ماذا أَصَبْتَ مِنَ الأَسفارِ والنَّصَبِ | وطَيِّكَ العُمْرَ بينَ الوَخدِ والخَبَبِ |
نَراكَ تُطْلُبُ لا هَوْناً ولا كَثَباً | ولا نَرَى لكَ مِنْ مالٍ ولا نَشَبِ |
يا آلَ عُثمانَ ما هذا الجَفَاءُ لنا | ونَحنُ في اللهِ إخوانٌ وفي الكُتُبِ |
تركتُمُونَا لأقوامٍ تُخالِفُنَا | في الدِّينِ والفَضْلِ والأخلاقِ والأَدَبِ |
قصيدة حافظ ابراهيم
أقوى قصائد شاعر النيل الشاعر المصري حافظ ابراهيم.
لم يبق شىء من الدنيا بأيدينا
لَم يَبْقَ شَىء ٌ مِن الدُّنْيا بأَيْدِينا | إلاّ بَقِيّة ُ دَمْعٍ في مآقِينَا |
كنّا قِلادَة َ جِيدِ الدَّهْرِ فانفَرَطَتْ | وفي يَمينِ العُلا كنّا رَياحِينا |
كانت مَنازِلُنا في العِزِّ شامِخة ً | لا تُشْرِقُ الشَّمسُ إلاّ في مَغانينا |
وكان أَقْصَى مُنَى نَهْرِالمَجَرَّة لو | مِن مائِه مُزِجَتْ أَقْداحُ ساقِينا |
والشُهْب لو أنّها كانت مُسَخرَّة ً | لِرَجْمِ من كانَ يَبْدُو مِن أَعادِينا |
فلَم نَزَلْ وصُرُوفُ الدَّهرِ تَرْمُقُنا | شَزْراً وتَخدَعُنا الدّنيا وتُلْهينا |
حتى غَدَوْنا ولا جاهٌ ولا نَشَبٌ | ولا صديقٌ ولا خِلٌّ يُواسِينا |
كم مر بي فيك عيش لست أذكره
كم مَرَّ بِي فيِكِ عَيْشٌ لَسْتُ أَذْكُرُه | ومَرَّ بِي فيكِ عَيْشٌ لَسْتُ أَنْساهُ |
وَدَّعْتُ فيكِ بَقايا ما عَلِقْتُ به | مِنَ الشّباب وما وَدَّعْتُ ذِكْراهُ |
أَهْفُو إليه على ما أَقْرَحَتْ كَبِدِي | مِنَ التَّبارِيحِ أولاَهُ وأُخْراهُ |
لَبِسْتُهِ ودُمُوعُ العَيْنِ طَيِّعَة ٌ | والنفسُ جَيَّاشَة ٌ والقَلْبُ أَوّاهُ |
فكان عَوْني على وَجْدٍ أُكابِدُه | ومُرِّ عَيْشٍ على العِلاّتِ أَلْقاهُ |
قد أَرْخَصَ الدَّمْعَ يَنْبُوعُ الغَناءِ به | وا لَهْفَتِي ونُضُوبُ الشَّيْبِ أَغْلاهُ |
كم رَوَّحَ الدمعُ عَنْ قَلْبي وكم غَسَلَتْ | منه السَّوابِقُ حُزْناً في حناياهُ |
لَم أَدْرِ ما يَدُه حتى تَرَشَّفَه | فَمُ المَشِيبِ على رَغْمِى فأَفْناهُ |
قالوا تَحرَّرْتَ مِنْ قَيْدِ المِلاحِ فعِشْ | حُراً فَفِي الأَسْرِ ذُلٌ كُنتَ تَأباهُ |
فقُلْتُ يا لَيْتَه دامَتْ صَرامَتُه | ما كان أَرْفَقه عندي وأَحْتاهُ |
بُدِّلْتُ منه بقَيْدٍ لَسْتُ أفْلَتُه | وكيف أفْلَتُ قَيْداً صاغَهُ اللهُ |
أَسْرَى الصَّبابَة ِ أَحْياءٌ وإنْ جَهِدُوا | أَمّا المَشِيبُ ففِي الأَمْواتِ أَسْراهُ |
رميت بها على هذا التباب
رَمَيْتُ بها على هذا التَّبابِ | وما أَوْرَدْتُها غيرَ السَّرابِ |
وما حَمَّلْتُها إلاّ شَقاءً | تُقاضِيني به يومَ الحِسابِ |
جَنَيْتُ عليكِ يا نَفْسي وقَبْلي | عليكِ جَنَى أبي فدَعي عِتابي |
فلَولا أنّهم وأَدُوا بَياني | بَلَغتُ بك المُنى وشَفَيْتُ ما بي |
وما أَعْذَرْتُ حتى كان نَعْلي | دَماً ووِسادَتي وَجْهَ التُّرَابِ |
وحتى صَيَّرتْني الشمسُ عَبْداً | صَبِيغاً بَعدَ ما دَبَغَتْ إهابي |
وحتى قَلَّمَ الإِمْلاقُ ظُفْري | وحتى حَطَّمَ المِقْدارُ نابي |
مَتَى أنا بالِغٌ يا مِصْرُ أَرْضاً | أَشُّم بتُرْبِها رِيحَ المَلابِ |
رأيتُ ابنَ البُخارِ على رُباها | يَمُرُّ كأنَّه شَرْخُ الشَّبابِ |
كأنّ بجَوْفِه أحشاءَ صَبٍّ | يُؤَجِّجُ نارَها شَوقُ الإيابِ |
إذا ما لاحَ ساءَلْنا الدَّياجي | أَبَرْقُ الأَرْضِ أمْ بَرْقُ السَّحابِ |
ما لهذا النجم في السحر
ما لهذا النَّجْم في السَّحَرِ | قد سَها مِنْ شِدّة ِ السَّهَرِ |
خِلْتُه يا قَوْمُ يُؤْنِسُنِي | إنْ جَفاني مُؤْنِسُ السَّحَرِ |
يا لِقَوْمي إنّني رَجُلٌ | أَفْنَت الأَيّامُ مُصْطَبَري |
أَسْهَرَتْنِي الحادِثاتُ وقد | نامَ حتّى هاتِفُ الشَّجَرِ |
والدُّجَى يَخْطُو على مَهَلٍ | خَطْوَ ذي عِزٍّ وذي خَفَرِ |
فيه شَخْصُ اليَأسِ عانَقَنِي | كحَبِيبٍ آبَ مِن سَفَرِ |
وأَثارَتْ بي فَوادِحُه | كامِناتِ الهَمِّ والكَدَرِ |
وكأنّ اللَّيْلَ أَقْسَمَ لا | يَنْقَضي أو يَنْقَضي عُمُري |
أيُّها الزَّنْجيُّ ما لَكَ لَمْ | تَخشَ فينا خالِقَ البَشَرِ |
لِي حَبيبٌ هاجِرٌ وَلهُ | صُورَة ٌ مِن أَبْدعِ الصُّورِ |
أَتَلاشَى في مَحَبّتِه | كتَلاشِي الظِّلِّ في القَمَرِ |
لقد كانت الأمثال تضرب بيننا
لَقَدْ كانَتِ الأَمْثالُ تُضْرَبُ بَيْنَنا | بجَوْرِ سَدُومٍ وهوَ مِنْ أَظلَمِ البَشَرْ |
فلمّا بَدَتْ في الكَوْنِ آياتُ ظُلْمِهمْ | إذا بسَدُومٍ في حُكومَتِه عُمَر |