إِنَّ الَّتي زَعَمَت فُؤادَكَ مَلها | خُلِقَت هَواكَ كَما خُلِقتَ هَوىً لَها |
فَإِذا وَجَدتُ لَها وَساوِسَ سَلوَةٍ | شَفَعَ الضَميرُ إِلى الفُؤادِ فَسَلَّها |
بَيضاءُ باكَرَها النَعيمُ فَصاغَها | بِلَباقَةٍ فَأَدَقَّها وَأَجَلَّها |
إِنّي لَأَكتُمُ في الحَشا مِن حُبِّها | وَجداً لَوَ اَصبَحَ فَوقَها لَأَظَلَّها |
وَيَبيتُ تَحتَ جَوانِحي حُبٌّ لَها | لَو كانَ تَحتَ فِراشِها لَأَقَلَّها |
ضَنَّت بِنائِلِها فَقُلتُ لِصاحِبي | ما كانَ أَكثَرَها لَنا وَأَقَلَّها |
قصيدة مجنون ليلى
قصيدة مجنون ليلى الشاعر قيس بن الملوح من أجمل قصائد مجنون ليلى شاعر العصر الاموي قيس ابن الملوح.
يا صاحبي ألما بي بمنزلة
يا صاحِبَيَّ أَلِمّا بي بِمَنزِلَةٍ | قَد مَرَّ حينٌ عَلَيها أَيُّما حينِ |
في كُلِّ مَنزِلَةٍ ديوانُ مَعرِفَةٍ | لَم يُبقِ باقِيَةً ذِكرُ الدَواوينِ |
إِنّي أَرى رَجَعاتِ الحُبِّ تَقتُلُني | وَكانَ في بَدئِها ما كانَ يَكفيني |
لا خَيرَ في الحُبِّ لَيسَت فيهِ قارِعَةٌ | كَأَنَّ صاحِبَها في نَزعِ مَوتونِ |
إِن قالَ عُذّالُهُ مَهلاً فُلانٌ لَهُم | قالَ الهَوى غَيرُ هَذا القَولِ يُعنيني |
أَلقى مِنَ اليَأسِ تاراتٍ فَتَقتُلُني | وَلِلرَجاءِ بَشاشاتٌ فَتُحيِيني |
تمتع من ذرى هضبات نجد
تَمَتَّع مِن ذَرى هَضَباتِ نَجدٍ | فَإِنَّكَ مُوشِكٌ أَلّا تَراها |
أُوَدِّعُها الغَداةَ فَكُلُّ نَفسٍ | مُفارِقَةٌ إِذا بَلَغَت مَداها |
أيا أبتي دعني وما قد لقيته
أَيا أَبَتي دَعني وَما قَد لَقَيتُهُ | وَلا تَلحَ مَحزونَ الفُؤادِ سَقيما |
عَديمَ التَشَكّي باكِيَ العَينِ ساهِراً | حَليفَ الأَسى لِلِاِصطِبارِ عَديما |
كَلِفتُ بِها حَتّى أَذابَنِيَ الهَوى | وَصَيَّرَ عَظمي بِالغَرامِ رَميما |
يَقولُ أَبي يا قَيسُ عِندي خِلافُها | وَأَكثَرُ مِنها بَهجَةً وَنَعيما |
ذي أُمُّها كانَت مِنَ الرومِ أَصلُها | وَقَصدي أَنا أَصلٌ يَكونُ كَريما |
رَضيتُ الَّذي قَد عيتَ يا أَبَتي بِها | وَدَع أَصلَها بَينَ النِساءِ ذَميما |
لقد هتفت في جنح ليل حمامة
لَقَد هَتَفَت في جُنحِ لَيلٍ حَمامَةٌ | عَلى فَنَنٍ وَهناً وَإِنّي لَنائِمُ |
فَقُلتُ اِعتِذاراً عِندَ ذاكَ وَإِنَّني | لِنَفسِيَ فيما قَد أَتَيتُ لَلائِمُ |
أَأَزعُمُ أَنّي عاشِقٌ ذو صَبابَةٍ | بِلَيلى وَلا أَبكي وَتَبكي البَهائِمُ |
كَذَبتُ وَبَيتِ اللَهِ لَو كُنتُ عاشِقاً | لَما سَبَقَتني بِالبُكاءِ الحَمائِمُ |
ليالي أصبو بالعشي وبالضحى
لَيالِيَ أَصبو بِالعَشِيِّ وَبِالضُحى – إِلى خُرَّدٍ لَيسَت بِسودٍ وَلا عُصلِ |
مُنَعَّمَةِ الأَطرافِ هَيفٍ بُطونُها – كَواعِبَ تَمشي مَشيَةَ الخَيلِ في الوَحلِ |
وَأَعناقُها أَعناقُ غِزلانِ رَملَةٍ – وَأَعيُنُها مِن أَعيُنِ البَقَرِ النُجلِ |
وَأَثلاثُها السُفلى بُرادِيُّ ساحِلٍ – وَأَثلاثُها الوُسطى كَثيبٌ مِنَ الرَملِ |
وَأَثلاثُها العُليا كَأَنَّ فُروعَها – عَناقيدُ تُغذى بِالدِهانِ وَبِالغِسلِ |
وَتَرمي فَتَصطادُ القُلوبَ عُيونُها – وَأَطرافَها ما تُحسِنُ الرَميَ بِالنَبلِ |
زَرَعنَ الهَوى في القَلبِ ثُمَّ سَقَينَهُ – صُباباتِ ماءِ الشَوقِ بِالأَعيُنِ النُجلِ |
رَعابيبُ أَقصَدنَ القُلوبَ وَإِنَّما – هِيَ النَبلُ ريشَت بِالفُتورِ وَبِالكُحلِ |
فَفيمَ دِماءُ العاشِقينَ مُطِلَّةٌ – بِلا قَوَدٍ عِندَ الحِسانِ وَلا عَقلِ |
وَيَقتُلنَ أَبناءَ الصَبابَةِ عَنوَةً – أَما في الهَوى يا رَبِّ مِن حَكَمٍ عَدلِ |