دمع جرى فقضى في الربع ما وجبا

دَمْعٌ جرَى فقضَى في الرَّبْعِ ما وجَبَالأهلِهِ وشَفَى أنّى ولا كَرَبَا
عُجْنا فأذهَبَ ما أبْقَى الفِراقُ لَنامنَ العُقُولِ وما رَدّ الذي ذَهَبَا
سَقَيْتُهُ عَبَراتٍ ظَنّهَا مَطَراًسَوائِلاً من جُفُونٍ ظَنّها سُحُبَا
دارُ المُلِمِّ لها طَيفٌ تَهَدّدَنيلَيلاً فَما صَدَقتْ عَيني ولا كَذَبَا
أنْأيْتُهُ فَدَنا، أدْنَيْتُهُ فنَأى،جَمّشْتُهُ فَنَبَا، قَبّلْتُهُ فأبَى
هامَ الفُؤادُ بأعرابِيّةٍ سَكَنَتْبَيْتاً من القلبِ لم تَمدُدْ له طُنُبَا
مَظْلُومَةُ القَدّ في تَشْبيهِهِ غُصُناًمَظلُومَةُ الرّيقِ في تَشبيهِهِ ضَرَبَا
بَيضاءُ تُطمِعُ في ما تحتَ حُلّتِهاوعَزّ ذلكَ مَطْلُوباً إذا طُلِبَا
كأنّها الشّمسُ يُعْيي كَفَّ قابضِهِشُعاعُها ويَراهُ الطّرْفُ مُقْتَرِبَا
مَرّتْ بنا بَينَ تِرْبَيْها فقُلتُ لَهامن أينَ جانَسَ هذا الشّادِنُ العَرَبَا
فکستَضْحَكَتْ ثمّ قالتْ كالمُغيثِ يُرَىليثَ الشَّرَى وهوَ من عِجْلٍ إذا انتسبَا
جاءتْ بأشجعِ مَن يُسمى وأسمحِ مَنأعطَى وأبلغِ مَنْ أملى ومَنْ كَتَبَا
لوْ حَلّ خاطرُهُ في مُقْعَدٍ لمَشَىأو جاهلٍ لصَحا أو أخرَسٍ خَطَبَا
إذا بَدا حَجَبَتْ عَيْنَيكَ هَيْبَتُهُوليسَ يحجبُهُ سِترٌ إذا احتَجَبَا
بَياضُ وَجْهٍ يُريكَ الشّمسَ حالكةًودُرُّ لَفظٍ يُريكَ الدُّرَّ مَخْشَلَبَا
وسَيفُ عَزْمٍ تَرُدّ السّيفَ هِبّتُهُرَطْبَ الغِرارِ منَ التأمُورِ مُختَضِبَا
عُمرُ العَدوّ إذا لاقاهُ في رَهَجٍأقَلُّ مِنْ عُمْرِ ما يَحْوِي إذا وَهَبَا
تَوَقَّهُ فَمَتى ما شِئْتَ تَبْلُوَهُفكُنْ مُعادِيَهُ أوْ كُنْ له نَشَبَا
تَحْلُو مَذاقَتُهُ حتى إذا غَضِبَاحالَتْ فلَوْ قطرَتْ في الماءِ ما شُرِبَا
