يارَئيسَ الشِّعرِ قُل لي | مَا الذّي يَقْضِي الرَّئِيسُ |
أَنْتَ فيْ الجِيزَة ِ خَافٍ | مِثْلَما تَخْفَى الشُّمُوسُ |
قابعٌ في كِسرِ بَيتٍ | قَدْ أَظَلَّتْه الغُرُوسُ |
زاهِدٌ في كلِّ شَيءٍ | مُطرِقٌ ساهٍ عَبُوسُ |
أين شعرٌ منكَ نَضرٌ | فَلَنَا فيه مَسِيسُ |
وحَدِيثٌ منكَ حُلْوٌ | يتَشَهّاه الجُلُوسُ |
وفُكاهاتٌ عِذابٌ | تَتَمَنّاها النُّفُوسُ |
قد جَفَوتَ الشِّعر حتى | حَدَّثَت عنك الطُّرُوسُ |
وهَجَرْتَ الناسَ حتّى | ساءَلُوا أين الأنيسُ |
شاعر الشعب
شاعر الشعب هو الشاعر الكبير حافظ ابراهيم هنا مجموعة من قصائد الشاعر حافظ ابراهيم الملقب بشاعر الشعب.
قل للنقيب لقد زرنا فضيلته
قُلْ للنَّقِيبِ لقد زُرْنَا فَضِيلَتَهُ | فذَادَنا عنه حُرّاسٌ وحُجّابُ |
قَدْ كان بَابُكَ مَفْتُوحاً لقاصِدِه | واليومَ أُوصدَ دُونَ القاصِدِ البابُ |
هلاّ ذَكَرتَ بدارِ الكُتبِ صُحبَتَنا | إذْ نَحنُ رغمَ صُرُوف الدَّهرِ أحبابُ |
لو أنّني جِئتُ للبابا لأكرَمَني | وكان يُكرِمُني لو جِئتْهُ الباب |
لا تَخشَ جائِزَة ً قد جِئتُ أطلُبُها | إنِّي شَريفٌ وللأشرافِ أحسابُ |
فاهْنَأ بما نِلْتَ مِنْ فَضْلٍ وإِنْ قُطِعَتْ | بَيْني وبَيْنَكَ بَعْدَ اليَومِ أسْبابُ |
يرغي ويزبد بالقافات تحسبها
يُرْغِي ويُزْبِدُ بالقَافَاتِ تَحْسبُها | قصفَ المدافعِ في أفقِ البساتينِ |
منْ كلِّ قافٍ كأن اللهَ صوَّرها | من مارجِ النارِ تصويرَ الشياطينِ |
قد خصَّه اللهُ بالقافاتِ يعلُكها | واختَصَّ سُبحانَه بالكافِ والنُّونِ |
يَغيبُ عَنّا الحجا حِيناً ويحْضُرُه | حيناً فيخلطُ مختلاًّ بموزونِ |
لا يأمَنُ السامعُ المسكينُ وثْبَتَه | مِن كردفان إلى أعلى فِلَسطِينِ |
بَيْنَا تراه ينادي الناسَ في حَلَبٍ | إذا به يَتَحَدَّى القَومَ في الصِّينِ |
ولم يكن ذاكَ عن طَيشٍ ولا خَبَلٍ | لكنّها عَبقَرِيّاتُ الأساطينِ |
يَبيتُ يَنسُجُ أحلاماً مُذَهَّبَة ً | تُغني تفاسيرُها عن ابنِ سِيرِينِ |
طَوراً وَزيراً مُشاعاً في وِزارَتِه | يُصَرِّفُ الأمرَ في كلِّ الدَّواوينِ |
وتارَة ً زَوجَ عُطبُولٍ خَدَلَّجَة ٍ | حسناءَ تملِكُ آلافَ الفدادينِ |
يُعفَى من المَهرِ إكراماً للحيَتِه | وما أظَلَّته من دُنيا ومِن دِينِ |
مرت كعمر الورد بينا أجتلي
