عفا ذو حسا من فرتنى فالفوارع

عفا ذو حُساً مِنْ فَرْتَنى، فالفوارعُ ~ فجنبا أريكٍ، فالتلاعُ الدوافعُ
فمجتمعُ الأشراجِ غيرِ رسمها ~ مصايفُ مرتْ، بعدنا، ومرابعُ
توَهّمْتُ آياتٍ لها، فَعَرَفْتُها ~ لِسِتّة ِ أعْوامٍ، وذا العامُ سابِعُ
رَمادٌ ككُحْلَ العينِ لأياً أُبينُهُ، ~ و نؤيٌ كجذمِ الحوض أثلمُ خاشعُ
كأنّ مجرّ الرامساتِ ذيولها ~ عليه، حصيرٌ، نمقتهُ الصوانعُ
على ظَهْرِ مِبْنَاة ٍ جَديدٍ سُيُورُها ~ يَطوفُ بها، وسْط اللّطيمة ِ، بائِع
فكَفْكفْتُ مني عَبْرَة ً، فرَدَدتُها ~ على النحرِ، منها مستهلٌّ ودامعُ
على حينَ عاتبتُ المَشيبَ على الصِّبا، ~ و قلتُ: ألما أصحُ والشيبُ وازعُ؟
وقد حالَ هَمٌ، دونَ ذلكَ، شاغلٌ ~ مكان الشغافِ، تبغيهِ الأصابعُ
وعيدُ أبي قابوسَ، في غيرِ كُنهِهِ، ~ أتاني، ودوني راكسٌ، فالضواجِعُ
فبتُّ كأني ساورتني ضيئلة ~  من الرُّقْشِ، في أنيابِها السُّمُّ ناقِعُ
يُسَهَّدُ، من لَيلِ التّمامِ، سَليمُها ~ لحليِ النساءِ، في يديهِ، قعاقعُ
تناذرَها الرّاقُون مِنْ سُمّها ~ تُطلّقُهُ طَورا، وطَوراً تُراجِعُ
أتاني، أبيتَ اللعنَ، أنكَ لمتني ~ وتلكَ التي تستكّ منها المسامعُ
مَقالة ُ أنْ قد قلت: سوفَ أنالُهُ ~ و ذلك، من تلقاءِ مثلكَ، رائعُ
لعمري، وما عمري عليّ بهينٍ ~ لقد نطقتْ بطلاً عليّ الأقارعُ
أقارِعُ عَوْفٍ، لا أحاوِلُ غيرَها ~ وُجُوهُ قُرُودٍ، تَبتَغي منَ تجادِعُ
أتاكَ امرُؤٌ مُسْتَبْطِنٌ ليَ بِغْضَة ً ~ له من عَدُوٍّ، مثل ذلك، شافِعُ
أتاكَ بقَوْلٍ هلهلِ النّسجِ، كاذبٍ ~ و لم يأتِ بالحقّ، الذي هو ناصعُ
أتاكَ بقَوْلٍ لم أكُنْ لأقولَهُ ~ و لو كبلتْ في ساعديّ الجوامعُ
حلَفْتُ، فلم أترُكْ لنَفسِكَ رِيبة ~ وهلْ يأثمَنْ ذو أُمة ٍ، وهوَ طائِعُ؟
بمصطحباتٍ من لصافٍ وثيرة ٍ ~ يَزُرْنَ إلالاً، سَيْرُهُنّ التّدافُعُ
سماماً تباري الريحَ، خوصاً عيونها ~ لَهُنّ رَذايا، بالطّريقِ، ودائِعُ
عليهِنّ شُعْثٌ عامِدونِ لحَجّهِمْ ~ فهنّ، كأطرافِ الحَنيّ، خواضِعُ
لكلفتني ذنبَ امرئٍ، وتركته ~ كذي العُرّ يُكوَى غيرُهُ، وهو راتعُ
فإن كنتُ، لا ذو الضغنِ عني مكذبٌ ~ ولا حلفي على البراءة ِ نافعُ
ولا أنا مأمُونٌ بشيءٍ أقُولُهُ ~ و أنتَ بأمرٍ، لا محالة َ، واقعُ
فإنّكَ كاللّيلِ الذي هو مُدْرِكي ~ وإنْ خِلْتُ أنّ المُنتأى عنك واسِعُ
خطاطيفُ حجنٌ في جبالٍ متينة ~ تمدّ بها أيدٍ إليكَ نوازعُ
أتوعدُ عبداً لم يخنكَ أمانة ~ وتتركُ عبداً ظالماً، وهوَ ظالعُ؟
وأنتَ ربيعٌ يُنعِشُ النّاسَ سَيبُهُ ~ وسيفٌ، أُعِيَرتْهُ المنيّة ُ، قاطِعُ
أبى اللهُ إلاّ عدلهُ ووفاءهُ ~ فلا النكرُ معروفٌ ولا العرفُ ضائعُ
وتسقى، إذا ما شئتَ، غيرَ مصردٍ ~ بزوراءَ، في حافاتها المسكُ كانعُ