وتَغْبِطُ الأرْضُ منها حيثُ حَلّ بهِوتَحْسُدُ الخيلُ منها أيَّها رَكِبَا
ولا يَرُدّ بفيهِ كَفّ سائِلِهِعن نَفسِهِ ويَرُدّ الجَحفَلَ اللّجِبَا
وكُلّما لَقيَ الدّينارُ صاحِبَهُفي مُلكِه افترَقا من قبلِ يَصْطَحِبَا
مالٌ كأنّ غُرابَ البَينِ يَرْقُبُهُفكُلّما قيلَ هذا مُجْتَدٍ نَعَبَا
بَحْرٌ عَجائِبُهُ لم تُبْقِ في سَمَرٍولا عَجائِبِ بحرٍ بَعدَها عَجَبَا
لا يُقْنِعُ ابنَ عليٍّ نَيْلُ مَنزِلَةٍيَشكُو مُحاوِلُها التّقصيرَ والتّعَبَا
هَزّ اللّواءَ بَنو عِجْلٍ بهِ فَغَدارأساً لهمْ وغَدا كُلٌّ لهُمْ ذَنَبَا
التّارِكينَ منَ الأشياءِ أهْوَنَهاوالرّاكبينَ مِنَ الأشياءِ ما صَعُبَا
مُبَرْقِعي خَيلِهمْ بالبِيضِ مُتّخذيهامِ الكُماةِ على أرماحِهِمْ عَذَبَا
إنّ المَنيّةَ لَوْ لاقَتْهُمُ وَقَفَتْخَرْقاءَ تَتّهِمُ الإقدامَ والهَرَبَا
مَراتِبٌ صَعِدَتْ والفِكْرُ يَتْبَعُهافَجازَ وهْوَ على آثارِها الشُّهُبَا
مَحامِدٌ نَزَفَتْ شِعْري ليَمْلأهافآلَ ما امتَلأتْ منْهُ ولا نَضَبَا
مَكارِمٌ لكَ فُتَّ العالمينَ بِهَامَنْ يَسْتَطيعُ لأمْرٍ فائِتٍ طَلَبَا
لمّا أقَمْتَ بإنْطاكِيّةَ اخْتَلَفَتْإليّ بالخَبرِ الرُّكْبانُ في حَلَبَا
فَسِرْتُ نَحْوَكَ لا ألْوي على أحَدٍأحُثّ راحلَتيَّ: الفَقْرَ والأدَبَا
أذاقَني زَمَني بَلْوَى شَرِقْتُ بهالَوْ ذاقَها لَبَكَى ما عاشَ وانتَحَبَا
وإنْ عَمَرْتُ جَعَلْتُ الحرْبَ والدةًوالسّمْهَريَّ أخاً والمَشرَفيَّ أبَا
بكلّ أشعثَ يَلقى الموْتَ مُبْتَسِماًحتى كأنّ لهُ في قَتْلِهِ أرَبَا
قُحٍّ يَكادُ صَهيلُ الخَيلِ يَقذِفُهُعن سرْجِهِ مَرَحاً بالعِزّ أو طَرَبَا
فالمَوْتُ أعذَرُ لي والصّبرُ أجملُ بيوالبَرُّ أوْسَعُ والدّنْيا لِمَنْ غَلَبَا
قصيدة ابو الطيب المتنبي

