إكبري عشرين عاما

إكبري عشرين عاماً.. ثم عودي..
إن هذا الحب لا يرضي ضميري
حاجز العمر خطيرٌ.. وأنا
أتحاشى حاجز العمر الخطير..
نحن عصران.. فلا تستعجلي
القفز، يا زنبقتي، فوق العصور..
أنت في أول سطر في الهوى
وأنا أصبحت في السطر الأخير..

إلا معي

ستذكرين دائماً أصابعي..
لو ألف عام عشت.. يا عزيزتي
ستذكرين دائماً
أصابعي..
فضاجعي من شئت أن تضاجعي..
ومارسي الحب..
على أرصفة الشوارع
نامي مع الحوذي، واللوطي،
والإسكاف.. والمزارع..
نامي مع الملوك، واللصوص،
والنساك في الصوامع..
نامي مع النساء – لا فرق-
مع الريح، مع الزوابع..
فلن تكوني امرأةً..
إلا معي..
إلا معي…

إلى الأمير الدمشقي توفيق قباني

1
مكسرة كجفون أبيك هي الكلمات..
ومقصوصة ، كجناح أبيك، هي المفردات
فكيف يغني المغني؟
وقد ملأ الدمع كل الدواه..
وماذا سأكتب يا بني؟
وموتك ألغى جميع اللغات..
2
لأي سماء نمد يدينا؟
ولا أحدا في شوارع لندن يبكي علينا..
يهاجمنا الموت من كل صوب..
ويقطعنا مثل صفصافتين
فأذكر، حين أراك، عليا
وتذكر حين تراني ، الحسين
3
أشيلك، يا ولدي ، فوق ظهري
كمئذنة كسرت قطعتين..
وشعرك حقل من القمح تحت المطر..
ورأسك في راحتي وردة دمشقية .. وبقايا قمر
أواجه موتك وحدي..
وأجمع كل ثيابك وحدي
وألثم قمصانك العاطرات..
ورسمك فوق جواز السفر
وأصرخ مثل المجانين وحدي
وكل الوجوه أمامي نحاس
وكل العيون أمامي حجر
فكيف أقاوم سيف الزمان؟
وسيفي انكسر..
4
سأخبركم عن أميري الجميل
سأخبركم عن أميري الجميل
عن الكان مثل المرايا نقاء، ومثل السنابل طولا..
ومثل النخيل..
وكان صديق الخراف الصغيرة، كان صديق العصافير
كان صديق الهديل..
سأخبركم عن بنفسج عينيه..
هل تعرفون زجاج الكنائس؟
هل تعرفون دموع الثريات حين تسيل..
وهل تعرفون نوافير روما؟
وحزن المراكب قبل الرحيل
سأخبركم عنه..
كان كيوسف حسنا.. وكنت أخاف عليه من الذئب
كنت أخاف على شعره الذهبي الطويل
… وأمس أتوا يحملون قميص حبيبي
وقد صبغته دماء الأصيل
فما حيلتي يا قصيدة عمري؟
إذا كنت أنت جميلا..
وحظي جميلا..
5
لماذا الجرائد تغتالني؟
وتشنقني كل يوم بحبل طويل من الذكريات
أحاول أن لا أصدق موتك، كل التقارير كذب،
وكل كلام الأطباء كذب.
وكل الأكاليل فوق ضريحك كذب..
وكل المدامع والحشرجات..
أحاول أن لا أصدق أن الأمير الخرافي توفيق مات..
وأن الجبين المسافر بين الكواكب مات..
وأن الذي كان يقطف من شجر الشمس مات..
وأن الذي كان يخزن ماء البحار بعينيه مات..
فموتك يا ولدي نكتة .. وقد يصبح الموت أقسى النكات
6
أحاول أن لا أصدق . ها أنت تعبر جسر الزمالك،
ها أنت تدخل كالرمح نادي الجزيرة، تلقي على الأصدقاء التحيه،
تمرق مثل الشعاع السماوي بين السحاب وبين المطر..
وها هي شفتك القاهرية، هذا سريرك، هذا مكان
جلوسك، ها هي لوحاتك الرائعات..
وأنت أمامي بدشداشة القطن، تصنع شاي الصباح،
وتسقي الزهور على الشرفات..
أحاول أن لا أصدق عيني..
هنا كتب الطب ما زال فيها بقية أنفاسك الطيبات
وها هو ثوب الطبيب المعلق يحلم بالمجد والأمنيات
فيا نخلة العمر .. كيف أصدق أنك ترحل كالأغنيات
وأن شهادتك الجامعية يوما .. ستصبح صك الوفاه!!
7
أتوفيق..
لو كان للموت طفل، لأدرك ما هو موت البنين
ولو كان للموت عقل..
سألناه كيف يفسر موت البلابل والياسمين
ولو كان للموت قلب .. تردد في ذبح أولادنا الطيبين.
أتوفيق يا ملكي الملامح.. يا قمري الجبين..
صديقات بيروت منتظرات..
رجوعك يا سيد العشق والعاشقين..
فكيف سأكسر أحلامهن؟
وأغرقهن ببحر الذهول
وماذا أقول لهن حبيبات عمرك، ماذا أقول؟
8
أتوفيق ..
إن جسور الزمالك ترقب كل صباح خطاك
وإن الحمام الدمشقي يحمل تحت جناحيه دفء هواك
فيا قرة العين .. كيف وجدت الحياة هناك؟
فهل ستفكر فينا قليلا؟
وترجع في آخر الصيف حتى نراك..
أتوفيق ..
إني جبان أمام رثائك..
فارحم أباك…

