| ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ | أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ |
| رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَدًا | يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ |
| لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً | يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي |
| جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي | جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ |
| رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ | إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ |
| يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ | لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ |
| لَقَد أَنَلتُكَ أُذنًا غَيرَ واعِيَةٍ | وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ |
| يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَدًا | أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ |
| أَفديكَ إِلفًا وَلا آلو الخَيالَ فِدًى | أَغراكَ باِلبُخلِ مَن أَغراهُ بِالكَرَمِ |
| سَرى فَصادَفَ جُرحًا دامِيًا فَأَسا | وَرُبَّ فَضلٍ عَلى العُشّاقِ لِلحُلُمِ |
| مَنِ المَوائِسُ بانًا بِالرُبى وَقَنًا | اللاعِباتُ بِروحي السافِحاتُ دَمي |
| السافِراتُ كَأَمثالِ البُدورِ ضُحًى | يُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَليِ وَالعِصَمِ |
| القاتِلاتُ بِأَجفانٍ بِها سَقَمٌ | وَلِلمَنِيَّةِ أَسبابٌ مِنَ السَقَمِ |
| العاثِراتُ بِأَلبابِ الرِجالِ وَما | أُقِلنَ مِن عَثَراتِ الدَلِّ في الرَسَمِ |
| المُضرِماتُ خُدودًا أَسفَرَتْ وَجَلَتْ | عَن فِتنَةٍ تُسلِمُ الأَكبادَ لِلضَرَمِ |
| الحامِلاتُ لِواءَ الحُسنِ مُختَلِفًا | أَشكالُهُ وَهوَ فَردٌ غَيرُ مُنقَسِمِ |
| مِن كُلِّ بَيضاءَ أَو سَمراءَ زُيِّنَتا | لِلعَينِ وَالحُسنُ في الآرامِ كَالعُصُمِ |
| يُرَعنَ لِلبَصَرِ السامي وَمِن عَجَبٍ | إِذا أَشَرنَ أَسَرنَ اللَيثَ بِالعَنَمِ |
| وَضَعتُ خَدّي وَقَسَّمتُ الفُؤادَ رُبًى | يَرتَعنَ في كُنُسٍ مِنهُ وَفي أَكَمِ |
| يا بِنتَ ذي اللَبَدِ المُحَميِّ جانِبُهُ | أَلقاكِ في الغابِ أَم أَلقاكِ في الأُطُمِ |
| ما كُنتُ أَعلَمُ حَتّى عَنَّ مَسكَنُهُ | أَنَّ المُنى وَالمَنايا مَضرِبُ الخِيَمِ |
| مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِن صَمصامَةٍ ذَكَرٍ | وَأَخرَجَ الريمَ مِن ضِرغامَةٍ قَرِمِ |
| بَيني وَبَينُكِ مِن سُمرِ القَنا حُجُبٌ | وَمِثلُها عِفَّةٌ عُذرِيَّةُ العِصَمِ |
| لَم أَغشَ مَغناكِ إِلا في غُضونِ كِرًى | مَغناكَ أَبعَدُ لِلمُشتاقِ مِن إِرَمِ |
| يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَةٍ | وَإِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ |
| فُضّي بِتَقواكِ فاهًا كُلَّما ضَحِكَتْ | كَما يَفُضُّ أَذى الرَقشاءِ بِالثَرَمِ |
| مَخطوبَةٌ مُنذُ كانَ الناسُ خاطِبَةٌ | مِن أَوَّلِ الدَهرِ لَم تُرمِل وَلَم تَئَمِ |
| يَفنى الزَمانُ وَيَبقى مِن إِساءَتِها | جُرحٌ بِآدَمَ يَبكي مِنهُ في الأَدَمِ |
| لا تَحفَلي بِجَناها أَو جِنايَتِها | المَوتُ بِالزَهرِ مِثلُ المَوتِ بِالفَحَمِ |
| كَم نائِمٍ لا يَراها وَهيَ ساهِرَةٌ | لَولا الأَمانِيُّ وَالأَحلامُ لَم يَنَمِ |
| طَورًا تَمُدُّكَ في نُعمى وَعافِيَةٍ | وَتارَةً في قَرارِ البُؤسِ وَالوَصَمِ |
| كَم ضَلَّلَتكَ وَمَن تُحجَب بَصيرَتُهُ | إِن يَلقَ صابا يَرِد أَو عَلقَمًا يَسُمُ |
| يا وَيلَتاهُ لِنَفسي راعَها وَدَها | مُسوَدَّةُ الصُحفِ في مُبيَضَّةِ اللَمَمِ |
| رَكَضتُها في مَريعِ المَعصِياتِ وَما | أَخَذتُ مِن حِميَةِ الطاعاتِ لِلتُخَمِ |
| هامَت عَلى أَثَرِ اللَذّاتِ تَطلُبُها | وَالنَفسُ إِن يَدعُها داعي الصِبا تَهِمِ |
| صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ | فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ |
| وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ | وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ |
| تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوًى | طَغيَ الجِيادِ إِذا عَضَّت عَلى الشُكُمِ |
| إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ لي أَمَلٌ | في اللَهِ يَجعَلُني في خَيرِ مُعتَصِمِ |
| أَلقى رَجائي إِذا عَزَّ المُجيرُ عَلى | مُفَرِّجِ الكَرَبِ في الدارَينِ وَالغَمَمِ |
| إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ | عِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أُمَمِ |
| وَإِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ | قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ |
| لَزِمتُ بابَ أَميرِ الأَنبِياءِ وَمَن | يُمسِك بِمِفتاحِ بابِ اللهِ يَغتَنِمِ |
| فَكُلُّ فَضلٍ وَإِحسانٍ وَعارِفَةٍ | ما بَينَ مُستَلِمٍ مِنهُ وَمُلتَزِمِ |
| عَلَّقتُ مِن مَدحِهِ حَبلاً أُعَزُّ بِهِ | في يَومِ لا عِزَّ بِالأَنسابِ وَاللُّحَمِ |
| يُزري قَريضي زُهَيرًا حينَ أَمدَحُهُ | وَلا يُقاسُ إِلى جودي لَدى هَرِمِ |