من يطلب الدهر تدركه مخالبه

مَنْ يطلبِ الدّهرُ تُدرِكْهُ مخالبُهُ ~ والدّهرُ بالوِترِ ناجٍ، غيرُ مطلوبِ
ما من أناسٍ ذوي مجدٍ ومكرمة ٍ ~ إلاّ يشدّ عليهم شدة َ الذيبِ
حتى يبيدَ، على عمدٍ، سراتهمُ ~ بالنافذاتِ منَ النبلِ المصاييبِ
إني وجدتُ سِهامَ الموتِ مُعرِضَةً ~ بكلّ حتفٍ، من الآجالِ، مكتوبِ

كليني لهم يا أميمة ناصب

كليني لهمٍ، يا أميمة َ، ناصبِ  ~  وليلٍ أقاسيهِ، بطيءِ الكواكبِ
تطاولَ حتى قلتُ ليسَ بمنقضٍ  ~  وليسَ الذي يرعى النجومَ بآنبِ
وصدرٍ أراحَ الليلُ عازبَ همهِ  ~  تضاعَفَ فيه الحزْنُ من كلّ جانبِ
عليَّ لعمرو نعمة ٌ، بعد نعمةٍ  ~  لوالِدِه، ليست بذاتِ عَقارِبِ
حَلَفْتُ يَميناً غيرَ ذي مَثْنَوِيّةٍ  ~  ولا علمَ، إلا حسنُ ظنٍ بصاحبِ
لئِن كانَ للقَبرَينِ: قبرٍ بجِلّقٍ، ~ وقبرٍ بصَيداء، الذي عندَ حارِبِ
وللحارِثِ الجَفْنيّ، سيّدِ قومِهِ  ~  لَيَلْتَمِسَنْ بالجَيْشِ دارَ المُحارِبِ
وثقتُ له النصرِ، إذ قيلَ قد غزتْ  ~  كتائبُ منْ غسانَ، غيرُ أشائبِ
بنو عمه دنيا، وعمرو بنُ عامرٍ  ~  أولئِكَ قومٌ، بأسُهُم غيرُ كاذبِ
إذا ما غزوا بالجيشِ، حلقَ فوقهمْ  ~  عَصائبُ طَيرٍ، تَهتَدي بعَصائبِ
يُصاحِبْنَهُمْ، حتى يُغِرْنَ مُغارَهم  ~  مِنَ الضّارياتِ، بالدّماءِ، الدّوارِبِ
تراهنّ خلفَ القوْمِ خُزْراً عُيُونُها  ~  جُلوسَ الشّيوخِ في ثيابِ المرانِبِ
جوَانِحَ، قد أيْقَنّ أنّ قَبيلَهُ  ~  إذا ما التقى الجمعانِ، أولُ غالبِ
لُهنّ علَيهِمْ عادة ٌ قد عَرَفْنَها  ~  إذا عرضَ الخطيّ فوقَ الكواثبِ
على عارفاتٍ للطعانِ، عوابسٍ  ~  بهنّ كلومٌ بين دامٍ وجالبِ
إذا استُنزِلُوا عَنهُنّ للطّعنِ أرقلوا  ~  إلى الموتِ، إرقالَ الجمالِ المصاعبِ
فهمْ يتساقونَ المنية َ بينهمْ  ~  بأيديهمُ بيضٌ، رقاُ المضاربِ
يطيرُ فضاضاً بينها كلُّ قونسٍ  ~  ويتبَعُها مِنهُمْ فَراشُ الحواجِبِ
ولا عَيبَ فيهِمْ غيرَ أنّ سُيُوفَهُمْ  ~  بهنّ فلولٌ منْ قراعِ الكتائبِ
تورثنَ منْ أزمانِ يومِ حليمة  ~  إلى اليومِ قد جربنَ كلَّ التجاربِ
تَقُدّ السَّلُوقيَّ المُضاعَفَ نَسْجُهُ  ~  وتُوقِدُ بالصُّفّاحِ نارَ الحُباحِبِ
بضَرْبٍ يُزِيلُ الهامَ عن سَكَناتِهِ  ~  و طعنٍ كإيزاغِ المخاضِ الضواربِ
لهمٌ شيمة ٌ، لم يعطها اللهُ غيرهمْ  ~  منَ الجودِ، والأحلامُ غيرُ عَوازِبِ
محلتهمْ ذاتُ الإلهِ، ودينهمْ  ~  قويمٌ، فما يرجونَ غيرَ العواقبِ
رقاقُ النعالِ، طيبٌ حجزاتهمْ  ~  يُحيَوّنْ بالريحانِ يومَ السبَّاسِبِ

