| قفي بباب الدار يا فوز هيا ودعينا |
| فنحن غداة الغد حتما راحلينا |
| قفي فداك اهلي و صحبتي |
| و كل الناس من نازل بوادينا |
| قفي و لا تبالي حادثات الدهر |
| فشأن الحوادث و العوادي ان تلينا |
| إعلمي ان فؤادي هذا اليوم و غداً |
| و بعد غدٍ في الهوى بات رهينا |
| إنّا على عهد الهوى أصدقنا |
| و على الولاء و أقسمنا اليمينا |
| لا تسمعي قول الوشاة بنا |
| و حدثيني اليوم أخبركِ اليقينا |
| و لا تبالي بعذل بعض الناس |
| و إن بدوا تقاة و ركع ساجدينا |
| ولا تعجبي يا خلة الروح اذا |
| قال الحسود كلاماً يزدرينا |
| لعمركِ ما ضرني لو كان |
| جميع الخلق في حبكِ قرابينا |
| فإن اتت على هوانا الحوادث عنوة |
| فهل في الكون كسبٌ أن يواسينا |
| ياحسرتي لقد غال الزمان المودةَ |
| بيننا فبنا و بنتم وقال الدهر آمينا |
| فبعد اليوم لن يرجى وصالاّ لنا |
| فليسكت الدهر و لتهنأ أعادينا |
| و بات الفراق من الأحبة هولا |
| و زفرات الصدر تشجي لا تواسينا |
| طوحت بنا سبل النوى الى صنعاء |
| فلا خُلةٌ ترجى و لا داراً لتأوينا |
| فلا الآمال بالأحلام مزهرةٌ و لا |
| الدار داري و لا الأهلون أهلينا |
| با لهفي على ذاك الزمن و لهفي |
| على موضعٍ كان في بغداد يأوينا |
| و رعى الله زمان الوصل في بغداد |
| اذ كنا محض سكارى نمشي حالمينا |
| و اليوم بنتم و بنّا و لا عدتم و لا عدنا |
| و سيف الوجد مغمد في حواشينا |
| و حسب كؤوس المنى في حب |
| ظريف الخُلق ان تسقي المنونا |
| و حسب اهل المودة اذ قبلوا |
| كأس المنايا تُسقى دون أمانينا |
صالح مهدي عباس المنديل
قصائد الشاعر العربي الدكتور صالح مهدي عباس المنديل في مكتبة قصائد العرب.
رثاء الشهيد
| نعي عمي رحيل لهذمٍ هذا المسا |
| وما ادركت هل الناعي أم المَنعي قتيلا |
| اصاب بني المحمود شر بلية فنحته |
| النائحات نهار اً و ليل الشؤم كان ذهولا |
| ما كنت اعرف عن فقد الأحبة خبرة |
| فقدتك و امسى فقدان الكرام ثقيلا |
| تأن بنا الأرواح من هول فجيعةٍ آه ثم |
| آه منك يا ليل الثاكلين فإني اراكَ طويلا |
| و ليس لنا من حيلة بعد الردى |
| و لن يكون لنا لردع الحادثات سبيلا |
| بُلِّغنا انك قصيت فقيد ثاوٍ بقفرة |
| اتخذت منزلا في تربة إلأعداء بتتَ نزيلا |
| و كل شبر من ارض العراق حميته |
| يود لو كان لك مثوىً بالرفات كفيلا |
| عزاؤنا إن الفقيد عند العرش سعيدٌ |
| باذن الله كان شهيدا بصحبته رسولا |
| و من له في الدنيا شهيدا كان له من |
| الشفاعة حبلا في جنان الخلد موصولا |
| عتبي عليك يا عهد الصِبى أما وعدتني |
| أن ينضج الصبى وعهدا بالرخاء طويلا |
| لقد اضعنا فتاً صبياً ذكي القلب يعول |
| عليه اذا اصاب الخطب إن كان جليلا |
| وا ضيعتاه فقدنا فقيداً المعي وبعدك |
| يا عباس كل ما جادت به الأيام كان ضئيلا |
| قد ماتت الآمال لدى الفتيان حين رحيله |
| و ليس كل هالك له كمثل فقداكَ رحيلا |
| تسيل دموع الروح من شدة الأسى |
| و ليس لنا لدرء احداث الزمان قبيلا |
| نقي القلب سخي النفس ان عز الطلاب |
| يسلي فهو خليل لمن لم يلفي خليلا |
| كان بصيرته تزري بالكهول اذ نطق |
| و بها يرتد طرف الشيخ اصبح كليلا |
| لا رعى الله الحادثات تسارعت حتى |
| جنت من ارواح اهل الحي صبية و كهولا |
| قيل ان طوال الدهر يشفي كل مصيبة |
| و هي فعلة الدهر بالنسيان تُرديك هزيلا |
ما لي
| رمتني بنظرة نجلاء ذات العيون |
| الزرق سمراء تعتمر الخمارا |
| ما لي اراكي يا فوز و قد نويتي |
| بقصد البين و أسدلتي الستارا |
| وقفتُ عند بينكِ على النهرِ في |
| صوبِ الرصافةِ من بغداد محتارا |
| و كيف بخافقي توديع الاحبة في |