بأبي الشموس الجانحات غواربا

بأبي الشُّموسُ الجانِحاتُ غَوارِبَا أللاّبِساتُ مِنَ الحَريرِ جَلابِبَا
ألمُنْهِباتُ عُقُولَنَا وقُلُوبَنَا وجَناتِهِنّ النّاهِباتِ النّاهِبَا
ألنّاعِماتُ القاتِلاتُ المُحْيِيَا تُ المُبْدِياتُ مِنَ الدّلالِ غَرائِبَا
حاوَلْنَ تَفْدِيَتي وخِفْنَ مُراقِبا فوَضَعْنَ أيدِيَهُنّ فوْقَ تَرَائِبَا
وبَسَمْنَ عَنْ بَرَدٍ خَشيتُ أُذِيبُهُ من حَرّ أنْفاسي فكُنْتُ الذّائِبَا
يا حَبّذا المُتَحَمّلُونَ وحَبّذا وَادٍ لَثَمْتُ بهِ الغَزالَةَ كاعِبَا
كَيفَ الرّجاءُ منَ الخُطوبِ تخَلُّصاً منْ بَعْدِ ما أنْشَبنَ فيّ مَخالِبَا
أوْحَدْنَني وَوَجَدْنَ حُزْناً واحداً مُتَناهِياً فجَعَلْنَهُ لي صاحِبَا
ونَصَبْنَني غَرَضَ الرّماةِ تُصِيبُني مِحَنٌ أحَدُّ منَ السّيوفِ مَضارِبَا
أظْمَتْنيَ الدّنْيا فَلَمّا جِئْتُهَا مُسْتَسْقِياً مَطَرَتْ عليّ مَصائِبَا
وحُبِيتُ من خُوصِ الرّكابِ بأسوَدٍ من دارِشٍ فغَدَوْتُ أمشي راكِبَا
حالٌ متى عَلِمَ ابنُ مَنصورٍ بهَا جاءَ الزّمانُ إليّ مِنْها تَائِبَا
مَلِكٌ سِنَانُ قَنَاتِهِ وبَنَانُهُ يَتَبَارَيانِ دَماً وعُرْفاً سَاكِبَا
يَستَصْغِرُ الخَطَرَ الكَبيرَ لوَفْدِهِ ويَظُنّ دِجْلَةَ ليسَ تكفي شارِبَا
كَرَماً فلَوْ حَدّثْتَهُ عن نَفْسِهِ بعَظيمِ ما صَنَعَتْ لظَنّكَ كاذِبَا
سَلْ عَن شَجاعَتِهِ وزُرْهُ مُسالماً وَحَذارِ ثمّ حَذارِ مِنهُ مُحارِبَا
فالمَوْتُ تُعرَفُ بالصّفاتِ طِبَاعُهُ لم تَلْقَ خَلْقاً ذاقَ مَوْتاً آئِبَا
إنْ تَلْقَهُ لا تَلْقَ إلاّ جَحْفَلاً أوْ قَسطَلاً أو طاعِناً أو ضارِبَا
أو هارِباً أو طالِباً أو راغِباً أو راهِباً أو هالِكاً أو نادِبَا
وإذا نَظَرْتَ إلى الجِبَالِ رَأيْتَهَا فوْقَ السّهُولِ عَواسِلاً وقَواضِبَا
وإذا نَظَرْتَ إلى السّهُولِ رَأيْتَها تَحْتَ الجِبالِ فَوارِساً وجَنَائِبَا
وعَجاجَةً تَرَكَ الحَديدُ سَوادَها زِنْجاً تَبَسّمُ أوْ قَذالاً شَائِبَا
فكأنّمَا كُسِيَ النّهارُ بها دُجَى لَيْلٍ وأطْلَعَتِ الرّماحُ كَواكِبَا
قد عَسكَرَتْ مَعَها الرّزايا عَسكَراً وتَكَتّبَتْ فيها الرّجالُ كَتائِبَا
أُسُدٌ فَرائِسُها الأسُودُ يَقُودُها أسَدٌ تَصِيرُ لَهُ الأسُودُ ثَعالِبَا
في رُتْبَةٍ حَجَبَ الوَرَى عَن نَيْلِها وعَلا فَسَمَّوهُ عَلِيَّ الحاجِبَا
ودَعَوْهُ من فَرْطِ السّخاءِ مُبَذّراً ودَعَوْهُ من غصْبِ النّفوسِ الغاصِبَا
هذا الذي أفنى النُّضارَ مَواهِباً وعِداهُ قَتْلاً والزّمانَ تَجَارِبَا
ومُخَيِّبُ العُذّالِ مِمّا أمّلُوا مِنْهُ ولَيسَ يَرُدّ كَفّاً خائِبَا
هذا الذي أبصَرْتُ منهُ حاضِراً مِثْلَ الذي أبْصَرْتُ مِنْهُ غائِبَا
كالبَدْرِ من حَيثُ التَفَتَّ رَأيْتَهُ يُهْدي إلى عَيْنَيْكَ نُوراً ثاقِبَا
كالبَحْرِ يَقذِفُ للقَريبِ جَواهِراً جُوداً ويَبْعَثُ للبَعيدِ سَحائِبَا
كالشّمسِ في كَبِدِ السّماءِ وضَوْؤها يَغْشَى البِلادَ مَشارِقاً ومَغارِبَا
أمُهَجِّنَ الكُرَماءِ والمُزْري بهِمْ وتَرُوكَ كلِّ كريمِ قوْمٍ عاتِبَا
شادوا مَناقِبَهُمْ وشِدْتَ مَنَاقِباً وُجِدَتْ مَناقِبُهُمْ بهِنّ مَثَالِبَا
لَبّيْكَ غَيظَ الحاسِدينَ الرّاتِبَا إنّا لَنَخْبُرُ من يَدَيْكَ عَجَائِبَا
تَدبيرَ ذي حُنَكٍ يُفَكّرُ في غَدٍ وهُجُومَ غِرٍّ لا يَخافُ عَواقِبَا
وعَطاءَ مالٍ لوْ عَداهُ طالِبٌ أنْفَقْتَهُ في أنْ تُلاقيَ طالِبَا
خُذْ مِنْ ثَنَايَ عَلَيْكَ ما أسْطِيعُهُ لا تُلْزِمَنّي في الثّناءِ الواجِبَا
فلَقَدْ دَهِشْتُ لِما فَعَلْتَ ودونَهُ ما يُدهِشُ المَلَكَ الحَفيظَ الكاتِبَا