لمن طلل أبصرته فشجاني

لِمَنْ طَلَلٌ أبْصَرتُهُ فَشَجَاني – كخط زبور في عسيب يمانِ
دِيَارٌ لهِنْدٍ وَالرَّبَابِ وَفَرْتَني – ليالينا بالنعفِ من بدلان
ليالي يدعوني الهوى فأجيبه – وأعينُ من أهوى إليّ رواني
فإن أمس مكروباً فيا ربّ بهمة – كشَفتُ إذا ما اسود وجه الجبان
وإن أمس مكروبا فيارُبّ قينة – منعمة أعملتُها بكران
لهَا مِزْهَرٌ يَعْلُو الخَمِيسَ بِصَوته – أجَشُّ إذَا مَا حَرّكَتْهُ اليَدَان
وان أمس مكروباً فيا ربُ غارة – شَهِدْتُ عَلى أقَبَّ رَخْوِ اللَّبَان
على ربذٍ يزدادُ عفواً إذا جرى – مسحٍّ حثيث الركض والزالان
ويخدي على صم صلاب ملاطس – شَدِيدَاتِ عَقْدٍ، لَيّنَات متَان
وغيث من الوسمي حو تلاعه – تبطنتهُ بشيظم صلتان
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعاً – كَتَيسِ ظِبَاءِ الحُلّبِ العَدَوَان
إذا ما جنبناهُ نأود متنُه – كعِرْقِ الرُّخامى اهْتَزّ في الهَطَلان
تَمَتّعْ مِنَ الدّنْيَا فَإنّكَ فَاني – مِنَ النَّشَوَاتِ وَالنّسَاءِ الحِسَانِ
مِنَ البِيضِ كالآرَامِ وَالأُدمِ كالدّمى – حواصنها والمبرقات الرواني
أمِن ذكر نبْهَانية حل أهلها – بِجِزْعِ المَلا عَيْنَاكَ تبتدِرَان
فَدَمْعُهُمَا سَكْبٌ وَسَحٌّ وَدِيمَة – ٌ وَرَشٌّ وَتَوْكَافٌ وتنهملان
كَأنّهُمَا مَزَادَتَا متعَجِل – فريانِ لما تُسلقا بدهانِ
قصيدة لشاعر العصر الجاهلي امرؤ القيس الكندي

