يارئيس الشعر قل لي

يارَئيسَ الشِّعرِ قُل لي مَا الذّي يَقْضِي الرَّئِيسُ
أَنْتَ فيْ الجِيزَة ِ خَافٍ مِثْلَما تَخْفَى الشُّمُوسُ
قابعٌ في كِسرِ بَيتٍ قَدْ أَظَلَّتْه الغُرُوسُ
زاهِدٌ في كلِّ شَيءٍ مُطرِقٌ ساهٍ عَبُوسُ
أين شعرٌ منكَ نَضرٌ فَلَنَا فيه مَسِيسُ
وحَدِيثٌ منكَ حُلْوٌ يتَشَهّاه الجُلُوسُ
وفُكاهاتٌ عِذابٌ تَتَمَنّاها النُّفُوسُ
قد جَفَوتَ الشِّعر حتى حَدَّثَت عنك الطُّرُوسُ
وهَجَرْتَ الناسَ حتّى ساءَلُوا أين الأنيسُ

قل للنقيب لقد زرنا فضيلته

قُلْ للنَّقِيبِ لقد زُرْنَا فَضِيلَتَهُ فذَادَنا عنه حُرّاسٌ وحُجّابُ
قَدْ كان بَابُكَ مَفْتُوحاً لقاصِدِه واليومَ أُوصدَ دُونَ القاصِدِ البابُ
هلاّ ذَكَرتَ بدارِ الكُتبِ صُحبَتَنا إذْ نَحنُ رغمَ صُرُوف الدَّهرِ أحبابُ
لو أنّني جِئتُ للبابا لأكرَمَني وكان يُكرِمُني لو جِئتْهُ الباب
لا تَخشَ جائِزَة ً قد جِئتُ أطلُبُها إنِّي شَريفٌ وللأشرافِ أحسابُ
فاهْنَأ بما نِلْتَ مِنْ فَضْلٍ وإِنْ قُطِعَتْ بَيْني وبَيْنَكَ بَعْدَ اليَومِ أسْبابُ

يرغي ويزبد بالقافات تحسبها

يُرْغِي ويُزْبِدُ بالقَافَاتِ تَحْسبُها قصفَ المدافعِ في أفقِ البساتينِ
منْ كلِّ قافٍ كأن اللهَ صوَّرها من مارجِ النارِ تصويرَ الشياطينِ
قد خصَّه اللهُ بالقافاتِ يعلُكها واختَصَّ سُبحانَه بالكافِ والنُّونِ
يَغيبُ عَنّا الحجا حِيناً ويحْضُرُه حيناً فيخلطُ مختلاًّ بموزونِ
لا يأمَنُ السامعُ المسكينُ وثْبَتَه مِن كردفان إلى أعلى فِلَسطِينِ
بَيْنَا تراه ينادي الناسَ في حَلَبٍ إذا به يَتَحَدَّى القَومَ في الصِّينِ
ولم يكن ذاكَ عن طَيشٍ ولا خَبَلٍ لكنّها عَبقَرِيّاتُ الأساطينِ
يَبيتُ يَنسُجُ أحلاماً مُذَهَّبَة ً تُغني تفاسيرُها عن ابنِ سِيرِينِ
طَوراً وَزيراً مُشاعاً في وِزارَتِه يُصَرِّفُ الأمرَ في كلِّ الدَّواوينِ
وتارَة ً زَوجَ عُطبُولٍ خَدَلَّجَة ٍ حسناءَ تملِكُ آلافَ الفدادينِ
يُعفَى من المَهرِ إكراماً للحيَتِه وما أظَلَّته من دُنيا ومِن دِينِ

مرت كعمر الورد بينا أجتلي

مَرَّتْ كعُمْرِ الوَرْدِ بَيْنَا أَجْتَلِي إصباحَها إِذْ آذَنَتْ برَواحِ
لم أقضِ من حَقِّ المُدامِ ولم أقُمْ في الشّارِبِين بواجِبِ الأقداحِ
والزَّهْرُ يَحْتَـثُّ الكُئُوسَ بلَحْظِه ويَشُوبُها بأريجِه الفَيَّاحِ
أخشى عَواقِبَها وأغبِطُ شَربَها وأُجيدُ مِدحَتَها مع المُدَّاحِ
وأَمِيلُ مِنْ طَرَبٍ اذا ماَلتْ بهِمْ فاعَجبْ لنَشْوَانِ الجَوانِحِ صاحِي
أستَغفِرُ اللهَ العَظيمَ فإنّني أَفْسَدْتُ في ذاكَ النَّهارِ صَلاحِي

رميت بها على هذا التباب

رَمَيْتُ بها على هذا التَّبابِوما أَوْرَدْتُها غيرَ السَّرابِ
وما حَمَّلْتُها إلاّ شَقاءًتُقاضِيني به يومَ الحِسابِ
جَنَيْتُ عليكِ يا نَفْسي وقَبْليعليكِ جَنَى أبي فدَعي عِتابي
فلَولا أنّهم وأَدُوا بَيانيبَلَغتُ بك المُنى وشَفَيْتُ ما بي
وما أَعْذَرْتُ حتى كان نَعْليدَماً ووِسادَتي وَجْهَ التُّرَابِ
وحتى صَيَّرتْني الشمسُ عَبْداًصَبِيغاً بَعدَ ما دَبَغَتْ إهابي
وحتى قَلَّمَ الإِمْلاقُ ظُفْريوحتى حَطَّمَ المِقْدارُ نابي
مَتَى أنا بالِغٌ يا مِصْرُ أَرْضاًأَشُّم بتُرْبِها رِيحَ المَلابِ
رأيتُ ابنَ البُخارِ على رُباهايَمُرُّ كأنَّه شَرْخُ الشَّبابِ
كأنّ بجَوْفِه أحشاءَ صَبٍّيُؤَجِّجُ نارَها شَوقُ الإيابِ
إذا ما لاحَ ساءَلْنا الدَّياجيأَبَرْقُ الأَرْضِ أمْ بَرْقُ السَّحابِ
اشعار حافظ ابراهيم

ما لهذا النجم في السحر

ما لهذا النَّجْم في السَّحَرِقد سَها مِنْ شِدّة ِ السَّهَرِ
خِلْتُه يا قَوْمُ يُؤْنِسُنِيإنْ جَفاني مُؤْنِسُ السَّحَرِ
يا لِقَوْمي إنّني رَجُلٌأَفْنَت الأَيّامُ مُصْطَبَري
أَسْهَرَتْنِي الحادِثاتُ وقدنامَ حتّى هاتِفُ الشَّجَرِ
والدُّجَى يَخْطُو على مَهَلٍخَطْوَ ذي عِزٍّ وذي خَفَرِ
فيه شَخْصُ اليَأسِ عانَقَنِيكحَبِيبٍ آبَ مِن سَفَرِ
وأَثارَتْ بي فَوادِحُهكامِناتِ الهَمِّ والكَدَرِ
وكأنّ اللَّيْلَ أَقْسَمَ لايَنْقَضي أو يَنْقَضي عُمُري
أيُّها الزَّنْجيُّ ما لَكَ لَمْتَخشَ فينا خالِقَ البَشَرِ
لِي حَبيبٌ هاجِرٌ وَلهُصُورَة ٌ مِن أَبْدعِ الصُّورِ
أَتَلاشَى في مَحَبّتِهكتَلاشِي الظِّلِّ في القَمَرِ
أبيات شاعر النيل حافظ إبراهيم