ديــكٌ يُــصلّي والإمــامُ الــثعلبُ | وعــلى المنابرِ بالفضيلةِ يَخطبُ |
يَــتَصنَّعُ الــتقوى ويــبدو عــابداً | بــاللَّحمِ أمــسى زاهداً لا يرغبُ |
وبــأنّهُ الــحامي الأمــينُ لخمِّهمْ | بــالليلِ يــبقى ســاهراً لا يــتعبُ |
لا يَــلمِسُ الــديكَ الــغبيَّ لخَشْيَةٍ | أنَّ الــوضوءَ بــلمسِهِ قــد يذهبُ |
ويُــغَمِّضُ العينينِ حتى لا يرى | عــوْراتِ أهلِ الحيِّ حيثُ يُعذَّبُ |
ظــنَّ الديوكُ الخيرَ عندَ إمامِهمْ | و هو المُخادعُ في الحقيقةِ يكذبُ |
مــازالَ يــخدعُهمْ ويكسبُ وِدَّهُمْ | فــي كــلِّ ســانحةٍ لــهمْ يــتقرَّبُ |
حــتى اِطْمَأَنُّوا والشكوكُ تَبَدَّدَتْ | بـــدأَ الــلُّعَابُ بــثغرِهِ يَــتَصَبَّبُ |
فــدعا الــدِّيوكَ الــصالحينَ لبيتِهِ | لــينالَ أجــرَ المُحسنينَ ويكسبُ |
فــأتى الديوكُ الطامعونَ إمامَهُمْ | وبــطونُهمْ أشهى الموائدِ تطلبُ |
حتى إذا اكتملَ النصابُ فأُغلِقَتْ | كــلُّ الــمنافذِ واستحالَ المَهْرَبُ |
جــعلَ الــديوكَ الأغــبياءَ وليمةً | بــعضُ الــمطامعِ للمهالكِ تجلبُ |
لا يــخدعنَّكَ فــي الأنــامِ عِمامةٌ | فــلطالما فــيها تَــخَفّى الــمأرَبُ |
لا يــخــدَعنَّكَ لــو تــغيَّر لــونُها | فــالــطبعُ دومــاً لــلتَّطبُّعِ يــغلبُ |
فــي الــحيَّةِ الــرقطاءِ ســمٌّ قاتلٌ | وبــلونِها بعضُ الفرائِسِ تَجذِبُ |
قصائد العصر الحديث
قصائد عربية رائعة من العصر الحديث لأمير الشعراء و شاعر النيل و شاعر الخضراء أجمل القصائد.
اعترافات مفكر (تنويري)
وخَــرْتِــيــتٌ لـــه ذيـــلٌ | كــمــا الأنــعــامِ والــعــيرِ |
أهــالــي الــحــيّ تــعــرفُهُ | كــمــنــحرفٍ ومــغــمورِ |
وتــخــرجُ مــنهُ أصــواتٌ | كــنــفْخِ الــنــارِ بــالــكيرِ |
يٌــسَــمَّــى فـــي ثــقــافتِهمْ | ســفيهُ الــفكرِ (طَــنِّيري) |
غـــدا الإعـــلامُ يُــبْرِزُه | كــمُــنْــفَــتِحٍ وتَــنــوِيــري |
يــقــولُ أَتَــيتُ فــي عِــلمٍ | أتــى مــن مَحْضِ تفكيري |
فــأهلُ الــضادِ قد عَجِزوا | وأَعْــيَــتْــهُمْ تــفــاســيري |
فــهــمْ لــمْ يَــفهموا عَــبَثِي | وتَــخْــريفي وتــحــويري |
وإنَّ الـــثـــاءَ أَنْــطِــقُــها | كــســينٍ فـــي تــعابيري |
غـــدوتُ مُــفَــكِّراً عــلماً | كــبــدرٍ فـــي الــدّيــاجيرٍ |
بـــيَ الإعـــلامُ مُــنشغـلٌ | وكــمْ يــسعى لــتصويري |
دلــــيــلٌ أَنَّــهــمْ دُهِــشُــوا | بــتــحــليلي وتــنــظــيري |
وظــــنُّــوا أنَّــنــي حَــبْــرٌ | خــبــيرُ فـــي الأســاطيرِ |
فــجهلُ الــناسِ ســاعدَنِي | بــــلا عــــلــمٍ وتــدبــيرِ |
وجــدتُ الــقومَ قــد زاغوا | ومـــالـــوا لــلــمــهــاذيرِ |
فـــبـــتُّ الآنَ قُــدوَتَــهُــمْ | وقِــبْــلَةَ كـــلِّ مَــسْــحُورِ |
أُسَـــوِّقُ فِــكْــرَتي قــمحاً | طــــعــامــاً لــلــزرازيــرِ |