إنما بدر بن عمار سحاب

إنّما بَدْرُ بنُ عَمّارٍ سَحَابٌ هَطِلٌ فيهِ ثَوَابٌ وعِقابُ
إنّما بَدْرٌ رَزَايا وعَطايَا ومَنايا وطِعانٌ وضِرابُ
ما يُجيلُ الطِّرْفَ إلاّ حَمِدَتْهُ جُهدَها الأيدي وذَمّتهُ الرّقابُ
ما بهِ قَتْلُ أعاديهِ ولكِنْ يَتّقي إخلافَ ما ترْجو الذّئابُ
فَلَهُ هَيْبَةُ مَنْ لا يُتَرَجّى ولَهُ جُودُ مُرَجّىً لا يُهابُ
طاعنُ الفرْسانِ في الأحداقِ شزْراً وعَجاجُ الحرْبِ للشّمسِ نِقابُ
باعِثُ النّفسِ على الهوْلِ الذي لَيْـ ـسَ لنَفْسٍ وَقَعَتْ فيهِ إيَابُ
بأبي ريحُكَ لا نَرْجِسُنَا ذا وأحاديثُكَ لا هذا الشّرابُ
لَيسَ بالمُنكَرِ إنْ بَرّزْتَ سَبقاً، غيرُ مدفوعٍ عنِ السّبقِ العِرابُ

الم تر أيها الملك المرجى

الَمْ تَرَ أيّهَا المَلِكُ المُرَجّى عَجائِبَ ما رأيْتُ منَ السّحابِ
تَشَكّى الأرْضُ غَيبَتَهُ إلَيْهِ وتَرْشُفُ ماءَهُ رَشْفَ الرُّضابِ
وأوهِمُ أنّ في الشِّطْرَنْجِ هَمّي وفيكَ تأمُّلي ولَكَ انْتِصابي
سأمْضِي والسّلامُ عَلَيكَ منّي مَغيبي لَيْلَتي وغَداً إيابي

يا ذا المعالي ومعدن الأدب

يا ذا المَعالي ومَعْدِنَ الأدَبِ سَيّدَنا وابنَ سَيّدِ العَرَبِ
أنْتَ عَليمٌ بكُلّ مُعْجِزَةٍ ولَوْ سألْنا سِواكَ لمْ يُجِبِ
أهذِهِ قابَلَتْكَ راقِصَةً أمْ رَفَعَتْ رِجْلَها منَ التّعَبِ