إلى تلميذة

قل لي – ولو كذباً – كلاماً ناعماً
قد كادً يقتلني بك التمثال
مازلت في فن المحبة .. طفلةً
بيني وبينك أبحر وجبال
لم تستطيعي ، بعد ، أن تتفهمي
أن الرجال جميعهم أطفال
إني لأرفض أن أكون مهرجاً
قزماً .. على كلماته يحتال
فإذا وقفت أمام حسنك صامتاً
فالصمت في حرم الجمال جمال
كلماتنا في الحب .. تقتل حبنا
إن الحروف تموت حين تقال..
قصص الهوى قد أفسدتك .. فكلها
غيبوبة .. وخرافةٌ .. وخيال
الحب ليس روايةً شرقيةً
بختامها يتزوج الأبطال
لكنه الإبحار دون سفينةٍ
وشعورنا ان الوصول محال
هو أن تظل على الأصابع رعشةٌ
وعلى الشفاه المطبقات سؤال
هو جدول الأحزان في أعماقنا
تنمو كروم حوله .. وغلال..
هو هذه الأزمات تسحقنا معاً ..
فنموت نحن .. وتزهر الآمال
هو أن نثور لأي شيءٍ تافهٍ
هو يأسنا .. هو شكنا القتال
هو هذه الكف التي تغتالنا
ونقبل الكف التي تغتال
*
لا تجرحي التمثال في إحساسه
فلكم بكى في صمته .. تمثال
قد يطلع الحجر الصغير براعماً
وتسيل منه جداولٌ وظلال
إني أحبك من خلال كآبتي
وجهاً كوجه الله ليس يطال
حسبي وحسبك .. أن تظلي دائماً
سراً يمزقني .. وليس يقال ..

