وعي

ورثنا عن الأجداد أمراض و جهل
اذ لعن الله بالقرآن ثالثها الفقرُ
فما الحياة إلا فنون العيش
كملتها علوم تلاها الخير و البشرُ
و بالعلم نسينا فنون العيش مجملة
و لم يبقى من ذاك سوى القلةُ النزرُ
اتى الوعي وبالاً على الانسان إذ
يفتك بنا القلق و الخوف و الذعرُ
ثم اتى الأدمان معضلة تفتك
كالأفيون و التحشيش و السكرُ
اخوى الجهالة يغرق في سبات
و من يعي يعذبه التشكيك و الفكرُ
من بنات الوعي و التعليم ضلوع
الناس بالكسب و التخوين و الغدرُ
رضينا بمكننة الحقل و التصنيع
مكننة الأنسان معضلةٌ امرها نُكرُ
اصبح الدولار رئيس ذوي التيجان
هو الصادح المحكي الذي امره أمرُ
نعلّم الأبناء علوم معقدة و نسينا
مكارم الأخلاق و الجود و الصبر
نقتني أشياء لسنا بحاجتها
و الجار عن حاجةٍ ينتابه الضرُ
نسينا أن حطام الدهر مهزلةٌ
و ما النهاية الا عظامٍ لفها القبرُ
ترى مدن التطور على مابها من ألقٍ
فهي ساحات من امر المروءة قفرُ
فهل يفوز العلم و التنوير أو انه
سيحيله الأرض بعد رخائها كوكب قفرُ
كتبها الشاعر الدكتور صالح مهدي عباس المنديل

يوم الرحيل

قفي بباب الدار يا فوز هيا ودعينا
فنحن غداة الغد حتما راحلينا
قفي فداك اهلي و صحبتي
و كل الناس من نازل بوادينا
قفي و لا تبالي حادثات الدهر
فشأن الحوادث و العوادي ان تلينا
إعلمي ان فؤادي هذا اليوم و غداً
و بعد غدٍ في الهوى بات رهينا
إنّا على عهد الهوى أصدقنا
و على الولاء و أقسمنا اليمينا
لا تسمعي قول الوشاة بنا
و حدثيني اليوم أخبركِ اليقينا
و لا تبالي بعذل بعض الناس
و إن بدوا تقاة و ركع ساجدينا
ولا تعجبي يا خلة الروح اذا
قال الحسود كلاماً يزدرينا
لعمركِ ما ضرني لو كان
جميع الخلق في حبكِ قرابينا
فإن اتت على هوانا الحوادث عنوة
فهل في الكون كسبٌ أن يواسينا
ياحسرتي لقد غال الزمان المودةَ
بيننا فبنا و بنتم وقال الدهر آمينا
فبعد اليوم لن يرجى وصالاّ لنا
فليسكت الدهر و لتهنأ أعادينا
و بات الفراق من الأحبة هولا
و زفرات الصدر تشجي لا تواسينا
طوحت بنا سبل النوى الى صنعاء
فلا خُلةٌ ترجى و لا داراً لتأوينا
فلا الآمال بالأحلام مزهرةٌ و لا
الدار داري و لا الأهلون أهلينا
با لهفي على ذاك الزمن و لهفي
على موضعٍ كان في بغداد يأوينا
و رعى الله زمان الوصل في بغداد
اذ كنا محض سكارى نمشي حالمينا
و اليوم بنتم و بنّا و لا عدتم و لا عدنا
و سيف الوجد مغمد في حواشينا
و حسب كؤوس المنى في حب
ظريف الخُلق ان تسقي المنونا
و حسب اهل المودة اذ قبلوا
كأس المنايا تُسقى دون أمانينا
كتبها الشاعر الدكتور صالح مهدي عباس في صنعاء عام 1992

رثاء الشهيد

نعي عمي رحيل لهذمٍ هذا المسا
وما ادركت هل الناعي أم المَنعي قتيلا
اصاب بني المحمود شر بلية فنحته
النائحات نهار اً و ليل الشؤم كان ذهولا
ما كنت اعرف عن فقد الأحبة خبرة
فقدتك و امسى فقدان الكرام ثقيلا
تأن بنا الأرواح من هول فجيعةٍ آه ثم
آه منك يا ليل الثاكلين فإني اراكَ طويلا
و ليس لنا من حيلة بعد الردى
و لن يكون لنا لردع الحادثات سبيلا
بُلِّغنا انك قصيت فقيد ثاوٍ بقفرة
اتخذت منزلا في تربة إلأعداء بتتَ نزيلا
و كل شبر من ارض العراق حميته
يود لو كان لك مثوىً بالرفات كفيلا
عزاؤنا إن الفقيد عند العرش سعيدٌ
باذن الله كان شهيدا بصحبته رسولا
و من له في الدنيا شهيدا كان له من
الشفاعة حبلا في جنان الخلد موصولا
عتبي عليك يا عهد الصِبى أما وعدتني
أن ينضج الصبى وعهدا بالرخاء طويلا
لقد اضعنا فتاً صبياً ذكي القلب يعول
عليه اذا اصاب الخطب إن كان جليلا
وا ضيعتاه فقدنا فقيداً المعي وبعدك
يا عباس كل ما جادت به الأيام كان ضئيلا
قد ماتت الآمال لدى الفتيان حين رحيله
و ليس كل هالك له كمثل فقداكَ رحيلا
تسيل دموع الروح من شدة الأسى
و ليس لنا لدرء احداث الزمان قبيلا
نقي القلب سخي النفس ان عز الطلاب
يسلي فهو خليل لمن لم يلفي خليلا
كان بصيرته تزري بالكهول اذ نطق
و بها يرتد طرف الشيخ اصبح كليلا
لا رعى الله الحادثات تسارعت حتى
جنت من ارواح اهل الحي صبية و كهولا
قيل ان طوال الدهر يشفي كل مصيبة
و هي فعلة الدهر بالنسيان تُرديك هزيلا
كتبها الشاعر الدكتور صالح مهدي عباس