ضروب الناس عشاق ضروبا

ضُرُوبُ النّاسِ عُشّاقٌ ضُرُوبَافأعذَرُهُمْ أشَفُّهُمُ حَبِيبَا
وما سَكَني سِوَى قَتْلِ الأعاديفهَلْ من زَوْرَةٍ تَشفي القُلوبَا
تَظَلّ الطّيرُ منها في حَديثٍتَرُدّ بهِ الصّراصِرَ والنّعيبَا
وقد لَبِسَتْ دِماءَهُمُ عَلَيْهِمْحِداداً لم تَشُقّ لَهُ جُيُوبَا
أدَمْنا طَعْنَهُمْ والقَتْلَ حتىخَلَطْنا في عِظامِهِمِ الكُعُوبَا
كأنّ خُيولَنا كانَتْ قَديماًتُسَقّى في قُحُوفِهِمِ الحَليبَا
فَمَرّتْ غَيرَ نافِرَةٍ عَلَيْهِمْتَدوسُ بنا الجَماجِمَ والتّريبَا
يُقَدّمُها وقد خُضِبَتْ شَواهَافَتًى تَرْمي الحُرُوبُ بهِ الحُرُوبَا
شَديدُ الخُنْزُوانَةِ لا يُبَاليأصابَ إذا تَنَمّرَ أمْ أُصِيبَا
أعَزْمي طالَ هذا اللّيلُ فانْظُرْأمِنْكَ الصّبْحُ يَفْرَقُ أنْ يَؤوبَا
كأنّ الفَجْرَ حِبٌّ مُسْتَزارٌيُراعي مِنْ دُجُنّتِهِ رَقِيبَا
كأن نُجُومَهُ حَلْيٌ عَلَيْهِوقد حُذيَتْ قَوائِمُهُ الجَبُوبَا
كأنّ الجَوّ قاسَى ما أُقاسِيفصارَ سَوادُهُ فيهِ شُحُوبَا
كأنّ دُجاهُ يَجْذِبُها سُهاديفَلَيسَ تَغيبُ إلاّ أنْ يَغيبَا
أُقَلّبُ فيهِ أجْفاني كأنّيأعُدّ بهِ على الدّهرِ الذّنُوبَا
وما لَيْلٌ بأطْوَلَ مِنْ نَهارٍيَظَلّ بلَحظِ حُسّادي مَشُوبَا
وما مَوْتٌ بأبْغَضَ مِنْ حَياةٍأرَى لَهُمُ مَعي فيها نَصيبَا
عَرَفْتُ نَوائِبَ الحَدَثانِ حتىلَوِ انْتَسَبَتْ لكُنتُ لهَا نَقيبَا
ولمّا قَلّتِ الإبْلُ امْتَطَيْنَاإلى ابنِ أبي سُلَيْمانَ الخُطُوبَا
مَطايا لا تَذِلّ لمَنْ عَلَيْهَاولا يَبغي لهَا أحَدٌ رُكُوبَا
وتَرْتَعُ دونَ نَبْتِ الأرْضِ فينافَما فارَقْتُها إلاّ جَدِيبَا
إلى ذي شِيمَةٍ شَغَفَتْ فُؤاديفلَوْلاهُ لقُلْتُ بها النّسيبَا
تُنازِعُني هَواها كلُّ نَفْسٍوإنْ لم تُشْبِهِ الرّشَأ الرّبِيبَا
عَجيبٌ في الزّمانِ وما عَجيبٌأتَى مِنْ آلِ سَيّارٍ عَجيبَا
وشَيْخٌ في الشّبابِ ولَيس شَيخاًيُسَمّى كلُّ مَن بَلَغَ المَشيبَا
قَسَا فالأُسْدُ تَفْزَعُ مِن يَدَيْهِوَرَقّ فنَحنُ نَفزَعُ أن يَذوبَا
أشَدُّ منَ الرّياحِ الهُوجِ بَطشاًوأسرَعُ في النّدى منها هُبُوبَا
وقالوا ذاكَ أرْمَى مَنْ رَأيْنَافقُلْتُ رَأيْتُمُ الغَرَضَ القَريبَا
وهَلْ يُخْطي بأسْهُمِهِ الرّمَايَاوما يُخْطي بما ظَنّ الغُيُوبَا
إذا نُكِبَتْ كَنائِنُهُ اسْتَبَنّابأنْصُلِها لأنْصُلِها نُدُوبَا
يُصيبُ ببَعْضِها أفواقَ بَعضٍفلَوْلا الكَسرُ لاتّصَلَتْ قَضِيبَا
بكُلّ مُقَوَّمٍ لم يَعْصِ أمْراًلَهُ حتى ظَنَنّاهُ لَبِيبَا
يُريكَ النَّزْعُ بَينَ القَوْسِ منْهُوبَينَ رَمِيّهِ الهَدَفَ اللّهِيبَا
ألَستَ ابنَ الأُلى سَعِدوا وسادواولم يَلِدوا امرَأً إلاّ نَجِيبَا
ونالُوا ما اشْتَهَوْا بالحَزْمِ هَوْناًوصادَ الوَحشَ نَملُهُمُ دَبِيبَا
وما ريحُ الرّياضِ لهَا ولَكِنْكَساها دَفنُهُمْ في التُّرْبِ طِيبَا
أيَا مَنْ عادَ رُوحُ المَجْدِ فيهِوصارَ زَمانُهُ البالي قَشيبَا
تَيَمّمَني وكيلُكَ مادِحاً ليوأنْشَدَني مِنَ الشّعرِ الغَريبَا
فآجَرَكَ الإل?هُ على عَليلٍبَعَثْتَ إلى المَسيحِ بهِ طَبِيبَا
ولَسْتُ بمُنكِرٍ مِنْكَ الهَدايَاولَكِنْ زِدْتَني فيها أدِيبَا
فلا زالَتْ دِيارُكَ مُشرِقاتٍولا دانَيتَ يا شَمسُ الغُرُوبَا
لأُصْبِحَ آمِناً فيكَ الرّزاياكمَا أنَا آمِنٌ فيكَ العُيُوبَا
من قصائد ابو الطيب المتنبي