إلى حبيبتي في رأس السنة

1
أنقل حبي لك من عامٍ إلى عام..
كما ينقل التلميذ فروضه المدرسية إلى دفترٍ جديد
أنقل صوتك.. ورائحتك.. ورسائلك..
ورقم هاتفك.. وصندوق بريدك..
وأعلقها في خزانة العام الجديد..
وأمنحك تذكرة إقامة دائمة في قلبي..
2
إنني أحبك..
ولن أتركك وحدك على ورقة 31 ديسمبر أبداً
سأحملك على ذراعي..
وأتنقل بك بين الفصول الأربعه..
ففي الشتاء، سأضع على رأسك قبعة صوف حمراء..
كي لا تبردي..
وفي الخريف، سأعطيك معطف المطر الوحيد
الذي أمتلكه..
كي لا تتبللي..
وفي الربيع..
سأتركك تنامين على الحشائش الطازجه..
وتتناولين طعام الإفطار..
مع الجنادب والعصافير..
وفي الصيف..
سأشتري لك شبكة صيدٍ صغيره..
لتصطادي المحار..
وطيور البحر..
والأسماك المجهولة العناوين…
3
إنني أحبك..
ولا أريد أن أربطك بذاكرة الأفعال الماضيه..
ولا بذاكرة القطارات المسافره..
فأنت القطار الأخير الذي يسافر ليلاً ونهاراً
فوق شرايين يدي..
أنت قطاري الأخير..
وأنا محطتك الأخيره..
4
إنني أحبك..
ولا أريد أن أربطك بالماء.. أو الريح
أو بالتاريخ الميلادي أو الهجري..
ولا بحركات المد والجزر..
أو ساعات الخسوف والكسوف
لا يهمني ما تقوله المراصد..
وخطوط فناجين القهوه..
فعيناك وحدهما هما النبوءه
وهما المسؤولتان عن فرح هذا العالم…
5
أحبك..
وأحب أن أربطك بزمني.. وبطقسي..
وأجعلك نجمةً في مداري..
أريد أن تأخذي شكل الكلمة..
ومساحة الورقه..
حتى إذا نشرت كتاباً.. وقرأه الناس..
عثروا عليك، كالوردة في داخله..
أريد أن تأخذي شكل فمي..
حتى إذا تكلمت..
وجدك الناس تستحمين في صوتي..
أريدك أن تأخذي شكل يدي..
حتى إذا وضعتها على الطاولة..
وجدك الناس نائمةً في جوفها..
كفراشةٍ في يد طفل..
إنني لا أحترف طقوس التهنئة..
إنني أحترف العشق..
وأحترفك..
يتجول هو فوق جلدي..
وتتجولين أنت تحت جلدي..
وأما أنا..
فأحمل الشوارع والأرصفة المغسولة بالمطر..
على ظهري.. وأبحث عنك..
6
لماذا تتآمرين علي مع المطر؟ ما دمت تعرفين..
أن كل تاريخي معك.. مقترنٌ بسقوط المطر..
وأن الحساسية الوحيدة التي تصيبني..
عندما أشم رائحة نهديك..
هي حساسية المطر..
لماذا تتآمرين علي ؟. ما دمت تعرفين..
أن الكتاب الوحيد الذي أقرؤه بعدك..
هو كتاب المطر..
7
إنني أحبك..
هذه هي المهنة الوحيدة التي أتقنها..
ويحسدني عليها أصدقائي.. وأعدائي..
قبلك.. كانت الشمس، والجبال، والغابات..
في حالة بطالة..
واللغة بحالة بطالة.. والعصافير بحالة بطالة…
فشكراً لأنك أدخلتني المدرسه..
وشكراً.. لأنك علمتني أبجدية العشق..
وشكراً .. لأنك قبلت أن تكوني حبيبتي..

إلى ساذجة

لا شك .. أنت طيبه
بسيطةٌ وطيبه ..
بساطة الأطفال حين يلعبون
وأن عينيك هما بحيرتا سكون
لكنني ..
أبحث يا كبيرة العيون
أبحث يا فارغة العيون
عن الصلات المتعبه
عن الشفاه المخطئه
وأنت يا صديقتي
نقيةٌ كالؤلؤه
باردةٌ كالؤلؤه
وأنت يا سيدتي
من بعد هذا كله ، لست امرأه
هل تسمعين يا سيدتي
لست امرأه..
وذاك ما يحزنني
لأنني
أبحث يا عادية الشفاه
أبحث يا ميتة الشفاه
عن شفةٍ تأكلني
من قبل أن تلمسني
عن أعينٍ..
أمطارها السوداء .. لا تتركني
أرتاح ، لا تتركني
وأنت يا ذات العيون المطفأه..
طيبةٌ كاللؤلؤه ..
طيبةٌ كالأرنب الوديع
كالشمع .. كالألعاب .. كالربيع
هامدةٌ كالموت .. كالصقيع..
وذاك ما يؤسفني..
لأنني ..
يا أرنبي الوديع ..
أضيق بالربيع
وأكره السير على الصقيع..
لأنه يتعبني..
لأنه يرهقني
***
وددت يا سيدتي
لو كنت أستطيع
حبك يا سيدتي.
لو كنت أستطيع