| مُحَمَّدٌ صَفوَةُ الباري وَرَحمَتُهُ | وَبُغيَةُ اللهِ مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ |
| وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلِ سائِلَةٌ | مَتى الوُرودُ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمي |
| سَناؤُهُ وَسَناهُ الشَمسُ طالِعَةً | فَالجِرمُ في فَلَكٍ وَالضَوءُ في عَلَمِ |
| قَد أَخطَأَ النَجمَ ما نالَت أُبُوَّتُهُ | مِن سُؤدُدٍ باذِخٍ في مَظهَرٍ سَنِمِ |
| نُموا إِلَيهِ فَزادوا في الوَرى شَرَفًا | وَرُبَّ أَصلٍ لِفَرعٍ في الفَخارِ نُمي |
| حَواهُ في سُبُحاتِ الطُهرِ قَبلَهُمُ | نورانِ قاما مَقامَ الصُلبِ وَالرَحِمِ |
| لَمّا رَآهُ بَحيرًا قالَ نَعرِفُهُ | بِما حَفِظنا مِنَ الأَسماءِ وَالسِيَمِ |
| سائِل حِراءَ وَروحَ القُدسِ هَل عَلِما | مَصونَ سِرٍّ عَنِ الإِدراكِ مُنكَتِمِ |
| كَم جَيئَةٍ وَذَهابٍ شُرِّفَتْ بِهِما | بَطحاءُ مَكَّةَ في الإِصباحِ وَالغَسَمِ |
| وَوَحشَةٍ لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ بينَهُما | أَشهى مِنَ الأُنسِ بِالأَحسابِ وَالحَشَمِ |
| يُسامِرُ الوَحيَ فيها قَبلَ مَهبِطِهِ | وَمَن يُبَشِّر بِسيمى الخَيرِ يَتَّسِمِ |
| لَمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقونَ مِن ظَمَإٍ | فاضَت يَداهُ مِنَ التَسنيمِ بِالسَنَمِ |
| وَظَلَّلَتهُ فَصارَت تَستَظِلُّ بِهِ | غَمامَةٌ جَذَبَتها خيرَةُ الدِيَمِ |
| مَحَبَّةٌ لِرَسولِ اللَهِ أُشرِبَها | قَعائِدُ الدَيرِ وَالرُهبانُ في القِمَمِ |
| إِنَّ الشَمائِلَ إِن رَقَّت يَكادُ بِها | يُغرى الجَمادُ وَيُغرى كُلُّ ذي نَسَمِ |
| وَنودِيَ اِقرَأ تَعالى اللهُ قائِلُها | لَم تَتَّصِل قَبلَ مَن قيلَت لَهُ بِفَمِ |
| هُناكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَنِ فَاِمتَلأَتْ | أَسماعُ مَكَّةَ مِن قُدسِيَّةِ النَغَمِ |
| فَلا تَسَل عَن قُرَيشٍ كَيفَ حَيرَتُها | وَكَيفَ نُفرَتُها في السَهلِ وَالعَلَمِ |
| تَساءَلوا عَن عَظيمٍ قَد أَلَمَّ بِهِمْ | رَمى المَشايِخَ وَالوِلدانِ بِاللَمَمِ |
| يا جاهِلينَ عَلى الهادي وَدَعوَتِهِ | هَل تَجهَلونَ مَكانَ الصادِقِ العَلَمِ |
| لَقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ في صِغَرٍ | وَما الأَمينُ عَلى قَولٍ بِمُتَّهَمِ |
| فاقَ البُدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ فَكَمْ | بِالخُلقِ وَالخَلقِ مِن حُسنٍ وَمِن عِظَمِ |
| جاءَ النبِيّونَ بِالآياتِ فَاِنصَرَمَتْ | وَجِئتَنا بِحَكيمٍ غَيرِ مُنصَرِمِ |
| آياتُهُ كُلَّما طالَ المَدى جُدُدٌ | يَزينُهُنَّ جَلالُ العِتقِ وَالقِدَمِ |
| يَكادُ في لَفظَةٍ مِنهُ مُشَرَّفَةٍ | يوصيكَ بِالحَقِّ وَالتَقوى وَبِالرَحِمِ |
| يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةً | حَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِقِ الفَهِمِ |
| حَلَّيتَ مِن عَطَلٍ جِيدَ البَيانِ بِهِ | في كُلِّ مُنتَثِرٍ في حُسنِ مُنتَظِمِ |
| بِكُلِّ قَولٍ كَريمٍ أَنتَ قائِلُهُ | تُحيِ القُلوبَ وَتُحيِ مَيِّتَ الهِمَمِ |
| سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِ | في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ |
| تَخَطَّفَتْ مُهَجَ الطاغينَ مِن عَرَبٍ | وَطَيَّرَت أَنفُسَ الباغينَ مِن عُجُمِ |
| ريعَت لَها شَرَفُ الإيوانِ فَاِنصَدَعَتْ | مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِن صَدمَةِ القُدُمِ |
| أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِمْ | إِلا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ |
| وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَورًا مُسَخَّرَةٌ | لِكُلِّ طاغِيَةٍ في الخَلقِ مُحتَكِمِ |
| مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّتِهِ | وَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبرٍ أَصَمُّ عَمِ |
| يُعَذِّبانِ عِبادَ اللَهِ في شُبَهٍ | وَيَذبَحانِ كَما ضَحَّيتَ بِالغَنَمِ |
| وَالخَلقُ يَفتِكُ أَقواهُمْ بِأَضعَفِهِمْ | كَاللَيثِ بِالبَهْمِ أَو كَالحوتِ بِالبَلَمِ |
| أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً إِذ مَلائِكُهُ | وَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ |
| لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّوا بِسَيِّدِهِمْ | كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ |
| صَلّى وَراءَكَ مِنهُمْ كُلُّ ذي خَطَرٍ | وَمَن يَفُز بِحَبيبِ اللهِ يَأتَمِمِ |
| جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِمْ | عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ |
| رَكوبَةً لَكَ مِن عِزٍّ وَمِن شَرَفٍ | لا في الجِيادِ وَلا في الأَينُقِ الرُسُمِ |
| مَشيئَةُ الخالِقِ الباري وَصَنعَتُهُ | وَقُدرَةُ اللهِ فَوقَ الشَكِّ وَالتُهَمِ |
| حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها | عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ |
| وَقيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِندَ رُتبَتِهِ | وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاستَلِمِ |
| خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما | يا قارِئَ اللَوحِ بَل يا لامِسَ القَلَمِ |
| أَحَطتَ بَينَهُما بِالسِرِّ وَانكَشَفَت | لَكَ الخَزائِنُ مِن عِلمٍ وَمِن حِكَمِ |
| وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِن مِنَنٍ | بِلا عِدادٍ وَما طُوِّقتَ مِن نِعَمِ |
| سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً | لَولا مُطارَدَةُ المُختارِ لَم تُسَمَ |
| هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا | هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِن أُمَمِ |
| وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُمْ | كَالغابِ وَالحائِماتُ الزُغْبُ كَالرُخَمِ |
| فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُمْ | كَباطِلٍ مِن جَلالِ الحَقِّ مُنهَزِمِ |
| لَولا يَدُ اللهِ بِالجارَينِ ما سَلِما | وَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الدينِ لَم يَقُمِ |
| تَوارَيا بِجَناحِ اللهِ وَاستَتَرا | وَمَن يَضُمُّ جَناحُ اللهِ لا يُضَمِ |
| يا أَحمَدَ الخَيرِ لي جاهٌ بِتَسمِيَتي | وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسولِ سَمي |
| المادِحونَ وَأَربابُ الهَوى تَبَعٌ | لِصاحِبِ البُردَةِ الفَيحاءِ ذي القَدَمِ |
| مَديحُهُ فيكَ حُبٌّ خالِصٌ وَهَوًى | وَصادِقُ الحُبِّ يُملي صادِقَ الكَلَمِ |
| اللهُ يَشهَدُ أَنّي لا أُعارِضُهُ | من ذا يُعارِضُ صَوبَ العارِضِ العَرِمِ |
| وَإِنَّما أَنا بَعضُ الغابِطينَ وَمَنْ | يَغبِط وَلِيَّكَ لا يُذمَم وَلا يُلَمِ |
| هَذا مَقامٌ مِنَ الرَحمَنِ مُقتَبَسٌ | تَرمي مَهابَتُهُ سَحبانَ بِالبَكَمِ |
| البَدرُ دونَكَ في حُسنٍ وَفي شَرَفٍ | وَالبَحرُ دونَكَ في خَيرٍ وَفي كَرَمِ |
| شُمُّ الجِبالِ إِذا طاوَلتَها انخَفَضَتْ | وَالأَنجُمُ الزُهرُ ما واسَمتَها تَسِمِ |
| وَاللَيثُ دونَكَ بَأسًا عِندَ وَثبَتِهِ | إِذا مَشَيتَ إِلى شاكي السِلاحِ كَمي |
| تَهفو إِلَيكَ وَإِن أَدمَيتَ حَبَّتَها | في الحَربِ أَفئِدَةُ الأَبطالِ وَالبُهَمِ |
| مَحَبَّةُ اللَهِ أَلقاها وَهَيبَتُهُ | عَلى اِبنِ آمِنَةٍ في كُلِّ مُصطَدَمِ |
| كَأَنَّ وَجهَكَ تَحتَ النَقعِ بَدرُ دُجًى | يُضيءُ مُلتَثِمًا أَو غَيرَ مُلتَثِمِ |
| بَدرٌ تَطَلَّعَ في بَدرٍ فَغُرَّتُهُ | كَغُرَّةِ النَصرِ تَجلو داجِيَ الظُلَمِ |
| ذُكِرتَ بِاليُتمِ في القُرآنِ تَكرِمَةً | وَقيمَةُ اللُؤلُؤِ المَكنونِ في اليُتُمِ |
| اللهُ قَسَّمَ بَينَ الناسِ رِزقَهُمُ | وَأَنتَ خُيِّرتَ في الأَرزاقِ وَالقِسَمِ |
| إِن قُلتَ في الأَمرِ (لا) أَو قُلتَ فيهِ (نَعَم) | فَخيرَةُ اللهِ في (لا) مِنكَ أَو (نَعَمِ) |
| أَخوكَ عيسى دَعا مَيتًا فَقامَ لَهُ | وَأَنتَ أَحيَيتَ أَجيالاً مِنَ الزَّمَمِ |
| وَالجَهلُ مَوتٌ فَإِن أوتيتَ مُعجِزَةً | فَابعَث مِنَ الجَهلِ أَو فَابعَث مِنَ الرَجَمِ |
| قالوا غَزَوتَ وَرُسلُ اللَهِ ما بُعِثوا | لِقَتلِ نَفسٍ وَلا جاؤوا لِسَفكِ دَمِ |
| جَهلٌ وَتَضليلُ أَحلامٍ وَسَفسَطَةٌ | فَتَحتَ بِالسَيفِ بَعدَ الفَتحِ بِالقَلَمِ |
| لَمّا أَتى لَكَ عَفوًا كُلُّ ذي حَسَبٍ | تَكَفَّلَ السَيفُ بِالجُهّالِ وَالعَمَمِ |
| وَالشَرُّ إِن تَلقَهُ بِالخَيرِ ضِقتَ بِهِ | ذَرعًا وَإِن تَلقَهُ بِالشَرِّ يَنحَسِمِ |
| سَلِ المَسيحِيَّةَ الغَرّاءَ كَم شَرِبَتْ | بِالصابِ مِن شَهَواتِ الظالِمِ الغَلِمِ |
| طَريدَةُ الشِركِ يُؤذيها وَيوسِعُها | في كُلِّ حينٍ قِتالاً ساطِعَ الحَدَمِ |
| لَولا حُماةٌ لَها هَبّوا لِنُصرَتِها | بِالسَيفِ ما انتَفَعَت بِالرِفقِ وَالرُحَمِ |
| لَولا مَكانٌ لِعيسى عِندَ مُرسِلِهِ | وَحُرمَةٌ وَجَبَت لِلروحِ في القِدَمِ |
| لَسُمِّرَ البَدَنُ الطُهْرُ الشَريفُ عَلى | لَوحَينِ لَم يَخشَ مُؤذيهِ وَلَم يَجِمِ |
| جَلَّ المَسيحُ وَذاقَ الصَلبَ شانِئُهُ | إِنَّ العِقابَ بِقَدرِ الذَنبِ وَالجُرُمِ |
| أَخو النَبِيِّ وَروحُ اللهِ في نُزُلٍ | فَوقَ السَماءِ وَدونَ العَرشِ مُحتَرَمِ |
| عَلَّمتَهُمْ كُلَّ شَيءٍ يَجهَلونَ بِهِ | حَتّى القِتالَ وَما فيهِ مِنَ الذِّمَمِ |
| دَعَوتَهُمْ لِجِهادٍ فيهِ سُؤدُدُهُمْ | وَالحَربُ أُسُّ نِظامِ الكَونِ وَالأُمَمِ |
| لَولاهُ لَم نَرَ لِلدَولاتِ في زَمَنٍ | ما طالَ مِن عُمُدٍ أَو قَرَّ مِن دُهُمِ |
| تِلكَ الشَواهِدُ تَترى كُلَّ آوِنَةٍ | في الأَعصُرِ الغُرِّ لا في الأَعصُرِ الدُهُمِ |
| بِالأَمسِ مالَت عُروشٌ وَاعتَلَتْ سُرُرٌ | لَولا القَذائِفُ لَم تَثلَمْ وَلَم تَصُمِ |
| أَشياعُ عيسى أَعَدّوا كُلَّ قاصِمَةٍ | وَلَم نُعِدَّ سِوى حالاتِ مُنقَصِمِ |
| مَهما دُعيتَ إِلى الهَيجاءِ قُمتَ لَها | تَرمي بِأُسْدٍ وَيَرمي اللهُ بِالرُجُمِ |
| عَلى لِوائِكَ مِنهُم كُلُّ مُنتَقِمٍ | للهِ مُستَقتِلٍ في اللهِ مُعتَزِمِ |
| مُسَبِّحٍ لِلِقاءِ اللهِ مُضطَرِمٍ | شَوقًا عَلى سابِخٍ كَالبَرقِ مُضطَرِمِ |
| لَو صادَفَ الدَهرَ يَبغي نَقلَةً فَرَمى | بِعَزمِهِ في رِحالِ الدَهرِ لَم يَرِمِ |
| بيضٌ مَفاليلُ مِن فِعلِ الحُروبِ بِهِمْ | مِن أَسيُفِ اللهِ لا الهِندِيَّةُ الخُذُمُ |
| كَم في التُرابِ إِذا فَتَّشتَ عَن رَجُلٍ | مَن ماتَ بِالعَهدِ أَو مَن ماتَ بِالقَسَمِ |