فــــهــذا بـــاتَ دَيــدَنَــهُمْ | ومَــنــهجَ كـــلِّ مَــشهُورِ |
حــذارِ حــذارِ مِنْ ضَحِكٍ | عــلــى فِــكْــرِ الــنحاريرِ |
ســتــوصفُ بَــعْدَهُ حَــتْماً | بــرَجــعــيٍّ وتــكــفــيري |
طب يا طبيب
طِب يا طبيب وطُبّ طِبْطابك |
فالطّيبُ طاب بطٍيبٍك يا طليل |
أَطِلّ علينا بطبولك وانطتي |
طائر الطاوُوس ذو طلية الطين |
الطيّب للطيّبين وطيبهم |
فاح فأفتر أنف الخبيث |
فاشتمه وكأنه فأر يحاول أن يفرّ من الفناء |
لكن قطّاً فارِغاً فتك به |
ففكّكه ما بين فرو وفقرات |
وصل الأصيل وصال بين صدورنا |
صان القلوب بصوته الصلد الصفيّ |
صهل الحصان صهيل فرحة عُرسه |
وتتاليت من خلفة الصرخات |
طِب يا طبيب وطُبّ طِبْطابك |
فالطيب طاب بطيبك يا طليل |
أطِلّ علينا بطبولك وانتطي |
طائر الطاوُوس ذو طلية الطين |
جندنا أسد أباة
جُنْدُنَا أُسْدٌ أُبَاةِ | حَطَّمُوا دَارَ البُغَاةِ |
نَفَّضُوا العَارَ بِعِزٍّ | إِتَّقَوا دَرْبَ الغِوَاةِ |
أَيُّهَا الشَّعْبُ المَجِيْدُ | إِسْنِدُوا نَاسٌ كُمَاةِ |
لا تَهَابُونَ المَنَايَا | نُحنُ أَحفَادُ الأُبَاةِ |
خَصْمُنَا خَصمٌ هَلُوعٌ | صَاغِرٌ تَحتَ الطُغاةِ |
قَدَّسُوا المَالَ بِذُّلٍ | إِنَهُم قَومٌ هَفَاتِ |
أَخَذُوا الأَصنَامَ نَسْكاً | بِرُقُودٍ مِنْ سُبَاتِ |
عَبَدُوا الأَوثَانَ نَهْقاً | وشَحِيجٍ للمَمَاتِ |
إِقتَدَوا قَذفَ النِّسَاءِ | عَجَزُوا عَنْ السِّماتِ |
وافَقَوا حَالَ المَذَّلَة | أذعَنُوا جَوْر الحَيَاةِ |
زَعَمُوا حُبَّ الرَّسولِ | بِعُرُوضٍ طاعِنَاتِ |
فَهُمُ الأَذلَالُ حَقّاً | مُعدِمِينَ مِنَ الصِّفَاتِ |
أَدبَرُوا سِلْكَ القِتَالِ | صَارُوا أَشبَهْ بالبَنَاتِ |
قَدْ أَتَينَاكُمْ بِجُندٍ | لا مَنَاصٍ لا نَجَاةِ |
بِجَهَادٍ قَدْ أَتِينَا | لإِزَاحَةِ الغُزَاةِ |
وبِجِدٍّ قَدْ سَعَينَا | لِمَحُو شَطْبُ العِدَاةِ |
عَزمُنَا بَلَغَ الثُّرَيا | طَوَّقَ كُلَّ الجِهَاتِ |
نَصرُنَا قَادِمْ ودَانِي | كالنُّسُورِ الوَغْرِ آتِ |
مَجدُنَا رَسَمَ الفَلاحِ | لِجراحٍ دَاوياتِ |
نَحمِلُ الدِّينُ كَواهِل | عَن صُمُودٍ عَن ثَباتِ |
نَحنَ أَبنَاءُ الحَواري | شَامِخيَنَ كَما التُقَاةِ |
ألهَبَت نَارُ المَعَالي | أضرَمَت في الناحياتِ |
فَتَكُوا الأَعداءَ عَقراً | بِصَوارِم مِن شَباةِ |
عَسْكَرُ الكُفرِ ذَبَحنا | بِسُيوفٍ صَاقِلاتِ |
سَنسِيرُوا مَعَ الحِمامِ | نَبتَغِي حُسنَ الوفَاةِ |
يَشهَدُ التارِيخُ أنّا | كُنّا للدِّينِ الحُمَاةِ |
إننَا للحَقِّ نَصرٌ | نَرفُضُ سَطوُّ الهُفَاتِ |
ورُؤوسٌ قَد قَطفنَا | ثأراً للأُمهَاتِ |
ورِقابٍ قَد حَصَدنَا | نَحراً كالبَقرَاتِ |
أَرضُنَا سُقيت بدَمٍّ | زَاكِياتٍ طَاهِراتِ |
أَيُّهَا الشِركِ قَدِمنا | بحِرَابٍ فالمُشاةِ |
هَيَّا أبطَالُ العَقِيدة | خضِّبوها بالرُفاتِ |
نَمتَطِي المَوتَ جَواداً | صَاهِلاتٍ مُرعِبَاتِ |