ما لي

رمتني بنظرة نجلاء ذات العيون
الزرق سمراء تعتمر الخمارا
ما لي اراكي يا فوز و قد نويتي
بقصد البين و أسدلتي الستارا
وقفتُ عند بينكِ على النهرِ في
صوبِ الرصافةِ من بغداد محتارا
و كيف بخافقي توديع الاحبة في
بغداد في وضح النهارِ جهارا
ارى زوراء العراق و قد بكت فقد
الحبيب فمدامعها تنهمرُ انهمارا
أو قد سقَتْهُ بطونُ المزن باكيةٌ
فقد الأحبة منها الغيث مدرارا
تواسيني على أغصان سدرٍ حمامةٌ
إذ بكت لي و فراخها اسجعن تكرارا
ألم الصبابة متعةٌ في خافقي أبداً
تحيا بها النفس إن ناب الزمان و جارا
كأنها نقيع الخمر يستشفى به
و هي الدواء لمن اصابه داء الخمارا
إنّي طويتُ خافقي منكِ على الجوى
و به بنيت لتذكار الحبيب مزارا
ثُمَّ اعترفت بأن هجرك من ذنوبيَ
ذنبٌ في كل يوم يوجبُ استغفارا
و بعثت اشواقي من النسيم و خلته
الى دار الحبيب يعرف وجهةً و مسارا
كتبها الشاعر الدكتور صالح مهدي عباس المنديل – @abbassaleh142

أعلل النفس

مَثَلُ التفوقُ في الحياةِ أفيونٌ مذاقهُ
ألذُ من تقبيلِ ثغرِ الفتناتِ الكواعبِ
فما الايامُ إلا مشاربٌ عساها
يوماً منَ الأيامِ تَصفوا لشاربِ
قارعتُ مع الأيام شتى الخطوبُ بها
و ذللتُ فيها عظيمَ المصاعبِ
فهذهِ الدنيا عشواءُ المسيرُ
سَتَلقى بها شتى صروفَ النوائبِ
فلا تبتأسْ إذا ما جانبكَ صفوٌ بها
و عللْ النفسْ في نيلِ المراتبِ
بها اخوانُ الجهالةُ لا عديدَ لَهمْ
و الناصحونُ الصيدُ فيها الأغاربِ
إني مشيتُ بِأرضها شرقاً و عرباً
وأتحفتنيْ و جادتْ بشتى العجائبِ
أرى النائباتَ تأتيْ تواليا كأنها
عصائبُ من غربانِ تتبعْ عصائبِ
فوجدتُ الصبرَ ترياقاً لدائها
و ما حفلتُ فيها بعتبٍ لعاتبِ
و إلا تُضَرِسْكَ بأنيابِ الخطوبِ
حتى تُعيدُكَ مخذولاً و خائبِ
و إلا عَدت عليكَ النائباتُ فصبراً
إني وجدتُ الصبر فيها أعزُ المناقبِ
و لا تَنسى رحمةْ الرحمنُ و العهدُ به
يُسقيكَ بفيضٍ من السحبِ السحائبِ
أرى مَنْ يبلغُ الستينَ مسلوبَ العزيمة
و الشغف منقلبْ نادمٌ و ليس بِتائبِ
كتبها الشاعر الدكتور صالح مهدي عباس المنديل

أخي

تذكرتُ كيفَ انتشلكَ الدهرُ و
قد هاجتْ مواضعَ الأشجانِ
ذهلتُ بفقدك يا إبنَ إبيْ فلا البكاءً
مطاوعٌ و لا سبيلٌ لسلوةَ الأحزانِ
فلمْ تجري المدامعْ و لو كان فؤاديَ
نازفٌاً دما عبيطاً بلون الأرجوانِ
غالتكَ منيْ صروفُ الحربْ و مثلكَ
غالتْ شباباً يانعاً كزهرِ الاقحوانِ
بكيتكَ طولَ العمرِ بدموعٍ من دمٍ و
أني لقدْ أقسمتُ لا تركٌ لأشجاني
طويتُ الأسى و تطبعتُ بهِ و أينما
حللتُ و جدتُ للأسى حيزاً بوجداني
يلومونيَ صحبيْ عل طولِ الأسى
و هلْ يفيدُ لومٌ و الأسى محض كيانيْ
كتبها الشاعر الدكتور صالح مهدي عباس المنديل