| لَولا مَواهِبُ في بَعضِ الأَنامِ لَما | تَفاوَتَ الناسُ في الأَقدارِ وَالقِيَمِ |
| شَريعَةٌ لَكَ فَجَّرتَ العُقولَ بِها | عَن زاخِرٍ بِصُنوفِ العِلمِ مُلتَطِمِ |
| يَلوحُ حَولَ سَنا التَوحيدِ جَوهَرُها | كَالحَليِ لِلسَيفِ أَو كَالوَشيِ لِلعَلَمِ |
| غَرّاءُ حامَتْ عَلَيها أَنفُسٌ وَنُهًى | وَمَن يَجِد سَلسَلاً مِن حِكمَةٍ يَحُمِ |
| نورُ السَبيلِ يُساسُ العالَمونَ بِها | تَكَفَّلَتْ بِشَبابِ الدَهرِ وَالهَرَمِ |
| يَجري الزَمانُ وَأَحكامُ الزَمانِ عَلى | حُكمٍ لَها نافِذٍ في الخَلقِ مُرتَسِمِ |
| لَمّا اعتَلَت دَولَةُ الإِسلامِ وَاتَّسَعَتْ | مَشَتْ مَمالِكُهُ في نورِها التَّمَمِ |
| وَعَلَّمَتْ أُمَّةً بِالقَفرِ نازِلَةً | رَعيَ القَياصِرِ بَعدَ الشاءِ وَالنَعَمِ |
| كَم شَيَّدَ المُصلِحونَ العامِلونَ بِها | في الشَرقِ وَالغَربِ مُلكًا باذِخَ العِظَمِ |
| لِلعِلمِ وَالعَدلِ وَالتَمدينِ ما عَزَموا | مِنَ الأُمورِ وَما شَدّوا مِنَ الحُزُمِ |
| سُرعانَ ما فَتَحوا الدُنيا لِمِلَّتِهِمْ | وَأَنهَلوا الناسَ مِن سَلسالِها الشَبِمِ |
| ساروا عَلَيها هُداةَ الناسِ فَهيَ بِهِمْ | إِلى الفَلاحِ طَريقٌ واضِحُ العَظَمِ |
| لا يَهدِمُ الدَهرُ رُكنًا شادَ عَدلَهُمُ | وَحائِطُ البَغيِ إِن تَلمَسهُ يَنهَدِمِ |
| نالوا السَعادَةَ في الدارَينِ وَاِجتَمَعوا | عَلى عَميمٍ مِنَ الرُضوانِ مُقتَسَمِ |
| دَع عَنكَ روما وَآثينا وَما حَوَتا | كُلُّ اليَواقيتِ في بَغدادَ وَالتُوَمِ |
| وَخَلِّ كِسرى وَإيوانًا يَدِلُّ بِهِ | هَوى عَلى أَثَرِ النيرانِ وَالأَيُمِ |
| وَاترُك رَعمَسيسَ إِنَّ المُلكَ مَظهَرُهُ | في نَهضَةِ العَدلِ لا في نَهضَةِ الهَرَمِ |
| دارُ الشَرائِعِ روما كُلَّما ذُكِرَتْ | دارُ السَلامِ لَها أَلقَتْ يَدَ السَلَمِ |
| ما ضارَعَتها بَيانًا عِندَ مُلتَأَمٍ | وَلا حَكَتها قَضاءً عِندَ مُختَصَمِ |
| وَلا احتَوَت في طِرازٍ مِن قَياصِرِها | عَلى رَشيدٍ وَمَأمونٍ وَمُعتَصِمِ |
| مَنِ الَّذينَ إِذا سارَت كَتائِبُهُمْ | تَصَرَّفوا بِحُدودِ الأَرضِ وَالتُخَمِ |
| وَيَجلِسونَ إِلى عِلمٍ وَمَعرِفَةٍ | فَلا يُدانَونَ في عَقلٍ وَلا فَهَمِ |
| يُطَأطِئُ العُلَماءُ الهامَ إِن نَبَسوا | مِن هَيبَةِ العِلمِ لا مِن هَيبَةِ الحُكُمِ |
| وَيُمطَرونَ فَما بِالأَرضِ مِن مَحَلٍ | وَلا بِمَن باتَ فَوقَ الأَرضِ مِن عُدُمِ |
| خَلائِفُ اللهِ جَلّوا عَن مُوازَنَةٍ | فَلا تَقيسَنَّ أَملاكَ الوَرى بِهِمِ |
| مَن في البَرِيَّةِ كَالفاروقِ مَعدَلَةً | وَكَابنِ عَبدِ العَزيزِ الخاشِعِ الحَشِمِ |
| وَكَالإِمامِ إِذا ما فَضَّ مُزدَحِمًا | بِمَدمَعٍ في مَآقي القَومِ مُزدَحِمِ |
| الزاخِرُ العَذبُ في عِلمٍ وَفي أَدَبٍ | وَالناصِرُ النَدبُ في حَربٍ وَفي سَلَمِ |
| أَو كَابنِ عَفّانَ وَالقُرآنُ في يَدِهِ | يَحنو عَلَيهِ كَما تَحنو عَلى الفُطُمِ |
| وَيَجمَعُ الآيَ تَرتيبًا وَيَنظُمُها | عِقدًا بِجيدِ اللَيالي غَيرَ مُنفَصِمِ |
| جُرحانِ في كَبِدِ الإِسلامِ ما اِلتَأَما | جُرحُ الشَهيدِ وَجُرحٌ بِالكِتابِ دَمي |
| وَما بَلاءُ أَبي بَكرٍ بِمُتَّهَمٍ | بَعدَ الجَلائِلِ في الأَفعالِ وَالخِدَمِ |
| بِالحَزمِ وَالعَزمِ حاطَ الدينَ في مِحَنٍ | أَضَلَّتِ الحُلمَ مِن كَهلٍ وَمُحتَلِمِ |
| وَحِدنَ بِالراشِدِ الفاروقِ عَن رُشدٍ | في المَوتِ وَهوَ يَقينٌ غَيرُ مُنبَهِمِ |
| يُجادِلُ القَومَ مُستَلًّا مُهَنَّدَهُ | في أَعظَمِ الرُسلِ قَدرًا كَيفَ لَم يَدُمِ |
| لا تَعذُلوهُ إِذا طافَ الذُهولُ بِهِ | ماتَ الحَبيبُ فَضَلَّ الصَبُّ عَن رَغَمِ |
| يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّم ما أَرَدتَ عَلى | نَزيلِ عَرشِكَ خَيرِ الرُسلِ كُلِّهِمِ |
| مُحيِ اللَيالي صَلاةً لا يُقَطِّعُها | إِلا بِدَمعٍ مِنَ الإِشفاقِ مُنسَجِمِ |
| مُسَبِّحًا لَكَ جُنحَ اللَيلِ مُحتَمِلاً | ضُرًّا مِنَ السُهدِ أَو ضُرًّا مِنَ الوَرَمِ |
| رَضِيَّةٌ نَفسُهُ لا تَشتَكي سَأَمًا | وَما مَعَ الحُبِّ إِن أَخلَصتَ مِن سَأَمِ |
| وَصَلِّ رَبّي عَلى آلٍ لَهُ نُخَبٍ | جَعَلتَ فيهِم لِواءَ البَيتِ وَالحَرَمِ |
| بيضُ الوُجوهِ وَوَجهُ الدَهرِ ذو حَلَكٍ | شُمُّ الأُنوفِ وَأَنفُ الحادِثاتِ حَمى |
| وَأَهدِ خَيرَ صَلاةٍ مِنكَ أَربَعَةً | في الصَحبِ صُحبَتُهُم مَرعِيَّةُ الحُرَمِ |
| الراكِبينَ إِذا نادى النَبِيُّ بِهِمْ | ما هالَ مِن جَلَلٍ وَاشتَدَّ مِن عَمَمِ |
| الصابِرينَ وَنَفسُ الأَرضِ واجِفَةٌ | الضاحِكينَ إِلى الأَخطارِ وَالقُحَمِ |
| يا رَبِّ هَبَّتْ شُعوبٌ مِن مَنِيَّتِها | وَاستَيقَظَت أُمَمٌ مِن رَقدَةِ العَدَمِ |
| سَعدٌ وَنَحسٌ وَمُلكٌ أَنتَ مالِكُهُ | تُديلُ مِن نِعَمٍ فيهِ وَمِن نِقَمِ |
| رَأى قَضاؤُكَ فينا رَأيَ حِكمَتِهِ | أَكرِم بِوَجهِكَ مِن قاضٍ وَمُنتَقِمِ |
| فَالطُف لأَجلِ رَسولِ العالَمينَ بِنا | وَلا تَزِد قَومَهُ خَسفًا وَلا تُسِمِ |
| يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِمينَ بِهِ | فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسنَ مُختَتَمِ |
أهم القصائد
هنا أقوى و اهم القصائد العربية أبيات شعر خالدة في التاريخ القديم و الحديث.
