الدبُّ معروفٌ بسوءِ الظنِّ

الدبُّ معروفٌ بسوءِ الظنِّ فاسمعْ حديثَهُ العجيبَ عنِّي
لمَّا استطال المُكْثَ في السَّفينهْ ملَّ دوامَ العيشة ِ الظنينه
وقال: إن الموْتَ في انتظاري والماءُ لا شكَّ به قراري
ثم رأى موجاً على بعدٍ علا فظنَّ أن في الفضاء جبلا
فقال: لا بُدَّ من النزولِ وصَلْتُ، أَو لم أَحْظَ بالوُصولِ
قد قال مَن أَدَّبَهُ اختبارُه السعيُ للموتِ ولا انتظاره!
فأَسلمَ النفسَ إلى الأمواجِ وهْيَ مع الرياحِ في هياجِ
فشرِبَ التعيسُ منها، فانتفَخْ ثم رَسا على القرارِ، ورسَخ
وبعدَ ساعتَينِ غِيضَ الماءُ وأَقلَعَتْ بأَمْرِهِ السماءُ
وكان في صاحبنا بعض الرمق إذ جاءَهُ الموتُ بطيئاً في الغرَقْ
وكان في صاحبنا فوقَ الجودي والرَّكبُ في خيْرٍ وفي سُعودِ
فقال: يا لجدِّي التعيسِ أسأت ظني بالنبي الرئيسِ!
ما كان ضَرّني لو امتثَلتُ ومِثلَما قد فعلوا فعلتُ؟!

يقال إنّ الليثَ في ذي الشدّهْ

يقال إنّ الليثَ في ذي الشدّهْ رأَى من الذِّئبِ صَفا الموَدَّه
فقال: يا منْ صانَ لي محلِّي في حالتي ولا يتي وعزلي
إنْ عُدْتُ للأَرض بإذنِ الله وعاد لي فيها قديمُ الجاهِ
أُعطيكَ عِجْليْنِ وأَلفَ شاة ثم تكونُ واليَ الولاة ِ
وصاحِبَ اللِّواءِ في الذِّئابِ وقاهرَ الرعاة ِ والكلابِ
حتى إذا ما تَمَّتِ الكرامَهْ ووَطِىء الأَرضَ على السلاَمه
سعى إليه الذئبُ بعدَ شهرِ وهوَ مطاعُ النهيِ ماضي الأمرِ
فقال: يا منْ لا تداسُ أرضه ومنْ له طولُ الفلا وعرضه
قد نِلتَ ما نِلتَ منَ التكريمِ وذا أَوان الموْعِدِ الكريمِ
قال: تجرَّأتَ وساءَ زعمكا فمن تكونُ يا فتى ؟ وما اسمكا؟
أجابه: إن كان ظنِّي صادقا فإنَّني والي الوُلاة ِ سابِقَا!

أَتى نبيَّ الله يوماً ثعلبُ

أَتى نبيَّ الله يوماً ثعلبُ فقال: يا مولايَ، إني مذنبْ
قد سوَّدتْ صحيفتي الذنوبُ وإن وجدْتُ شافعاً أَتوب
فاسألْ إلهي عفوهُ الجليلا لتائبٍ قد جاءهُ ذليلا
وإنني وإن أسأتُ السيرا عملتُ شرَّا، وعملتُ خيرا
فقد أتاني ذاتَ يومٍ أرنبُ يرتَعُ تحتَ منزلي ويَلعَبُ
ولم يكن مراقِبٌ هُنالكا لكنَّني تَركتُهُ معْ ذلكا
إذ عفتُ في افتراسهِ الدناءهْ فلم يصلهُ من يدي مساءهْ
وكان في المجلس ذاكَ الأرنبُ يسمعُ ما يبدي هناكَ الثعلبُ
فقال لمَّا انقطعَ الحديثُ: قد كان ذاكَ الزهدُ يا خبيث
وأنت بينَ الموتِ والحياة ِ من تُخمة ٍ أَلقتْك في الفلاة ِ!

قد حَمَلَتْ إحدى نِسا الأَرانِبِ

قد حَمَلَتْ إحدى نِسا الأَرانِبِ وحلَّ يومُ وضعها في المركبِ
فقلقَ الرُّكابُ من بكائها وبينما الفتاة ُ في عَنائها
جاءت عجوزٌ من بناتِ عرسٍ تقولُ: أَفدِي جارَتي بنفسي
أنا التي أرجى لهذي الغايهْ لأَنني كنتُ قديماً دَأيَهْ
فقالتِ الأَرنبُ: لا يا جارَه فإن بعدَ الألفة ِ الزياره
ما لي وثوقٌ ببناتِ عرسِ إني أريدُ داية ً من جنسي!

سَقط الحِمارُ منَ السَّفينة ِ في الدُّجَى

سَقط الحِمارُ منَ السَّفينة ِ في الدُّجَى فبكى الرِّفاقُ لِفَقدِهِ، وتَرَحَّمُوا
حتى إذا طلعَ النهارُ أتت به نحوَ السفينة ِ موجة ٌ تتقدمُ
قالتْ: خذوهُ كما أتاني سالماً لم أبتلعهُ، لأنه لا يهضمُ!

إنفعْ بِما أُعطِيتَ من قدرَة ٍ

إنفعْ بِما أُعطِيتَ من قدرَة ٍ واشفع لذي الذنبِ لَدَى المجمعِ
إذ كيفَ تسمو للعلا يا فتى إن أنتَ لم تنفع ولم تشفعِ؟
عندي لهذا نبأ صادقٌ يُعجِبُ أَهلَ الفضل فاسمع، وعِ
قالوا: استَوى الليثُ على عرشِهِ فجِيءَ في المجلِسِ بالضِّفدَعِ
وقيل للسُّلطانِ: هذِي التي بالأمس آذتْ عاليَ المسمعِ
تنقنقُ الدهرَ بلا علة ٍ وتَدّعى في الماءِ ما تَدّعِي
فانظر ـ إليك الأَمرُ ـ في ذنبِها ومرْ نعلقها من الأربعِ
فنهضَ الفيلُ وزيرُ العلا وقال: يا ذا الشَّرَفِ الأَرفعِ
لا خيْرَ في الملكِ وفي عِزِّهِ إنْ ضاقَ جاهُ الليثِ بالضفدعِ
فكتبَ الليثُ أماناً لها وزاد أَنْ جاد بمُستنْقَعِ!