابي | لقَد جَاوَرْتُ، مِنكَ، بشَرّ جارِ! |
يُرَحِّلُ كُلّ مَنْ يَأوِي إلَيْهِ | و يختمها بترحيلِ الديارِ |
أمرتُ بقصهِ ، وكففتُ عنهُ ، | وقرَّ على تحمُّـلهِ قراري |
وَقُلْتُ: الشّيبُ أهوَنُ مَا أُلاقي | مِنَ الدّنْيا وَأيْسَرُ ما أُدارِي! |
وَلا يَبْقَى رَفِيقي الفَجْرُ حَتى | يضمَّ إليهِ منبلجَ النهارِ “ |
“و إني ما فجعتُ بهِ لألقى | بهِ ملقى العثارِ منَ الشعارِ” |
و كمْ منْ زائرٍ بالكرهِ مني | كرهتُ فراقهُ بعدَ المزارِ ! |
متى أسلو بلا خلٍّ وصولٍ | يُوَافِقُني، وَلا قَدَحٍ مُدَارِ؟ |
و كنتُ ، إذا الهمومُ تناوبتني ، | فزعتُ منَ الهمومِ إلى القفارِ |
أنَختُ وَصَاحِبَايَ بذي طُلُوحٍ | طَلائِحَ، شَفَّهَا وَخْدُ القِفَارِ |
وَلا مَاءٌ سِوَى نُطَفِ الأدَاوِي، | وَلا زَادٌ سِوَى القَنَصِ المُثَارِ |
فَلَمَّا لاحَ بَعْدَ الأينِ سَلْعٌ، | ذكرتُ منازلي وعرفتُ داري |
ألَمّ بِنا، وَجُنْحُ اللّيلِ داجٍ، | خيالٌ زارَ وهناً منْ نوارِ |
أبَاخِلَة ٌ عَلَيّ، وَأنتِ جارٌ، | وَواصِلَة ٌ عَلى بُعْدِ المَزَارِ! |
تلاعبُ بي ، على هوجَ المطايا ، | خلائِقُ لا تَقُرّ عَلى الصَّغَارِ |
و نفسٌ ، دونَ مطلبها الثريا | وَكَفّ دُونَهَا فَيضُ البِحَارِ |
أرى نفسي تطالبني بأمرٍ | قَلِيلٌ، دُونَ غَايَتِهِ، اقتِصَاري |
و ما يغنيكَ منْ هممٍ طوالٍ | إذا قرنتْ بأعمارٍ قصارِ؟ |
وَمُعْتكِفٍ عَلى حَلَبٍ بَكِيٌّ، | يقوتُ عطاشَ آمالٍ غزارِ |
يقولُ ليَ : ” انتظرْ فرجاًَ ” ومن لي | بأنَّ الموتَ ينتظرُ انتظاري؟ ! |
عليَّ لكلِّ همٍ ، كلُّ عيسٍ | أمونُ الرحلِ موخدة ُ القفارِ |
وَخَرّاجٌ مِنَ الغَمَراتِ خِرْقٌ، | أبو شبلينِ ، محميُّ الذمارِ |
شَدِيدُ تَجَنّبِ الآثَامِ وَافٍ، | عَلى عِلاّتِهِ، عَفُّ الإزارِ |
فَلا نَزَلَتْ بيَ الجِيرَانُ إنْ لمْ | أُجَاوِرْهَا مُجَاوَرَة َ البِحَارِ |
أُصَاحِبْهَا بِمَأمُونِ الفِرَارِ | |
وَلا صَحِبَتْنيَ الأمْلاكُ إنْ لمْ | أُصَبّحْهَا بِمُلْتَفّ الغُبَارِ |
بجيشٍ لا يحلُّ بهمْ مغيرٌ | وَرَأيٍ لا يَغِبّهُمُ مُغَارِ |
شددتُ على الحمامة ِ كورَ رحلٍ | بعيدُ حلهُ ، دونَ اليسارِ |
تَحُفّ بِهِ الأسِنّة ُ، وَالعَوَالي، | و مضمرة ُ المهاري ، والمهاري |
يعدنَ ، بعيدَ طولِ الصونِ ، سعياً | لِمَا كُلّفْنَ مِنْ بُعْدِ المَغَارِ |
و تخفقُ حوليَ الراياتُ حمراً ، | وتتبعني الخضارمُ منْ “نزارِ “ |
وَإنْ طُرِقَتْ بِدَاهِيَة ٍ نَآدٍ | تدافعها الرجالُ بكلِّ جارِ |
عَزِيزٌ حَيثُ حَطّ السّيرُ رَحْلي، | تداريني الأنامُ ولا أداري ! |
و أهلي من أنختُ إليهِ عيسي ، | وَدَارِي حَيثُ كُنتُ مِنَ الدّيَارِ |
تواعدنا بآذارِ
تواعدنا بآذارِ | لمسعى ً غيرِ مختارِ |
وَقُمْنَا، نَسحَبُ الرَّيْطَ، | إلى حانة ِ خمَّـارِ ؛ |
فَلَمْ نَدْرِ، وَقَدْ فاحَتْ | لَنَا مِنْ جَانِبِ الدّارِ |
بخمارٍ ، منَ القومِ ، | نَزَلْنَا، أمْ بِعَطّارِ؟ |
فلما ألبسَ الليلُ ، | لنا ثوباً منَ القارِ |
وَقُلْنَا: أوْقِدِ النّارَ | لِطُرَاقٍ وَزُوّارِ |
وَجَا خَاصِرَة َ الدّنّ | فأغنانا عنِ النارِ |
وَمَا في طَلَبِ اللّهْوِ، | عَلى الفِتْيَانِ، مِنْ عَارِ! |
صبرتُ على اختياركَ واضطراري
صبرتُ على اختياركَ واضطراري | وَقَلّ، مَعَ الهَوَى ، فِيكَ انْتِصَارِي |
و كانَ يعافُ حملَ الضيمِ قلبي ، | فقرَّ على تحملهِ قراري |
فديتكَ ، طالَ ظلمكَ واحتمالي | كما كثرتْ ذنوبكَ واعتذاري |
ما آنَ أنْ أرتاعَ للشيْبِ
ما آنَ أنْ أرتاعَ للشــ | ـيْبِ، المُفَوَّفِ في عِذَارِي؟ |
وَأكُفَّ عَنْ سُبُلِ الضّلا | لِ، وَأكْتَسِي ثَوْبَ الوَقَارِ |
أمْ قَدْ أمِنْتُ الحَادِثَا | تِ من الغوادي والسواري |
إني أعوذُ ، بحسنِ عفــ | ــوِ اللهِ ، منْ سوءِ اختياري |