وقف الخلق ينظرون جميعا
| وَقَفَ الخَلقُ يَنظُرونَ جَميعاً – كَيفَ أَبني قَواعِدَ المَجدِ وَحدي |
| وَبُناةُ الأَهرامِ في سالِفِ الدَهرِ – كَفَوني الكَلامَ عِندَ التَحَدّي |
| أَنا تاجُ العَلاءِ في مَفرِقِ الشَرقِ – وَدُرّاتُهُ فَرائِدُ عِقدي |
| أَيُّ شَيءٍ في الغَربِ قَد بَهَرَ الناسَ – جَمالاً وَلَم يَكُن مِنهُ عِندي |
| فَتُرابي تِبرٌ وَنَهري فُراتٌ – وَسَمائي مَصقولَةٌ كَالفِرِندِ |
| أَينَما سِرتَ جَدوَلٌ عِندَ كَرمٍ – عِندَ زَهرٍ مُدَنَّرٍ عِندَ رَندِ |
| وَرِجالي لَو أَنصَفوهُم لَسادوا – مِن كُهولٍ مِلءِ العُيونِ وَمُردِ |
| لَو أَصابوا لَهُم مَجالاً لَأَبدَوا – مُعجِزاتِ الذَكاءِ في كُلِّ قَصدِ |
| إِنَّهُم كَالظُبا أَلَحَّ عَلَيها – صَدَأُ الدَهرِ مِن ثَواءِ وَغِمدِ |
| فَإِذا صَيقَلُ القَضاءِ جَلاها – كُنَّ كَالمَوتِ ما لَهُ مِن مَرَدِّ |
| أَنا إِن قَدَّرَ الإِلَهُ مَماتي – لا تَرى الشَرقَ يَرفَعُ الرَأسَ بَعدي |
| ما رَماني رامٍ وَراحَ سَليماً – مِن قَديمٍ عِنايَةُ اللَهُ جُندي |
| كَم بَغَت دَولَةٌ عَلَيَّ وَجارَت – ثُمَّ زالَت وَتِلكَ عُقبى التَعَدّي |
| إِنَّني حُرَّةٌ كَسَرتُ قُيودي – رَغمَ رُقبى العِدا وَقَطَّعتُ قِدّي |
| وَتَماثَلتُ لِلشِفاءِ وَقَد دانَيتُ – حَيني وَهَيَّأَ القَومُ لَحدي |
| قُل لِمَن أَنكَروا مَفاخِرَ قَومي – مِثلَ ما أَنكَروا مَآثِرَ وُلدي |
| هَل وَقَفتُم بِقِمَّةِ الهَرَمِ الأَكبَرِ – يَوماً فَرَيتُمُ بَعضَ جُهدي |
| هَل رَأَيتُم تِلكَ النُقوشَ اللَواتي – أَعَجَزَت طَوقَ صَنعَةِ المُتَحَدّي |
| حالَ لَونُ النَهارِ مِن قِدَمِ العَهدِ – وَما مَسَّ لَونَها طولُ عَهدِ |
| هَل فَهِمتُم أَسرارَ ما كانَ عِندي – مِن عُلومٍ مَخبوءَةٍ طَيَّ بَردي |
| ذاكَ فَنُّ التَحنيطِ قَد غَلَبَ الدَهرَ – وَأَبلى البِلى وَأَعجَزَ نِدّي |
| قَد عَقَدتُ العُهودَ مِن عَهدِ فِرعَونَ – فَفي مِصرَ كانَ أَوَّلُ عَقدِ |
| إِنَّ مَجدي في الأولَياتِ عَريقٌ – مَن لَهُ مِثلَ أولَياتي وَمَجدي |
| أَنا أُمُّ التَشريعِ قَد أَخَذَ الرومانُ – عَنّي الأُصولَ في كُلِّ حَدِّ |
| وَرَصَدتُ النُجومَ مُنذُ أَضاءَت – في سَماءِ الدُجى فَأَحكَمتُ رَصدي |
| وَشَدا بَنتَئورَ فَوقَ رُبوعي – قَبلَ عَهدِ اليونانِ أَو عَهدِ نَجدِ |
| وَقَديماً بَنى الأَساطيلَ قَومي – فَفَرَقنَ البِحارَ يَحمِلنَ بَندي |
| قَبلَ أُسطولِ نِلسُنٍ كانَ أُسطولي – سَرِيّاً وَطالِعي غَيرَ نَكدِ |
| فَسَلوا البَحرَ عَن بَلاءِ سَفيني – وَسَلوا البَرَّ عَن مَواقِعِ جُردي |
| أَتُراني وَقَد طَوَيتُ حَياتي – في مِراسٍ لَم أَبلُغِ اليَومَ رُشدي |
| أَيُّ شَعبٍ أَحَقُّ مِنّي بِعَيشٍ – وارِفِ الظِلِّ أَخضَرِ اللَونِ رَغدِ |
| أَمِنَ العَدلِ أَنَّهُم يَرِدونَ الماءَ – صَفواً وَأَن يُكَدَّرَ وِردي |
| أَمِنَ الحَقِّ أَنَّهُم يُطلِقونَ الأُسدَ – مِنهُم وَأَن تُقَيَّدَ أُسدي |
| نِصفُ قَرنٍ إِلّا قَليلاً أُعاني – ما يُعاني هَوانَهُ كُلُّ عَبدِ |
| نَظَرَ اللَهُ لي فَأَرشَدَ أَبنائي – فَشَدّوا إِلى العُلا أَيَّ شَدِّ |
| إِنَّما الحَقُّ قُوَّةٌ مِن قُوى الدَي – يانِ أَمضى مِن كُلِّ أَبيَضَ هِندي |
| قَد وَعَدتُ العُلا بِكُلِّ أَبِيٍّ – مِن رِجالي فَأَنجِزوا اليَومَ وَعدي |
| أَمهِروها بِالروحِ فَهيَ عَروسٌ – تَسنَأُ المَهرَ مِن عُروضٍ وَنَقدِ |
| وَرِدوا بي مَناهِلَ العِزِّ حَتّى – يَخطُبَ النَجمُ في المَجَرَّةِ وُدّي |
| وَاِرفَعوا دَولَتي عَلى العِلمِ وَالأَخلاقِ – فَالعِلمُ وَحدَهُ لَيسَ يُجدي |
| وَتَواصَوا بِالصَبرِ فَالصَبرُ إِن فارَقَ – قَوماً فَما لَهُ مِن مَسَدِّ |
| خُلُقُ الصَبرِ وَحدَهُ نَصَرَ القَومَ – وَأَغنى عَنِ اِختِراعٍ وَعَدِّ |
| شَهِدوا حَومَةَ الوَغى بِنُفوسٍ – صابِراتٍ وَأَوجُهٍ غَيرِ رُبدِ |
| فَمَحا الصَبرُ آيَةَ العِلمِ في الحَربِ – وَأَنحى عَلى القَوِيِّ الأَشَدِّ |
| إِنَّ في الغَربِ أَعيُناً راصِداتٍ – كَحَلَتها الأَطماعُ فيكُم بِسُهدِ |
| فَوقَها مِجهَرٌ يُريها خَفايا – كَم وَيَطوي شُعاعُهُ كُلَّ بُعدِ |
| فَاِتَّقوها بِجُنَّةٍ مِن وِئامٍ – غَيرِ رَثِّ العُرا وَسَعيٍ وَكَدِّ |
| وَاِصفَحوا عَن هَناتِ مَن كانَ مِنكُم – رُبَّ هافٍ هَفا عَلى غَيرِ عَمدِ |
| نَحنُ نَجتازُ مَوقِفاً تَعثُرُ الآراءُ – فيهِ وَعَثرَةُ الرَأيِ تُردي |
| وَنُعيرُ الأَهواءَ حَرباً عَواناً – مِن خِلافٍ وَالخُلفُ كَالسِلِّ يُعدي |
| وَنُثيرُ الفَوضى عَلى جانِبَيهِ – فَيُعيدُ الجَهولُ فيها وَيُبدي |
| وَيَظُنُّ الغَوِيُّ أَن لا نِظامٌ – وَيَقولُ القَوِيُّ قَد جَدَّ جِدّي |
| فَقِفوا فيهِ وَقفَةَ الحَزمِ وَاِرموا – جانِبَيهِ بِعَزمَةِ المُستَعِدِّ |
| إِنَّنا عِندَ فَجرِ لَيلٍ طَويلٍ – قَد قَطَعناهُ بَينَ سُهدٍ وَوَجدِ |
| غَمَرَتنا سودُ الأَهاويلِ فيهِ – وَالأَمانِيُّ بَينَ جَزرٍ وَمَدِّ |
| وَتَجَلّى ضِياؤُهُ بَعدَ لَأيٍ – وَهوَ رَمزٌ لِعَهدِيَ المُستَرَدِّ |
| فَاِستَبينوا قَصدَ السَبيلِ وَجِدّوا – فَالمَعالي مَخطوبَةٌ لِلمُجِدِّ |