كُلُّ حَرفٍ في دمانا | نَادَى للحُرِّياتِ |
في سَبيل الصِدقِ جِئنَا | بنّفوسٍ صَافياتِ |
كُلُّنا جُندُ الإلهِ | لا نَلِينُ إلى الولاةِ |
حَسبِ مِنْ أَرِضُ الفُرَاتِ | إِنَّها أَرضُ الثقَاتِ |
البين دنا
البيْنُ دَنَا تَبّتْ يدُهُ |
ومضى أَمْسٌ وأتى غَدُهُ |
القِلعُ يُبَثُّ لِمَرْكَبِهِ |
وَيَفُكُّ الهَوْجَلَ مُعْقِدُهُ |
يَغْشى مَرْسَاهُ مُرْتَطَمٌ |
فيُقيمُ المَتْنَ ويُقْعِدُهُ |
واليَمُّ بنَى بالمَوجِ رُبىً |
وَمَضَى يُرغيهِ ويُزبِدُهُ |
القلبُ سَبَاهُ مرتحِلٌ |
والروحُ وما ملَكتْ يدُهُ |
أزهارُ صِبىً عَشْرٌ لَفَظَتْ |
عمراً في الصَّبْوَةِ تَنْشُدُهُ |
مَا بَالُ هَوىً أبْلَى حَدَثاً |
والعُمْرُ الأعْوَدُ أمْرَدُهُ |
عِشْتَارُ الوَجْدِ ومَعْبَدُهُ |
معبودُ الحَرْفِ وَسَيِّدُهُ |
مَعْسُولُ الطَّرْفِ وأَحْورُهُ |
أزَلِيُّ الحُسنِ مُخَلّدُهُ |
القلبُ سَرَى في مَوْكِبِهِ٠ |
ودَنَتْ روحِي تَتَعَبَّدُهُ |
جَحَدَ البوحُ ضنى كَلَفِي |
والجفنُ وَشاهُ تَسَهُّدُهُ |
كَتَمَتْ عيناكَ مُراقَ دَمِي |
والخد يفوح تَوَرُّدُهُ |
بدرٌ وإذا ما سامَرَهُ |
ليلٌ مسحومٌ يَرصُدُهُ |
لاَ جَفْنَ يَرِفُّ علَى حَدَقي |
من جذْوةِ نارٍ تُوقِدُهُ |
والأعينُ ذِي منْ لَوْعَتِهِ |
فيْضٌ فالدَّيْمَةُ تَحْسُدُهُ |
يُضْنِي الزُّهَّادَ تَضَرُّعُهُ |
وَشُمُوعُ الدِّيرِ تُناشِدُهُ |
وَالنُّورُ خَبَا فِي عِزِّ ضُحىً |
عَبَثاً يخْتالُ تَوقُّدُهُ |
لا ألْوي بَعْدُ على نَفَرٍ |
شَبَحاً يتمثلُ مَشْهَدُهُ |
يا بحرُ مُنَايَ شَقِيتُ به |
أتُرى يَتَجَدَّدُ موْعِدُهُ؟ |
إما فُسَحٌ من طَلْعَتِهِ |
أوْ غَيهَبُ رمْسٍ أُغْمَدُهُ |
المهرة الشقراء
تبكيكِ عينايَ وقلبي يندبُ | وباتَ وخط الشيبِ مني مرعبُ |
هل سمعتْ اذنكِ او عينُ رأتْ | لإبن عشرينَ بذقنٍ اشيبُ |
هل تعقلي ذاكَ الذي خاصمكِ | قلبهُ شوقًا لكِ باتَ ينحبُ |
صلبتِ قلبي مرةً بعشقكِ | ثم بشوقٍ لكِ عادَ يُصلبُ |
لله درّ إمراةٍ لو خجلتْ | يحمرُ خدّاها كشمسٍ تغربُ |
وسطَ النساءِ لو مشتْ ممشوقةً | كالمهرة الشقراءِ حينَ تخببُ |
لها عيونُ الريمِ إذ غازلتها | ونظرة العقبانِ يوم تغضب |
انثى إذا تكلّمت قالت حِكمْ | يعجز عنها واعظًا وخاطبُ |
إذ كانَ للدنيا عِجابُ سبعةٌ | فأنتِ من سبع العجابِ الاعجبُ |
أو كانت الخلقُ نجومًا تلمعُ | فأنتِ من بين النجوم الكوكبُ |
بعد رحيلكم قصدتُ داركمْ | مستغربًا منه عليه أعتبُ |
قد رحلوا اهلُكَ يا دار وذا | أنت كئيبٌ وأنا مكتئبُ |
إن بقاءَ الدورِ بعد أهلها | مثل بقاءَ الديرِ دون راهبُ |
قبيحةٌ وإن تكن جميلةٌ | فما جمال العينِ دون حاجبُ ؟ |
احرقت عند داركم قصائدًا | إفكًا رميتكِ بها معايبُ |
كفّرتُ عنهنّ بأخرى نادمًا | فذا عِقاب الشاعر المكاذبُ |
كتبتها بالدار والدمع مطرْ | ويشهد الدارُ على ما أكتبُ |
قصيدةً قد قلتُ في مطلعها | تبكيكِ عينايَ وقلبي يندبُ |