سما لك شوق بعدما كان أقصر

سَما لَكَ شَوقٌ بَعدَما كانَ أَقصَر  -  وَحَلَّت سُلَيمى بَطنَ قَوِّ فَعَرعَرا

كِنانِيَّةٌ بانَت وَفي الصَدرِ وُدُّه  -  مُجاوِرَةٌ غَسّانَ وَالحَيُّ يَعمُرا

بِعَينَيَّ ظَعنُ الحَيِّ لَمّا تَحَمَّلو  -  لَدى جانِبِ الأَفلاجِ مِن جَنبِ تَيمَرى

فَشَبَّهتَهُم في الآلِ لَمّا تَكَمَّشو  -  حَدائِقَ دومِ أَو سَفيناً مُقَيَّرا

أَوِ المُكرَعاتِ مِن نَخيلِ اِبنِ يامِنٍ  -  دُوَينَ الصَفا اللائي يَلينَ المُشَقَّرا

سَوامِقَ جَبّارَ أَثيثٍ فُروعَهُ  -  وَعالَينَ قُنواناً مِنَ البُسرِ أَحمَرا

حَمَتهُ بَنو الرَبداءِ مِن آلِ يامِنٍ  -  بِأَسيافِهِم حَتّى أَقَرَّ وَأَوقَرا

وَأَرضى بَني الرَبداءِ وَاِعتَمَّ زَهوُه  -  وَأَكمامُهُ حَتّى إِذا ما تَهَصَّرا

أَطافَت بِهِ جَيلانَ عِندَ قِطاعِه  -  تُرَدِّدُ فيهِ العَينَ حَتّى تَحَيَّرا

كَأَنَّ دُمى شَغفٍ عَلى ظَهرِ مَرمَر  -  كَسا مُزبِدَ الساجومِ وَشياً مُصَوَّرا

غَرائِرُ في كَنٍّ وَصَونٍ وَنِعمَة  -  يُحَلَّينَ ياقوتاً وَشَذراً مُفَقَّرا

وَريحَ سَناً في حُقَّةٍ حِميَرِيَّةٍ  -  تُخَصُّ بِمَفروكٍ مِنَ المِسكِ أَذفَرا

وَباناً وَأُلوِيّاً مِنَ الهِندِ داكِي  -  وَرَنداً وَلُبنىً وَالكِباءَ المُقَتَّرا

غَلِقنَ بِرَهنٍ مِن حَبيبٍ بِهِ اِدَّعَت  -  سُلَيمى فَأَمسى حَبلُها قَد تَبَتَّرا

وَكانَ لَها في سالِفِ الدَهرِ خُلَّة  -  يُسارِقُ بِالطَرفِ الخِباءَ المُسَتَّرا

إِذا نالَ مِنها نَظرَةً ريعَ قَلبُه  -  كَما ذُعِرَت كَأسُ الصَبوحِ المُخَمَّرا

نَزيفٌ إِذا قامَت لِوَجهٍ تَمايَلَت  -  تُراشي الفُؤادَ الرَخصَ أَلّا تَخَتَّرا

أَأَسماءُ أَمسى وُدُّها قَد تَغَيَّر  -  سَنُبدِلُ إِن أَبدَلتِ بِالوُدِّ آخَرا

تَذَكَّرتُ أَهلي الصالِحينَ وَقَد أَتَت  -  عَلى خَمَلى خوصُ الرِكابِ وَأَوجَرا

فَلَمّا بَدا حَورانُ وَالآلُ دونَه  -  نَظَرتَ فَلَم تَنظُر بِعَينَيكَ مَنظَرا

تَقَطَّعُ أَسبابُ اللُبانَةِ وَالهَوى  -  عَشِيَّةَ جاوَزنا حَماةَ وَشَيزَرا

بِسَيرٍ يَضُجُّ العَودُ مِنهُ يَمُنه  -  أَخو الجَهدِ لا يُلوي عَلى مَن تَعَذَّرا