لكل زمان مضى آية
| لِكُلِّ زَمانٍ مَضى آيَةٌ – وَآيَةُ هَذا الزَمانِ الصُحُف |
| لِسانُ البِلادِ وَنَبضُ العِبادِ – وَكَهفُ الحُقوقِ وَحَربُ الجَنَف |
| تَسيرُ مَسيرَ الضُحى في البِلادِ – إِذا العِلمُ مَزَّقَ فيها السَدَف |
| وَتَمشي تُعَلِّمُ في أُمَّةٍ – كَثيرَةِ مَن لا يَخُطُّ الأَلِف |
| فَيا فِتيَةَ الصُحفُ صَبراً إِذا – نَبا الرِزقُ فيها بِكُم وَاِختَلَف |
| فَإِنَّ السَعادَةَ غَيرُ الظُهورِ – وَغَيرُ الثَراءِ وَغَيرُ التَرَف |
| وَلَكِنَّها في نَواحي الضَميرِ – إِذا هُوَ بِاللَومِ لَم يُكتَنَف |
| خُذوا القَصدَ وَاِقتَنِعوا بِالكَفافِ – وَخَلّوا الفُضولَ يَغِلها السَرَف |
| وَروموا النُبوغَ فَمَن نالَهُ – تَلَقّى مِنَ الحَظِّ أَسنى التُحَف |
| وَما الرِزقُ مُجتَنِبٌ حِرفَةً – إِذا الحَظُّ لَم يَهجُرِ المُحتَرِف |
| إِذا آخَتِ الجَوهَرِيَّ الحُظوظُ – كَفَلنَ اليَتيمَ لَهُ في الصَدَف |
| وَإِن أَعرَضَت عَنهُ لَم يَحلُ في – عُيونِ الخَرائِدِ غَيرُ الخَزَف |
| رَعى اللَهُ لَيلَتَكُم إِنَّها – تَلَت عِندَهُ لَيلَةَ المُنتَصَف |
| لَقَد طَلَعَ البَدرُ مِن جُنحِها – وَأَوما إِلى صُبحِها أَن يَقِف |
| جَلَوتُم حَواشِيَها بِالفُنونِ – فَمِن كُلِّ فَنٍّ جَميلٍ طَرَف |
| فَإِن تَسأَلوا ما مَكانُ الفُنونِ – فَكَم شَرَفٍ فَوقَ هَذا الشَرَف |
| أَريكَةُ مولِييرَ فيما مَضى – وَعَرشُ شِكِسبيرَ فيما سَلَف |
| وَعودُ اِبنِ ساعِدَةٍ في عُكاظَ – إِذا سالَ خاطِرُهُ بِالطُرَف |
| فَلا يَرقَيَن فيهِ إِلّا فَتىً – إِلى دَرَجاتِ النُبوغِ اِنصَرَف |
| تُعَلِّمُ حِكمَتُهُ الحاضِرينَ – وَتُسمِعُ في الغابِرينَ النُطَف |
| حَمَدنا بَلاءَكُمُ في النِضالِ – وَأَمسُ حَمَدنا بَلاءَ السَلَف |
| وَمَن نَسِيَ الفَضلَ لِلسابِقينَ – فَما عَرَفَ الفَضلَ فيما عَرَف |
| أَلَيسَ إِلَيهِم صَلاحُ البِناءِ – إِذا ما الأَساسُ سَما بِالغُرَف |
| فَهَل تَأذَنونَ لِذي خِلَّةٍ – يَفُضُّ الرَياحينَ فَوقَ الجِيَف |
| فَأَينَ اللِواءُ وَرَبُّ اللِواءِ – إِمامُ الشَبابِ مِثالُ الشَرَف |
| وَأَينَ الَّذي بَينَكُم شِبلُهُ – عَلى غايَةِ الحَقِّ نِعمَ الخَلَف |
| وَلا بُدَّ لِلغَرسِ مِن نَقلِهِ – إِلى مَن تَعَهَّدَ أَو مَن قَطَف |
| فَلا تَجحَدَنَّ يَدَ الغارِسينَ – وَهَذا الجَنى في يَدَيكَ اِعتَرَف |
| أُولَئِكَ مَرّوا كَدودِ الحَريرِ – شَجاها النَفاعُ وَفيهِ التَلَف |
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر
| أراكَ عصيَّ الدَّمْعِ شيمَتُكَ الصَّبْرُ – أما لِلْهَوى نَهْيٌ عليكَ ولا أمْرُ |
| بَلى، أنا مُشْتاقٌ وعنديَ لَوْعَةٌ – ولكنَّ مِثْلي لا يُذاعُ لهُ سِرُّ |
| إذا اللّيلُ أَضْواني بَسَطْتُ يَدَ الهوى – وأذْلَلْتُ دمْعاً من خَلائقِهِ الكِبْرُ |
| تَكادُ تُضِيْءُ النارُ بين جَوانِحي – إذا هي أذْكَتْها الصَّبابَةُ والفِكْرُ |
| مُعَلِّلَتي بالوَصْلِ، والمَوتُ دونَهُ – إذا مِتُّ ظَمْآناً فلا نَزَلَ القَطْرُ |
| حَفِظْتُ وَضَيَّعْتِ المَوَدَّةَ بيْننا – وأحْسَنُ من بعضِ الوَفاءِ لكِ العُذْرُ |
| وما هذه الأيامُ إلاّ صَحائفٌ – ِلأحْرُفِها من كَفِّ كاتِبِها بِشْرُ |
| بِنَفْسي من الغادينَ في الحيِّ غادَةً – هَوايَ لها ذنْبٌ، وبَهْجَتُها عُذْرُ |
| تَروغُ إلى الواشينَ فيَّ، وإنَّ لي – لأُذْناً بها عن كلِّ واشِيَةٍ وَقْرُ |
| بَدَوْتُ، وأهلي حاضِرونَ، لأنّني – أرى أنَّ داراً، لستِ من أهلِها، قَفْرُ |
| وحارَبْتُ قَوْمي في هواكِ، وإنَّهُمْ – وإيّايَ، لو لا حُبُّكِ الماءُ والخَمْرُ |
| فإنْ يكُ ما قال الوُشاةُ ولمْ يَكُنْ – فقدْ يَهْدِمُ الإيمانُ ما شَيَّدَ الكفرُ |
| وَفَيْتُ، وفي بعض الوَفاءِ مَذَلَّةٌ – لإنسانَةٍ في الحَيِّ شيمَتُها الغَدْر |
| وَقورٌ، ورَيْعانُ الصِّبا يَسْتَفِزُّها – فَتَأْرَنُ، أحْياناً كما، أَرِنَ المُهْرُ |
| تُسائلُني من أنتَ؟ وهي عَليمَةٌ – وهل بِفَتىً مِثْلي على حالِهِ نُكْرُ |
| فقلتُ كما شاءَتْ وشاءَ لها الهوى – قَتيلُكِ! قالت: أيُّهمْ؟ فَهُمْ كُثْرُ |
| فقلتُ لها: لو شَئْتِ لم تَتَعَنَّتي – ولم تَسْألي عَنّي وعندكِ بي خُبْرُ |
| فقالتْ: لقد أَزْرى بكَ الدَّهْرُ بَعدنا – فقلتُ: معاذَ اللهِ بل أنتِ لا الدّهر |
| وما كان لِلأحْزان، ِ لولاكِ، مَسْلَكٌ – إلى القلبِ، لكنَّ الهوى لِلْبِلى جِسْر |
| وتَهْلِكُ بين الهَزْلِ والجِدِّ مُهْجَةٌ – إذا ما عَداها البَيْنُ عَذَّبها الهَجْرُ |
| فأيْقَنْتُ أن لا عِزَّ بَعْدي لِعاشِقٍ – و أنّ يَدي ممّا عَلِقْتُ بهِ صِفْرُ |
| وقلَّبْتُ أَمري لا أرى ليَ راحَة، – إذا البَيْنُ أنْساني ألَحَّ بيَ الهَجْرُ |
| فَعُدْتُ إلى حُكم الزّمانِ وحُكمِها – لها الذّنْبُ لا تُجْزى بهِ وليَ العُذْرُ |
| كَأَنِّي أُنادي دونَ مَيْثاءَ ظَبْيَةً – على شَرَفٍ ظَمْياءَ جَلَّلَها الذُّعْرُ |
| تَجَفَّلُ حيناً، ثُمّ تَرْنو كأنّها – تُنادي طَلاًّ بالوادِ أعْجَزَهُ الحَُضْرُ |
| فلا تُنْكِريني، يابْنَةَ العَمِّ، إنّهُ – لَيَعْرِفُ من أنْكَرْتهِ البَدْوُ والحَضْرُ |
