بغلٌ أَتى الجوادَ ذات مَرَّهْ

بغلٌ أَتى الجوادَ ذات مَرَّهْ وقلبُهُ مُمتلِىء ٌ مَسَرَّهْ
فقال: فضلي قد بدا ياخِلِّي وآنَ أَن تعْرِفَ لي مَحلِّي
إذ كنتَ أَمْسِ ماشياً بجانبي تعجَبُ من رقصِي تَحت صاحبي
أختالُ ، حتى قالتِ العبادُ : لمنْمن الملوكِ ذا الجوادُ ؟
فضَحِكَ الحِصانُ من مقالِهِ وقال بالمعهودِ من دلالِهِ:
لم أرَ أرقصَ البغلِ تحتَ الغازي لكن سمعتُ نقرة المهمازِ!

سَمِعْتُ أَنَّ فأْرَة ً أَتاها

سَمِعْتُ أَنَّ فأْرَة ً أَتاها شقيقُها يَنعَى لها فَتاها
يصيحُ : يا لي من نحوسِ بختي مَنْ سَلَّط القِطَّ على ابنِ أُختي؟!
فوَلوَلتْ وعضَّتِ التُّرابَا وجمعتْ للمأتمِ الأترابا
وقالتِ : اليومَ انقضت لذَّاتي لا خيرَ لي بعدكَ في الحياة ِ
من لي بهرٍ مثلِ ذاك الهرِّ يُرِيحُني من ذا العذابِ المرِّ؟!
وكان بالقربِ الذي تريد يسمعُ ما تبدي وما تعيدُ
فجاءَها يقولُ: يا بُشْراكِ إن الذي دعوتِ قد لبَّاك !
ففَزِعت لما رأَته الفارَهْ واعتصمتْ منه ببيتِ الجاره
وأَشرفتْ تقولُ للسَّفيهِ: إن متُّ بعَ ابني فمنْ يبكيه ؟!

تَنازَعَ الغزالُ والخروفُ

تَنازَعَ الغزالُ والخروفُ وقال كلٌّ: إنه الظَّريف
فرأَيا التَّيْسَ؛ فظَنَّا أَنّه أعطاهُ عقلاً منْ أطالَ ذقنه !
فكلَّفاه أَن يُفَتِّشَ الفَلا عن حكمٍ له اعتبارٌ في الملا
ينظُرُ في دَعواهُما بالدِّقه عساهُ يُعطِي الحقَّ مُسْتحِقَّه
فسارَ للبحثِ بلا تواني مفتخرا بثقة ِ الإخوانِ
يقول: عِندي نظرة ٌ كبيرهْ ترفعُ شأنَ التيسِ في العشيره
وذاكَ أن أجدرَ الثناءِ بالصِّدْقِ ما جاءَ من الأَعداءِ
وإنني إذا دعوْتُ الذِّيبَا لا يستطيعانِ له تكذيبا
لكونه لا يعرفُ الغزالا وليس يُلقِي للخروفِ بالا
ثم أتى الذِّيبً ، فقال : طلبتي أنتَ ، فسرْ معي ، وخذْ بلحيتي !
وقادَه للموضِع المعروفِ فقامَ بين الظَّبيينِ بالأظافرِ
وقال للتيس : انطلقْ لشأنكا ما قتَل الخَصْمَيْن غيْرُ ذَقنكا!

من أَعجَبِ الأَخبارِ أنّ الأَرنبا

من أَعجَبِ الأَخبارِ أنّ الأَرنبا لمَّا رأَى الدِّيكَ يَسُبُّ الثعْلبا
وهوَ على الجدارِ في أمانِ يغلبُ بالمكانِ ، لا الإمكانِ
داخَلهُ الظنُّ بأَنّ الماكرا أمسى من الضّعفِ يطيقُ الساخرا
فجاءَهُ يَلْعَنُ مثل الأَوَّلِ عدادَ ما في الأرضِ من مغفَّلِ
فعصفَ الثعلبُ بالضعيفِ عصفَ أخيهِ الذِّيبِ بالخروف
وقال : لي في دمكَ المسفوكِ تسلية ٌ عن خيْبتي في الديكِ!
فالتفتَ الديكُ إلى الذبيح وقال قولَ عارِفٍ فصيح
ما كلَّنا يَنفعُهُ لسانُهْ في الناسِ مَن يُنطقُه مَكانُهْ!

هِرَّتي جِدُّ أَليفَهْ

هِرَّتي جِدُّ أَليفَهْ وهْي للبيتِ حليفهْ
هي ما لم تتحركْ دمية البيتِ الظريفه
فإذا جاءتْ وراحتْ زِيدَ في البيتِ وصِيفه
شغلها الفارُ: تنقِّي الرَّ فَّ منه والسَّقيفَهْ
وتقومُ الظهرَ والعصـ ـرَ بأورادٍ شريفه
ومن الأَثوابِ لم تملِـ ـكْ سوى فروٍ قطيفه
كلما استوسخَ، أو آ وى البراغيثَ المطيفه
غسَلَتْه، وكوَتْه بأَساليبَ لطيفه
وحَّدَتْ ما هو كالحمَّا م والماءِ وظيفه
صيَّرَتْ ريقتَها الصَّا بونَ، والشاربَ ليفه
لا تمرَّنَّ على العين ولا بالأنفِ جيفه
وتعوَّدْ أن تلاقى حسنَ الثوبِ نظيفه
إنما الثوْبُ على الإنـ ـانِ عنوانُ الصحيفه

لي جدَّة ٌ ترأفُ بي

لي جدَّة ٌ ترأفُ بي أحنى عليَّ من أبي
وكلُّ شيءٍ سرَّني تذهب فيه مَذهبي
إن غضبَ الأهلُ عليَّ كلُّهم لم تغضبِ
بمشى أَبي يوماً إليَّ مشية َ المؤدِّبِ
غضبانَ قد هدَّدَ بالضرْ ب وإن لم يَضرِبِ
فلم أَجِد لي منهُ غيرَ جَدَّتي من مَهرَبِ
فجعَلتني خلفَها أنجو بها، وأختبي
وهْيَ تقولُ لأَبي بِلهجة المؤنِّبِ:
ويحٌ لهُ! ويحٌ لِهـ ـذا الولدِ المعذَّبِ!
أَلم تكن تصنعُ ما يَصنعُ إذ أَنت صبي؟