وَلَم يُنسِني ما قَد لَقيتُ ظَعائِن  -  وَخَملاً لَها كَالقَرِّ يَوماً مُخَدَّرا

كَأَثلٍ مِنَ الأَعراضِ مِن دونِ بَيشَة  -  وَدونَ الغُمَيرِ عامِداتٍ لِغَضوَرا

فَدَع ذا وَسَل لا هُمَّ عَنكَ بِجِسرَةٍ  -  ذُمولٍ إِذا صامَ النَهارُ وَهَجَّرا

تُقَطِّعُ غيطاناً كَأَنَّ مُتونَه  -  إِذا أَظهَرَت تُكسي مُلاءً مُنَشَّرا

بَعيدَةُ بَينَ المَنكِبَينِ كَأَنَّما  -  تَرى عِندَ مَجرى الضَفرِ هِرّاً مُشَجَّرا

تُطايِرُ ظِرّانَ الحَصى بِمَناسِمٍ  -  صِلابِ العُجى مَلثومُها غَيرُ أَمعَرا

كَأَنَّ الحَصى مِن خَلفِها وَأَمامِه  -  إِذا نَجَلَتهُ رِجلُها خَذفُ أَعسَرا

كَأَنَّ صَليلَ المَروِ حينَ تُشِذُه  -  صَليلِ زُيوفٍ يُنتَقَدنَ بِعَبقَرا

عَلَيها فَتىً لَم تَحمِلِ الأَرضُ مِثلَهُ  -  أَبَرَّ بِميثاقٍ وَأَوفى وَأَصبَرا

هُوَ المُنزِلُ الآلافَ مِن جَوِّ ناعِطٍ  -  بَني أَسَدٍ حَزناً مِنَ الأَرضِ أَوعَرا

وَلَو شاءَ كانَ الغَزوُ مِن أَرضِ حِميَرٍ  -  وَلَكِنَّهُ عَمداً إِلى الرومِ أَنفَرا

بَكى صاحِبي لَمّا رَأى الدَربَ دونَه  -  وَأَيقَنَ أَنّا لاحِقانِ بِقَيصَرا

فَقُلتُ لَهُ لا تَبكِ عَينُكَ إِنَّم  -  نُحاوِلُ مُلكاً أَو نَموتَ فَنُعذَرا

وَإِنّي زَعيمٌ إِن رَجِعتُ مُمَلَّك  -  بِسَيرٍ تَرى مِنهُ الفُرانِقَ أَزوَرا

عَلى لاحِبٍ لا يَهتَدي بِمَنارِهِ  -  إِذا سافَهُ العَودُ النُباطِيُّ جَرجَرا

عَلى كُلِّ مَقصوصِ الذُنابى مُعاوِد  -  بَريدَ السَرى بِاللَيلِ مِن خَيلِ بَربَرا

أَقَبَّ كَسَرحانِ الغَضى مُتَمَطِّر  -  تَرى الماءَ مِن أَعطافِهِ قَد تَحَدَّرا

إِذا زُعتُهُ مِن جانِبَيهِ كِلَيهِم  -  مَشى الهَيدَبى في دَفِّهِ ثُمَّ فَرفَرا

إِذا قُلتُ رَوَّحنا أَرَنَّ فُرانِقٌ  -  عَلى جَلعَدٍ واهي الأَباجِلِ أَبتَرا

لَقَد أَنكَرَتني بَعلَبَكُّ وَأَهلُه  -  وَلَاِبنُ جُرَيجٍ في قُرى حِمصَ أَنكَرا

نَشيمُ بَروقَ المُزنِ أَينَ مُصابُهُ  -  وَلا شَيءَ يُشفي مِنكِ يا اِبنَةَ عَفزَرا