| بغداد في وضح النهارِ جهارا |
| ارى زوراء العراق و قد بكت فقد |
| الحبيب فمدامعها تنهمرُ انهمارا |
| أو قد سقَتْهُ بطونُ المزن باكيةٌ |
| فقد الأحبة منها الغيث مدرارا |
| تواسيني على أغصان سدرٍ حمامةٌ |
| إذ بكت لي و فراخها اسجعن تكرارا |
| ألم الصبابة متعةٌ في خافقي أبداً |
| تحيا بها النفس إن ناب الزمان و جارا |
| كأنها نقيع الخمر يستشفى به |
| و هي الدواء لمن اصابه داء الخمارا |
| إنّي طويتُ خافقي منكِ على الجوى |
| و به بنيت لتذكار الحبيب مزارا |
| ثُمَّ اعترفت بأن هجرك من ذنوبيَ |
| ذنبٌ في كل يوم يوجبُ استغفارا |
| و بعثت اشواقي من النسيم و خلته |
| الى دار الحبيب يعرف وجهةً و مسارا |
أعلل النفس
| مَثَلُ التفوقُ في الحياةِ أفيونٌ مذاقهُ |
| ألذُ من تقبيلِ ثغرِ الفتناتِ الكواعبِ |
| فما الايامُ إلا مشاربٌ عساها |
| يوماً منَ الأيامِ تَصفوا لشاربِ |
| قارعتُ مع الأيام شتى الخطوبُ بها |
| و ذللتُ فيها عظيمَ المصاعبِ |
| فهذهِ الدنيا عشواءُ المسيرُ |
| سَتَلقى بها شتى صروفَ النوائبِ |
| فلا تبتأسْ إذا ما جانبكَ صفوٌ بها |
| و عللْ النفسْ في نيلِ المراتبِ |
| بها اخوانُ الجهالةُ لا عديدَ لَهمْ |
| و الناصحونُ الصيدُ فيها الأغاربِ |
| إني مشيتُ بِأرضها شرقاً و عرباً |
| وأتحفتنيْ و جادتْ بشتى العجائبِ |
| أرى النائباتَ تأتيْ تواليا كأنها |
| عصائبُ من غربانِ تتبعْ عصائبِ |
| فوجدتُ الصبرَ ترياقاً لدائها |
| و ما حفلتُ فيها بعتبٍ لعاتبِ |
| و إلا تُضَرِسْكَ بأنيابِ الخطوبِ |
| حتى تُعيدُكَ مخذولاً و خائبِ |
| و إلا عَدت عليكَ النائباتُ فصبراً |
| إني وجدتُ الصبر فيها أعزُ المناقبِ |
| و لا تَنسى رحمةْ الرحمنُ و العهدُ به |
| يُسقيكَ بفيضٍ من السحبِ السحائبِ |
| أرى مَنْ يبلغُ الستينَ مسلوبَ العزيمة |
| و الشغف منقلبْ نادمٌ و ليس بِتائبِ |
أخي
| تذكرتُ كيفَ انتشلكَ الدهرُ و |
| قد هاجتْ مواضعَ الأشجانِ |
| ذهلتُ بفقدك يا إبنَ إبيْ فلا البكاءً |
| مطاوعٌ و لا سبيلٌ لسلوةَ الأحزانِ |
| فلمْ تجري المدامعْ و لو كان فؤاديَ |
| نازفٌاً دما عبيطاً بلون الأرجوانِ |
| غالتكَ منيْ صروفُ الحربْ و مثلكَ |
| غالتْ شباباً يانعاً كزهرِ الاقحوانِ |
| بكيتكَ طولَ العمرِ بدموعٍ من دمٍ و |
| أني لقدْ أقسمتُ لا تركٌ لأشجاني |
| طويتُ الأسى و تطبعتُ بهِ و أينما |
| حللتُ و جدتُ للأسى حيزاً بوجداني |
| يلومونيَ صحبيْ عل طولِ الأسى |
| و هلْ يفيدُ لومٌ و الأسى محض كيانيْ |
رمتني
| رمتني بلحظها الفتاكِ فاتنةٌ |
| في الحيِ هيفاءُ عشاقها كُثرُ |
| تطوفُ على الحيِ غادةٌ ميساءُ |
| نحيلةِ الخصرْ فرعاءُ باسمةُ الثغرِ |
| إن تَبَسمَّت كشفتْ درراً ما |
| بعدِ شفاهها واللمى السمرُ |
| جَلَ الذي سوى الملاحةَ آيةً في |
| الوجناتِ السمرْ والمقلُ الخضرُ |
| إذا تَحَدَّثَتْ لها بسمةٌ بيضاءُ |
| سَلَبَتْ مَنيَّ سنى الألبابِ والفكرُ |
| تقولُ مهلاً فمنْ يُجارينا نحنُ |
| الناجياتُ السمرُ آيتهُ الصبرُ |
| واحذرْ فَمودةُ الحسانُ الحورْ |
| أثمانها البيضُ والضمرُ الشقرُ |
| لها أقراطٌ ترنحُ على الخدينْ |
| صفائحٌ من لجينٍ زانها التبرُ |
| تقولُ ليْ مهلاً إذ أوشكَ البعدُ |
| بيننا فهذهِ الأيامُ شيمتها الغدرُ |
| قلتُ لها عهودي مواثقٌ وإنْ |
| جارتْ الأيامُ أو غدرَ الدهرُ |
| لكن تفرقُ بيننا الأيامُ جوراً ولمْ |
| يبقى سوى الآلامُ أو طيبْ الذكرُ |
| فَما عزاء الثاكلينَ أحبةً |
| سوى طيبُ السلوانُ والصبرُ |
| وما نحنُ بعدَكِ يا سمراء إلا |
| حُطَام الدهرْ والأحداثْ والقهرُ |
| سيبقى رسمُكِ في عيني على المدىْ |
| ويصونُ سرُّكِ الأحشاءُ والصدرُ |