مَرَّتْ كعُمْرِ الوَرْدِ بَيْنَا أَجْتَلِي | إصباحَها إِذْ آذَنَتْ برَواحِ |
لم أقضِ من حَقِّ المُدامِ ولم أقُمْ | في الشّارِبِين بواجِبِ الأقداحِ |
والزَّهْرُ يَحْتَـثُّ الكُئُوسَ بلَحْظِه | ويَشُوبُها بأريجِه الفَيَّاحِ |
أخشى عَواقِبَها وأغبِطُ شَربَها | وأُجيدُ مِدحَتَها مع المُدَّاحِ |
وأَمِيلُ مِنْ طَرَبٍ اذا ماَلتْ بهِمْ | فاعَجبْ لنَشْوَانِ الجَوانِحِ صاحِي |
أستَغفِرُ اللهَ العَظيمَ فإنّني | أَفْسَدْتُ في ذاكَ النَّهارِ صَلاحِي |
رميت بها على هذا التباب
رَمَيْتُ بها على هذا التَّبابِ | وما أَوْرَدْتُها غيرَ السَّرابِ |
وما حَمَّلْتُها إلاّ شَقاءً | تُقاضِيني به يومَ الحِسابِ |
جَنَيْتُ عليكِ يا نَفْسي وقَبْلي | عليكِ جَنَى أبي فدَعي عِتابي |
فلَولا أنّهم وأَدُوا بَياني | بَلَغتُ بك المُنى وشَفَيْتُ ما بي |
وما أَعْذَرْتُ حتى كان نَعْلي | دَماً ووِسادَتي وَجْهَ التُّرَابِ |
وحتى صَيَّرتْني الشمسُ عَبْداً | صَبِيغاً بَعدَ ما دَبَغَتْ إهابي |
وحتى قَلَّمَ الإِمْلاقُ ظُفْري | وحتى حَطَّمَ المِقْدارُ نابي |
مَتَى أنا بالِغٌ يا مِصْرُ أَرْضاً | أَشُّم بتُرْبِها رِيحَ المَلابِ |
رأيتُ ابنَ البُخارِ على رُباها | يَمُرُّ كأنَّه شَرْخُ الشَّبابِ |
كأنّ بجَوْفِه أحشاءَ صَبٍّ | يُؤَجِّجُ نارَها شَوقُ الإيابِ |
إذا ما لاحَ ساءَلْنا الدَّياجي | أَبَرْقُ الأَرْضِ أمْ بَرْقُ السَّحابِ |
ما لهذا النجم في السحر
ما لهذا النَّجْم في السَّحَرِ | قد سَها مِنْ شِدّة ِ السَّهَرِ |
خِلْتُه يا قَوْمُ يُؤْنِسُنِي | إنْ جَفاني مُؤْنِسُ السَّحَرِ |
يا لِقَوْمي إنّني رَجُلٌ | أَفْنَت الأَيّامُ مُصْطَبَري |
أَسْهَرَتْنِي الحادِثاتُ وقد | نامَ حتّى هاتِفُ الشَّجَرِ |
والدُّجَى يَخْطُو على مَهَلٍ | خَطْوَ ذي عِزٍّ وذي خَفَرِ |
فيه شَخْصُ اليَأسِ عانَقَنِي | كحَبِيبٍ آبَ مِن سَفَرِ |
وأَثارَتْ بي فَوادِحُه | كامِناتِ الهَمِّ والكَدَرِ |
وكأنّ اللَّيْلَ أَقْسَمَ لا | يَنْقَضي أو يَنْقَضي عُمُري |
أيُّها الزَّنْجيُّ ما لَكَ لَمْ | تَخشَ فينا خالِقَ البَشَرِ |
لِي حَبيبٌ هاجِرٌ وَلهُ | صُورَة ٌ مِن أَبْدعِ الصُّورِ |
أَتَلاشَى في مَحَبّتِه | كتَلاشِي الظِّلِّ في القَمَرِ |