مِنَ القاصِراتِ الطَرفِ لَو دَبَّ مُحوِل  -  مِنَ الذَرِّ فَوقَ الإِتبِ مِنها لَأَثَّرا

لَهُ الوَيلُ إِن أَمسى وَلا أُمُّ هاشِمٍ  -  قَريبٌ وَلا البَسباسَةُ اِبنَةَ يَشكُرا

أَرى أُمَّ عَمروٍ دَمعُها قَد تَحَدَّر  -  بُكاءً عَلى عَمروٍ وَما كانَ أَصبَرا

إِذا نَحنُ سِرنا خَمسَ عَشرَةَ لَيلَةٍ  -  وَراءَ الحِساءِ مِن مَدافِعِ قَيصَرا

إِذا قُلتُ هَذا صاحِبٌ قَد رَضيتُه  -  وَقَرَّت بِهِ العَينانِ بُدِّلتُ آخَرا

كَذَلِكَ جَدّي ما أُصاحِبُ صاحِب  -  مِنَ الناسِ إِلّا خانَني وَتَغَيَّرا

وَكُنّا أُناساً قَبلَ غَزوَةِ قُرمُلٍ  -  وَرَثنا الغِنى وَالمَجدَ أَكبَرَ أَكبَرا

وَما جَبُنَت خَيلي وَلَكِن تَذَكَّرَت  -  مَرابِطَها في بَربَعيصَ وَمَيسَرا

أَلا رُبَّ يَومٍ صالِحٍ قَد شَهِدته  -  بِتاذِفَ ذاتِ التَلِّ مِن فَوقِ طَرطَرا

وَلا مِثلَ يَومٍ في قُدارانَ ظِلته  -  كَأَنّي وَأَصحابي عَلى قَرنِ أَعفَرا

وَنَشرَبُ حَتّى نَحسِبَ الخَيلَ حَولَنا  -  نِقاداً وَحَتّى نَحسِبَ الجَونَ أَشقرا

قصيدة امرؤ القيس الكندي

أرانا موضعين لأمر غيب

أرانا موضعين لأمر غيب – وَنُسْحَرُ بالطَّعامِ، وَبالشراب
عَصافيرٌ، وَذُبَّان وَدود – وأجْرأُ مِنْ مُجَلِّحَة ِ الذئاب
فبعضَ اللوم عاذلتي فإني – ستكفيني التجاربُ وانتسابي
إلى عرقِ الثرى وشجت عروقي – وهذا الموت يسلبني شبابي
ونفسي سوفَ يَسْلُبُها، وجِرْمي – فيلحِقني وشكا بالتراب
ألم أنض المطي بكلِّ خرق – أمَقَ الطُّولِ، لمَّاعِ السراب
وأركبُ في اللهام المجر حتى – أنالَ مآكِلَ القُحَمِ الرِّغاب
وكُلُّ مَكارِمِ الأخْلاقِ صارَت – إلَيْهِ هِمَّتي، وَبِهِ اكتِسابي
وقد طَوَّفْتُ في الآفاقِ، حَتى – رضيتُ من الغنيمة بالإياب
أبعد الحارث الملكِ ابن عمرو – وَبَعْدَ الخيرِ حُجْرٍ، ذي القِباب
أرجي من صروفِ الدهر ليناً – ولم تغفل عن الصم الهضاب
وأعلَمُ أنِّني، عَمّا قَريب – سأنشبُ في شبا ظفر وناب
كما لاقى أبي حجرٌ وجدّي – ولا أنسي قتيلاً بالكلاب
قصيدة للشاعر امرؤ القيس الكندي