| ولا تُنْكِريني، إنّني غيرُ مُنْكَرٍ – إذا زَلَّتِ الأقْدامُ، واسْتُنْزِلَ النّصْرُ |
| وإنّي لَجَرّارٌ لِكُلِّ كَتيبَةٍ – مُعَوَّدَةٍ أن لا يُخِلَّ بها النَّصر |
| وإنّي لَنَزَّالٌ بِكلِّ مَخوفَةٍ – كَثيرٍ إلى نُزَّالِها النَّظَرُ الشَّزْرُ |
| فَأَظْمَأُ حتى تَرْتَوي البيضُ والقَنا – وأَسْغَبُ حتى يَشبَعَ الذِّئْبُ والنَّسْرُ |
| ولا أًصْبَحُ الحَيَّ الخُلُوفَ بغارَةٍ – و لا الجَيْشَ ما لم تأْتِهِ قَبْلِيَ النُّذْرُ |
| ويا رُبَّ دارٍ، لم تَخَفْني، مَنيعَةً – طَلَعْتُ عليها بالرَّدى، أنا والفَجْر |
| وحَيٍّ رَدَدْتُ الخَيْلَ حتّى مَلَكْتُهُ – هَزيماً ورَدَّتْني البَراقِعُ والخُمْرُ |
| وساحِبَةِ الأذْيالِ نَحْوي، لَقيتُها – فلَم يَلْقَها جافي اللِّقاءِ ولا وَعْرُ |
| وَهَبْتُ لها ما حازَهُ الجَيْشُ كُلَّهُ – ورُحْتُ ولم يُكْشَفْ لأبْياتِها سِتْر |
| ولا راحَ يُطْغيني بأثوابِهِ الغِنى – ولا باتَ يَثْنيني عن الكَرَمِ الفَقْرُ |
| وما حاجَتي بالمالِ أَبْغي وُفورَهُ – إذا لم أَفِرْ عِرْضي فلا وَفَرَ الوَفْرُ |
| أُسِرْتُ وما صَحْبي بعُزْلٍ لَدى الوَغى – ولا فَرَسي مُهْرٌ، ولا رَبُّهُ غُمْرُ |
| ولكنْ إذا حُمَّ القَضاءُ على امرئٍ – فليْسَ لَهُ بَرٌّ يَقيهِ، ولا بَحْرُ |
| وقال أُصَيْحابي: الفِرارُ أو الرَّدى – فقلتُ:هما أمرانِ، أحْلاهُما مُرُّ |
| ولكنّني أَمْضي لِما لا يَعيبُني – وحَسْبُكَ من أَمْرَينِ خَيرُهما الأَسْر |
| يَقولونَ لي: بِعْتَ السَّلامَةَ بالرَّدى – فقُلْتُ: أما واللهِ، ما نالني خُسْرُ |
| وهلْ يَتَجافى عَنّيَ المَوْتُ ساعَةً – إذا ما تَجافى عَنّيَ الأسْرُ والضُّرُّ؟ |
| هو المَوتُ، فاخْتَرْ ما عَلا لكَ ذِكْرُهُ – فلم يَمُتِ الإنسانُ ما حَيِيَ الذِّكْرُ |
| ولا خَيْرَ في دَفْعِ الرَّدى بِمَذَلَّةٍ – كما رَدَّها، يوماً، بِسَوْءَتِهِ عَمْرُو |
| يَمُنُّونَ أن خَلُّوا ثِيابي، وإنّما – عليَّ ثِيابٌ، من دِمائِهِمُ حُمْرُ |
| وقائِمُ سَيْفٍ فيهِمُ انْدَقَّ نَصْلُهُ – وأعْقابُ رُمْحٍ فيهُمُ حُطِّمَ الصَّدْرُ |
| سَيَذْكُرُني قومي إذا جَدَّ جِدُّهُمْ – وفي اللّيلةِ الظَّلْماءِ يُفْتَقَدُ البَدْرُ |
| فإنْ عِشْتُ فالطِّعْنُ الذي يَعْرِفونَهُ – وتِلْكَ القَنا والبيضُ والضُّمَّرُ الشُّقْرُ |
| وإنْ مُتُّ فالإنْسانُ لابُدَّ مَيِّتٌ – وإنْ طالَتِ الأيامُ، وانْفَسَحَ العُمْرُ |
| ولو سَدَّ غيري ما سَدَدْتُ اكْتَفوا بهِ – وما كان يَغْلو التِّبْرُ لو نَفَقَ الصُّفْرُ |
| ونَحْنُ أُناسٌ، لا تَوَسُّطَ عندنا – لنا الصَّدْرُ دونَ العالمينَ أو القَبْرُ |
| تَهونُ علينا في المعالي نُفوسُنا – ومن خَطَبَ الحَسْناءَ لم يُغْلِها المَهْرُ |
| أعَزُّ بَني الدُّنيا وأعْلى ذَوي العُلا – وأكْرَمُ مَنْ فَوقَ التُّرابِ ولا فَخْرُ |
عيد بأية حال عدت يا عيد
| عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ – بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ |
| أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ – فَلَيتَ دونَكَ بيدًا دونَها بيدُ |
| لَولا العُلا لَم تَجُب بي ما أَجوبُ بِها – وَجناءُ حَرفٌ وَلا جَرداءُ قَيدودُ |
| وَكانَ أَطيَبَ مِن سَيفي مُضاجَعَةً – أَشباهُ رَونَقِهِ الغيدُ الأَماليدُ |
| لَم يَترُكِ الدَهرُ مِن قَلبي وَلا كَبِدي – شَيئًا تُتَيِّمُهُ عَينٌ وَلا جِيدُ |
| يا ساقِيَيَّ أَخَمرٌ في كُؤوسِكُما – أَم في كُؤوسِكُما هَمٌّ وَتَسهيدُ |
| أَصَخرَةٌ أَنا مالي لا تُحَرِّكُني – هَذي المُدامُ وَلا هَذي الأَغاريدُ |
| إِذا أَرَدتُ كُمَيتَ اللَونِ صافِيَةً – وَجَدتُها وَحَبيبُ النَفسِ مَفقودُ |
| ماذا لَقيتُ مِنَ الدُنيا وَأَعجَبُهُا – أَنّي بِما أَنا باكٍ مِنهُ مَحسودُ |
| أَمسَيتُ أَروَحَ مُثرٍ خازِنًا وَيَدًا – أَنا الغَنِيُّ وَأَموالي المَواعيدُ |
| إِنّي نَزَلتُ بِكَذّابينَ ضَيفُهُمُ – عَنِ القِرى وَعَنِ التَرحالِ مَحدودُ |
| جودُ الرِجالِ مِنَ الأَيدي وَجودُهُمُ – مِنَ اللِسانِ فَلا كانوا وَلا الجودُ |
| ما يَقبِضُ المَوتُ نَفسًا مِن نُفوسِهِمُ – إِلّا وَفي يَدِهِ مِن نَتنِها عودُ |
| مِن كُلِّ رِخوِ وِكاءِ البَطنِ مُنفَتِقٍ – لا في الرِجالِ وَلا النِسوانِ مَعدودُ |
| أَكُلَّما اغتالَ عَبدُ السوءِ سَيِّدَهُ – أَو خانَهُ فَلَهُ في مِصرَ تَمهيدُ |
| صارَ الخَصِيُّ إِمامَ الآبِقينَ بِها – فَالحُرُّ مُستَعبَدٌ وَالعَبدُ مَعبودُ |
| نامَت نَواطيرُ مِصرٍ عَن ثَعالِبِها – فَقَد بَشِمنَ وَما تَفنى العَناقيدُ |
| العَبدُ لَيسَ لِحُرٍّ صالِحٍ بِأَخٍ – لَو أَنَّهُ في ثِيابِ الحُرِّ مَولودُ |
| لا تَشتَرِ العَبدَ إِلّا وَالعَصا مَعَهُ – إِنَّ العَبيدَ لَأَنجاسٌ مَناكيدُ |
| ما كُنتُ أَحسَبُني أبقى إِلى زَمَنٍ – يُسيءُ بي فيهِ كَلبٌ وَهوَ مَحمودُ |
| وَلا تَوَهَّمتُ أَنَّ الناسَ قَد فُقِدوا – وَأَنَّ مِثلَ أَبي البَيضاءِ مَوجودُ |
| وَأَنَّ ذا الأَسوَدَ المَثقوبَ مِشفَرُهُ – تُطيعُهُ ذي العَضاريطُ الرَعاديدُ |
| جَوعانُ يَأكُلُ مِن زادي وَيُمسِكُني – لِكَي يُقالَ عَظيمُ القَدرِ مَقصودُ |
| إِنَّ امرأً أَمَةٌ حُبلى تُدَبِّرُهُ – لَمُستَضامٌ سَخينُ العَينِ مَفؤودُ |
| وَيلُمِّها خُطَّةً وَيلُمِّ قابِلِها – لِمِثلِها خُلِقَ المَهرِيَّةُ القُودُ |
| وَعِندَها لَذَّ طَعمَ المَوتِ شارِبُهُ – إِنَّ المَنِيَّةَ عِندَ الذُلِّ قِنديدُ |
| مَن عَلَّمَ الأَسوَدَ المَخصِيَّ مَكرُمَةً – أَقَومُهُ البيضُ أَم آبائُهُ الصيدُ |
| أَم أُذنُهُ في يَدِ النَخّاسِ دامِيَةً – أَم قَدرُهُ وَهوَ بِالفَلسَينِ مَردودُ |
| أَولى اللِئامِ كُوَيفيرٌ بِمَعذِرَةٍ – في كُلِّ لُؤمٍ وَبَعضُ العُذرِ تَفنيدُ |
| وَذاكَ أَنَّ الفُحولَ البيضَ عاجِزَةٌ – عَنِ الجَميلِ فَكَيفَ الخِصيَةُ السودُ |
لكل امرئ من دهره ماتعودا
| لِكُلِّ امرِئٍ مِن دَهرِهِ ما تَعَوَّدا – وَعادَتُ سَيفِ الدَولَةِ الطَعنُ في العِدا |
| وَأَن يُكذِبَ الإِرجافَ عَنهُ بِضِدِّهِ – وَيُمسي بِما تَنوي أَعاديهِ أَسعَدا |
| وَرُبَّ مُريدٍ ضَرَّهُ ضَرَّ نَفسَهُ – وَهادٍ إِلَيهِ الجَيشَ أَهدى وَما هَدى |
| وَمُستَكبِرٍ لَم يَعرِفِ اللهَ ساعَةً – رَأى سَيفَهُ في كَفِّهِ فَتَشَهَّدا |
| هُوَ البَحرُ غُص فيهِ إِذا كانَ راكدًا – عَلى الدُرِّ وَاحذَرهُ إِذا كانَ مُزبِدا |
| فَإِنّي رَأَيتُ البَحرَ يَعثُرُ بِالفَتى – وَهَذا الَّذي يَأتي الفَتى مُتَعَمِّدا |
| تَظَلُّ مُلوكُ الأَرضِ خاشِعَةً لَهُ – تُفارِقُهُ هَلكى وَتَلقاهُ سُجَّدا |
| وَتُحيِي لَهُ المالَ الصَوارِمُ وَالقَنا – وَيَقتُلُ ما يُحيِي التَبَسُّمُ وَالجَدا |
| ذَكيٌّ تَظَنّيهِ طَليعَةُ عَينِهِ – يَرى قَلبُهُ في يَومِهِ ما تَرى غَدا |
| وَصولٌ إِلى المُستَصعَباتِ بِخَيلِهِ – فَلَو كانَ قَرنُ الشَمسِ ماءً لَأَورَدا |
| لِذَلِكَ سَمّى ابنُ الدُمُستُقِ يَومَهُ – مَماتًا وَسَمّاهُ الدُمُستُقُ مَولِدا |
| سَرَيتَ إِلى جَيحانَ مِن أَرضِ آمِدٍ – ثَلاثًا لَقَد أَدناكَ رَكضٌ وَأَبعَدا |
| فَوَلّى وَأَعطاكَ ابنَهُ وَجُيوشَهُ – جَميعًا وَلَم يُعطِ الجَميعَ لِيُحمَدا |
| عَرَضتَ لَهُ دونَ الحَياةِ وَطَرفِهِ – وَأَبصَرَ سَيفَ اللهِ مِنكَ مُجَرَّدا |
| وَما طَلَبَت زُرقُ الأَسِنَّةِ غَيرَ – وَلَكِنَّ قُسطَنطينَ كانَ لَهُ الفِدا |
| فَأَصبَحَ يَجتابُ المُسوحَ مَخافَةً – وَقَد كانَ يَجتابُ الدِلاصَ المُسَرَّدا |
| وَيَمشي بِهِ العُكّازُ في الدَيرِ تائِبًا – وَما كانَ يَرضى مَشيَ أَشقَرَ أَجرَدا |
| وَما تابَ حَتّى غادَرَ الكَرُّ وَجهَهُ – جَريحًا وَخَلّى جَفنَهُ النَقعُ أَرمَدا |
| فَلَو كانَ يُنجي مِن عَليٍّ تَرَهُّبٌ – تَرَهَّبَتِ الأَملاكُ مَثنى وَمَوحِدا |
| وَكُلُّ امرِئٍ في الشَرقِ وَالغَربِ بَعدَها – يُعِدُّ لَهُ ثَوبًا مِنَ الشَعرِ أَسوَدا |
| هَنيئًا لَكَ العيدُ الَّذي أَنتَ عيدُهُ – وَعيدٌ لِمَن سَمّى وَضَحّى وَعَيَّدا |
| وَلا زالَتِ الأَعيادُ لُبسَكَ بَعدَهُ – تُسَلِّمُ مَخروقًا وَتُعطي مُجَدَّدا |
| فَذا اليَومُ في الأَيّامِ مِثلُكَ في الوَرى – كَما كُنتَ فيهِم أَوحَدًا كانَ أَوحَدَ |
| هُوَ الجَدُّ حَتّى تَفضُلَ العَينُ أُختَها – وَحَتّى يَصيرَ اليَومُ لِليَومِ سَيِّدا |
| فَيا عَجَبًا مِن دائِلٍ أَنتَ سَيفُهُ – أَما يَتَوَقّى شَفرَتَي ما تَقَلَّدا |
| وَمَن يَجعَلِ الضِرغامَ بازًا لِصَيدِهِ – يُصَيِّرُهُ الضِرغامُ فيما تَصَيَّدا |
| رَأَيتُكَ مَحضَ الحِلمِ في مَحضِ قُدرَةٍ – وَلَو شِئتَ كانَ الحِلمُ مِنكَ المُهَنَّدا |
| وَما قَتَلَ الأَحرارَ كَالعَفوِ عَنهُمُ – وَمَن لَكَ بِالحُرِّ الَّذي يَحفَظُ اليَدا |
| إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ – وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا |
| وَوَضعُ النَدى في مَوضِعِ السَيفِ بِالعُلا – مُضِرٌّ كَوَضعِ السَيفِ في مَوضِعِ النَدى |
| وَلَكِن تَفوقُ الناسَ رَأيًا وَحِكمَةً – كَما فُقتَهُم حالًا وَنَفسًا وَمَحتِدا |
| يَدِقُّ عَلى الأَفكارِ ما أَنتَ فاعِلٌ – فَيُترَكُ ما يَخفى وَيُؤخَذُ ما بَدا |
| أَزِل حَسَدَ الحُسّادِ عَنّي بِكَبتِهِمْ – فَأَنتَ الَّذي صَيَّرتَهُمْ لِيَ حُسَّدا |
| إِذا شَدَّ زَندي حُسنُ رَأيِكَ فيهِمِ – ضَرَبتُ بِنَصْلٍ يَقطَعُ الهامَ مُغمَدا |
| وَما أَنا إِلّا سَمهَرِيٌّ حَمَلتَهُ – فَزَيَّنَ مَعروضًا وَراعَ مُسَدَّدا |
| وَما الدَهرُ إِلّا مِن رُواةِ قَلائِدي – إِذا قُلتُ شِعرًا أَصبَحَ الدَهرُ مُنشِدًا |
| فَسارَ بِهِ مَن لا يَسيرُ مُشَمِّرا – وَغَنّى بِهِ مَن لا يُغَنّي مُغَرِّدا |
| أَجِزني إِذا أُنشِدتَ شِعرًا فَإِنَّما – بِشِعري أَتاكَ المادِحونَ مُرَدَّدا |
| وَدَع كُلَّ صَوتٍ غَيرَ صَوتي فَإِنَّني – أَنا الصائِحُ المَحكِيُّ وَالآخَرُ الصَدى |
| تَرَكتُ السُرى خَلفي لِمَن قَلَّ مالُهُ – وَأَنعَلتُ أَفراسي بِنُعماكَ عَسجَدا |
| وَقَيَّدتُ نَفسي في ذَراكَ مَحَبَّةً – وَمَن وَجَدَ الإِحسانَ قَيدًا تَقَيَّدا |
| إِذا سَأَلَ الإِنسانُ أَيّامَهُ الغِنى – وَكُنتَ عَلى بُعدٍ جَعَلنَكَ مَوعِدا |